هل سيرحل ألطاغية ألبارزاني؟
    


قبل تشكيل (مجلس الحكم) في العراق بعد سقوط الطاغية المقبور طالب مجموعة من الأكراد الفيليين بمقعد لتمثيلهم في ذلك المجلس بإعتبارهم الشريحة الأولى و الأكثر مظلوميةً في العراق و قبل جميع الأحزاب السّياسية و آلتشكيلات الدّينية الأخرى .. لما لحقهم من ظلم و حيف و سلب و إبادة شاملة على كلّ صعيد!

و ليس هذا فقط .. بل أعدم النظام جميع شبابهم من سن 14 و حتى الأربعين و صادر جميع ممتلكاتهم و سفّرَ الباقين من النساء و البنات و الأطفال و العجزة و المرضى و الشيوخ منهم إلى إيران في وضع مأساوي و بدون أية وثائق أو هويات أو متاع أو مال, و اللطيف إن مجلس الأمن الدولي و منظمة جنيف كانت تشهد ذلك و رغم أنّ لها قوانين واضحة تحدد التسفيرات بحقوق واضحة, و لكنها صمتتْ أمام تلك الجرائم التي تعد إبادة جماعية و لم تطالب بأيّ حق لهم حتى هذه اللحظة .. علماً أنّ حملات الأبادة و التسفير بحقهم قد بدأت منذ 1986م, أيّ مع بداية المجيئ الأسود للبعثيين السفهاء الجهلاء للحكم في العراق!

شاهد الكلام .. أن تلك المجموعة الكردية المؤمنة التي مثّلتْ شريحة كبيرة في العراق لا يقل عددهم عن مليوني كردي فيلي, و أعرفهم من قرب بسبب وجودي في أوساطهم في بغداد و مدن الوسط و كذلك بسبب عملي مع المعارضة العراقية التي بنيتها على أكتافي و دميّ و جهدي و فكري و قلمي منذ سبعينات و ثمانينات القرن الماضي؛ فإنها قد عرضت محنتها على أعضاء مجلس الحكم الذي كان يضم الكثير من "الشخصيات" الإنتهازية ألتي أكثرها لم تكن معارضة لصدام  كمسعود البارزاني الذي تركز دوره منذ البداية في تضعيف العراق و العراقيين و الأكراد بشكل خاص .. خصوصا في حربه ضدّ الأتحاد الوطني الكردستاني و دعم مسعود للنظام البعثي الصدامي, كما إنّ بعضهم توفى الآن و لم يقدموا أو يكتبوا حتى مقالاً مفيداً لدعم المعارضة أو إسناد الجبهات برصاصة واحدة أو دولار واحد ..

و بعد مداولات رفض مسعود البارزاني و قبل الجميع ذلك الطلب الشرعي (طلب تعيين ممثل للأكراد الفيليية في مجلس الحكم), مدّعياً بأنّه هو الذي يمثل هذه الشريحة لكونهم من الاكراد .. تلك الشريحة التي لم يظلم مثلها شريحة في العراق حتى الكردستانيين, و بذلك سحب البارزاني بسبب دكتاتوريته و ظلمه البساط من تحت أرجل الكرد الفيليية بخسة و دنائة لم نشهده في اي حزب أو قبيلة أو شعب, خصوصا بعد ما أيّد الأنتهازيون في مجلس الحكم قراره,؛ كآلجعفري و آلمرحوم عز الدين سليم , بقولهم : (هذا كردي منكم و قد رفض .. فكيف بآلباقين)!؟

هذا الموقف الخياني لمسعود و كذا البعثي الجعفري و عزّ الدّين سليم رحمه الله .. كما مواقفهم الخيانية الأخرى التي سببتْ تدمير العراق و دماره و إنتشار الفساد و الأرهاب فيه لضمان مصالحهم الشخصية و العائلية و الفئوية الضيقة, حيث بآلأضافة إلى تدميرهم للشعب العراقي  .. فأنهم من باب تحصيل حاصل قد حجّموا و ضعّفوا موقف الأكراد الفيليين و الكردستانيين معاً الذين لا يمكنهم الآن أن يعيشوا مستقلين و سعداء بدون ربيبتهم إسرائيل و الغرب بآلأضافة إلى قضية إنفصالهم عن حكومة المركز في بغداد بسبب الطبيعة السياسية و التأريخية و الجغرافية و الإقليمية و الدّولية لكردستان العراق!

بل إن مسعود نفسه و رغم علمه بهذا .. لكنه و بسبب أمراضه النفسية و عقده التربوية العميقة المتجذرة يأبى الأعتراف بذلك, و لهذا تصوّر بآلخطأ بأنّ (إسرائيل) وحدها هي القادرة على حمايته و دعمه و إستقلاله!؟ فسارع إلى إقتطاع نفط كركوك و زرع المراكز الأمنية و التجارية الأسرائيلية في إربيل و باقي مناطق كردستان بعيداً عن الشرعية القانونية و الدولية و بآلتالي بيعه سرّاً النفط العراقي  لتل أبيت التي شجعت مسعود على هذا التخريب الذي سيعم العراق كلّه و ليست منطقة كردستان وحدها!

و آلأتعس من هذا إن الأئتلاف الشيعي بقيادة البعثي الجعفري قد دعم الأكراد و ساندهم بسبب جهله حين إتفق معهم و مع البعثيين لكسر شوكة دولة القانون .. و بآلتالي لينتصر و  البعثيين في المجلس الاعلى للحصول على بعض الوزارات التي لم يبق منها سوى هيكلٌ بسبب الديون الآجلة الكبيرة المليارية التي سبببها وزراء الأئتلاف و  المجلس الأعلى و الصدرييين بسبب جهلهم و تكورهم على ذاتهم  ونفوسهم الأمارة بآلتبعية و آلذلة و عبادة الدولار!

و رغم كل هذا .. فأن هناك قلقٌ كبير يساور عقله و عقل حزبه و عائلته بشكل خاص بشأن إنتهاء ولايته – أيّ (ولاية مسعود البارزاني) كرئيس لأقليم كردستان بحسب القوانين النيابية الكردستانية, و لكنه آلآن يحاول جاهداً الأحتيال و الألتفاف على هذا القانون للبقاء في السلطة مدّة أطول و جعل القضية وراثية و كما هو الحال في حكومات باقي الأنظمة في المنطقة!

فما هي تفاصيل المؤآمرة بهذا الشأن بين السفير الأمريكي و البارزاني و آلنائب الكردي:
 
نقل  أحد الإخوة الأكراد الذي حضر إجتماعات الأحزاب الكرديّة لاختيار خلف للسيد مسعود البارزاني كلاماً خطيراً بشأن مؤآمرة برزانية - غربية ضد العراق كله و ليس منطقة الأكراد فقط ...

فبعد ما أنتهى عهد زعامة مسعود لكردستان قبل إسبوع تقريباً ؛ إجتمع ممثلي آلأكراد لمرتين متتالتين بحسب الدستور لأنتخاب زعيم جديد .. و لم يستغرب أحد حضور دبلوماسيّ بريطاني  بجانب السفير الأمريكي في تلك آلأجتماعات  التي تعتبر خاصة و داخلية و هامّة و ذات أهميّة مفصلية و مصيرية في التاريخ .. بل لم يعترض أحد من النواب الأكراد  ، و هذا ممّا كان متوقعا  بسبب الوضع السياسي العام في كردستان و كأنّ شؤون الحكومة الكردستانية تسير برعاية أمريكا و لندن و إسرائيل بتنفيذ مباشر من مسعود البارزاني الذي لا يستطيع أحد من معارضته!

و العجب و الأستغراب الأكبر الذي بدى على وجوه بعض المهتمين؛ هو إصرار السفير الأمريكي و آلديبلوماسي الانكليزي على المجتمعين و الممثلين و النواب و باقي المسؤولين ؛ على ضرورة إبقاء السيد مسعود البارزاني في منصبه بحججٍ عديدة منها؛ الوضع الأمني؛ و الإقتصادي  المضطرب؛ و الإرهاب و غيرها من الأمور الصّعبة الذي تمر بها المنطقة عموماً!

و هذا التدخل السافر و الغريب قد حرّك ضمير أحد النواب الحاضرين الذي بادر بآلسؤآل من السفير الامريكي عن هذا الطلب الغريب بآلقول:
 
[إن كان بالإمكان ألأستفسار من سيادة السفير الأمريكي عن أمر بسيط جداً بهذا الخصوص]؟
فقال السفير: نعم تفضل؛

قال النائب: [هل تقبل يا سيادة السفير أنت شخصياً أو الكونغرس الأمريكي و معهم الشعب الأمريكي لأن يرشحوا الرئيس أوباما مرّة ثالثة لمنصب الرئاسة في واشنطن]؟

 أجاب السفير المحنك:  كلا بالطبع ..
و لكن لماذا يا حضرة النائب تطلب منا أن نخالف القانون في أمريكا!؟
و ان هذا الامر مستحيل التحقق في امريكا, وهو ما لا يفكر به أحد ... فضلا ً عن إمكانية طرحه من أية جهة كانت، و لا حتى مجرد الأشارة له في الإعلام ... بل انه من السخف الذي تجاوزته الديمقراطيات منذ عقود طويلة!؟

 فأعقب النائب الكردي بآلقول:
طيب ..لماذا يا سيادة السفير تريد منا أن نعيش هذا السخف الذي تصفه أنت  و تأباه أمريكا  و لا حتى يفكر به أحد، و ترتضيه لنا بآلمقابل، بل و تضغط علينا من أجل القبول به و تمارس نفوذك من أجل تحقيقه؟

فسكت السفير عن الكلام .. و لكنه لا زال يمارس ضغطه للبقاء على مسعود لزعامة كردستان , حيث لا يشببه أحد في إخلاصه للمصالح الأسرائيلية و الغربية الستراتيجية!

و أخيراً : هل سيرحل الطاغية البارزاني .. أم أن العراق بات جزءاً من المنظومة الدكتاتورية العربية التي لا يترك فيها الرئيس و الحزب الحاكم كرسي الرّئاسة والوزارة إلا مع الكفن!؟
عزيز الخزرجي

 

محرر الموقع : 2015 - 08 - 28