جرحى المعارك: وحدتنا ستجعل من الوطن مقبرة لــ {داعش}
    

يقول الشاعر ابو تمام في قصيدته عمورية "السيف أصدق انباء من الكتب"،في حين ان الواقع لا الخيال الشعري يقول ان الجريح هو الأصدق من الاخبار الواردة لكونه  يحمل الخبر اليقين من ساحات المعارك ويضع الجميع امام الحقيقة مهما كانت، متجلية وواضحة كما هي من غير رتوش اومكياج، وشاهده في ذلك اوسمة شرف تزين جسده معطرة برائحة البارود وكرامة وقدسية القضية التي يدافع عنها،لذا تجد ان اغلب المذكرات المعتمدة عن الحروب تاريخيا دونت باقلام جرحاها الذين عاشوا وعانوا من اتون ويلاتها ودمارها،والملاحظ ان فصيلة جرحى الحروب تعدل اضعاف من يقتلون فيها،فعلى سبيل المثال لا الحصر تجد ان اعداد القتلى في الحرب العالمية الاولى بلغت اكثر من تسعة ملايين نسمة، في حين ان الجرحى وصل عددهم الى عشرين مليون نسمة، والامر بلاشك ينطبق على الحروب التي سبقتها والتي
 لحقتها.
المعنويات وفتوى المرجعية

اليوم وبعد عقد من سني التغيير التي نعيشها وجد العراقيون انفسهم امام وحش كبير تفاقمت قوته وتعددت اساليب وحشيته في القتل والتدمير والتهجير،مدعوما من قوى خارجية وتوابع من الداخل،وهذا ما جعل قواتنا الامنية بجميع تشكيلاتها وتنوع روافدها امام تحد كبير يحتاج الى تضافر ووحدة جهود الجميع بالوقوف ضده،لكون تلك العصابات لم تأت لمحاربة طائفة معينة او دين بعينه او قومية محددة،لكون سيناريو عملها يؤكد وهذا ما بينته افعالها بأنها ضد الانسان وكل مايتعلق بحرياته،وفي حرب دائمة مع الحياة والنور والجمال،وهذا ماتبين على ارض الواقع وشهده العالم باجمعه ليكون شاهدا عليه ،على الرغم من محاولة بعض الجهات الساندة لتلك العصابات طمس تلك الحقائق واضفاء صفة المشروعية عليها بحجج ومبررات واهية ،ولكن افعالهم التي نقلتها ألسنة الجرحى وعدسات الكاميرات على شبكات التواصل الاجتماعي،فضلا عن اجماع العالم باسره على بربرية هؤلاء دحضت اية دعوى خاوية لمساندة هؤلاء الظلاميين، وارتفاع معنويات رجال قواتنا المسلحة واستبسالهم جاء بعد ان لمسوا لمس اليقين بان محاربة هؤلاء جهاد حقيقي ما بعده جهاد،بعد ان افتت المرجعية الدينية بفتواها التاريخية بوجوب الجهاد الكفائي ضد من دنسوا الارض والعرض بافعالهم التي لا يقوى على ارتكابها اراذل الوحوش.

الوطن بحاجة لجهود الجميع

(الصباح) وحرصا منها على نقل الصورة الحقيقية لمعنويات ابطالنا من القوات المسلحة في سوح القتال،استطلعت آراء العديد من الجرحى الذين يتباهون بجروحهم التي هي اوسمة شرف بلاشك على اجسادهم غير مبالين بالضرر الجسدي بقدر اهتمامهم بالنتائج على ارض المعركة التي تشير الى حتمية وضرورة القضاء على  داعش ومن لف لفها من المجرمين.
النقيب مهند آمر سرية في احد افواج الطوارئ التابعة لجيشنا البطل والتي خاضت وتخوض المعارك من اجل تطهير مدينة الفلوجة العزيزة من الارهابيين اكد لـ"الصباح" انه وعلى الرغم من الاصابة التي لحقت به اثر انفجار تعرض له هو وبعض الابطال من سريته اثناء تطهير احدى القرى،لكن هذه الجروح لم تثنه ابدا عن مواصلة القتال مع اخوانه في الفوج لتخليص المدن العراقية من تلك الزمر النتنة بحسب قوله،مبينا انه ينتظر الشفاء من الاصابة ليلتحق بوحدته،مؤكدا ان العراق اليوم بحاجة لجهود الجميع من اجل كسب المعركة والتخلص من تلك العصابات الطارئة على الاسلام وعلى بلدنا ،ويرى مهند انه من غير الانصاف ان تتهمنا بعض الجهات السياسية والاعلامية باننا جيش تابع لجهة معينة،مؤكدا اننا جيش الوطن بجميع مكوناته،وقدمنا العديد من الشهداء من اجل الحفاظ على 
وحدته.

الإعلام ودوره في المعركة

زوجة النقيب وهي موظفة في وزارة النفط لم تبتعد كثيرا عن المعنويات العالية والرائعة التي يحملها زوجها،وتحدثت لنا وهي تحمل ابنتها (نور) بعتب طويل وعريض على بعض وسائل الاعلام التي تحاول ان تبخس من جهود ابناء القوات المسلحة ،وطالبت ام نور وسائل الاعلام بالوقوف مع الجيش العراقي في حربه ضد الارهاب،موضحة ان تلك العصابات التي استباحت بعض المدن لو قدر لها لا سمح الله ان تدخل عاصمتنا الحبيبة ،سوف لن تستثني سنيا او شيعيا او اية اقليات اخرى من جرائمه،مضيفة ان مافعله امراء وقتلة داعش في محافظة نينوى الحبيبة من قتل الايزيديين والمسيحيين والمسلمين شيعة وسنة،فضلا عن تدمير مراقد الانبياء والاولياء والمساجد والمعابد والكنائس الا دليل على وحشية هؤلاء بحسب قولها،مبينة ان ماحدث يشير الى حقيقة واحدة ومؤكدة على ضرورة ان يكون جميع العراقيين بخندق واحد،وان يتركوا جميع الخلافات التي يشجع على استمرارها اعداء البلد،ويتحدوا ويكونوا يدا واحدة بمحاربة ومواجهة هذه الوحوش الاجرامية التي عاثت بالارض فسادا،وردعها يجب ان يكون عنوان عمل جميع العراقيين.

التعامل مع الارهابيين الانتحاريين

علي يوسف راضي آمر احدى نقاط الحماية في قاطع المشاهدة اكد انه وافراد سيطرته تعرضوا الى هجوم مباغت من قبل عصابة ارهابية مستغلة الظلام من اجل التسلل الى المدينة،لكن استبسال افراد السيطرة والتدخل السريع لقوات الاسناد افشل مخطط العدوان الارهابي على احدى نقاط الفوج المهمة،وبين راضي ان الطريقة التي تتبعها تلك العصابات هي بجعل احد الارهابيين يفجر نفسه عند المدخل ثم يبدأ الهجوم وهذا الامر وغيره من خططهم باتت مكشوفة ومعروفة مما سهل علينا احتواء ذلك الهجوم وقتل جميع الارهابيين وحرق عجلاتهم والاستيلاء على جميع اسلحتهم، راضي الذي اصيب بشظايا قذيفة هاون في ساقيه اثناء المعركة،اكد ان اشكال المهاجمين وهيئاتهم وملابسهم تدل وبما لايقبل الشك انهم غير عراقيين،وما رأيناه هو مطابق تماما للصفات التي تحملها عصابات "داعش"،واوضح انه اخلي بعد الاصابة الى مستشفى الكاظمية التعليمي العام،ولم تجر له الاسعافات الاولية الا بعد ساعتين من وصوله على الرغم من النزف الدموي الذي تعرض له اثناء الاصابة،فضلا عن تأخر وصول كتاب الارسال من قبل وحدته العسكرية الى مستشفى الكرخ المخصص للجرحى العسكريين ،وبعد ذهابه الى هناك تفاجأ بوجود الروتين القاتل بالتعامل مع الجرحى ،وقيام بعض النفوس الضعيفة من منتسبي المستشفى بتسهيل امور بعض الجرحى مقابل الرشى،فضلا عن غياب الرعاية الصحية اللازمة ، والاكتفاء بمنحه الاجازة فقط بعد معاينة اصابته،وهذا ما يفاقم الاصابة عند الجرحى اذا ما استمر الحال والعمل بهذه الصورة بمعالجة المصابين من افراد القوات المسلحة الذي يجودون بارواحهم من اجل الوطن بحسب قول راضي .

الأم وجروح الابن

والدة علي لم تخف قلقها على مصير ولدها من خلال حديثها ،وهذا القلق لكونه في فوج الطوارئ المتنقل والمتخصص للمهمات الصعبة،وما يزيد من خوفها انها المرة الرابعة التي يجرح فيها ،فقد كانت الاولى اثناء هجوم الارهابيين على مقر الفرقة التي كان ينتسب لها ،والمرة الثانية وكانت اخطرهن اثناء انتخابات العام 2010، وهو يتصدى وآمر سريته لاحد الارهابيين الانتحاريين الذي حاول تفجير نفسه في احد المراكز الانتخابية في منطقة باب المعظم وحينها استشهد آمر سريته البطل من اهالي الناصرية الذي احتضن الارهابي وذهب به بعيدا عن المواطنين وكان "علي" بالقرب منه واصيب برقبته ورأسه،ولكن مشيئة الله انقذته،والثالثة في منطقة الكرمة ،وهذه هي الرابعة التي جعلت منه لايقوى على الوقوف وحمل ولده الوحيد (حسين)الذي كان متعته في كل اجازة،ولاتخفي الام دعواتها الى الله بعد ان حمدته على سلامة ولدها ان يلهم امهات الشهداء الصبر والسلوان،مضيفة ان الجنة هي مسكن الذين يدافعون عن الوطن ويجاهدون في سبيل الحفاظ على اعراض عوائلهم من دنس عصابة داعش المجرمة.

التخلي عن الواجب خيانة

الملازم اول اكرم حمود الذي اصيب في معارك الشرف التي حدثت في تكريت وتحديدا في المناطق المحيطة بقاعدة سبايكر،ابدى استغرابه من  الآراء التي طرحت عليه من قبل بعض الاقرباء الذين زاروه في المستشفى وفي البيت لغرض الاطمئنان عليه والتي مفادها عدم الالتحاق بوحدته العسكرية بعد الشفاء لضمان السلامة،وكان ردي عليهم والكلام للملازم، ان الجميع يتذكر جيدا حروب النظام السابق وما اكثرها،ومع ذلك خاضها الجيش العراقي باستبسال وشجاعة على الرغم من معرفة قواتنا المسلحة المسبقة بان حروب الطاغية هي حمقاء ومن دون هدف وليس للعراق فيها ناقة او جمل،فكيف نتخلى اليوم عن وطننا،انها خيانة كبرى في حرب يحاول من خلالها الارهاب متمثلا بداعش فرض حياة ظلامية على شعب الحضارة،واذا تخليت انا وتخلى اخي الآخر عن حماية وطننا سنجد انفسنا وعوائلنا شريحة اخرى تضاف الى آلاف العوائل التي نزحت من المدن التي تسيطر عليها عصابات داعش الاجرامية بحسب قول اكرم،الذي اضاف ان قوتنا هي بوحدتنا وتصدينا بصبر وايمان للقوات الاجرامية،واذا كانت معنوياتي تأمرني بالتخلي عن الواجب ،فماذا ستكون معنويات الجنود التي هي بإمرتي وكيف اقابلهم غدا في الشارع؟،وماذا ساقول لاطفالي حين يكبرون؟الشهادة ألذ وأشرف من وقوفي ذليلا بتلك
 المواقف.

بعض الفضائيات و"داعش"

حمود حسن والد الملازم اكرم وهو معلم متقاعد اوضح لـ"الصباح" بانه يحمد الله على نعمته بسلامة ولده ،بعد اصابته في معركة مشرفة ضد عصابات ديدنها وهدفها الاجرام وقتل الحياة والناس من غير تمييز امرأة او طفل او شيخ،وابدى حسن استغرابه قائلا انه للاسف ان هناك العديد من الوسائل الاعلامية لم تنصف قواتنا المسلحة،بل انها كانت قنوات عدوانية تساند تلك العصابات الارهابية ضد العراقيين،موضحا ان هناك احدى الفضائيات العراقية تطلق على عصابات "داعش" بثوار العشائر،واخرى تسميهم بالمسلحين وتتجنب تسميتهم بداعش،ويسأل حسن اية عشائر عراقية ترضى ان تهدم دور العبادة وتدمر مراقد الانبياء،واية قبائل من هذه الارض ترضى ان تساق النساء العراقيات سبايا لوحوش اجنبية،واي عراقي يرضى بذبح الاطفال وتشريدهم بالجبال والصحراء،هؤلاء لاينتمون لنا ولا للاسلام ولا للانسانية اصلا،واقسم حسن بجميع معتقداته انه لولا الامراض التي يعاني منها وبسببها احيل الى التقاعد لحمل السلاح مع ولده وحارب هؤلاء القتلة ،لان في محاربتهم العز والشرف والكرامة لاي انسان،مؤكدا ان الوطن بحاجة الى عزيمة الجميع ومن يتخلى عنه في هذه الظروف فلن يرحمه التاريخ ابدا كما يقول حسن.

مصير "داعش" والتتار

حديث الجرحى وعوائلهم والمعنويات التي تفيض حبا بعشق الوطن،والشعور بمرارة وألم على مايحدث في بعض المدن ،ماهو الا رسالة واضحة للعالم بأجمعه،وخاصة للذين يراهنون على انكسار هذه البلاد وفرقتها بأن العراق عصي على المؤامرات منذ الازل،ومصير الهجوم الداعشي الذي هو لايختلف بالمرة عما فعله التتار في بغداد،لايختلف عن مصير اولئك القتلة،وان تلك الاحاديث وهي غيض من فيض  لشجاعة وصلابة واستبسال العراقيين حين يلبون نداء الوطن ما هي الا بشائر خير تؤكد للقاصي والداني وللصديق والعدو،بأن في الافق القريب وليس البعيد لافتة خطت بدماء شهداءالوطن،عربا وكردا 
وتركمانا،سنة،وشيعـة،مسيحييــن،ايزيديين،مندائيين تقول نصر من الله وفتح قريب يامدن الوطن الجريح.

يوسف المحمداوي

محرر الموقع : 2014 - 08 - 18