ممثل المرجعية العليا في اوربا يعزي العالم الاسلامي بشهادة الامام الحسن العسكري (ع) ويقول:لقد مهّد الامام الحسن العسكري وابيه الامام علي الهادي (ع) لغيبة الامام المهدي المنتظر (ع)
    
ممثل المرجعية العليا في اوربا يعزي العالم الاسلامي بشهادة الامام الحسن العسكري (ع) ويقول:
• ربى الامام (ع) جيلا من الرواة والعلماء والفقهاء وغيرهم حتى بلغوا 216
• لقد مهّد الامام الحسن العسكري وابيه الامام علي الهادي (ع) لغيبة الامام المهدي المنتظر (ع)

 

جاء حديثه هذا في ذكرى شهادة الامام الحسن العسكري (ع) المصادفة في الثامن من ربيع الأول سنة 360 هـ ، قائلا: ان الحديث عن حياته (ع) مليئة كغيره من الائمة (ع) بالعضات والعبر والدروس رغم القساوة الظروف السياسية المتأزمة التي عاشها في زمن العباسيين، ولكن هذا الوضع لم يمنعه من القيام بواجبه تجاه الاسلام والعقيدة.

ونشير الى امرين مهمين:
الاول : تربيته لجيل من الرواة والعلماء والفقهاء وغيرهم من اصحابه الذين بلغ عددهم 103 كما جاء في رجال الشيخ الطوسي، واذا ضممنا اليه ما جاء في رجال البرقي ومناقب ابن شهر اشوب ومسند الامام الحسن العسكري (ع) وما وقّعوا في اسناد الاخبار والتواقيع والمكاتبات يكون العدد 216، وهو عدد كبير في تلك الظروف القاسية التي كان يعشها (ع) من الظلم والاضطهاد والمحاصرة.

ثانيا: اهتمامه كابيه الامام علي الهادي (ع) في التمهيد لغيبة الامام المنتظر (ع) والسبب في القيام بهذا الدور، كي تتهيأ الأمة الإسلامية، ولا تتفاجأ بالغيبة، وبالتالي يؤدي ذلك إلى إنكار وجود الإمام المهدي ـ عليه السَّلام ـ، والإنسان بطبيعته إذا تلقى شيئاً بشكلٍ مفاجئ تحدث له ردود فعل متعددة تجاهه؛ ولذلك، نحتاج دائماً إلى التمهيد في جميع أمورنا، كي نتلقى ذلك الشيء الغريب بمقبولية أكبر، ولهذا طرح الإمام العسكري ـ عليه السَّلام ـ قضية المهدي وإمامته على مختلف الأصعدة وانه الخلف الصالح الذي وعد الله به الامم، وأن يجمع به الكلم، كما اتخذ الإمام العسكري ـ عليه السَّلام ـ، إجراءات تتناسب والظروف المحيطة بهما. غير أن النقطة الاخرى التي تتلوها في الأهمية هي مهمة إعداد الامة المؤمنة بالإمام المهدي ـ عليه السَّلام ـ لتقبل هذه الغيبة التي تتضمن انفصال الامة عن الامام بحسب الظاهر وعدم إمكان ارتباطها به وإحساسها بالضياع والحرمان من اهم عنصر كانت تعتمد عليه وترجع إليه في قضاياها ومشكلاتها الفردية الاجتماعية، فقد كان الإمام حصناً منيعاً يذود عن أصحابه ويقوم بتلبية حاجاتهم الفكرية والروحية والمادية في كثير من الأحيان. ولاجل عدم تعرض المؤمنين الذين كانوا قد اعتادوا على الارتباط المباشر بالامام ـ عليه السَّلام ـ، ولو في السجن او من وراء حجاب وكانوا يشعرون بحضوره وتواجده بين ظهرانيهم ويحسون بتفاعله معهم، فلقد بذل الامام العسكري ـ عليه السَّلام ـ جهد مضاعف لتخفيف آثارها وتذليل عقباتها، ولهذا مارس الإمام العسكري تبعا للإمام الهادي عليهما السلام، نوعين من الإعداد لتذليل هذه العقبة ولكن بجهد مضاعف وفي وقت قصير جدّا.

الأوّل: الإعداد الفكري والذهني.
الثاني" الإعداد النفسي والروحي.

من هنا نجد أنّ الإمامين الهادي والعسكري عليهما السلام مهدا بشكلٍ فاعل ومؤثر لغيبة الإمام المهدي ـ عليه السَّلام ـ؛ كي لا ينحرف أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام عن خطهم وعن مدرستهم.

ولقد مُورِس التمهيد لغيبة الإمام المهدي ـ عليه السَّلام ـ بشكلٍ جزئي في حياة الإمام الهادي ـ عليه السَّلام ـ وبشكل أكبر في حياة الإمام العسكري ـ عليه السَّلام ـ. ولذا، نجد أنّ الإمام الهادي ـ عليه السَّلام ـ يحتجب عن شيعته ومواليه، فلا يتصدى لإدارة الأمور الاقتصادية أو الإجابة عن أسئلتهم بشكلٍ مباشر، وإنما كان يركز على مبدأ الكفاءة الذاتية في العلم مع التقوى المتوفرة في تلامذته، فهو يرجع الناس إلى من توفرت فيهم مجموعة من المواصفات، كالعلم والتقوى والإيمان، والصبر؛ ليديروا أمور الناس وشؤونهم الخاصة والعامة، ومن أمثلة هؤلاء، أحد أصحاب الإمام الخلص، ومن وكلائه الموثَّقين، الذي كان يتخفى بصورة بائع للسمن، فيقوم بتوصيل الحقوق الشرعية، ويُعطي الإمام الأسئلة التي يحتاج الناس إلى أجوبتها، وقد كانت ممارسة الإمام الهادي ـ عليه السَّلام ـ لهذا الدور تمهيداً لكي يعتاد أتباع أهل البيت على الارتباط بالإمام المهدي ـ عليه السَّلام ـ من خلال الوكلاء، وبالتالي، يتهيئون لغيبته، وهذا الدور للإمام الهادي، وإن كان محدوداً وبشكل جزئي إلا أنّ آثاره ونتائجه كانت باهرة ومؤثرة في نطاق واسع. ثم جاء بعده، الإمام العسكري ـ عليه السَّلام ـ الذي استطاع أن يمارس الدور بالتمهيدي لغيبة الإمام المهدي بصورة أكبر؛ وفي جوانب متعددة، كإخفاء ولادة الإمام المهدي ـ عليه السَّلام ـ وإخبار المخلصين من أصحابه بولادته، وإيضاح علاقة الناس بالإمام في غيبته الصغرى، ولم يقتصر الإمام العسكري ـ عليه السَّلام ـ على هذه الأمور، بل، أوضح وظائف ومهام في عصر الغيبة الكبرى، وأهمها، التأكيد على الارتباط بالعلماء كقيادة ومرجعية للأمة في الأمور الدينية، وذلك، من خلال بيان المؤهلات والخصال، التي يتميزون بها، ولذا، كان ـ عليه السَّلام ـ يقول: ‹‹فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه››، بل، لم يكتفِ ـ عليه السَّلام ـ بهذا القدر من بيان صفات العلماء، وإنما أكد على دورهم الكبير، والجهود الجبّارة التي يقومون بها، ولذا، قال ـ عليه السَّلام ـ: ‹‹لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم ـ عليه السَّلام ـ من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه، والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته...لما بقي أحد إلا ارتدّ عن دين الله››، فهذه الرواية تُبين الدور العظيم، الذي يقوم به العلماء، والتركيز من لدُن الإمام العسكري ـ عليه السَّلام ـ على جهود هؤلاء العلماء الحثيثة في عصر الغيبة الكبرى، لحفظ الدين ومعالمه. لقد كان هذا الدور التمهيدي لغيبة الإمام ـ عليه السَّلام ـ له فائدة عظيمة على المجتمع الموالي، بحيث توافرت فيه الأرضية المناسبة كي يعتاد الناس على غيبة الإمام ـ عليه السَّلام ـ، وبالتالي، تكون لديهم مقبولية كاملة وفهم واعٍ في الرجوع إلى العلماء والسفراء الذين أُوكلت إليهم الأمور، كما كانوا في عهد الإمامين العسكريين عليهما السلام. ولو لم يمارس الإمام العسكري ـ عليه السَّلام ـ هذا الدور التمهيدي، لأدى ذلك، إلى أن يُصدم أتباع أهل البيت عليهم السلام بواقع لم يعتادوا عليه في مسيرة الأئمة السابقين، وهذا بدوره سوف يؤثر على عقيدة هؤلاء الموالين في الإمامة، وقد يحرفهم ذلك عقدياً وفكرياً عن خط أهل البيت عليهم السلام.

هذا وقد كان الامام العسكري ـ عليه السَّلام ـ، استاذ العلماء وقدوة العابدين وزعيم المعارضة السياسية والعقائدية في عصره، وكان يشار إليه بالبنان وتهفو إليه النفوس بالحب والولاء، كما كانت تهفو الي ابيه وجده اللذين عُرف كل منهما بابن الرضا ـ عليه السَّلام ـ، كل هذا رغم معاداة السلطة لاهل البيت عليهم السلام وملاحقتها لهم ولشيعتهم. من هنا فلقد ازداد غيض المعتمد من إجماع الامة - سنة وشيعة - علي تعظيم الامام ـ عليه السَّلام ـ وتبجيله وتقديمة بالفضل علي جمع العلويين والعباسيين في الوقت الذي كان المعتمد خليفة غير مرغوب فيه لدي الامة. فأجمع رأيه علي الفتك بالامام واغتياله فدسَ له السمَ ، وقضي نحبه صابرا شهيدا محتسبا ، في الثامن من ربيع الاول عام 260 للهجرة، وعمره الشريف دون الثلاثين عاما، ودفن الامام العسكري ـ عليه السَّلام ـ الي جانب ابيه الامام الهادي ـ عليه السَّلام ـ في سامراء.

اللهم صل على سيدنا محمد وأهل بيته، وصل على الحسن بن علي الهادي إلى دينك، والداعي إلى سبيلك، علم الهدى، ومنار التقى، ومعدن الحجى، ومأوى النهى

محرر الموقع : 2019 - 11 - 09