ممثل المرجعية العليا في أوروبا يعزي بشهادة الإمام الحسن العسكري (ع) ويبارك بتتويج الإمام المهدي المنتظر (عج)
    

عــزى ممثل المرجعية العليا في أوروبا العلامة السيد مرتضى الكشميري بذكرى شهادة الإمام الحسن العسكري (ع) ومبــارك بتتويج الإمام المهدي المنتظر (عج)

وذكر سماحته في خطـابه بهاتين المناسبتين، يصادف يوم الجمعة الثامن من ربيع الأول يوم شهادة الإمام الحسن العسكري (ع)، الذي استشهد مسموما من قبل طواغيت بني العباس الذين يكنون له الحقد والعداء لما له من مكانة علمية واخلاقية جذبت إليه العامة قبل الخاصة، فكان محل احترام وتبجيل، كما كان موئلا ومقصدا لأصحاب الحوائج فما قصده قاصد بحاجة إلا قضاها أو سعى لقضائها.

إلى جانب هذا فقد نميَ لعلمهم بأن الذي سيملأ الأرض قسطا وعدلا سيكون من صلبه وذريته، فلهذا زجوا به في غياهب السجون والمعتقلات وأنواع العذاب سبع سنوات، وأخيرا قتلوه سما في ريعان شبابه وزهرة حياته وله (ع) من العمر تسعة وعشرون عاما، ودفن في سامراء في البيت الذي دفن فيه أبوه الإمام علي الهادي (ع) حيث مرقده الآن.

إلا أن هذا الحقد الدفين لم ينقطع بل تواصل حتى بعد شهادته، ففي عام ٢٠٠٦ قام الأعداء بتفجير المرقد الشريف وهدم القباب المعظمة حقدا وبغضا للإمامين العسكريين (ع) وإيقاعًا للفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد، غير أن المرجعية العليا في النجف الأشرف استطاعت أن تسيطر على هذه الحركة البغيضة بالحكمة فهدأت من روع العراقيين ووعدتهم بمعالجة الأمور ودرء الفتنة. وشاء الله أن يرد كيد الأعداء إلى نحورهم بهذه المساعي الكريمة بأن بنيَ القبر الشريف وشيدت القباب على احسن ما يرام وتلك أنوارها تتلألأ للزائرين من بعد أميال.. ((يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)).
وباعتبار أننا قد شرحنا في السنوات السابقة ما يتعلق بالإمام العسكري (ع) من نشاط علمي وفكري وعقائدي واخلاقي وتربوي وغيره فلا حاجة للإعادة، بل يمكن الرجوع إلى الموسوعات التاريخية التي تتحدث عن سيرة هذا الإمام العظيم (ع).
هذا مجمل ما يتعلق باليوم الثامن.

أما ما يتعلق باليوم التاسع من ربيع الأول:
فمنشأ الفرحة والابتهاج به هو يوم تقلد الإمام المهدي (عج) منصب الإمامة الإلهية بعد أبيه الإمام الحسن العسكري (ع) وعمره آنذاك ست سنوات.

والحديث عن قضية الإمام المهدي (عج) هو من صميم القضايا العقائدية التي يعتقد بها المسلمون وغيرهم عموما، وانه هو الامام الذي بشرت به الأحاديث النبوية الشريفة المتواترة من الفريقين والذي سيظهر في آخر الزمان ويطهر الأرض بعد امتلائها بالظلم والجور والفساد، وبظهوره يعم العدل الإلهي أرجاء المعمورة شرقها وغربها ولا تبقى بقعة من بقاع الأرض إلا ونودي عليها بـ(لا إله إلا الله محمد رسول الله).. ((وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ)) .

أما متى سيكون هذا؟ فهذا أمر لا نعلمه بل ولا يمكن توقيته بيوم ولا بسنة أو وقت معين، بل ورد في كثير من الاحاديث اللعن للموقتين لظهوره ومدعي السفارة أو النيابة عنه. نعم لا يظهر (عج) إلا عندما تتهيأ الظروف الموضوعية ويعاضده الأمر الإلهي بخروجه (عج).

ووظيفة المؤمنين في زمن الغيبة هي الانتظار الإيجابي لظهوره، بأن نهيأ أنفسنا لاستقباله ونروضها على الطاعة والالتزام المطلق بالأوامر والنواهي الإلهية، لأنه (عج) إذا ظهر فسوف يخوض حربا ضروسا ضد الكافرين والمنافقين وعندها يكون بحاجة إلى أعوان وأنصار. وما ورد في الروايات من أن أنصاره ثلاثمائة وثلاثة عشر فأولئك هم رؤساء الأركان والفيالق وجهاز حكومته التي يدير بها الدنيا من مقر عاصمته الكوفة عاصمة جده أمير المؤمنين (ع)، جعلنا الله من أعوانه وأنصاره والمستشهدين بين يديه، امين رب العالمين.

هذا ولبيان الحقيقية يجب ان نعلم بإن قضية الإمام المهدي (ع) هي من القضايا الحتمية المؤكدة والمحققة لورود عدد من الآيات والأحاديث المتواترة عن النبي (ص) والعترة الطاهرة (ع) فيها، بحيث لم يرد مثل هذا العدد من الأحاديث في أي قضية من قضايانا الإسلامية كالصلاة والصوم والحج وغيرها من الأحكام، وإن دلت هذه الكثرة على شيء فإنما تدل على أهمية القضية وحتميتها. ولمزيد الاطلاع يراجع كتاب (منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر) والمعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي (عج) الذي صدر مؤخرا وغيرها من الكتب ففيها من التوضيح والتبسيط ما يعطي فكرة جلية عن الموضوع، ويوضح للقارئ أنها ليست قضية خاصة للمسلمين فحسب بل هي قضية عالمية تؤمن بها جميع الأديان والملل والنحل ويبحثونها تحت عنوان المخلص والمنقذ في آخر الزمان، غير أن كل فرقة واتجاه يبحثها من زاوية فكره وعقيدته.

هذا ويخلص بنا القول إلى أن (اليوم التاسع من شهر ربيع الأول) إنما يفرح به المؤمنون لأنه هو أول يوم من أيام ولاية الإمام المهدي (عج)، المنقذ والمخلص للبشرية مما تعانيه من الظلم والفساد وهو امر لا بد منه لقول رسول الله(ص): (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا من ولدي، يواطئ اسمه اسمي، يملؤها عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجوراً).

نسأل الباري سبحانه وتعالى أن يعجل في فرجه ويملأ الأرض بظهوره قسطا وعدلا ويجعلنا من أنصاره وأعوانه والمروجين لدولة سلطانه. ((وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الفاسقون))

محرر الموقع : 2021 - 10 - 13