التعيين بالوكالة افيون الاصلاح/1
    
لم يثبت للقاصي والداني؛ أن الهيئات المستقلة مستقلة بالفعل، ولا مناصب الوكالات وكيلة أمينة في واجباتها، وقراراتهم تشوبها التناقضات والشكوك، وكأنها معدة سلفاً وعلى طبقين أحدهما من ذهب للنافذين ونار للمواطنين، وفصل بعض السلطات؛ فصلٌ للشعب عن مواطنته.
نشعر حاجتنا الى إعادة التفكير في إدارة الدولة، وبحالة مفصلية لإنطلاق الإصلاحات؛ بتشخيص أصح وخطوات أوضح.
بناء الدولة مشروع إستراتيجي، وخطواته الأولى تأسيس لواقعه، وبناء دولة عصرية عادلة مستقرة؛ سوى حلم يُراود المواطن ويزاحم في تجارب الشعوب وإمكانيات العراق وشعارات الإنتخابات ومنابر الخطابة، وقد يكون التغيير الوزاري واحدة من خطوات الألف ميل، وتجربة جديدة بحاجة لدعم النجاح لا عرقلة الإصلاح، وتشجيع من يستحق، والعمل بروح الفريق الواحد بعيد عن التشويش والتضليل.
تستند المواقع الحكومية الى شرعية من التفويض الشعبي للسلطات، ومن وكيل وزير فما دون وهيئات مستقلة؛ لا تقل أهمية عن الوزراء، وأن دعت الضرورة أحياناً بالوكالة ولكن لفترة وجيزة لا يمكن إستمرارها الى أجل غير مسمى؛ دون شرعية التأصيل وتأسيس لوبي فاقد الشرعية الدستورية، وما دامت الخطوات غير صحيحة فنتائجها بنفس الإطار، وقد يكون وجودها أحد أهم معرقلات الإصلاح لإمتناعها بأدواتها عن المضي بخطوات الإصلاح الحكومي؛ كونها ستكون تحت طائلة التغيير، وفك روابط منظومات الفساد أحياناً.
كان المفترض إعلان مواقع الوكالة للرأي العام؛ ليطلع الشارع على كمها وكومها وتراكمها وخللها المخل للعمل الحكومي؛ ويكون الحديث أكثر وضوحاً لتشخيص مسببات عجز الحلول الناجعة وتصادمها مع الإرادات الضيقة، ومن ثم تفتح الأبواب للعراقيين للترشيح وبرعاية لجان عادلة تشعر بمسؤولياتها، وطال الإنتظار دون جدوى، ولا مانع من تقييم الموجودين لعل فيهم من هو أكثر كفاءة من أصالة بعضهم، ويتستحق التثبيت والشرعنة.
إن تغيير الوزراء بتكنوقراط؛ لا تعني نهاية المشكلة وإنطلاق عملية الإصلاح بذروتها، ولا يمكن عمل وزراء مع اضعاف من الدرجات الخاصة بالوكالة والحزبية، وأجنداتها لجهات حاميتها ومقاسمتها، وتتقاطع مع عمل أيّ وزير لا يلائم منهاجها ومشروعها أن كان إصلاحي أو غيره.
حل قضية وكالات الدرجات الخاصة والهيئات المستقلة؛ ركيزة وحجز زاوية الإصلاح، وسبب إنحدار الدولة؛ لأن كبار موظفيها يعملون خارج قوانينها النافذة.
عدم إستقلالية الهيئات وبقاء الدرجات الخاصة بالوكالة؛ مخالفة دستورية وفقدان لبوصلة إدارة الدولة وتشريع للفساد خارج الأطر القانوينة، ولن يكون الإصلاح إصلاحاً؛ أن كان مفاصل الدولة المهمة فاقدة لشرعيتها، ومحمية بطرق ملتوية بعيدة عن المراقبة والمحاسبة، ولا فائدة من تبديل وزراء؛ إذا كان البرلمان عاجز عن التعامل مع الهيئات، ولا سلطة للوزير على مدراءه ووكالاءه، وفي أكبر مخالفة آخرى لا تُسمى الديموقراطية ديموقراطية؛ أن لم يك فيها فصل للسلطات؛ فما بالك في سلطات تعمل بالوكالة عن أحزابها؛ لا بالوكالة عن شعبها وواجباتها؟!
 
 
واثق الجابري
 
محرر الموقع : 2016 - 08 - 27