التوصيات العامة للمبلغين في شهر محرم الحرام 1444هـ الصادرة من مؤسسة الامام علي (ع) - لندن
    

 

التوصيات العامة للمبلغين في شهر محرم الحرام 1444هـ

الصادرة من مؤسسة الامام علي (ع) - لندن

 

بسم الله الرحمن الرحيم

((ذلك ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب))

 

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين (ع).

 

بمناسبة قرب حلول شهر محرم المحرم ، وطبقا لما هو المنهج المعهود  لمؤسسة الامام علي (ع) في طرح التوجيهات والنصائح والتنبيهات للاخوة خطباء المنبر الحسيني في ابراز دور المنبر بافضل صورة في كل عام تحكي مدى اهتمام الحوزة الشريفة والمرجعية العليا ومؤسسة التبليغ المنبري بمعالجة المشاكل  الفكرية  والاجتماعية والسلوكية بفكر ديني مدروس و اطروحات وافية بالهدف المنشود و اسلوب مواكب لثقافة العصر من اجل صلاح المجتمع الايماني وترسيخ علاقته الوطيدة مع نهضة الامام الحسين (ع)  وتحقيق الانصهار بها حزنا وترويجا واعلاما وتخلقا وسلوكا - لذلك وفي هذا الاطار نطرح بخدمة الاخوة ارباب المنبر اعزهم الله وزادهم توفيقا وتأييدا مجموعة من النقاط الضرورية .

فهناك عدة مجالات مهمة جدا ومحل ابتلاء المؤمنين في هذه الفترات، والمنبر هو القناة الوحيدة التي يتواصل معها الجمهور العام ويمكن من خلالها تناول هذه الامور بشرح الموقف  الشرعي والاخلاقي

بعد التاكيد على الدور المهم في شرح وتفسير القرآن الكريم وعرض السيرة الناصعة المشرقة لتاريخ اهل البيت ص فضائل ومناقب وآثار وتفصيل احداث الفاجعة الكبرى والمصيبة العظمى التي حلت على ذرية الرسول (ص) في كربلاء . فهنا عدة نقاط مثارة نشير اليها .

  1. الاسرة : تتعرض الاسرة الى اسباب الهدم وزعزعة الاستقرار في كثير من المجتمعات ، ان نتيجة الاعلام المكثف في كثير من الدول لطرح حقوق المرأة بما لا يتفق مع معالم الشريعة الاسلامية والمبالغة فيها  اصبحت كثير من الزوجات في ازمة الخلاف الشديد مع الزوج لمطالبتها بحقوقها القانونية وان لم تكن شرعية خصوصا وان القانون معها ، كما ان بعض الازواج الذي يعيش تزمتا واصرارا على راحته الشخصية فقط على حساب راحة الزوجة وشؤونها الخاصة  يتعامل مع الزوجة بالمهانة والاذلال مما يخلق التنافر والاصرار على الفراق ، بل اصبح وضع العلاقة الزوجية في بعض المجتمعات في مهب الريح لادنى سبب من الاختلاف في الذوق او العمل ، واصبح الطلاق العاطفي ظاهرة واضحة بين الازواج في كثير من الحالات ، وكل ذلك جعل وظيفة المنبر في هذه الفترة اكثر مسؤولية في التصدي لبيان حقوق الزوجين بما يتوافق مع الشريعة الغراء وبيان ان الحياة الزوجية ليست حياة وظيفية صارمة بل هي شراكة وتعاون مبني على الرحمة والحنان والتنازل عن الاخطاء والزلات ، حتى تستمر المسيرة في انتاج اجيال صالحة ،  ولا يوجد حياة كاملة وسعادة تامة  في اي علاقة زوجية ، خصوصا وان الحفاظ على مستقبل الابناء النفسي والدراسي والديني يستدعي حياة اسرية مستقرة هادئة .
  2. التربية : لا يخفى على الجميع ان الاجيال الجديدة الواعدة تتعرض لغسل الادمغة وتعبئتها بثقافة منافية للفكر الاسلامي اما عن طريق المدرسة -كما في بعض الدول حيث يركز التعليم فيها على شرح العلاقة الجنسية بتمام تفاصيلها للاجيال منذ سن مبكر وابداء ان ممارستها بمختلف الوسائل  حق مشروع  للذكر والانثى ، والدفاع عن حالة الشذوذ وابراز انها حالة بشرية طبيعية،  بل وتشجيع الابناء والبنات على عدم الاهتمام بثقافة  الابوين والتمرد على آراء الاسرة في هذا المجال - واما عن طريق وسائل التواصل والانفتاح على افلام - ديزني - وغيرها من الشركات الداعمة للشذوذ والانحراف ، او عن طريق التواصل مع اصدقاء النت الذين لا يعرفهم الانسان الا بالحروف والارقام التي من خلالها يبثون سمومهم الفكرية والسلوكية الهادمة لكل الضوابط الخلقية والدينية ، مما يستوجب تصديا واضحا من قبل المنبر في اطار توضيح ملامح التربية الدينية المثمرة وتنبيه الآباء على خطورة مستقبل الابناء وضرورة التفرغ لهم واقتطاع الوقت من اجل الجلوس  والحديث معهم وتاسيس علاقة حميمة بين الام وابنتها وبين الوالد وولده فقد ورد عن الرسول ص - لاعب ابنك سبعا وادبه  سبعا وصاحبهم سبعا - حيث ان الطريق الوحيد لاقناع الاولاد بالمفاهيم الصحيحة هو الاسلوب الهادئ والحديث المتكرر المشفوع بالشواهد والامثلة .
  3. كرامة الفتاة المسلمة : لقد اصبحت ظاهرة خلع الحجاب وتركيز الفتاة المسلمة على ابراز مفاتنها و زينتها وجمالها ظاهرة شائعة في عدة مجتمعات تحت شعار الحرية الشخصية وعدم وجود دليل صريح من القرآن على وجوب الحجاب ، أو بذريعة ان الحجاب يفرض قيودا ثقيلة على الفتاة العاملة التي تطمح لمستقبل مهني مرموق ، مما يعني اهمية قيام المنبر  بدور حيوي في المقام بترسيخ ان الاهم للفتاة - ليس ابراز جمالها بالشكل العلني - وانما هو كرامتها وحشمتها وصيانة شخصيتها عن ان تكون سلعة مبذولة لكل مريض نفسي او خلقي  اوذي شره او نزوة ، والتاكيد على ان الحجاب رمز للحضارة الاسلامية خصوصا في المجتمعات الغربية ومظهر للعزة وقوة الشخصية - ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين - مع بيان آيات الحجاب والاحاديث الواردة بشأنه عن النبي (ص) وآله الطاهرين (ع).
  4. العلاقات العامة : من المشكلات التي تحتاج لتسليط الاضواء عليها العلاقات العامة بين المؤمنين حيث اصبح التعامل تعاملا ماديا محضا واصبح المعيار في العلاقة المصالح المادية ، التي تنهدم لاقل خلاف مادي في تجارة مشتركة او تعامل عابر ، وتضائل دور الاحسان والعطاء المجاني وتراجع حجم الصدقات والمبرات بذريعة انهيار الوضع الاقتصادي في كثير من الدول ، وتفشى سوء الظن وتتبع العثرات ، و صار التعاون وتقوية الروابط  مع من هو خارج عن حريم الدين او المذهب هو الارجح من الارتباط مع الاخ المؤمن ، ومما يزيد الطين بلة ان الاختلاف بين المؤمنين في اي قضية فكرية او شعائرية او تاريخية - مع انها ليست من الركائز والدعائم لمذهب اهل البيت ص  - مادة للتنابز وكيد البعض ضد البعض الآخر والتشهير به وخلع صفة الايمان عنه ، مما ادى لتمزق المجتمع المؤمن واختلال صورته امام انظار المجتمع الاسلامي العام ، فالجدير بالمنبر في ايام مدرسة كربلاء مدرسة القيم المثلى تكثيف الحديث حول القيم واهمية الاخلاق الفاضلة  وحث التراث الاسلامي على العطاء والاحسان وانقاذ الفقراء وكفالة الايتام وقضاء حوائج المؤمنين ، واهمية حرمة المؤمن دما وعرضا وكرامة وسمعة ، وبيان الاصول التي تجمع شيعة اهل البيت ع مع غض النظر عن بعض الاختلافات الفكرية الثانوية ، وان المطلوب في هذه الفترة الحرجة تعاون الجميع على الدفاع عن المذهب الحق  والذب عن حريم الدين القويم وصيانة الاجيال عن الانحراف الفكري والسلوكي . قال الله عزوجل ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)).
  5. اهمية الدين : هناك ابحاث وكتابات متعددة تطعن في اهمية الدين وجدواه في حياة الانسان فكثيرا ما تثار هذه الشبهة في اذهان المسلمين من خلال مواقع لا دينية  متعددة ان الغرب عندما تخلى عن الدين استطاع ان يبني حضارة شامخة بينما المسلمون في دولهم متخلفون عن الركب لانهم متشبثون بالدين ، مما يعني ان لا فائدة ولا جدوى في التدين باي دين في بناء حياة الانسان ، وهذا يقتضي من المنبر الحسيني موقفا فكريا علميا في الاستدلال والبرهنة على اهمية الدين في حياة الانسان وضرورته .

اولا :  لضمان الحياة الاخروية.

وثانيا : لتحقيق الاستقرار والهدوء النفسي والتخلص من امراض القلق والكآبة المنتشرة في الدول الغربية ولانقاذ المجتمع من بروز ظاهرة الانتحار نتيجة اليأس والاحباط مع وجود حضارة مادية عظمى لم تستطع ان تنقذ الانسان الغربي من براثن الامراض النفسية الخطيرة . والتي وضع الدين عدة علاجات وطرق للواقية منها. 

وثالثا: طرح الادلة على دور الدين في بناء الاخلاق والقيم الانسانية التي تحتاجها الامم لتعميق الترابط الفعال  الدخيل في الابداع والتالق المادي والروحي.

ورابعا : عرض التاريخ الاسلامي الحافل بالوان الازدهار العلمي والحضاري وحجم ما قدمه الانسان المسلم من خدمات علمية  واختراعات و انجازات عظمى للمسيرة الانسانية العلمية والتي مازال الغرب مدينا لها .

  1. الولاية للائمة الطاهرين (ع) : هناك بعض الاصوات التي تقلل من اهمية عقيدة الولاية للائمة الطاهرين ص  وهذا يفرض على الخطباء الكرام حث الآباء والامهات على الاهتمام بتربية الابناء على عقيدة الولاية اعظم من اهتمامهم بامورهم المعيشية و التركيز على ضرورة الايمان بالولاية وان الاعتقاد بالامامة هو الركيزة الاساسية للدين  فقد ورد في الرواية الصحيحة  (بني الاسلام على خمس الصلاة والزكاة الى قال والولاية وهي مفتاحهن والدليل عليهن – وما نودي بشيء مثل ما نودي بالولاية) وقوله (ص) (أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن).
  2. العنف والاسلام : من التهم التي الصقت بالاسلام وأسيء الى الرسول ص بسببها هو تهمة العنف ومازال التركيز عليها في بعض وسائل التواصل وقنوات اعلامية متنوعة استنادا لما جرى في التاريخ عند دخول الاسلام في اسبانيا وتركيا وغيرها ، وزاد الامر سوءا ظهور القاعدة وداعش وغيرها حين صدور  مظاهر العنف منها ضد اتباع  الديانات الاخرى مما استدعى تعدد حالات الاعتداء على المسلمين في عدة دول ومجتمعات غربية وافريقية ، ولذلك كان من الدور المؤكد لخطباء المنبر الحسيني دام توفيقهم خصوصا في الغرب شرح الآيات القرآنية المتعلقة بالجهاد والسلم والصلح بطريقة مقنعة والدفاع عن شخصية الرسول الاعظم ص ببيان عظمة اخلاقه الشريفة في التسامح والرحمة والعفو حتى عن اشد اعداءه ، مع التفريق بين حال بعض الفئات التي تنسب نفسها للدين الاسلامي وتمارس صورا بشعة من العنف وبين نقاء صفحة الدين الاسلامي الحنيف بذكر الشواهد القرآنية والحديثية المختلفة.

 

هذا

((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون))

 

 

محرر الموقع : 2022 - 07 - 26