الحكومة العراقية تعمل على إصلاح المنظومة الأمنية في بغداد
    

 

 

 

منذ أشهر تتعرض بغداد لموجة من التفجيرات والهجمات الانتحارية تنفذها العشرات من الخلايا النائمة لتنظيم «داعش»، حسبما أفاد مسؤولون. وتواجه أجهزة الأمن صعوبات في وقف هذه الهجمات، بالاعتماد على أساليب لم تتبدل أو تنجح على امتداد عقد من الزمن.
والآن تعمل الحكومة على إصلاح الإجراءات الأمنية عبر الابتعاد عن الاعتماد على الجدران الإسمنتية ونقاط التفتيش. فبدلا من ذلك، ترمي الخطة الجديدة إلى تعزيز الجهد الاستخباراتي الذي عانى حتى الآن من نقص الأفراد والتمويل، وذلك تبعا لما ذكره مسؤولون استخباراتيون وآخرون بوزارة الداخلية. وأوضح مسؤول في الوزارة في تصريحات لوكالة «أسوشييتدبرس» أن من بين الأفكار التي تجري دراستها إقرار زيادة كبيرة في جهود تجنيد مخبرين من صفوف العامة للإبلاغ عن أي سلوك مريب. ويعني ذلك تجنيد سنة، وهو أمر كان من الصعب تحقيقه فيما مضى. علاوة على ذلك، من المعروف أن قوات الأمن مخترقة من قبل المسلحين السنة والشيعة، مما يعني أن أي شخص يتعاون مع السلطات ضد المسلحين يواجه مخاطرة الكشف عن هويته.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، سعد معن، إن شحنة كبيرة من معدات أميركية جديدة لرصد العبوات الناسفة ستصل العراق قريبا. وأضاف أنها «ستكون مفيدة وفاعلة للغاية في تقليص التهديدات الإرهابية»، لكنه رفض كشف تفاصيل عن تقنية المعدات الجديدة أو تكلفتها. وفي الوقت الذي يسيطر المقاتلون المتطرفون على مناطق تقع على أعتاب بغداد، فإنهم يبدون عاجزين عن الاستيلاء على العاصمة مثلما فعلوا من قبل في مناطق عراقية ذات أغلبية سنية. إلا أن المتطرفين أظهروا قدرتهم على اختراق بغداد بسهولة نسبية. وتكشف الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة أن أكثر من 3 آلاف شخص قتلوا وأصيب ضعف هذا العدد في هجمات داخل بغداد خلال الشهور الـ10 الأولى فقط من العام الحالي.
والواضح أن التفجيرات التي تضرب العاصمة تخلق حالة من الخوف وتتسبب في تثبيط عزيمة السكان بينما تعزز معنويات «داعش» رغم أنه فقد بعضا من هالة القوة الحصينة التي اكتسبها على امتداد الصيف. وتفيد تعليمات موجهة لعملاء «داعش» داخل بغداد اعترضتها وكالة الاستخبارات العراقية الرئيسة بضرورة استمرار الهجمات بأي ثمن، حتى وإن كانت الأهداف غير عالية القيمة دوما، حسبما ذكر مسؤولا الاستخبارات.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي كشف في لقاءات مع كبار قادة الجيش والشرطة عن إقرار توجه أمني جديد. وفي خطوة أولى على هذا الطريق، قال إنه ينوي نقل جميع المسؤوليات الأمنية المرتبطة بالعاصمة إلى الشرطة، وإعادة نشر وحدات الجيش خارج المدينة. 
يذكر أن كثيرين اعتبروا الجيش غير مؤهل للاضطلاع بالمهام الأمنية داخل المدن.
أيضا، ينوي العبادي إزالة بعض الجدران الإسمنتية التي أضفت على بغداد مظهر مدينة تحت الحصار منذ الإطاحة بالرئيس السابق صدام حسين. فهناك المئات من نقاط التفتيش وأميال من الحواجز الإسمنتية المرتفعة تحيط الكثير من الأحياء. كما تحيط جدران إسمنتية يصل ارتفاعها لستة أمتار بمكاتب حكومية ومصارف ومستشفيات ومراكز شرطة.
بيد أن هذه الحواجز ونقاط التفتيش تسهم كذلك في تفاقم الانقسامات الطائفية داخل العاصمة، في الوقت الذي عجزت عن منع وقوع التفجيرات. وأوضح العبادي خلال اجتماع: «ننوي إزالة الحواجز وإعادة فتح الشوارع، لأن الكثير منها أغلق من دون أي فائدة أمنية».
في الوقت ذاته، تسعى الحكومة لزيادة قدراتها الاستخباراتية. وذكر أحد مسؤولي الاستخبارات أن حملة التفجيرات الأخيرة كشفت «أوجه قصور استخباراتية وفنية تتعلق برصد العبوات الناسفة وكشف شبكات (داعش) العاملة داخل المدينة». ومن المعتقد أن غالبية الخلايا التابعة لـ«داعش» تعمل على أطراف بغداد، حسبما ذكر المسؤول في وزارة الداخلية. وأضاف أنه من أجل تقليص فرص الرصد، يعمد عملاء «داعش» على تجميع السيارات المفخخة بالقرب من الحي الذي ينوون استهدافه.
وأعرب مسؤول استخباراتي آخر عن اعتقاده بوجود «العشرات» من الخلايا التابعة لـ«داعش» داخل بغداد، وإن كان من المستحيل تحديد العدد بدقة، حسبما قال. وأضاف أن الجماعة لا تزال مستمرة في اختراقها بغداد عبر إرسال عملاء لها بين العراقيين المشردين الفارين من المناطق الخاضعة لسيطرتها. وحاليا، تفرض السلطات على أصحاب العقارات إخطار الشرطة بأسماء وأرقام بطاقات هوية المستأجرين الجدد.
وأشار المسؤول إلى وجود وحدة استخباراتية تحمل اسم «خلية الصقور» متخصصة في اختراق المسلحين وعملائهم، لكنها تعاني نقصا في الأفراد مقابل ضخامة الأعباء الملقاة على عاتقها. ويجري حاليا وضع خطط لضم ضباط جدد لصفوفها.


 

 

 

محرر الموقع : 2014 - 11 - 26