الزواج الثاني .. نار تحرق الزوجة الأولى وتدفئ الثانية
    

مشادّة كلامية بين امرأة اكتشفت أن زوجها تزوج عليها وزوّر توقيعها بالموافقة على الزواج، وطرف آخر هو مبلّغ المحكمة الذي كُلّف من قبل قاضي محكمة الاحوال الشخصية في محافظة السماوة حيث ابرز توقيعاً باستلام الزوجة التبليغ وهي لم تفعل ذلك. القضية تختلف عن باقي القضايا في العاصمة حيث ان هناك التزاماً عشائرياً اكثر مما هو قانوني ، والزوجة بحكم البيئة الأسرية تمنع من الذهاب والشكوى ضد زوجها. لكن "بشرى" كانت أكثر جرأة بتصرفاتها وحصلت على حكم من القاضي بالتفريق والنفقة بناءً على طلبها. بشرى في العقد الرابع من عمرها تزوجت من رجل يكبرها بـ 10 أعوام وأنجبت منه ابنتين لزواج استمر اربعة أعوام وحصلت بعد وفاة والدها على مساحة من الأراضي الزراعية لكنها لم تنجب "الصبي" وكان هذا عذر الزوج أمام القاضي. رغم ان زوجها قد دبّر مكيدة حين أعطى عنوان بيت أخته على أنه عنوان بيت زوجته الأولى من أجل الحصول على إذن بالزواج كي يتجنب المساءلة القانونية..


الانسجام وبناء العائلة
الزواج من زوجة ثانية ترف أم متعة، حاجة بسبب ظروف معينة يمر بها الزواج ام ضرورة لتجاوز بعض الظروف. هل  يكون الزوج هو السبب في تدمير الأسرة  الأولى وعدم إعطاء الزوجة حقها، أو بسبب أنه لم يحسن التصرف في إخبارها بأمر زواجه. يقول موفق علي –موظف- لـ(المدى): من حق الرجل الزواج بامرأة ثانية اذا كان متمكناً مادياً ويستطيع ان يوفق بين الزوجات. مستدركاً: لكن وفق شروط اجتماعية مبنية على العدالة والانصاف بين الزوجتين. مردفاً: مع أهمية موافقة الزوجة الاولى التي يفترض انها تتفهم الأمر بشكل طبيعي من اجل استمرار الانسجام وبناء عائلة اخرى. شرط ان لاتكون على حساب العائلة الاولى. 

أطراف خاسرة في الزيجة الثانية
بينما قالت "فاطمة زياد" في حديث لـ(المدى): من حق الرجل الزواج من امرأة ثانية فيما لو كانت مقصرة في واجباتها او أنها لا تؤمن بالحياة الزوجية. موضحة: ان مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت في ذلك من خلال تحويل الصداقات الالكترونية الى اعجاب وعلاقات غرامية انتهى البعض منها بالزواج ، اذ ارتضت الكثير منهن ان تكون زوجة ثانية بالسر واخرى بالعلن. مستطردة: وبسبب الحروب والهجرة تزايدت اعداد النساء مقارنة بالرجال، الأمر الذي شجع الكثير على الارتباط بالزوجة الثانية منهم للتظاهر والتباهي بين زملائه ومنهم لظروف معينة مع الزوجة الاولى.
واسترسلت فاطمة بحديثها: ماحل بالكثير من العوائل جراء العمليات الارهابية وتزايد أعداد الأرامل والأيتام جعل الكثير من الرجال يفكرون بالزوجة الثانية. مستدركة: لكن رغم ذلك فشل العديد من الزيجات الثانية وعاد الزوج الى بيته الاول وعائلته الاولى. موضحة: ان البعض منهم اعتبر الموضوع نزوة عابرة وآخر تصور ان الزوجة الثانية ،خاصة الموظفة، مصرف يعود اليه وقت الحاجة. منوهة: في كل حال هناك اكثر من طرف خاسر في الزواج الثاني.

 الطرفان يتحملان المسؤولية 
وبشأن من يتحمل مسؤولية فشل العلاقة بين الزوجين، بينت الباحثة الاجتماعية "مريم احمد" في حديثها لـ(المدى): ان المرأة والرجل كليهما يتحملان المسوؤلية الكاملة عن نجاح العلاقة الزوجية او فشلها من حيث الاختيار والعمر والفارق الاجتماعي والعلمي. مبينة: ان خيانة الزوج لزوجته تعتمد على امور كثيرة تكون الزوجة أحيانا طرفاً فيها وسبباً لها بسبب عدم الاهتمام بالزوج بأغلب الأمور الزوجية او عدم الوعي والإدارك وتحمل المسؤولية. مشيرة الى : ان هناك ازواجاً لاتتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة للرجل والرابعة عشرة للزوجة فأي إدراك ووعي يمكنهما انضاج وانجاح مثل هكذا علاقة.
أضافت الباحثة الاجتماعية: تكتظ المحاكم بدعاوى الطلاق والتفريق نتيجة معرفة الزوجة بزواج زوجها للمرة الثانية. موضحة: ان الكثير من تلك الزيجات تأتي ضمن المصالح الشخصية او الاقتصادية ان كانت الزوجة موظفة او ممن تُرك لها إرث عائلي او زوجي اي من زوجها الاول.  مردفة: ان الكثير من هذه الزيجات تصل الى طريق مسدود بفترة قصيرة ولعدة اسباب يكون الزوج الطرف الاول فيها.

إحصاءات الجهاز المركزي
الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط وفي إطار التقرير الرابع عن قضايا التنوع الاجتماعي ودور كل من المرأة والرجل في التنمية ، والذي بين فيه ان عدد السكان يقدر بـــ(35) مليون نسمة، وان نسبة الذكور (51%)، فيما بلغت نسبة الاناث (49%) وقد بلغت نسبة السكان في المناطق الحضرية (69%) والمناطق الريفية (31%)، وبلغ معدل متوسط عدد أفراد الأسرة وعلى مستوى العراق (6.2)، منها (5.9) في المناطق الحضرية و(6.2) فرد في المناطق الريفية. متابعا: ان الفجوة بين الجنسين بلغت (1.8) وتبدو ثابتة للسنوات الاخيرة وأن العوامل التي أثرت في تفوق أعداد الرجال على النساء هي حصيلة مؤثرات منها الولادات والوفيات والهجرة فتتفاوت هذه الفجوة باختلاف تلك المؤثرات. موضحاً: ان نسبة السكان على مستوى الحضر أعلى من الريف لكن نسبة الرجال والنساء متساوية سواء في الحضر أو الريف.

الزواج الثاني والثالث
الإعلامي نبيل الزبيدي ذكر في حديثه لـ(المدى): هناك أسباب عديدة أدت الى انتشار ظاهرة تعدد الزيجات، ومن أبرز الأمور التي شجعت الرجل للبحث عن زوجة ثانية هو موافقة المرأة على ان تكون زوجة ثانية. مضيفاً: هذا الأمر كان مرفوضاً في الفترة السابقة اذ كان من الصعب ان تقبل اية امرأة ان تكون زوجة ثانية او ثالثة بل تحب ان تدخل بيت الزوجية لأول مرة، والآن عندما يتقدم الرجل لطلب يد المرأة الثانية من اهلها فإنه يجد الترحيب والاستقبال. مردفاً: ان بعض النساء ممن فقدن فرصة الزواج الاولى يجدن آمالهن في الزواج الثاني وربما الثالث او الرابع.

زواج الأقرباء 
واضاف الزبيدي:  الأمر المهم الذي أثر بشكل سلبي على مفاصل الحياة في مجتمعنا هو الحروب التي رافقت حياة العراقيين منذ عقود وآخرها بعد عام 2003 وأحداث الانفجارات والكوارث التي عصفت بالبلد والتي ذهب ضحيتها الكثير من الرجال فضلاً عن هجرة جماعية للشباب. مبيناً: ان هذا الامر ادى الى زيادة أعداد الأرامل والمطلقات ما اضطر عدد من الرجال الى اتخاذ قرار بالزواج منهن للحفاظ على اولاد وبنات اخوتهم وحتى اقربائهم من الضياع وسط الأحداث المتسارعة التي نمر بها. مستدركاً: يجب ان لا ننسى العامل المادي الذي يعد من الأعمدة الحقيقية للبحث على زواج ثانٍ لأن اغلب الرجال المتزوجين يبحثون عن امرأة موظفة تتحمل جزءاً من اعباء الحياة المعيشية ولهذا يفضل الرجل ان تكون الزوجة الثانية موظفة او صاحبة مال من اجل ان تسنده في تكملة حياتهما.

أرفض فكرة زواجي
 من ثانية 
الكثير من الرجال يبحثون عن الزوجة الثانية او يوصون بعض النساء من قريباتهم بالبحث لهم عن زوجة ثانية . الفنان ناظم زاهي كان له رأي بهذا الأمر اذ قال لـ(المدى): اذا كانت الظروف تسمح للرجل بالزواج من امرأة ثانية فلا بأس بذلك شرط ان تكون هناك ظروف ودوافع خاصة لذلك، منها مرض الزوجة الاولى او التقصير بواجباتها الزوجية. مستدركاً: لكن في حالة عدم توفر تلك الأسباب فإن زواجه يعتبر بطرا ولو كان الشرع قد حلل الزواج من اربع نساء. مردفاً: فلا يمكن العدل بين الزوجات لاختلاف الظروف.
وبيّن زاهي: لكني وبكل صراحة ضد زواج الرجل من امرأة ثانية لأن الزوجة الاولى هي الأم والأخت وهي الحبيبة وتحملت كل الظروف الصعبة ووقفت بجانبه ضد مصاعب الحياة. مشدداً على اهمية تقديس عش الزوجية والاهتمام ببناء مستقبل العائلة الاولى وضمان حياة سليمة لأولادها.   

القانون يسمح في بعض الحالات 
المحامي أنمار الساعدي بيّن لـ(المدى): ان لجوء الرجال للزواج من امرأة ثانية يرتبط بأسباب كثيرة منها افتقار الزواج الاول الى عوامل عديدة ، فعلى سبيل المثال قد تكون الزوجة الاولى غير قادرة على انجاب الاطفال. موضحا: ان القانون العراقي أجاز تعدد الزوجات. كما ان قانون الأحوال الشخصية العراقي وفي حالة عدم تمكن الزوجة من الانجاب وتوفر الإمكانية لدى الزوج فتحكم له المحكمه (بحجه إذن زوجة ثانية). مضيفاً: في حالة اخرى قد تكون الزوجة مصابة بمرض نفسي او جسدي وتصبح بذلك الحياة الزوجية للزوج غير ممكنه الاستمرار.

احتيال شرعي على القانون
استطرد الساعدي: في بعض الحالات اشترط قانون الأحوال الشخصية حضور الزوجة الاولى في المحكمة وموافقتها على الزواج الثاني. لافتاً: في حال الرفض يلجأ بعض الرجال الى الزواج خارج المحكمة او مايسمى "عقد السيد" دون علم الزوجة الاولى. منوهاً: في هذه الحالة ليس من الضروري حضور الزوجة الاولى أمام المحكمة ، وبعد ذلك يقوم الزوج بإقامة دعوى أمام المحكمة لتصديق الزواج الثاني فتكون المحكمة مجبرة على ذلك وتقوم فقط بتحويله وحسب المادة (40) من قانون الأحوال الشخصية بتحويلة الى المحاكم المختصة وتحكم بغرامة مالية. 
وبيّن المحامي ايضا: في بعض الأحيان يقوم الزوج بتوكيل محامٍ يقوم بدوره بالاتفاق مع مبلّغ المحكمة لتزوير حجة اذن الزواج الثاني، اذ يقوم المبلّغ بتبليغ بيت آخر مجهول غير بيت الزوجة الاولى الصحيح ووفق ذلك تقوم المحكمة بإصدار حجة إذن الزواج الثاني. متابعاً: وفي أحيان اخرى ورغم كمالية الزوجة الاولى يرغب الرجل الزوج بثانية نتيجة تعارف او اعجاب حصل بينهما ولأن الزوجة الاولى ترفض الموافقة يتجه الرجل الى طرق اخرى منها ماذكر آنفا. 

الظروف المرافقة للزواج الأول
الموظف سمير البدري ذكر لـ(المدى): هناك عدة اسباب تقود الرجل الى التفكير بالزواج مرة ثانية بعض منها يعود الى طبيعة الشخص نفسه وعدم قدرته على معالجة العقبات التي تواجهه او حبه للتجديد والتغيير اوتعلقه المتجدد بالمرأة والبحث عن علاقات جديدة. مضيفا: كما ان هناك اسبابا اخرى تتمثل في الظروف المحيطة بزواجه الاول او لعدم إنجابه لأطفال من زوجته الاولى او بسبب تدخل اهلها او حصول خلافات نتجت عن تدخل الآخرين في حياته الزوجية. موضحاً: ان عمليه تراكم الخلافات في الحالتين تقوده للتفكير بالزواج من امرأه اخرى وفي بعض الأحيان نجد ان الفكرة طبيعية بالنسبة لإقدامه على الزواج مرة اخرى.

الخضوع للأمر الواقع
أم سجاد ، احدى النساء التي خضعت لإدارة الزواج الثاني بيّنت: ان قبول الموضوع صعب، ان غفرت لزوجي فلن يمكنني ان أنسى الجرح. موضحة: ان بعض الرجال لا يكتفي بواحدة وحظّي كان عاثرا بزواجي من هذا النموذج. مستدركة: لكني واجهت قدري بصلابة وقوة مكنتني من المحافظة على اولادي وبيتي مردفة: لكن عيون الناس وهمساتهم موجعة هي الاخرى خاصة حين تطرق مسامع الزوجة الاولى جملة "لو بيها خير ماكان تزوج عليها." 
في حين ذكرت سلمى قاسم: خبر المرأة الثانية لزوجي كان بمثابة زلزال هز البيت . موضحة: ان أساس مشكلتنا هي "الفلوس التي تخرب النفوس"، فزوجي حديث النعمة بالثروة، وبكل بساطة تزوج بأخرى وبنى بيتا وأسس عائلة وهدم أخرى. مبينة: ان أبناءهما على علاقة سيئة بأبيهم، فهو يجود على تلك بالكماليات ويبخل علينا بالضروريات، فساءت الرابطة بل ألغيت لو صح ذلك.

محرر الموقع : 2016 - 08 - 08