ممثل المرجعية العليا في أوربا يعزي العالم الاسلامي بذكرى شهادة الامام الصادق (ع) ويقول: على الشباب الواعي ان يطلع على ما تركه ائمة اهل البيت (ع) من كنوز علمية تنير لهم الطريق
    
ممثل المرجعية العليا في أوربا يعزي العالم الاسلامي بذكرى شهادة الامام الصادق (ع) ويقول: 
• الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) هو استاذ الفقهاء والمذاهب، وقمة شامخة في العلوم الاسلامية والانسانية
• بلغ عدد خريجي مدرسة اهل البيت (ع) في اوائل القرن الثالث اربعة آلاف طالب
• على الشباب الواعي ان يطلع على ما تركه ائمة اهل البيت (ع) من كنوز علمية تنير لهم الطريق

 

لقد فجع العالم الاسلامي في هذه الايام بشهادة الامام الصادق (ع) الامام الذي تظافرت النصوص النبوية على أمامته واجتمعت فيه الصفات التي لم تجتمع في غيره. ولهذا كانت شهادته خسارة كبرى لما يحمله من علم ومعرفة في مختلف العلوم والمعارف التي اثرى بها الساحة فكان الملاذ للباحثين عن الحق والمتمسكين بعروة الدين الوثقى ونظام الله الامثل. 

وقد اجمع العلماء والفقهاء وأئمة المذاهب كافة على تفوقه (ع) وامتيازه في العلم والعمل الصالح وانه اعلم الناس بكل شيء. وبهذا شهد المنصور الدوانيقي له بقوله: (ان هذا الشجى المعترض في حلقي لهو من اعلم الناس). وفي قول آخر له (انا اهل بيت لانخلوا من محدث وان محدثنا اليوم هو جعفر ابن محمد). وقال ابو حنيفة (مااستفدت ولا انتفعت بشيء كانتفاعي بالسنتين اللتين درست فيهما على جعفر الصادق) (لو لا السنتان لهلك النعمان) ثم قال (ما رأيت افقه من جعفر ابن محمد). وقال مالك ابن انس امام المالكية (مارأت عين ولاسمعت اذن ولاخطر على قلب بشر افضل من جعفر ابن محمد فضلا وعلماً وعبادة وورعاً وكنت إذا دخلت عليه فلا أراه إلا على احدى ثلاث خصال إما صائماً وإما قائما وإما ذاكراً وكان من عظماء العباد واكابر الزهاد الذين يخشون الله وكان كثير الحديث طيب المجالسة كثير الفوائد...). وقال عمرو بن المقدام: وهو من كبار العلماء في عصره (كنت إذا نظرت الى جعفر بن محمد (ع) علمت انه من سلالة النبيين)
وقال عمّه زيد الشهيد عليه السلام: ( في كل زمان رجل منّا اهل البيت يحتج الله به على خلقه وحجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد لايضل من اتبعه ولايهتدي من خالفه..) 

هذا فضلا عن اعترافات رؤساء الزنادقة في عصره عليه السلام الذين لايعرفون لأي رجل دين بالفضل والكمال ولكنهم كانوا يعترفون بارفع درجات الفضل والكمال للامام جعفر بن محمد الصادق (ع) امثال ابن المقفع وابن ابي العوجاء وعبد الكريم الديصاني وغيرهم وقد كانوا يحضرون عنده ويعرضون عليه افكارهم الفاسدة وعقائدهم الواهية الباطلة فكان الامام الصادق (ع) يستمع الى اقوالهم ويرد عليهم بما يقطع حجتهم وينقض اقوالهم بكل هدوء وسعة صدر واناة. وقال بن المقفع لصاحبه بن أبي العوجاء وهو يشير الى جموع الحجاج حول الكعبة وفي المسجد الحرام. قال له (لاأحد في هذا الجمع يستحق اسم الانسان إلا ذلك الشيخ الجالس وأشار الى الصادق (ع)) . 

ولكل الاسباب المذكورة آنفا وأخرى غيرها، تألق نجمه وارتفع مقامه (ع) وعلا شأنه وفضله على كافة العلماء واهل الفضل والمعرفة في عصره حتى التفَّ حوله طلبة العلم ورواد المعرفة من كل المذاهب والطوائف وبلغ عددهم اكثر من اربعة آلاف طالب في زمن الامام الرضا (ع) وكان فيهم العشرات من أئمة الطوائف وزعماء المذاهب الاسلامية كأبي حنيفة بن ثابت - ومالك بن انس - وسفيان الثوري -والزهري - وعمرو بين المقدام - والحسن البصري وغيرهم. وقال الحسن بن علي الوشّا (ادركت في جامع الكوفة فقط تسعمائة فقيه من تلامذة جعفر بن محمد الصادق (ع) وكل له حوزة يدّرس فيها ويقول حدثني جعفر بن محمد (ع). 

هذا ولم تقتصر مدرسة الامام الصادق (ع) على علوم الشريعة من فقه واصول وحديث بل تعدتها الى العلوم الاخرى كالطب والكيمياء والفيزياء والطبيعيات والفلك وظائف الانسان ( البيلوجيا) والتربية وعلم النفس والوراثة وغيرها من العلوم الانسانية. وهذه العلوم على اختلاف مادتها وموضوعها كانت تحتاج الى متخصصين يشرحونها ويوضحون دقائقها وغوامضها ويظهرون رونقها لان علماء الشريعة مهما يملكون من قابليات علمية لايستطيعون بيان خصوصيات هذه العلوم كالمتخصص فيها. ولذا فنحن الآن بحاجة الى متخصصين في دراسة هذه النظريات التي طرحها الامام (ع) ليحللوها تحليلاً علمياً دقيقا. وبهذا كان الامام (ع) هو أول من وضع نظام التخصص للعلوم ومنه اخذت الجامعات العلمية في العالم هذا المنهج كما وجعل لكل علم استاذه الخاص به والعارف بخصوصياته. 

فعلى سبيل المثال جعل لعلوم الشريعة كالفقه والاصول والحديث وغيرها زرارة ابن اعين وابو بصير وابان بن تغلب ومحمد بن مسلم وجميل بن دراج وغيرهم. 

وفي علم الفلسفة وعلم الكلام والامامة والمناظرة هشام بن الحكم وهشام بن مسلم ومؤمن الطاق ومحمد المهيار. 

وفي الحكمة وأسرار الكون وأسرار الوجود وأسرار الانسان المفضل بن عمر.
وفي الكيمياء والفيزياء جابر ابن حيان الذي تُرجمت كتبه في الغرب الى مختلف اللغات واعتبروه ملهم الكيمياء الى غير ذلك من طلاب هذه المدرسة التي لايسعنا ذكرهم في هذا الموجز. 

وما توصل اليه العلم الحديث من اكتشافات في العلوم الانسانية فهو عين ما ذكره ائمة اهل البيت (ع) قبل ذلك بقرون ، ومما يزيد الاسى والالم ان المؤسسات التربوية والمعاهد العلمية والجامعات الاسلامية وغيرها هي الاخرى لم تؤكد على هذه العلوم التي ذكرها الائمة كما لم يعرّفوا الاجيال بشخصياتهم (ع) وان الامام الصادق (ع) هو استاذ الفقهاء والمذاهب، وبعدم ذكرهم (ع) حجبوا عنهم هذا النور الباهر والوجوه المشرقة التي مثلت الهدي والاستقامة في دنيا الوجود بما اتصفوا به من ورع وتقوى وعلم ومعرفه ورثوه من جدهم رسول الله (ص) الذي جعلهم عدل الكتاب بقوله (اوصيكم بكتاب الله وعترتي اهل بيتي) ، وهذه الثروة العلمية التي افاضوها لا نجدها في غير مدرسة اهل بيت النبوة (ع) واليه اشار الامام الباقر (ع) لسلمة بن كهيل وللحكم بن عتبة (شرقا وغربا فلن تجدان علما صحيحا (نافعا) الا خرج من عندنا اهل البيت).
هذا وعلى الاجيال والشباب الواعي ان يتمسك بخط اهل البيت (ع) الذي يضمن له سعادتهم الدنيوية والاخروية ويبعدهم عن المتاهات والافكار الضالة والمنحرفة. 

جعلنا الله من السائرين على نهج اهل البيت (ع) والمقتفين أثرهم انه ولي التوفيق.

محرر الموقع : 2018 - 07 - 09