حين يكون العراق القضية رقم -1-
    

علي علي

 

  عندما يكون المرء -السوي طبعا- مؤمنا بقضية ما، كبيرة كانت أم صغيرة! إيمانا صادقا خالصا، تتجه كل ميوله وتطلعاته  للتقرب الى كل مامن شأنه خدمة تلك القضية والعمل على رفدها بكل مايصب في مصلحة تحقيقها وديمومتها والحفاظ عليها من تأثيرات تؤثر عليها سلبا.

وعندما تكون القضية أكثر شمولا وأوسع رقعة ومشتركة بين أكثر من فرد تتشعب بينهم الكفاءات والإنتماءات، يتطلب الأمر توحيد رؤى وتقارب فِكَر وتحديد مسارات ضمن نهج يصب بالنتيجة في مصلحة القضية، وهذا بدوره يتطلب -أول ما يتطلب- نشر روح الإيثار والتضحية بين الأفراد والجماعات المنضوين تحت خيمة تلك القضية.

  عراقنا الذي يعد القضية الجوهرية لكل من ينتمي اليه بصدق، هو الأولى بتوحيد المسارات التي ننتهجها جميعنا بانتماءاتنا ومشاربناعلى اختلافها، إذ هو بلد يربو عدد سكانه على ثلاثين مليون نسمة ويضم من القوميات والأديان والمذاهب والأطياف عددا لايستهان بتأثيره على سير العملية السياسية فيه، والتي سيكون لها الأثر الكبير على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وباقي أركانه الأساسية، الأمر الذي يستند عليه تطور البلد وتقدمه وتحديد مكانته بين دول العالم التي مافتئت تتسابق بكل ماأوتيت من قوة ليس في مجال اقتصادها فحسب، بل في مجالات الصناعة والزراعة والطب وبتكنولوجيا يتسابقون فيها هي الأخرى بكل جديد وعملي يلبي متطلبات العصر.

  ولنكون منصفين في حكمنا اذا أردنا معرفة أسباب السير السلحفاتي لعمليات عمرانه وبنائه، يجب ان لانلقي اللوم على مسؤوليه وسياسييه الكبار، ورؤوس الحكم وأصحاب القرارات العليا فيه فحسب، بل ان اللوم يقع على من يشغلون مناصب مدير ومدير عام ووزير أيضا، الذين هم في محك مباشر مع مؤسسات البلد التي تعكس تطور البلد وإمكانياته، إذ انهم لم يضعوا نصب أعينهم القضية الأساس ولم يتحلـَّوا بروح الإيثار والتضحية بالقليل من أجل الفوز بالكثير. فنرى ان شعار أغلبهم هو: (اشطب يوم واحسب يوم) لتمشية أمورهم الحياتية، وهم بهذا يناصرون مسؤولي البلد على تركهم حبل متابعة شؤونه على الغارب بعد أن اتكلوا عليهم في متابعتها. فنجد أغلب معتلي المناصب العليا في دوائر ومؤسسات بلدنا ينتظرون (راس الشهر) فقط، مولين اهتمامهم ومتابعتهم صفقات العقود والإيفادات والسفريات والمنح والامتيازات، ناسين (لامتنناسين) شؤون مؤسساتهم ودوائرهم فباتت هذه الحالة سبب تلكؤ البلد وتأخره عن ركب باقي البلدان.

  فلو رسم كل مدير اومدير عام خارطة يعدّ من خلالها دروسا وأبحاثا لتنمية مواهب وقدرات منتسبيه -وهم كثر- واستغلال المتفوقين منهم في مجالات اختصاصاتهم ليرفدوا البلد بابتكارات واختراعات جديدة والعمل على دعمها لتدخل سباق التطور مع دول العالم، لكانوا بهذا يقدمون الخدمة الصحيحة لقضيتنا الموحدة وهي كما أسلفت (العراق).

 

محرر الموقع : 2016 - 05 - 31