كاميرات الأفلام تتسلّل إلى المساجد
    

حتى الأفلام باتت منطلقاً لتحريك البعض ضدّ الوجود الإسلاميّ بعامّة، وإن كانت حجّة البعض، أنَّ ما يقومون به كسلطات رسميّة، هو محاولة وقائيّة من خطر التطرّف الإسلاميّ الّذي يطال الهويّة الأوروبيّة أو القوميّة الأوروبيّة، فقد وصل الفيلم التّسجيلي الدّنماركي «خلف ستار الجامع» إلى التلفزيون الهولنديّ، إذ اختاره البرنامج التسجيلي «زمبيلا» ليكون مادة حلقته التي عرضت أخيراً، مُثيراً بعد عرضه ردود فعل مشابهة لتلك التي أثارها الفيلم في البلد الأصلي، ذلك أنّ موضوعه هو حال المهاجرين المسلمين، وما وصل إليه اندماجهم بالمجتمعات التي يعيشون فيها، وهي قضايا تهمّ المشاهد الهولندي والأوروبي عموماً، حيث تثار بين الحين والآخر قضايا منذ سنوات حول الهويّة، والإسلام السياسيّ، والعمليات الإرهابية الّتي ارتكبها مسلمون باسم الدين.

يتسلل الفيلم التسجيلي إلى ما وراء جدران مؤسّسات وجوامع إسلاميّة ينشر بعضها الفكر المتطرّف. هذه الجوامع، ووفق الفيلم، تغلق أبوابها بوجه الغريب، ولا تسمح إلا للموثوق بهم من الأتباع بحضور المحاضرات والدّروس الدينيّة التي تنظّمها، ناهيك بعرض الفيلم لما يخصّ الوضع الأسري والاجتماعي للمهاجرين، وتصويرهم على أنهم متخلّفون يعتمدون العنف والترهيب في علاقاتهم، وأنّ بعض القيّمين على المساجد يشجّعونهم على ذلك، وينصحونهم بالتكتّم عن الجهات الرسميّة، وهذا غير مقبول بحسب رسالة الفيلم، فذلك يعتبر خرقاً للقانون العامّ الدنماركيّ.

لم تقتصر الضجّة التي أحدثها الفيلم التسجيلي بعد عرضه على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام، بل وصلت إلى البرلمان في البلد، والذي شرّع عقوبات جديدة للأئمّة الذين يشيعون الكراهية، كما أوقفت الحكومة الدنماركيّة خططاً لبناء جامع كبير يعود إلى إحدى المؤسّسات التي ظهرت في الفيلم.

هذه الخطوات، والتي يعتبرها بعضهم إيجابيّة لجهة منع تجاوزات بعض المسلمين المتطرّفين، واستغلالهم للشّباب المسلم في أوروبّا، غير مكتملة بحسب المتابعين، فليس كلّ المسلمين متطرّفين، أضف إلى ذلك، أنّ المسألة لا تعالج بههذ الطّريقة، عبر تصوير الأمر وكأنّ جميع المسلمين في قفص الاتهام. والتّساؤل الآخر: لماذا يا ترى لا يتمّ عرض أفلام تظهر حضارة الإسلام ومفاهيمه وقيمه وتسامحه؟! حتى يكون هناك نوع من التّوازن والموضوعيّة ونظافة الغاية في مقاربة الأمور، وتوجيهها الوجهة الصّحيحة، وخصوصاً في ظلّ هذه الأوضاع العصيبة الّتي يمرّ بها العالم.

محرر الموقع : 2016 - 12 - 02