شبكات تهريب الشبان العراقيين إلى أوربا تستعين بموظفين في الدولة وتشكل وفودا حكومية وهمية
    

كشفت مصادر في وزارات حكومية وشركات سياحية، عن عودة النشاط المكثف لشبكات متخصصة في تهريب الشبان العراقيين إلى دول أوربية، عن طريق استحصال سمات دخول بطرق غير قانونية، وبيعها للراغبين بالسفر لقاء مبالغ تصل إلى 12 الف دولار أميركي.

وقالت هذه المصادر، أن نشاط هذه الشبكات عاد بشكل مكثف منذ أربعة شهور، في ظل انهيار الوضع الأمني في العاصمة بغداد.

وفيما نفت وزارة الشباب والرياضة اي صلة لها بهذه الشبكات، أكد مصدر في وزارة الثقافة وجود "تنسيق" بين موظفين ومدراء بعض الشركات السياحية، لتسهيل الحصول على سمات الدخول إلى أوربا لأعضاء وفود حكومية وهمية. لكن المصدر اشار إلى أن الوزارة لا تتحمل مسؤولية هذا "التنسيق"، لأنه يجري خارج علمها.

ويقول عاملون في شركات سياحية عراقية، إن "شبكات مكونة من مدراء شركات سياحية وموظفين حكوميين وممثلين عن منظمات مجتمع مدني عراقية، تعمل على استحصال سمات دخول من دول أوربية لوفود حكومية وهمية، يجري لاحقا بيعها لشبان عراقيين يرغبون بالهجرة إلى أوربا".

واضاف هؤلاء أن "سعر سمة الدخول إلى أوربا، المعروفة بـ (شنكن) يتراوح بين 9 و12 ألف دولار أميركي".

وقال عامل في إحدى الشركات المانحة لسمة الدخول (شنكن) إن "هناك شخصا يعمل في مكتب احد السياسيين البارزين، هو عضو في شبكة تهريب في بروكسل عاصمة بلجيكا"، موضحا أن "هذا الشخص يقوم بالتنسيق مع معاهد تدريب بالاتفاق مع موظفي الايفادات في وزارتي الثقافة والشباب والرياضة وهذه المعاهد عبارة عن منظمات مجتمع مدني لا تطلب اجورا ازاء تدريب الموظفين العراقيين، على اعتبار ان الاقامة والسفر على حساب الحكومة العراقية".

وأضاف أن "معظم المهربين في العراق لديهم منظمات مجتمع مدني انسانية مسجلة في دائرة المنظمات غير الحكومية، "ذ يخاطب السمسمار في اوربا المعاهد بانه ممثل عن هذه المنظمات".

من جهته، قال موظف في إحدى شركات الطيران إن "هناك العديد من الشبان الراغبين بالهجرة الى اوربا، لذلك يلجأون الينا للحصول على الفيزا (شنكن) من اجل الوصول الى مقاصدهم"، مشيرا إلى أن "سعر الفيزا الواحدة يتراوح بين 9 الاف و12 الف دولار".

وأضاف أن "الفرق في السعر يعود إلى أن البعض يريد استحصال الفيزا فقط، لأنه ربما هيأ اجواء ملائمة له في المطار الذي يقصد، وهناك من يريد ان يكون له ضامن في المطار الذي يصل إليه او شخص يستقبله وهذا يكلفه 12 الف دولار لانه يتم بالاتفاق مع اطراف اخرى في الدول التي يقصدها".

وتابع أن "المقصود بالبعثة هو انه يتم الحصول على 30 أو 40 فيزا دفعة واحدة بالتنسيق مع شركة يقودها سماسرة الـ(شنكن) في بلجيكا وايطاليا، وهؤلاء لهم صلات وثيقة بوزارتي الشباب والرياضة والثقافة وغرفة التجارة العراقية". ومضى قائلا "يقوم صاحب الشركة بفتح قنوات مع معاهد اوربية بحجة تدريب وتطوير خبرات الكوادر في الحكومة العراقية، وباعتبار ان المعاهد هناك منظمات مجتمع مدني فهي لا تطلب اي مبالغ مالية، بداعي ان الحكومة العراقية تتحمل مصاريف الموفدين، ويقوم صاحب الشركة باخذ كتاب موجه من معاهد او منظمات اوربية الى قنصلية بلدان هذه المعاهد في بغداد لمنح سمات الدخول للعشرات من الكوادر". وزاد "الكتاب المرسل الى القنصلية او السفارة يقوم بمتابعته موظفون في اقسام الايفاد سواء في الثقافة او الشباب والرياضة او غرفة التجارة العراقية، وبعد الحصول على موافقة السفارة او القنصلية يتم جمع اسماء الراغبين بالهجرة واخذ صور لجوازاتهم والحاقها بالكتاب الرسمي المرسل من احدى المعاهد الاوربية واقناع السفارة الاوربية بمنح السمات لهم، على اعتبار أنهم موظفين، لكن الحقيقة هي أنهم ليسو كذلك".

وتابع أن "موظفي الايفادات في بعض الوزارات الذين يتابعون مع السفارات هذا الامر كانوا عقدوا اتفاقا مع شركات سفر مقابل نسبة معينة من المال، لان الفيزا لا تكلف اكثر من 300 دولار للشخص الواحد في حين يتم بيعها بما بين 9 و12 الف دولار"، موضحا ان "ما نراه في الشارع الان من اعلانات منح سمات الدخول لاوربا او فيزا شنكن يتم بهذه الطريقة، لأن اوربا لا تمنح الشنكن للعراقيين بهذه الطريقة التي يتصورها السذج".

ويوضح أن "موظفين في غرفة تجارة بغداد يقومون بالمهمة نفسها، وهي الحصول فيزا تجارية من ايطاليا وفرنسا ويتم بيعها لشركات وسماسرة بيع الفيزا"، مشيرا إلى أن "عدد أعضاء الوفد الواحد يتراوح بين 30 و40 شخصا، معظمهم شباب. وفئة الشباب هي المرغوبة لدى الشركات التي تتاجر بهذه الفيزا لان الوفد المرسل بعنوان حكومي او رياضي لا يمكن ان يضم اطفالا او كبار سن، لذلك فإن الشركات والسماسرة يمتنعون عن بيع الفيزا للعوائل او الاطفال او كبار السن".

لكن عاصفة موسى، وهي مديرة اعلام وزارة الشباب والرياضة، تؤكد أن "كل التاشيرات لوفودنا تتم من خلال القنوات الرسمية وهي وزارة الخارجية، ولا علاقة لنا لا من بعيد ولا من قريب بأي شركة في اوربا او العراق".

موسى قالت ، إن "الوفود الرياضية ترسل الكتب الادارية المتعلقة بالايفاد الى وزارة الخارجية من اجل استحصال الفيزا"، مشددة على وجود "توجيهات حكومية عليا بمنع مخاطبة اية جهة خارجية الا عن طريق وزارة الخارجية".

 

لكن مصدرا في وزارة الثقافة، قال لـ "العالم" إن "هناك شركات سياحية لديها تعاملات مع موظفين داخل الوزارة"، مستدركا بأن "هذا الأمر لا تسأل عنه الوزارة، بل موظفين فيها يعملون بدون علمها".


 

محرر الموقع : 2013 - 08 - 15