تقرير مصور عن إحياء ممثل المرجعية العليا في اوربا ذكرى استشهاد الزهراء (ع) في المدن الالمانية
    

احيا السيد الكشميري وفاة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) على الرواية الثالثة من كل من اسن في (مركز ام البنين) و(مركز الجوادين) في بون الالمانيتين، بحضور جمع غفير من الجاليات الاسلامية، وقد تحدث في المركزين عن مقامات الزهراء (ع) وما خصها الله تعالى بها من الفضائل مستندا في حديثه الى الايات القرانية والاحاديث النبوية الشريفة والتي تنص بعضها على عصمتها، وان المولى سبحانه وتعالى قرن رضاه برضاها، وهذا الحديث من الاحاديث المتفق عليها بين الفريقين، كما وضح معنى التوسل المشهور بها (ع) (اللهم ان اسالك بفاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها) فقال ان الزهراء (ع) بمستوى من العظمة والاهمية بحيث كانت وسيلة للتوسل بالباري جل وعلا لقضاء الحاجات وتسهيل المهمات ولا يمكن لاحد ان يدرك حقيقتها وكنهها، غاية الامر ان كل انسان يفهم منها بقدر عقله ومستوى فكره ومدى سعة انائه لتقبل حقائق هذا الكون واسراره إنّ هذه القلوب أوعية وخيرها أوعاها.

فبعضهم يفهم من الزهراء (ع) عليها أنّها أمّ نموذجيّة أو زوجة مثاليّة ، أو قدوة لنساء العالم، أو .. أو .. وكلّ هذا إنّما هو على حدّ فهم وشعوره ، وعلى قدر عقله.

إلّا أنّ قضية الزهراء سلام اللّه عليها أعظم من كلّ ذلك بكثير ، فعند ما نبحث عن أسرار اللّه المودعة في الروح الفريدة للزهراء سلام اللّه عليها ذات التكوين الجسدي الفريد نصل إلى أن روحها خلقت من نور عظمة اللّه تعالى ، وهنا نصل إلى قول الإمام الصادق سلام اللّه عليها : « إنّما سمّيت فاطمة ، لأنّ الخَلق فُطموا عن معرفتها ».

فأنّى للخَلق أن يعرفوا فاطمة ؟ ليس فقط « الناس » بل « الخلق » الذي يشمل « الإنس » و « الجنّ » و « الملائكة » ، فالكلّ مفطومون وعاجزون وقاصرون عن أن ينالوا معرفتها. فأيّ شخصيّة هذه التي عَزَّ مقامها عن أن تنال الخلائق معرفتها ؟ لابدّ لنا من أن نتأمّل في هذا الأمر بل ينبغي أن يتأمّل في ذلك كبار مفكّري الإنسانيّة من أصحاب التفكير الراقي ويتساءلوا عن حقيقة هذه المسألة فمَن هي فاطمة ؟ وماذا فيها من الغيب والسّرّ الذي جعلها ترتفع عن أن يعرفها أصحاب العقول الراقية ؟ وأيّ سّر في شخصيّتها فطم الخلق عن معرفته ؟ إنّ قدر فاطمة سلام اللّه عليها مجهول عند أهل الارض وظلامتها أيضاً وسوف لا يعرف مقامها حتّى يكون يوم المحشر فيظهر اللّه ظلامتها ومقامها العظيم ويفتح لها اعتباراً غير محدود ، يأتيها جبرئيل فيقول لها : « سلي تعطين حاجتك » ، ولا حدّ لهذه الحاجة ، إنّ حقيقةً كالحقيقة القائلة : إنّ الزهراء سلام اللّه عليها « حوراء إنسيّة » ، ليست مسألة بسيطة ، فهي في الوقت الذي هي إنسية ومن الناس ومن عالم المُلك والناسوت ، هي حوراء ومن الملكوت الأعلى ولا غرو ولا عجب في ذلك فعندما يكون نسيج البدن من أرقى ثمار الجنّة وأنقاها وأصفاها ، ويكون الأب خير الخلق ، والأمّ خير النساء فأيّ بدن طاهر سيكون هذا البدن ؟ ثمّ الروح التي سترتبط بهذا البدن أيّ روح ستكون ؟ إنّها روح الصدّيقة الطاهرة سلام اللّه عليها فهي ليست امرأة من النساء كما يتصوّر بعض الجهلة السطحيون في التفكير ، إنّها جوهر وناموس ، وسرّ وجود ، وقضيّة فوق ما نقدر عقولنا على استيعابه بل فوق ما تقدر أذهاننا على تصوّرة وإدراكه.

ولذا فهي « السّرّ » ، وفيها « السّرّ » ، ولا نعرف بالضبط ما هو هذا « السّرّ » ؟ إنّ النبيّ الأعظم الذي لا ينطق عن الهوى ، والذي يخضع الأنبياء كلّهم أمام قوله وفعله ، عندما يقول عن شجرة طوبى وثمرتها : « لم أرَ في الجنّة أحسن منها ، ولا أبيض ورقاً ، ولا أطيب ثمرة » ، ومعنى « لم أرَ » هو أنّه « لا يوجد » ، وإلّا لرآه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، فنطفة فاطمة سلام اللّه عليها جاءت من ثمره تلك الشجرة.

إذاً : فهذا يعني أنّ أصل بدن فاطمة هو أنقى ما في الكون ، فأيّ روح تناسب ذلك البدن تحلّ فيه ؟ 

فعبارة « الحوراء الإنسيّة » هي العبارة المناسبة للتعريف بشخصية الزهراء سلام اللّه عليها مع ما في هذه العبارة من أسرار وغوامض.

إنّ خلق الزهراء سلام اللّه عليها من ثمر شجرة طوبى ـ التي ورد وصفها في مصادر العامّة ، وذكرها القرآن الكريم ، ووردت روايات كثيرة في مصادرنا ومصادر غيرنا في عظمتها ، وأنّها الأولى في الجنّة والأكبر ، ولها ميزات : منها : أنّ جذعها ومغرسها وترتبها في قصر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في الجنّة. ومنها : أنّ اللّه تعالى غرسها بيده ، وهذا كناية عن أنّ ملائكة اللّه بمَن فيهم كبار الملائكة كجبرئيل وميكائيل وإسرافيل لا يصلون إلى مستوى غرس هذه الشجرة ـ يفتح نافذةً للبشر يتعرّف من خلالها على الظواء شخصيّتها سلام اللّه عليها على أسرار ، ومغيّبات لا يعرف ولا يمكن أن يعرف كنهها.

هذا ما قد نفهمه من المقطع المذكور في السؤال : « والسّرّ المستودع فيها » أنّه سرّ كان لابدّ له من مقدّمات : معراج النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وتناوله لثمرة شجرة طوبى ، وتحوّل ذلك إلى نطفة ، وانعقادها في رحم تلك المرأة العظمة التي أعطت كلّ ما تملك ـ وهي من أثرى أثرياء قريش ـ لربّها ، وآمنت باللّه ، وصدّقت النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حين كذّبه الناس ، والتي لم تدّخر لنفسها من مالها شيئاً حتّى الكفن الذين تكفن فيه ، فأنزل اللّه تعالى لها كفناً بواسطة جبرئيل ، هذه المرأة التي يقول اللّه تعالى لنبيّه في المعراج : « إقرأ خديجة عنّي السلام » ، كان لابدّ من هذه المقدّمات ليتكوّن هذا البدن الذي يكون محلّاً لهذا السّر إنّها سرّ ، سرّ اللّه الأعظم ، فقد كان قلبها سرّاً ، وما في ذاك القلب كان سرّاً ، وألمها كان سرّاً ، ولونها كان سرّاً ، وما تحمّلته كان سرّاً ، وقدرها كان سرّاً ، ومقامها ما زال سرّاً ، فهي سرّ في سرّ ، وحتّى القبر الذي حوى جثمانها الطاهر سرّ ، صلوات اللّه وسلامه عليكِ يا مولاتي يا ممتحنة امتحنك اللّه الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة.

وفي ختام حديثه دعا الله عز وجل ان يجلنا من المحبين لها والسائرين على منهج ابيها وبعلها وبنيها

محرر الموقع : 2018 - 02 - 20