العلامة السيد مرتضى الكشميري يقول: المرجعية العليا قوة المذهب وسر بقائه،وما تواجهه من ارهاصات ستنتهي الى الفشل
    

جاء حديثه هذا في ندوة خاصة عن المرجعية واهميتها وسر بقائها ودورها في بقاء المذهب رغم الارهاصات التي تواجهها اليوم على الصعيدين الداخلي والخارجي، فابتدأ بالاية الكريمة ((يريدون ان يطفئوا نور الله بافواههم ويابى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون)) التوبة : 32 

وقال سماحته: من يتابع مسيرة التاريخ بشكل دقيق من الصدر الاول وحتى الان يتضح له جلياً ان المؤامرات والمساعي قائمة على قدم وساق للقضاء على التشيع ومحو اثره من على خارطة المعمورة بشتى الاساليب والطرق ولكن الله سبحانه وتعالى بقدرته وارادته التي لاتتخلف عن ما يريد حفظ المذهب ويحفظه من كل سوء ((وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) آل عمران:54 

ولتوضيح هذا المعنى بشكل جلي نقول: 

بأن كل مواجهة بين طرفين يقوم كل منهما بدراسة نقاط قوة الطرف الآخر ونقاط ضعفه ليضعف أو يسلبه نقاط قوته ، ويزيد من نقاط ضعف خصمه .. فلا ريب أنه مع الصعود الحديث لشيعة أهل البيت عليهم السلام ، خلال العقود الأربعة المنصرمة ، وبنائهم لقوتهم ، وبروزهم على الساحة الدولية بشكل مؤثر ، لا ريب أن الدوائر المعادية لهم ، تدرس هذا المجتمع وتتعرف على نقاط القوة فيه ، والضعف ، لتنتفع بكليهما أثناء المواجهة . 

بل حتى معاهد الاستشراق ، ومراكز البحوث الموجودة في الجامعات ( الفروع الانسانية ) تقوم بدور مهم في رفد الاجهزة المعادية للتشيع ، حيث توظف الكثير من مراكز البحث العلمي المنتشرة في مناطق مختلفة من العالم للتزودها بالمعلومات التي تتعرف فيها على اتباع مدرسة اهل البيت ليسهل ضربهم او تفكيكهم من الداخل، الى جانب التيارات الفاعلة فيها ، والخطوط المائلة ، ليتم الاستفادة منها وقت حاجة أهل السياسة والحكم . 

ولا ريب أن هذه الدوائر قد انتبهت إلى الدور المهم والمؤثر للمرجعية في أنها الحافظ للوحدة الشيعية ، وصمام الأمان الذي يؤمن استمرار المسيرة من الأزمنة القديمة إلى يومنا هذا .. ولا سيما بعد أن ظهر تأثير هذه المرجعية في مفاصل مهمة ، عبر الفتاوى التي أصدرتها وتفاعل المجتمع الشيعي معها التزاما بها وتأييدا لها . 

وكانت الفتوى الأخيرة للمرجعية العليا والقاضية بالجهاد الكفائي على من يستطيع الدفاع عن أرض العراق ، هي المظهر الأكمل والأجلى لتأثير المرجعية الدينية ، فبعدما كانت قوات الدواعش على بعد كيلومترات قليلة من العاصمة بعدما سيطرت على ما هو أكثر من 70% من أرض العراق ، ونظر إليها الجميع على أنها القدر الذي لا يرد ، وكانوا ينتظرون سماع خبر دخولهم عاصمة العراق بين يوم وليلة .. إذا بهذه الفتوى تتجاوز الحسابات كلها لتجيش شباب العراق ، المضحين من أجل دينهم وبلدهم ومقدساتهم.. ولتقلب المعادلة .. 

كانت توقعات الأمريكيين والأوربيين والمتأثرين بهم ، تقدر أن هزيمة الدواعش تحتاج لما يزيد عن 30 سنة ، فإذا بالحشد الشعبي المقدس الذي تشكل على أرضية الفتوى المرجعية ، وإذا بالجيش الذي استمد منها العزيمة والقوة ، يصنع النصر خلال ما لا يزيد عن 3 سنوات من عمر الفتوى .. 

بالطبع فإن هذا لا يروق للمستعمرين وأصحاب المصالح ، الذين يهمهم أن يبقى العراق ضعيفا ومهزوما .. 

نظر هؤلاء فإذا بهم يرون أن الأساس والأصل في الانتصار هو قوة المرجعية وفاعليتها وتصديها ، وكان لا بد من أن يعملوا لإضعافها وهزيمتها قدر استطاعتهم .. فكروا وقدروا ، وسيكون كما قال القرآن ( فقتل كيف قدر ) .. 

وكان مما عملوه ويعملونه لاضعاف المرجعية ما يلي : 

1- تشكيل ودعم حركات الانحراف في الطائفة .. فقد رأينا نشوء عدد من الدعوات (المهدوية الكاذبة) خلال فترة من الزمان ، وأول ما تدعو له هذه الحركات هو فصل الناس عن المرجعية ، والارتباط بتلك الدعوات وأصحابها . بالزعم الكاذب بأنهم يتصلون مباشرة بالامام المهدي عجل الله فرجه . بل والادعاء أن هؤلاء المراجع هم من يعيق ظهور الامام عليه السلام !! ويتوجه هؤلاء لصغار السن ، والنساء ممن لا يمتلك الثقافة الكاملة والوعي الكافي في هذا الشأن .



2- وانضم إلى هؤلاء أصوات نشاز ، خارجة عما عليه الطائفة في مسيرتها ، تتخذ عادة من بلاد الغرب موطنا لها ، وغاية ما لديها هو الأموال الأجنبية والتسهيلات الاعلامية ، وغاية ما تصنعه بث الأكاذيب والأراجيف حول المرجعية ، وخططها وأشخاصها ووكلائها . 

3- كما أننا نلاحظ أن الاعداء يدفعون ـ من خلال أياديهم ـ ببعض من لا أهلية له ، علميا ولا سلوكيا ، لادعاء المرجعية وزعامة الطائفة ، لتشتيت القرار الشيعي ، وايجاد المشاكل المجتمعية ، مع أنه لا يمتلك المؤهلات التي تخوله لما دون هذا بكثير ! 

ولذلك توالدت اسماء تدعي المرجعية في زمان قصير ، واستقطبت بقدر استطاعتها بعض القوى في الساحة ، يعينها على ذلك أن الساحة الشيعية في حالة من اللانظام ، وعدم السيطرة فيسهل بالنسبة لهؤلاء اختراقها بمثل هذه الحيل .. 

4- المحاصرة الاقتصادية على المرجعية بالضغط على الاماكن التي ترسل اليها حقوقها.

هذا وبالرغم من كل ما سبق إلا أننا نعتقد أنه : لا يصح ويبقى إلا الصحيح ، وأن الباطل وإن كان له جولة ، إلا أن للحق بقاء ودولة ، وأن هذه المؤامرات سوف تنتهي إلى ما انتهت إليه سوابقها من الفشل ، والبطلان ، فقد تعرض المذهب الحق وقياداته على مدى القرون الماضية إلى هجمات ومؤامرات مختلفة الأحجام والكيفيات .. إلا أن الله سبحانه وتعالى حفظه وحفظ به تراث أهل البيت عليه وحفظ بهذا التراث شريعة سيد الانبياء صلوات الله عليه .. 

((إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)) غافر:51 

((يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)) التوبة: 32

محرر الموقع : 2017 - 10 - 14