ممثل المرجعية العليا في اوربا يخاطب الخطباء ومبلغي الدول الاسكندنافية بقوله:المرجعية العليا تركز على الاهتمام بالشباب والتواصل المباشر معهم لانهم زاد المستقبل
    
ممثل المرجعية العليا في اوربا يخاطب الخطباء ومبلغي الدول الاسكندنافية بقوله:
• ان مهمتكم كبيرة وخطيرة لانكم تحملون رسالة الانبياء (ع) والائمة (ع) ومن سار على نهجهم من العلماء العاملين
• المرجعية العليا تركز على الاهتمام بالشباب والتواصل المباشر معهم لانهم زاد المستقبل

 

جاء خطابه هذا في الملتقى الثالث لخطباء ومبلغي الدول الاسكندنافية المنعقد في مؤسسة الامام المنتظر (عج) في مدينة مالمو السويدية، والذي تزامن مع الذكرى العاشرة لافتتاحها، فقال سماحته مخاطبا الحاضرين:

ان مهمتكم كبيرة وخطيرة في هذا العصر الذي انتشر فيه دعاة الضلال والتفرقة لبث سمومهم وافكارهم المخالفة للاسلام المحمدي ومعارفه الاصيلة وقيمه الاخلاقية، من خلال مقالاتهم وكتبهم ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، وواجبنا اليوم كمبلغين ان نتصدى بقوة وحزم لرد هذه الشبهات والتشويهات بطريقة علمية دقيقة نعتمد فيها على النصوص القرانية واحاديث النبي (ص) والعترة الطاهرة (ع) لان فيها العلاج التام لهذه الامراض، ولهذا قال (ص) (لا ينبغي للعالم أن يسكت على علمه، ولا ينبغي للجاهل أن يسكت على جهله، قال الله تعالى (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)) وقال امير المؤمنين (ع) (ما أخذ الله على الجهال أن يتعلموا حتى أخذ على العلماء أن يعلموا) وقال ايضا (من المفروض على كل عالم أن يصون بالورع جانبه، وأن يبذل علمه لطالبه) 

والواجب علينا ان نستثمر المناسبات السنوية وخصوصا ايام شهر رمضان القادم لشرح حقائق الدين ومعالم مذهب اهل البيت عليهم السلام بالمنطق العلمي الرصين المبني على الادلة العقلية المحكمة والادلة النقلية الثابتة. ونود ان نلفت انظار الحاضرين الى ان قطاعاً متزايداً من الجيل الشبابي من الامة الاسلامية ذكوراً واناثاً يعيش أجواءً صاخبة من الافكار اللادينية وموجات عاتية من التشكيك في اصول العقيدة وضرورات الدين والمذهب، مما يفرض على الساحة المنبرية أن تولي اهتماماً بالغاً في مناقشة هذه الافكار وطرح المعتقدات الحقة طرحاً وافياً شرحاً واستدلالاً مدعوماً بالبراهين المقنعة، واستخدام اللغة والاساليب المؤثرة في الاجيال الصاعدة المواكبة لثقافة العصر والابتعاد عن الخطاب الذي لم يعد صالحاً لأكثر السامعين في هذا الزمان، مع أهمية التنويع في المضامين من كل خطيب بحسب تخصصه ومجاله الذي يملك المهارة فيه من التاريخ الصحيح الذي فيه العبرة للحاضر والمستقبل او الموعظة الخاشعة التي تخرج من القلب لتنفذ الى قلب المستمع او تعليم الاحكام الفقهية والمسائل الابتلائية او القضايا التربوية المهمة لبناء الاسرة الصالحة مبتعدا عن الاستشهاد بالاحلام والقصص الخيالية التي تسيء الى سمعة المبلغ وتظهره وسيلة اعلامية هزيلة لا تنسجم ولا تتناسب مع المستوى الذهني والثقافي للمستمعين، في حين اننا نجد في كلمات الائمة (ع) واحاديثهم الدواء الشافي لما نحتاجه لامراضنا وقضايانا وما تحتاجه الشعوب الاخرى بمختلف توجهاتها الثقافية والدينية، ولذا ترحّم الامام الرضا (ع) على اولئك الذين ينقلون كلام الائمة للناس حينما قال (رحم الله عبدا أحيا أمرنا، فقيل له: كيف يحيي أمركم؟ قال: يتعلم علومنا ويعلمها الناس، فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا). 

والى جانب ما ذكرنا نؤكد على ما اكدت عليه المرجعية على الامور التالية : 

1- طرح المشاكل الاجتماعية الشائعة مشفوعة بالحلول الناجعة، فليس من المستحسن ان يقتصر الخطيب على عرض المشكلة كمشكلة التفكك الاسري او مشكلة الفجوة بين الجيل الشبابي والجيل الاكبر او مشكلة الطلاق او غيرها، فان ذلك مما يثير الجدل دون مساهمة من المنبر في دور تغييري فاعل، لذلك من المأمول من رواد المنبر الحسيني استشارة ذوي الاختصاص من اهل الخبرة الاجتماعية وحملة الثقافة في علم النفس وعلم الاجتماع في تحيديد الحلول الناجعة للمشاكل الاجتماعية المختلفة ليكون عرض المشكلة مشفوعة بالحل عرضا تغييريا تطويريا ينقل المنبر من حالة الجمود الى حالة التفاعل الى حالة الريادة والقيادة في اصلاح المجتمعات وتهذيبها.

2- التواصل المباشر مع الشباب الذين يركز عليهم سماحة المرجع الاعلى ويراهم زاد المستقبل، اذ لا يكفي في معالجة مشاكلهم الفكرية والسلوكية مجرد المحاضرات، بل لابد من التواصل المباشر معهم بالجلسات لاستماعهم بمعرفة همومهم الشخصية الاجتماعية والاصغاء الى مقترحاتهم واعانتهم على حل مشاكلهم بانفسهم وان اقتضى التواصل المباشر قضاء ساعات طويلة من الفراغ مع هؤلاء الشباب مجتمعين او منفردين، كل ذلك في سبيل ان تشعر هذه الفئة من المجتمع وهي فئة الشباب بأن الدين يواكبها وينفس عن همومها ويحل مشاكلها مما يوجب انجذابا لهم نحو الدين ونحو القيم.

3- ان يكون المبلّغ متحليا بالقيم الخلقية الجذابة، فالمرجع الاعلى السيد السيستاني دام ظله يقول (ان الناس لم يعتنقوا الدين اعتمادا على براهين عقلية ومنطقية قادتهم الى الاقتناع بالدين واعتناقه، وانما اعتنقوا الدين تاثرا برجال الدين) اي انهم لما رأوا رجال الدين اصحاب اخلاق رفيعة واصحاب قيم سلوكية سامية انجذبوا للدين من خلال مظهر رجل الدين، فالعامل المؤثر في جذب الناس الى الدين هو القيم السلوكية التي يحملها رجل الدين، فاذا كان رجل الدين امينا متواضعا صادقا بحيث يراه الناس مظهرا للخلق الرفيع الذي اتسم به الائمة الطاهرون (ع) كان ذلك عاملا في جذب الناس الى الدين واعتقادهم بالدين، واما اذا كان المبلّغ او رجل الدين معاكسا للقيم الخلقية العالية كان ذلك عامل ارتداد عن الدين وسببا في نفور الناس من الدين، ولذلك قبل كل تبليغ وقبل كل انذار وتحذير على المبلّغ ان يتسم بالخلق الجذاب نحو الدين ومعارفه التي يقوم بتبليغها. 

وختاما نسال المولى سبحانه وتعالى ان يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه. 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محرر الموقع : 2019 - 03 - 23