المرجع السيد الحكيم : يجيب على قضية التطبير واللطم في الأديان وعند الطائفة الشيعية
    

مكتب سمــــــاحة المــــــرجع الكبيـــــــر السيـــــد محمـــــــــد سعيــــد الطباطبائــــــي الحكيـــــم (دام ظله العــــــالــــــــي)

سؤال: ( فأسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) [ الأنبياء : 7 ] . لقد قضيت سنوات طوال من حياتي ولا زلت أبحث وأناقش وأتناظر في علم الأديان ، لإثبات أن الدين عند الله الإسلام ، ولكن كثيراً ما تستوقفني مسألتان ، وأُحرَج في الإجابة عنهما ، وخاصة أني أرى أن لهما جذوراً في التوراة والإنجيل ، ألا وهما قضية التطبير واللطم أيام عاشوراء . أما التطبير وضرب النفس بآلات الجارحة للتعبير عن الحزن فهو ما نراه في سفر الملوك الأول ، الإصحاح الثامن عشر ، أما قضية اللطم فهي صريحة جداً في أنجيل لوقا ، الإصحاح الثالث والعشرين . فالسؤال هو : هل أن تلك القضيتين من شعائر الله التي هي من تقوى القلوب ؟ وإن كانتا كذلك فهل يجوز لي أن لا أعمل بهما ؟ وأحرض الناس على تركهما ؟ لأنهما وبصراحة ينفِّران الناس من الإسلام ، وخاصة مذهب أهل البيت ( سلام الله عليهم أجمعين ) .

الجــــــــواب:
بارك الله فيكم ، وجعلنا وإياكم من : ( الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) [ الزمر : 18 ] ، ويطلبون الحقيقة لأجل الحق والحقيقة ، من دون تعصب أو مراء ، إنه سميع مجيب .
هذا ويتلخص الجواب بما يلي :

1 - ليس كل ما جاء في التوراة والإنجيل والأديان السماوية الأخرى باطلاً ، فإنها جميعاً دعت إلى عبادة الله تعالى ، وأمرت بالصلاة والصيام والزكاة ، وحرمت الفواحش ، وليس إلى إنكار ذلك من سبيل

2 - لما كان التطبير ونحوه من الشعارات الدينية إنما يؤتى بها بقصد إظهار العاطفة نحو المبدأ الحق ورجاله ، وترويجه ، ورفع دعائمه ، فهي من الأمور الراجحة شرعاً من الجهة المذكورة ، ولكنها قد تكون مرجوحة أو محرمة لعنوان ثانوي ، كلزوم الضرر الخاص أو العام ، المادي أو المعنوي ، بمراتبه المختلفة ، ونحو ذلك مما لا ينضبط ، وهو يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة ، كما يختلف باختلاف وجهات النظر .
والأمل بإخوتنا المؤمنين ( سدَّدهم الله تعالى وأعزَّ دعوتهم ) عند اختلاف وجهات النظر - في هذه الأمور وغيرها - الاهتمام بوحدة الكلمة ، وجمع شمل هذه الطائفة بتجنُّب العنف والمهاترات ، ودعوة كل فئة لوجهة نظرها بالتي هي أحسن ، مع احترام وجهة نظر الآخرين ، وحُسن الظن بهم ، فإنَّ ضرر شق الكلمة لا يعادله ضرر ومحذور إلقاح الفتنة بين أفراد هذه الطائفة لا يعادله محذور ، ولا نريد بذلك أن يتنازل كل ذي رأي عن وجهة نظره ، فإن من أعظم مفاخر هذه الطائفة فتح باب الاجتهاد ، وحرية النظر في حدود الميزان الشرعي .

بل نؤكد على ضرورة الالتزام بآداب المحاورة ، واحترام وجهات النظر المختلفة ، وحسن الظن بالآخرين ، ولمِّ الشعث ، وجمع الشمل ، والله سبحانه وتعالى من وراء القصد ، ومنه نستمِدُّ العون والتسديد ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ، وفقكم الله لمرضاته .

 

محرر الموقع : 2014 - 11 - 25