إبراهيم الجعفري قال لـ {الشرق الأوسط}: اجتماع جدة شكل منعطفا مهما ودور إيران مشرف
    

وزير الخارجية العراقي: نتفهم موقف تركيا ونرفض القوات الأجنبية 
باريس: ميشال أبو نجم

قبل توجهه من باريس إلى نيويورك للمشاركة في اجتماع مجلس الأمن الخاص بالعراق اليوم وأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، التقت «الشرق الأوسط» وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري مطولا في مقر إقامته بالعاصمة الفرنسية وأجرت معه حديثا شاملا تركز بشكل أساسي على الوضع العراقي وتداعياته والمؤتمرات المتلاحقة، وآخرها مؤتمر باريس والدعم الدولي وسياقاته وارتباط الوضعين العراقي والسوري. وعد الجعفري الذي سبق له أن شغل منصب رئيس الوزراء العراقي، أن «داعش» تنظيم «معولم»، وأن العراق اليوم هو «الخندق الأول في مواجهة (داعش)، ولكنه ليس الخندق النهائي». ولذا، فإن العراق يريد المساعدة، لكنه «لا يريد أبناء الآخرين» للدفاع عن أرضه، بل عبر عن ضرورة الغطاء الجوي والأسلحة والدعم اللوجيستي الخارجي الذي يتناسب مع «حجم التحدي». كذلك دعا الجعفري إلى توفير المساعدة الإنسانية وإعادة إعمار المناطق مما يمكن مئات الآلاف من النازحين للعودة إلى منازلهم. وثمن الجعفري مؤتمر جدة لدعم العراق والمواقف التي عبر عنها الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، مؤكدا أن المؤتمر المذكور «شكل انعطافة حادة» في الموقف العربي والخليجي إزاء الملف العراقي. وفيما يلي نص الحوار:

* ثمة اجتماعان مهمان في مجلس الأمن الدولي: الأول يوم الجمعة بدعوة من وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي ترأس بلاده مجلس الأمن حاليا، والثاني يوم 24 الحالي بدعوة من الرئيس الأميركي باراك أوباما.. ما توقعاتكم من هذين الاجتماعين؟ وهل يتعين انتظار نتائج عملية معينة بعد مؤتمر باريس؟

- نحن نعد أن مؤتمر باريس هو الحلقة الثانية بعد الحلقة الأولى التي سبقته وهي حلقة جدة. وما بعد مؤتمر باريس تأتي حلقة نيويورك. وكل هذه النشاطات تتمحور حول الهجوم الغاشم الذي قامت به «داعش» وما عرض العراق لاحتلال ما بين ربع وثلث أراضيه. الفتك والقتل والتشريد والاعتداء على مكونات الشعب العراقي عامة، وعلى الأقليات العراقية بصورة خاصة كالمسيحيين والإيزيديين والصابئة دون أن ننسى المسلمين، كلها ممارسات لـ«داعش».

إزاء كل ذلك، جئنا نبلغ رسالة، إن في جدة وباريس أو نيويورك وعامة المجتمع الدولي، وفحواها أن المشكلة التي ضربت العراق ليست عراقية - عراقية. صحيح أنها في العراق والمستهدف هو العراق الذي هو اليوم الخندق الأول، ولكن ليس الخندق النهائي. خنادق المواجهة القادمة بعد العراق هي دول المنطقة وحتى أوروبا، وخصوصا أن الذين يشاركون تحت لواء «داعش» هم من مختلف دول العالم فلماذا لا يمارسون هذا الدور في بلدانهم وبلدان العالم؟

أقول ذلك ونحن لا نتمنى لهم أن يفتكوا بما فتكنا به. لكن أخلاقيات وأدبيات «داعش» التي لا تستثني بلدا وعندما تخترق أيا من البلدان، فإن ما تضربه هو أهداف إنسانية محضة: المعابد والمساجد والمدارس والمطاعم والمساكن.

هذه كانت الرسالة الأولى التي تأتي على كل ما حصل في العراق. نحن من جانبنا أقدمنا على تغييرات أساسية: ميثاق سياسي جرى الاتفاق عليه من قبل الأطراف السياسية الذين أكدوا أنهم عقدوا العزم على أن يضعوا العراق على مشارف مرحلة جديدة تتسع لكل الأطراف من دون استثناء وتستفيد من أخطاء الماضي والتحرك نحو الأمام. وبدأنا الخطوة الأولى الأساسية على المسرح وهي تشكيل حكومة وحدة ضمت كل الأطراف من دون استثناء.

* لكنها بقيت حتى الآن ناقصة..

- قريبا جدا ستكتمل الحكومة.

* الوزيران المرشحان لوزارتي الدفاع والداخلية رفضا؟

- في أرقى بدان العالم، هناك الثنائية (السلطتان التشريعية والتنفيذية). أحيانا تتفق السلطتان، وأحيانا تختلفان، وهذا تقليد في العرف السياسي العالمي. في أي حال، استكمال الحكومة سيجري سريعا.

الخطوة الأخرى تتناول ما نريده من أصدقائنا، سواء أكانوا من دول الجوار أو ما بعد دول الجوار أو المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وفي أقصاها مظلة الأمم المتحدة. في الحالة العراقية، الغرض هو مواجهة الإرهاب إلى جانبنا طالما أنه لا يستهدف العراق فقط. نحن لا نريد من أبنائهم أن يقاتلوا بدل أبنائنا. ما نريده هو الغطاء الجوي والأسلحة والدعم اللوجيستي الذي يتناسب مع حجم التحدي بحيث نحفظ للعراق سيادته وأمنه وأداءه الوطني. ما نريده مظلة جوية متكافئة مع طبيعة التحدي الموجود. هذا هو ملخص الأهداف التي نسعى إليها. ثم وكما تعلمون، هناك مآسٍ إنسانية بسبب النزوح الذي حصل من 3 محافظات (الموصل وصلاح الدين والأنبار، فضلا عن النزوح الداخلي في ديالا)، وبالتالي، فإن ما نريده إسناد دولي وإعادة تأهيل البنية التحتية بسبب التخريب الذي حل جراء دخول «داعش».

* ما الذي تنتظرونه عمليا من اجتماع مجلس الأمن اليوم؟ هل ثمة بحث جار من أجل استصدار قرار جديد من مجلس الأمن الدولي مثلا بشأن العراق ومواجهة الإرهاب يكون بمثابة غطاء للعمليات الدولية الحالية أو التي ستجري في العراق وقد يفتح الباب على سوريا؟

- أجواء الأمم المتحدة جاهزة، والوضع بهذا الشكل كافٍ من الناحية الإجمالية، هناك تضامن مع العراق. مؤتمر باريس ضم الدول الـ5 دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى الدول الأخرى، وكلها ركزت وتحدثت بما فيه الكفاية وأبدت تفهما إزاء ما يحصل في العراق، كما أبدت تجاوبا متميزا معنا. ووجدت الفرصة لأن أبرز وجوها أخرى قد لا تكون واضحة كفاية. لكن بصورة عامة، كنت ممتنا للتجاوب الذي حصل معنا، وهم أشعروني بأن ما يدور في العراق يدور أيضا في بلدانهم. هذه البلدان قد تتفاوت في أشكال الدعم، ولكن على العموم هو دعم عسكري، إنساني، خدمي ودعم لإعادة الإعمار.

ستكون رسالتنا إلى الأمم المتحدة بتفصيل أكبر ما دام عدد الدول المشاركة أكبر ومستوى المشاركة أعلى، ومن الطبيعي أن نتواصل فيما بدأنا به في جدة، مرورا بباريس، وانتهاء بنيويورك.

* هل تعدون محطة جدة فاصلة في طبيعة التعاطي مع الأزمة العراقية؟

- بالتأكيد، ما سمعته بدءا بالأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، وكذلك من وزراء الخارجية الآخرين الذين حضروا بمن فيهم وزير الخارجية الأميركي، كان مشجعا للغاية. ولقد حصل لقاء شخصي مع الأمير سعود الفيصل، وقد تحدثنا قرابة نصف ساعة، ثم استمعت إلى الكلمات التي ألقيت في الجلسة التي كانت بإدارته. كانت فرصة أن نصدر بيانا لم يختلف بمضامينه العامة عن البيان الذي خرجنا به من مؤتمر باريس.

* هل يمكن أن نقول إن هناك تحولا في التعاطي مع الأزمة العراقية خليجيا؟

- نعم، هناك انعطافة حادة بين انكماش وغياب التعامل مع الملف العراقي وبين اندفاع غير مشروط «لدعمنا». وأريد الإشارة خصوصا إلى أن الأمير سعود الفيصل قال لي شخصيا «في جدة»، إنه قرر فتح السفارة السعودية في بغداد، ثم كرر ذلك في المؤتمر أمام الجميع، وقال إنني أخبرت وزير الخارجية العراقي عن عزمنا على فتح السفارة وعلى أن تباشر عملها.

* ما يفهم من البيان الصادر عن مؤتمر باريس أنه بقي على صعيد المبادئ ولم يخرج بخطوات عملية. هل السبب اختلافات في وجهات نظر الحاضرين؟

- لا يمكن توقع أن مؤتمرا كمؤتمر باريس بهذا العدد وبهذا الوقت القصير أن يدخل في التفاصيل، وخصوصا أن الأمور اللوجيستية والخطوات العملية التي تتخذ ميدانيا تترك للمختصين. لم يكن يتوقع من المؤتمر أن يذهب أبعد من التأكيد على توفير الدعم العسكري على مستوى الإمداد والغطاء الجوي. أما التفاصيل وحركة الطائرات وكيف وأين ومتى تبدأ.. كل ذلك متروك للإخصائيين على الأرض. أنت تعلم أنه قد بدأت طلعات جوية فرنسية للاستطلاع.. هذه الإجراءات العسكرية لا تطرح في اجتماع لوزراء الخارجية، إذ إنهم ليسوا ضباطا في قاعدة عسكرية ليعطوا أوامر بالتحرك لقطعات عسكرية معينة. لكن على العموم، فيما خص الأمور الحساسة وذات الطابع الاستراتيجي، جاءت الكلمات كلها «التي ألقيت في المؤتمر» موحدة: دعم للعراق وتثمين موقفه واستجابته واستنكار ما حصل والفصل فصلا صريحا بين ما تمارسه «داعش» وبين الإسلام الذي منها بريء.

* من بين الجهات التي ستساعد العراق عسكريا، من هي الجهة التي ستقوم بعملية التنسيق؟ من هي الجهة التي ستعين الأهداف وتعطي الأوامر؟ هل سيكون هناك غرفة عمليات مشتركة لتنسيق الأعمال العسكرية؟

- من دون شك. الأرض هي العراق. والضحية هو العراق ونريد أن نكون رأس الحربة. لذا، السياقات الميدانية تتطلب تنسيقا مع من هو على الأرض. نحن المثكولون وليس المعزون كالثكالى. نحن نعرف الأرض وطبيعتها ونقاط القوة والضعف، فلذلك ميدانيا تفرز القضية العراقية والآليات العراقية دون غيرها ليس من موقع المحاباة، بل من حيث الفرق الموضوعي بين يحضر على الأرض ويواجه الأهداف والمخاطر وبين من يدعم ويسند وإن كان إسناده مهما.

مرة أخرى، الطرف العراقي لا يمكن أن يكون خارجا عن إدارة التنسيق والمفصل الأساسي للتنسيق. أما عن التفاصيل وعن التشكيل وعدد الضباط العراقيين ومن الذي يمثل وكل هذه الأمور ستتولاها القيادات الميدانية من الطرفين: العراقي والتحالفي.

* الكثيرون فوجئوا كيف أن الجيش العراقي الذي صرفت عليه المليارات تراجع وتقهقر بوجه «داعش» ولم يبين قوته وفعاليته في المعارك. إلامَ تعزو ذلك؟ هل التشكيلة؟ العقلية؟ هل غياب الروح القتالية؟

- كل هذه الأسباب اجتمعت سوية. الجيش حتى يكون بالفعل جيشا لا بد أن يكون له عقيدة وتراتبية عسكرية ومراعاة لسلسة المراتب بين الجهات العليا والمتوسطة والدنيا، ولا بد مما يسمى اللغة العسكرية؛ الضبط والربط العسكري. كل هذه الأمور كان ينتابها الضعف كما دب الفساد في الكثير من دوائر الدولة للسنوات التي مضت ومن جملتها في الجانب العسكري.

عندما لا تكون القيادات العسكرية معافاة «بمنأى» عن هذه الحالة، لا يمكن أن نتوقع أن يكون القائد العسكري نموذجا للجندي في المعركة. لا أقول إن الفساد ضرب جميع القيادات وإنما ضرب عددا غير قليل منها. من الطبيعي أن الجندي لا يثق بهذه القيادات. ولذلك دب لهم الرعب. بالنسبة للجندي، لا تسأل عن السلاح، بل اسأل عن اليد التي تحمل السلاح والعقيدة التي تلقنها من يحمل السلاح.

* هل برأيك أن القوات العراقية وحدها الموجودة ميدانيا إلى جانب قوات البيشمركة، ستكون قادرة على استعادة الأراضي والقرى والمدن التي سيطرت عليها «داعش» ومنها مثلا مدينة الموصل؟

- بدعم دولي بالنسبة لتأمين الغطاء الجوي، أصبح مفهوم القوات المسلحة متعدد المصاديق: الجيش، البيشمركة، الحرس الوطني، قوات الحشد الجماهيري.. كلها تنضوي تحت لواء القوات المسلحة العراقية وتتسلم أوامرها من قيادات الجيش. أهدافها واحدة وإن تعددت فصائلها. نحن نبني على أساس قوات مسلحة ومدربة من ذات المحافظات، إذ ثبت لنا أنه في معركة المواجهة مع «داعش» بالذات، لا بد من موجود قوات وطنية محلية من المحافظات نفسها، فلا نأتي بها من محافظة إلى محافظة أخرى ما من شأنه أن يخلق إشكاليات وكأنه تدخل داخلي. أما إذا دافع أبناء المدينة عن مدينتهم وأبناء مكة أدرى بشعابها، فعندئذ سيجدون في حركتهم نسقا متكاملا ومتجاوبا مع بقية فصائل الجيش العراقي، وخصوصا أنهم سيعملون ضمن ألويته.

* السيد مقتدى الصدر غير موافق على التدخل الأجنبي في الشؤون العراقية وقيام تحالف دولي وعودة القوات الأميركية.. وهذا الطرح سيضعف الإجماع العراقي.. كيف تفسرون موقف الصدر؟

- هو لم يرفض هذا الشيء، وإنما قال إن التدخل الأجنبي والقواعد الأجنبية وعودة كل هذا إلى العراق لا نرضى به. نحن قلنا منذ مؤتمر جدة، إننا لا يمكن أن نتقبل ما رفضناه سابقا. كنا نتحاشاه منذ عام 2003. هناك موقف وطني مشترك رافض أن تأتي قوات أجنبية على الأرض العراقية. لو سألتني: هل تقبل وجود قوات أجنبية على الأرض؟ الجواب هو كلا.

* لكن القوات الأجنبية موجودة في الأجواء؟

- هذا موضوع آخر.. اليوم يمكن أن نفسح لها المجال وغدا يمكن أن نمنعها. أما أن تدخل قوات أجنبية «أرضيا» وتستحكم وتتمكن وتقيم قواعد وتتموضع في أماكن معينة، فبعد ذلك لن يكون من السهل أن تنهي وجودها. لذلك كنا حذرين من حصول هذا الأمر وطلبنا منذ زمن بعيد بإخراج القوات المسلحة «الأجنبية» من العراق. ليس سهلا علينا أن نرهن الإرادة الوطنية العراقية تحت الاحتلال أو حتى مجرد وجود قاعدة عسكرية «أجنبية» في العراق. موقنا هذا ثابت ولا يتغير.

نعم اليوم، ما نطلبه اليوم هو دعم جوي لأن طبيعة المعركة غير متكافئة. القوات المسلحة غير متعافية، والعدو له دعم دولي. هو معولم، إذ إن «داعش» ليس ظاهرة عراقية ولا عراقية عربية أو عراقية إقليمية فقط. إنما هو ظاهرة عالمية، معولمة ومتعددة الجنسيات. طبعا، يجب أن يكون الرد يضاهي ويتكافأ مع الهجوم الذي نتعرض له. نحن نطلب الدعم، ولكن لا نريد أن يتحول هذا الدعم المؤقت إلى حالة متحكمة على الأرض.

* لكن هل هناك تفكير بالتوصل إلى اتفاقية أمنية جديدة مع الطرف الأميركي؟

- لدينا اتفاقية الإطار الاستراتيجي وبنودها معروفة. وهي تتضمن التزاما بدفاع الولايات المتحدة عن سيادة وسلامة العراق. أنا بداية كنت أعارض الاتفاقية «في صيغتها الأولى» لأنها كانت تحمل شروطا مهينة «بالنسبة للعراق». لكن بعد ذلك تم تعديلها ووافق عليها البرلمان، ورغم تحفظي تفاعلت معها، وحان الآن وقت الالتزام بها. اليوم، أرض العراق منتهكة. إنسان العراق منتهك وكذلك سيادته.

* هل تقدمتم بطلب رسمي لفرنسا من أجل المساعدة العسكرية، علما بأن باريس تريد رسالة خطية رسمية بهذا المعنى حتى يكون تحركها متوافقا مع قواعد التعامل بين الدول؟

- الرسالة الخطية الرسمية ليست مشكلة. لقد قال رئيس الوزراء العراقي صراحة، عندما كان الرئيس الفرنسي في بغداد، إننا بحاجة للغطاء الجوي لإسناد قواتنا وعبر عن ذلك بصراحة.

* كيف تفسرون الموقف التركي اليوم، حيث يبدو أن أنقره حريصة على البقاء في الخطوط الخلفية؟

- نحن نتفهم موقف تركيا، على الأقل ذلك الذي أعلمنا به من قبل وزير الخارجية الآن، المشكلة أن هناك قرابة 50 دبلوماسيا من موظفي القنصلية التركية في الموصل في قبضة الإرهاب، وبالتالي فإنهم يشعرون أنهم أمام كارثة إنسانية بالنسبة لهم. لقد حضرت تركيا في مؤتمر جدة، كما في مؤتمر باريس، لكنهم تعاملوا بشكل يسمح لهم بتحاشي حصول مأساة إنسانية تتناول رعاياهم.

* لكنهم في جدة لم يوقعوا على البيان الصادر عن الاجتماع؟

- نحن نتفهم موقفهم. نعتقد أنهم في العمق معنا، ولكن عليهم أن يوفقوا بين المسؤوليتين. دعمهم للعراق ودفاعهم عن «داعش» من جانب وتحاشي المشكلة التي قد تلم بهم في حال تخطوا هذا الحد من جانب آخر.

* أنتم بحاجة للولايات المتحدة، ولكن أيضا بحاجة لإيران. والحال أن هذين البلدين يتعاونان في العراق ويتواجهان في سوريا. كيف يستطيع العراق التوفيق بين هذين الطرفين؟

- هما وإن كانا مختلفين، لكنهما لا يواجهان مشكلة من داخلهما، ولكن من بعض الدول العربية.

* ما المقصود؟

- المقصود أن بعض الدول العربية تحفظت على حضور إيران مؤتمر جدة، وكذلك مؤتمر باريس. ونحن بذلنا جهودا لتذليل هذه العقبة، ولكن يبدو أن الوقت لم يكن لصالحنا، إذ كان المتسع قصيرا لبذل الجهود حتى نذوب الجليد بين هذه الدول وإيران. إيران موجودة على الأرض. إيران بلد جار جغرافيا، ولدينا 1400 كلم من الحدود المشتركة. وكان لها موقف مشرف طيلة هذه الفترة. دعمت العراق إعلاميا وسياسيا وإنسانيا وخدميا.

* وعسكريا أيضا.. المسؤولون الإيرانيون أنفسهم يؤكدون ذلك؟

- هذه السياقات كلها تشير إلى أنها دولة داعمة، ونحن لا نعتقد أنه يمكن أن ندعو دول الجوار للوقوف إلى جانبنا ونستثني إيران. ليس السؤال: لماذا تحضر إيران، بل السؤال لماذا لا تحضر؟

* الأسباب معروفة.. أليس كذلك؟

- نحن لا نريد العراق نقطة تقاطع حاد بين هذه الدول. إنما نريده محطة التقاء. وسنعمل في هذه السياسة وما عجزنا عنه وما حال دون أن يتحقق الآن، قد يتسع له المستقبل إن شاء الله.

* كيف تنظرون أنتم اليوم كحكومة عراقية إلى مستقبل الموضوع السوري على ضوء ما هو جار عندكم؟

- بالنسبة لـ«داعش» هي نفسها في العراق وسوريا. ولذا لا يمكن أن نرفض «داعش» في العراق ونتقبلها في سوريا ما دامت أهدافها هي الأهداف الإنسانية. الأطفال السوريون، كما الأطفال في العراق.. الأقليات هنا وهناك.

لكن هناك مشكلة هي في الموقف الإقليمي والدولي من النظام السوري. ومن جانبنا، لا نريد أن نسيس المعركة. في سوريا كما في العراق. ثمة طرف هو الجاني وهذا الطرف هو «داعش». مثلما دعونا الصف الإقليمي والدولي لمواجهة خطر «داعش» وليتحمل مسؤولياته في مواجهة هذا الخطر، كذلك يتعين مواجهة الخطر الداعشي في سوريا. أما أن تكون هناك خلافات مع الحكومة «السورية»، فإن لهذه الخلافات سياقات أخرى. نحن كان لنا خلافات مع الحكومة العراقية وأوجدنا لها حلولا بالطرق السياسية.

* لكن في سوريا، المدنيون هم ضحايا «داعش»، ولكنهم أيضا ضحايا النظام.

- هناك خلاف جوهري بين ما يحصل في العراق وما حصل في سوريا على الأقل من جهة الإرادة الدولية وبعض الدول الإقليمية.

علينا الآن أن نواجه هذا الخطر المشترك. أولا، لذات سوريا ولذات العراق ولذات التداخل على الأرض بين ما يحصل في العراق وما يحصل في سوريا. لا تستطيع أن تمنع التداخل عندما ترتفع وتيرة الإرهاب في درعا وعموم سوريا. هذا أثر على العراق. وعندما تسربت هذه الفصائل الإرهابية، كان لها تأثير على سوريا. لذا لا يمكننا أن نفصل بين الأسباب والنتائج في الجانبين.

نعم هناك مشكلة تتناول التنسيق مع حكومة أنت نفسك لا تعترف بها «الحكومة السورية». وهذه المشكلة يجب أن تحل.

* كيف يمكن أن تحل؟

- في تقديري، يتعين الفصل بين المحور السياسي والمحور الإنساني والأمني، خصوصا أنك لن تدخل وتشغل قواعد وتتحكم في الأرض، إنما تستهدف فصائل «داعش» ومنابع تسرب الأفراد من «داعش» عندها تكون قد أسهمت في الطرفين سوريا والعراق. وحتى في سوريا، يتعين أن ننظر إليها على المديين المتوسط والبعيد والبحث في كيفية حل المعضلة مع سوريا. بالنتيجة، النظام السوري، مهما كانت الملاحظات الخاصة به، قد يكون قابلا للتفاهم معه بأي طريقة من الطرق وليس كالنظام العراقي السابق. لا أقول إنه لا توجد ملاحظات، لا بل ملاحظات أساسية على النظام السوري. ولكن هذا مدعاة للحوار وتحشيد القدرات للبحث عن حل.

* بكلام آخر، أنتم تقولون: النظام باق وتفاهموا معه..

- أنا لا أستطيع الحديث نيابة عن الشعب السوري. ما أعرفه أن هناك قسما «من الشعب» معه وقسما آخر ضده. وبسبب هذا الانقسام، نحن نقول إننا لا نتدخل في قضية الشعب نفسه مختلف بشأنها. لسنا بديلا عن الشعب السوري وقضيته متروكة له فإن رضي بالنظام فلنجدد له. وإن لم يرضَ بالنظام فليتجاوزه.


محرر الموقع : 2014 - 09 - 19