مع نخبــة من العلماء ... ممثل المرجعية العليا في اوربا :ان قوى الشر في هذا العصر قد تظافرت جهودهم على ابعاد الناس عن قيم السماء وما جاءت به رسالات الأنبياء والهائم واغوائهم وابعادهم عن ربهم واخرتهم
    

 

تزامنا مع مناسبة ولادة الامام الحجة بن الحسن (عج) وقرب حلول شهر رمضان المبارك وأمام جمــع من العلماء ، (ممثل المرجعية الدينية العيا في اوربا السيد مرتضى الكشميري)، قائلا، ان قوى الشر في هذا العصر قد تظافرت جهودهم على ابعاد الناس عن قيم السماء وما جاءت به رسالات الأنبياء والهائم واغوائهم وابعادهم عن ربهم واخرتهم، وإن المرجع الأعلى يؤكد للعلامة الشيخ اليزدي بقوله: ان العلماء هم الواجهة التي تأخذ الناس منهم معالم دينهم فاحرصوا ان لا تزل عقيدتهم بكم فينحرفون عن دينهم، لان زلت العالِم زلت العالَم. وكانكسار السفينة تغرق ويغرق معها كثيرون

 

 

 

 

بمناسبة ولادة الامام المهدي (عج) وولادة علي الأكبر وقرب حلول شهر رمضان المبارك وبحضور جمع كبير من علماء المملكة المتحدة وغيرها ، خاطب السيد الكشميري العلماء بقوله : يا علماء المسلمين ومبلغيهم تنبهوا لخطر الأشرار في هذا العصر الذي يريدون منه ابعاد الناس عن قيم السماء ورسالات الأنبياء وحرف السفينة عن مسارها، وعن ربهم ومعادهم واخرتهم، بل ومسخ هويتهم الإسلامية والانسانية بزخرف القول وبمسميات شيطانية مختلفة البسوها لباس الحرية والتجديد والانفتاح على العالم وغيرها من العناوين التي لا تمت للإسلام بصلة لا من قريب ولا من بعيد، مستخدمين لنشر أفكارهم وسمومهم بين العالم التقنية العالية من وسائل التواصل الاجتماعي حتى سرقوا الوليد من ابويه وهو في حضنهما، فاصبح الطفل يتغذى بأفكارهم ويتربى بثقافتهم رغم انه يعيش في كنف امه وابيه، حتى اصبح هذا الامر بالغ الخطورة في وقت لم تعد فيه حماية القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية بالامر السهل الذي يمكن معالجته بالكلام والبيانات والخطب .
أيها العلماء: علينا ان نرجع الى تعاليم ائمتنا الهداة (ع) لنستلهم منهم بعض ما يساعدنا من الارشادات والنصائح والتوجيهات في محنتنا هذا الصدد. واذكركم بأمور انتم اعرف بها ولكن من باب ((ذكر فأن الذكرى تنفع المؤمنين)):

أولها: ان نكون كما أمروا (ع) (كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الورع والاجتهاد) وبهذا المجال يحضرني ما ينقله المرحوم العلامة الكبير الفيلسوف الفذ الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي حينما زار النجف واجتمع بسماحة السيد السيستاني (دام ظله) فقال له سماحته: ان عامة الناس لم يتعلموا الدين من الكتب ومراجعة الايات والروايات بل اخذوا دينهم من العلماء، واذا عرضت لهم مسالة شرعية لا يأخذونها الا من العلماء، فالخطر كل الخطر لو زلت للعلماء في يوم قدم عن جادة الطريق، عند ذلك تتزعزع ثقة الناس بالدين وبهم. فما عليكم الا حسن السلوك والتقوى والورع ليبقى الناس على دينهم، وأضاف الشيخ اليزدي ان سماحة السيد (حفظه الله) اوصاه بابلاغ هذه الوصية الى اهل العلم كافة، وامتثالا منه للطلب قام الرجل بنشر هذا الكلام.
ومن هذه اللفتة من المرجعية العليا نقول : يجب على رجل الدين الذي حمل على كاهله مهمة نقل رسالة الانبياء ان يبقى رمزا للتقوى والورع واجتناب الشبهات ورمزا للمبادئ الإسلامية العليا كالتواضع والحلم والزهد بل ومكارم الاخلاق قاطبة، لأننا تحت المجهر بكل حركاتنا وسكناتنا. علينا ان نكون دعاة للمذهب الحق ولائمة الهدى في سلوكنا المستمد منهم (ع) بالمواظبة على السنن والاداب الشرعية بالكلام وبالعمل وفي العلاقات الاجتماعية، في المطعم والمشرب والمسكن، فالناس يلاحظون رجل الدين كيف يصلي فيصلون، وكيف يصوم فيصومون، وكيف يؤدي مناسك حجه فيحجون، بل يدققون فيما يقتدون به حتى في زيارتهم المشاهد المشرفة والعتبات المقدسة، بل صار البعض يترصد أي تصرف للإساءة لرجل الدين عبر قنوات التواصل الاجتماعي ، وقد ذكر بعض الاعاظم في حديث له: بان البقّال اذا سرق يقولون فلان بقّال سرق، ولكن اذا انحرف عالم قالوا العلماء كلهم منحرفون. اذن فنحن مرصودون في كل صغيرة فضلا عن الكبيرة.

الثاني: مواساة الناس في نوائبهم والوقوف الى جنبهم في همومهم ومشاركتهم الحرمان والفقر والحاجة وشغف العيش، ,ولنا ابلغ الموعظة في سيرة ائمتنا (ع) فهذا امير المؤمنين (ع) رايناه كيف يواسي الفقراء في ملبسهم ومألكهم فيدخل عليه الاحنف بن قيس وقت تناول طعامه فجئي له بجراب مختوم، فقال الاحنف (ما في الجراب؟ قال سويق شعير، قلت: خفت عليه ان يؤخذ او بخلة به ؟ فقال : لا ولا احدهما ولكن خفت ان يلته الحسن والحسين بسمن او زيت .فقلت: ا محرم هو يا امير المؤمنين؟ فقال: لا ولكن يجب على أئمه الحق ان يعدوا انفسهم بضعفه الناس لئلا يطغى على الفقير فقره.
وهو القائل في خطبته (ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى؟ أو أكون كما قال القائل - وحسبك داء أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحن إلى القد أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش).
وفي زمن امامنا الصادق (ع) أصاب أهل المدينة قحط حتى أقبل الرجل المؤسر يخلط الحنطة بالشعير، ويأكله ويشتري ببعض الطعام، وكان عند أبي عبد الله (ع) طعام جيد قد اشتراه أول السنة فقال لبعض مواليه، اشتر لنا شعيرا، فاخلطه بهذا الطعام أو بعه، فإنا نكره أن نأكل جيدا ويأكل الناس رديئا.
وفي قضية عن معتب قال: قال أبو عبد الله (ع) وقد يزيد السعر بالمدينة كم عندنا من طعام؟ قال: قلت: عندنا ما يكفينا أشهرا كثيرة، قال: أخرجه وبعه، قال: قلت له: وليس بالمدينة طعام، قال: بعه فلما بعته قال: اشتر مع الناس يوما بيوم. وفي حادثة أخرى في زمن الامام الكاظم (ع) قال بعض أصحابه انه كان (ع) يأمرنا إذا أدركت الثمرة أن نخرجها فنبيعها ونشتري مع المسلمين يوما بيوم. بهذا وغيره دخل ائمتنا (ع) قلوب الناس واستقروا في افئدتهم وسروا في عروقهم ودمائهم، فما علينا الا التأسي بذلك.
وفي الامس القريب رأينا المرجعية العليا كيف كانت تواسي الناس في محنهم وفي مقدمتها محنة الطاقة الكهربائية، فأبى سماحة السيد (مد ظله) ان يتميز عن العامة بمولدة خاصة او سلك للتيار كهربائي من الحرم المطهر مواساة للناس. ومثل ذلك عندما زاره رجل محسن من افريقيا ورأى مسكنه الوقفي المتواضع فاخرج صكا مفتوحا موقعا غير محدد بمبلغ وقال يا سيدنا احب ان تستبدل مسكنك هذا ببيت افضل، فشكره سماحة السيد وجزاه خيرا وقال له: ان فكرت ان تشتري لجميع فقراء النجف بيوتا فانا اخر من تفكر به.
وهكذا ينبغي لنا كعلماء ان نشاطر الناس في همومهم ومشاعرهم للحفاظ على موقعية رجل الدين، واهتمامه بهموم الاخرين.

ثالثا: النفوذ الى المجتمع والوقوف على مشاكل الاسر ومعاناتهم والتصدي لحمل مشاكلهم الاسرية والاجتماعية فالناس في هذه الظروف تعيش وضعا استثنائيا لأسباب معروفة اليكم، فهم بحاجة الى من يقف الى جنبهم ويرشدهم، لا ان نكتفي بخطبنا في المسجد والمأتم والاجابة على من يساءل، بل لا بد من النزول الى ساحة العمل ودراسة حال كل جالية إسلامية نريد خدمتها وارشادها والتبليغ في دائبها، يقول امير المؤمنين (ع) وعليكم بصلاح ذات بينكم فانها افضل من عامة الصلاة والصيام (المستحب). وروى الشيخ الكليني اعلى الله مقامه شجارا وقع بين سائق للحاج يدعى بابي حنيفة وبين صهره في ميراث فمر بهما المفضل بن عمر فاخذهما الى منزله واصلح بينهما بأربعمائة درهم وقال هذا المال ليس لي وانما اودعه الامام الصادق (ع) عندي انه اذا وقع نزاع بين رجل من الشيعة فاصلح بينهما، وانا ما اصلحت به بينكما الا من ماله (ع).

هكذا كان الائمة (ع) يهتمون بشؤن الامة ويتصدون لحلها رغم انهم مجردون ومبعودون عن السلطة والحكم، معزولون عن دورهم القيادي ومحرومون من فيئهم وعطائهم، فعلى من يقوم بدوره في زمان غيبتهم التأسي بهم والتحلي بصفاتهم والسير على خطاهم .
ان المؤمنين اذا حلت بهم نائبة اجتماعية وروا ان رجل الدين شمر عن ساعديه ووقف الى جانبهم في محنتهم فان ذلك ابلغ من الف موعظة وحكاية لجذبهم الى دينهم ومحيطهم الإسلامي والالهي.
هذا بعض ما اشار اليه سماحة السيد الكشميري في خطابه مع علماء المملكة المتحدة واكد عليهم على ان يهتموا الى الجميع وخصوصا الى شريحة الشباب لان الغزو الفكري المعادي دخل الى بيوتنا والى افكارنا فنسال من الله عز وجل ان يصلح بوجودكم ومساعيكم ما فسد من امر الامة انه ولي التوفيق.
((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون))

 

محرر الموقع : 2023 - 03 - 06