ممثل المرجعية العليا في اوربا ... ان قضية الامام المهدي (عج) عقيدة اسلامية عامة تؤمن بها جميع المذاهب والاديان
    
ممثل المرجعية العليا في اوربا يهنيء العالم الاسلامي بولادة الامام المهدي المنتظر (عج) ويقول:
ان قضية الامام المهدي (عج) عقيدة اسلامية عامة تؤمن بها جميع المذاهب والاديان

 

جاء حديثه هذا في المركز الثقافي اللبناني في مونتريال بكندا ما نصه:

ان قضية الامام المهدي (عج) من القضايا الاسلامية العامة ومن المسلّمات اليقينية التي لا بد من تحققها لما تملكه من الادلة القطعية من الكتاب والسنة واحاديث الفريقين التي بلغت اكثر من ستة الاف حديث ورواية، وهذا القدر من الاحاديث لم تملكه اي قضية من قضايانا الاسلامية، وبهذا اصبحت من الواضحات التي لا يعتريها شك ولا ريب. ومن هذا تتضح لنا حقيقة واحدة الا وهي حتمية ظهور الامام الذي سيخلّص هذا العالم من الظلم والجور ويطبّق بظهوره العدل الالهي على ارجاء المعمورة. ولجلاء الفكرة ووضوحها نستعرض بعض خصاص هذا الظهور بالنقاط التالية حسب ما ذكر: 

1- اتمام النور الالهي وإظهار الإسلام على الدين كله
وهذا ما صرّح به القرآن المجيد في ثلاث من سوره المباركة:

أ‌- قال تعالى ((يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)).
ب‌- وقال تعالى((يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)) .
ت‌- وقال عز وجل((هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً)).
وقد صرّح المفسرون من مختلف المذاهب الإسلامية بأنّ هذا الوعد الحتمي الوقوع إنما يتحقق في عصر المهدي الموعود حيث يظهر الإسلام على جميع الأديان فيعم المشارق والمغارب. وتُقام الدولة الإسلامية العالمية; لأن المقصود من الإظهار هو الغلبة والاستيلاء وليس مجرد قوّة الحجة; لأن غلبة الحجة أمر حاصل ابتداء ولا يبشر الله عز وجل إلاّ بأمر مستقبل غير حاصل كما استدل على ذلك الفخر الرازي في تفسيره (التفسير الكبير 16/40). 

2- استخلاف صالحي المؤمنين
أ‌- قال تعالى ((ولقد كتبنا في الزّبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون)).
ب‌- وقال تعالى ((وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنّنّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني لا يُشركون بي شيئاً ومَن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون)).
ت‌- وقال تعالى ((... الذين إن مكّنّاهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)).
تخبر الآية الكريمة الاُولى بأن من القضاء المحتوم تكريم خط الإيمان والصلاح بجزاء دنيوي ـ فضلاً عن الجزاء الاُخروي ـ يتمثل في وراثة الأرض وحكمها حيث العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة، وتنص الآية الثانية على أن الذين يستخلفهم الله في الأرض هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات من المسلمين، الذين كانوا يُستضعفون ولم يسمح لهم بعبادة الله بأمن، وعن التمكين لهؤلاء دينهم الذي ارتضاه تبارك وتعالى لهم والآيتان تتحدثان عن عصر ظهور المهدي كما هو واضح من التدبر فيهما. 

3- إقامة المجتمع التوحيدي الخالص
بأن تكون مقاليد المجتمع البشري برمته بيد الصالحين الذين كانوا يُستضعفون في الأرض والذين يمثلون الإسلام المحمدي الأصيل، فإذا مكنهم الله في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر أي أقاموا المجتمع التوحيدي الخالص الذي يعبد الله وحده لا شريك له بأمن دونما خوف من كيد منافق أو كافر، ووفّروا بذلك جميع الظروف اللازمة لتحقق العبادة الحقّة لله والتكامل الانساني في ظلها، لذا فلا حجة بالمرّة لمن يكفر بعد ذلك ((فأولئك هم الفاسقون)) حقاً لانهم أعرضوا عن الصراط المستقيم مع توفر جميع الأوضاع المناسبة لسلوكه وهذه خصوصية أخرى من خصوصيات عصر المهدي المنتظر (عج)، وتفسير ماروي من شدة تعامله مع المنحرفين. 

4- تحقق الغاية من خلق النوع الانساني
قال عزّ وجلّ ((وما خلقت الجن والانس إلاّ ليعبدون)) .

تدل الآية الكريمة على حصر الغاية من خلق الإنسان بالعبادة الحقّة لله جل وعلا ، وهذا ما يتحقق في ظل دولة المهدي الموعود على الصعيدين الفردي والاجتماعي بأكمل صوره كما أشرنا لذلك في الفقرة السابقة. وقد عقد البعض بحثاً عقائدياً تفسيرياً استند فيه لهذه الآية الكريمة لإثبات حتمية ظهور دولة المهدي الموعود (عج). لأن تحقق هذه الغاية أمر حتمي إذ إنّ من المحال تخلف مخلوق عن الغاية من خلقه، والآية تتحدث عن النوع الانساني وتحقق العبادة الحقة فيه على الصعيدين الفردي والاجتماعي العام في المجتمع الانساني وهذا مالم يتحقق في تأريخ الانسان على الأرض مُنذ نزوله إليها لذا لابد من القول بحتمية تحققه في المستقبل في دولة إلهية تقيم المجتمع التوحيدي الصالح العابد لله وحده لا شريك له، وهذه الدولة هي الدولة المهدوية كما أشارت لذلك الآيات الكريمة المتقدمة وصرحت به الكثير من الأحاديث الشريفة المروية من طرق الفريقين. 

5- ان من خصوصيات دولة الامام المهدي (عج) انها رمز الحضارة الكونية التي ينشدها الانسان منذ الاف السنين، فالامام المهدي (عج) لا يرجع الناس الى الوراء بل دولته هي ارقى حضارة (علمية وتقنية)، عرفها الانسان على الارض نتيجة توسع العلم على اوسع مداه ببركة الامام (ع) لقول الامام الصادق (ع) (العلم سبعة وعشرون جزءاً، فجميع ما جاءت به الرسل جُزءان، فلم يعرف الناس حتّى اليوم غير الجزئين، فإذا قام القائم أخرج الخمسة والعشرين جزءاً، فبثَّها في الناس وضمّ إليها الجزئين، حتّى يبثّها سبعة وعشرين جزءاً)، فاذا كان العالم اليوم ينعم بجزئين من العلم وقد توصل الى ما توصل اليه من النظريات والاكتشافات العلمية الرهيبة، فما بالك لو اصبحت بيده (عج) 27 جزءا من العلم.
وعن أبي الربيع الشامي قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول (إن قائمنا إذا قام مد الله لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى يكون بينهم وبين القايم عليه السلام بريد يكلمهم ويسمعون وينظرون إليه وهو في مكانه). 
وهذا المعنى لا يختص بكتبنا بل ورد نظيره في كتب جمهور المسلمين:

فعن ابن عباس (كما في المستدرك 4/514) قال (وأما المهدي الذي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، وتأمن البهائم والسباع وتلقي الأرض أفلاذ كبدها ، قال : قلت : وما أفلاذ كبدها ؟ قال : أمثال الأسطوانة من الذهب والفضة).
وفي مسند احمد (3/5) عن النبي (ص) قال (يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده).
وفيه ايضا (3/52) قال (ص) (أبشركم بالمهدي يبعث على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ....) . 

هذا وستظهر الارض كنوزها وطاقاتها وهي وعد الله الذي وعد به المؤمنين وانهم هم الوارثون والعاقبة لهم ((ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)) وهذا الوعد يعتبر نعمة من نعم الله يمّن بها على عباده، لان يوم المهدي (عج) يوم الكمال الحضاري والروحي الذي لا يرقى اليه كمال. 

اللهم ارنا الطلعة الرشيدة، والغرة الحميدة، واكحل ناظرنا بنظرة منا اليه، وعجل فرجه وسهل مخرجه واملأ به الارض قسطا وعدلا بعد ان ملئت ظلما وجورا.

 

محرر الموقع : 2019 - 04 - 22