وصايا مؤسسة الامام علي (ع) – لندن، لخطباء المنبر وائمة المساجد بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك لعام 1442هـ
    

أصدرت مؤسسة الامام علي (ع) – لندن، بياناَ فيه مجموعة من الوصايا لخطباء المنبر وائمة المساجد بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك  لعام 1442هـ ، واليكم نص البيان



بسم الله الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد واله الطيبين الطاهرين
وبعد:

 
فلا يخفى على عموم المؤمنين وخدمة سيد الشهداء الامام الحسين (ع) وارباب المنبر وائمة المساجد والعلماء واهل العلم المتصدين للقيام بأعباء وظيفة التبليغ لدين الله ومذهب اهل البيت (ص) ان شهر رمضان المبارك فرصة مهمة جديرة بالاستفادة والاستثمار في مجال ايصال المعارف الدينية (اصولا وفروعا) والوظائف والتكاليف الشرعية للمؤمنين في كل مكان، ومن اجل ذلك كان من المناسب التنبيه على عدة نقاط ترتبط ارتباطا جوهريا باداء رسالة المنبر والمسجد في اجواء شهر رمضان المبارك:
 
1- ضرورة مواكبة الثقافة المعاصرة التي تتعاطى معها الجماهير المؤمنة خصوصا على مستوى الشباب والشابات، وضرورة استخدام الاساليب المؤثرة في ايصال المعلومة لاذهان عامة المؤمنين، وذلك بالتركيز على اللغة التي ينجذب اليها جمهور المستمعين، واستخدام الامثلة والافكار المستفادة من الواقع المعاصر والاستشهاد بالمعلومات والقصص الموثقة التي يأنس الذوق العام بالاستماع اليها والاستفادة منها والتأثر بها.
 
2- ان مراجعة التقارير الاممية تكشف على ان بعض الاديان في العالم تركز على القيم والمبادئ الروحية التي تعنى وتهتم بطهارة الروح وصفائها ونقائها من الاضغان والاحقاد وسوء الظن والتحامل ونحو ذلك من الامراض النفسية، وتربيتها على المبادئ العليا من القيم الاخلاقية كالتواضع وحسن التعامل مع الاخرين والمبادرة للعطاء والخدمة وقضاء حاجات الناس من دون تمييز بين اديانهم واجناسهم ولغاتهم، مما يدعم الرصيد الانساني على مستوى الامم والمجتمعات المتنوعة ، وبما ان شهر رمضان هو موسم الاجواء الروحية المفعمة وموسم تعداد الروح للطهارة والصفاء، فمن الجدير بمدرسة المنبر والمسجد بذل المزيد من الاهتمام في طرح الموضوعات الروحية والمضامين الخلقية والتربوية التي تؤثر في علاج الامراض النفسية وبناء الاجيال المؤمنة على التعامل بالروح الانسانية مع مختلف ابناء البشر اقتداءا بسيرة النبي المصطفى محمد (ص) الذي اثنى عليه القران الكريم بقوله تعالى ((فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)) وقوله تعالى ((وانك لعلى خلق عظيم)) وسيرة اهل البيت (ص).
 
3- ان الملاحظ لدى الاجيال الجديدة من ابنائنا وبناتنا وخصوصا في بلاد الغرب عدم الاهتمام بدعامتين اساسيتين من داعئم التدين وهما الصلاة والقران الكريم، خصوصا مع انشغال كثير من الاسر والاباء والامهات عن التربية المثلى للابناء على التعلق بالقران الكريم والاهتمام بعمود الدين وهي الصلاة التي عبر عنها الامام الصادق (ع) بقوله (إنّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة) وبما ان شهر رمضان شهر القران كما في قوله تعالى ((شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)) وشهر الصلاة حيث ورد في سيرة النبي المصطفى (ص) انه اذا اقبل شهر شعبان وشهر رمضان عكف النبي (ص) على الصيام نهارا والقيام ليلا وحينما سئل عن ذلك وقيل له انت سيد الخلق الشافع المشفع، فقال افلا اكون عبدا شكورا.
فمن المهم جدا استغلال هذه الايام المباركة في الشهر العظيم لاشاعة روح التعلق بالقران وبيان الاهتمام البالغ بفريضة الصلاة، من خلال خطاب سلس سهل يتناغم مع الذهنية العامة للاجيال المؤمنة التي تعيش مرحلة المراهقة والفجوة الحاصلة نتيجة التعلق بلذائد الحياة المادية ومباهج الظروف ومباهج والوان الاجواء الشبابية المغرية في الغرب مما يؤثر سلبا على الارتباط بالصلاة والقران الكريم.
 
4- استثمار الازمة الصحية العالمية وهي ازمة انتشار فايروس كورونا التي اسهمت في شيوع حالة من القلق والكآبة وزوال الثقة بالاسباب والوسائل الصحية في مجال الوقاية والعلاج، مما ساعد في تهيئة النفوس لاستقبال المضامين السماوية التي ترسخ لدى الانسان المؤمن اهمية التعلق بالاسباب الغيبية المعروفة بتأثيرها السحري في دفع البلاء واستجلاب الرحمة كالصدقة وصلة الرحم وبر الوالدين وقضاء حوائج الناس والاهتمام بالدعاء والتضرع والاستغاثة باهل بيت العصمة (ص) وغير ذلك من المبادئ التي لها الاثر البالغ في علاج مرض الكآبة واقتلاع حالة القلق والخوف من نفس الانسان، حيث ان ذكر الله عز وجل هو الوسيلة الناجعة في تحقيق الاطمئنان والاستقرار النفسي كما في قوله تعالى ((الذين امنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب)) وقوله تبارك وتعالى ((انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى ربهم يتوكلون)) وغيرها من الخطابات القرانية التي ترشد الى اهمية التوكل على الله والتسليم والرضا بقضاء الله وقدره وانه هو السبيل للسعادة الروحية التي يفتقدها الانسان في الازمات الخانقة في العصر الحديث من الناحية الصحية والاقتصادية والروحية ((ومن يتوكل على الله فهو حسبه)) وقال تعالى ((وعلى الله فليتوكل المؤمنون)).
 
5- لقد حصلت ظاهرة مريبة في السنين الاخيرة وهي ظاهرة البعد عن ساحة الامام الحجة صاحب العصر والزمان (عج)، حيث شاع التشكيك في ولادته وحقيقة وجوده وامامته، وارتباط اليوم الموعود يوم اقامة العدل والقسط بشخصه العظيم، واهمال الكثير من الناس لذكره والارتباط به، وحيث ان شهر رمضان المبارك هو شهر التوسل الى الله بأحب الاسماء اليه واكمل الوجودات لديه، ومن الواضح ان احب الاسماء اليه من الحياة الدنيوية التي نعيشها هو صاحب العصر والزمان ولي نعمتنا وقدوتنا (عج)، فمن المناسب لهذه الاجواء الشريفة تعبئة النفوس وتزويدها بما يقوي ويدعم الارتباط الوثيق بمقام المولى (عج) وذلك من خلال عرض الادلة والبراهين على وجوده وضرورة بقائه وثمرات غيبته وحاجة الخلق اليه في كل لحظة وبث تعاليمه ووصاياه المعروفة والتي من اهمها الارتباط بمقام المرجعية مقام النيابة العامة عنه (عج)، وتقوية العلاقة بين المؤمن المأموم وامامه الهادي المهدي ( ص) من خلال الصدقة عنه والصلاة عنه والطواف عنه والدعاء له في الصلوات الواجبة والمندوبة والاستغاثة به والتوسل به وربط الاجيال بمختلف اعمارها وثقافتها بقيادته ومقامه مقام الامامة وخلافة الله في الارض، وبث روح الاتباع والاقتداء به وبنوابه المراجع العظام ادام الله ظلالهم الشريفة.
 
ونسال الله لنا ولكم التوفيق لبذل المزيد في سبيل اعلاء راية الدين ونشر معارف اهل بيت العصمة (ص) والانتفاع من فيوضات الشهر المبارك بمزيد من القربات التي نطلب منها رضا الله عز وجل ورضا مولانا صاحب العصر والزمان (عج).

 

محرر الموقع : 2021 - 03 - 31