منظمة التعاون الإسلامي.. جثة للدفن!
    

الدفاع عن الإسلام والمسلمين في أية بقعة من عالمنا هو من المفترض أن تكون على رأس أولويات "منظمة التعاون الإسلامي"؛ بل وأحد مقومات تأسيسها ومشروعية بقائها.

من العار والمستهجن أن تلوذ هذه المنظمة بصمت أهل القبور إزاء العدوان الجديد على المسلمين (تحديداً) من خلال قرار "محكمة العدل الأوروبية" الأخير، والذي يستهدف في الدرجة الأولى المسلمات المحجبات، وذلك بإعطاء الضوء الأخضر (القانوني) لأرباب العمل في الاتحاد الأوروبي بطرد من يلتزمن بحجابهن من سوق العمل!

ومن البديهي أن يستهدف القرار الجائر واللاإنساني والعنصري عشرات الملايين من المسلمين الذين يقيمون في دول الاتحاد الأوروبي، وبالذات المسلمات اللاتي يشقّن طريقهن في الحياة العامة بفاعلية من خلال انخراطهن في سوق العمل، ويلتزمن في ذات الوقت بالحجاب الذي لا يعُتبر قطعاً زيّاً وحسب؛ إنما هو هوية وانتماء تقرّه كل شرائع حقوق الإنسان الدولية، والتي يتبجح الغرب بتقديسها وصونها! لكن هذه الحقوق تصبح رغوة تتلاشى أمام مخططات اليمين المتطرف الشعبوي الذي يتحكم في السنين الأخيرة بالشارع الغربي ويفرض أجنداته الخطيرة بكل الوسائل المتاحة، ومنها "التشريعات القانونية" التي تطلق يدّ هذا التيار العنصري في اضطهاد المسلمين بصورة منتظمة وجعل وجودهم في الغرب كابوساً لا يطاق، وهذا ما يجاهر به هذا التيار بكل صلافة!

ان صمت "منظمة التعاون الإسلامي" إزاء القرار المتعسف الآنف يشجع التيارات اليمينية والعنصرية التي أضحى تأثيرها واقعاً قائماً في التأثير على سياسات الاتحاد الأوروبي، يشجعها على الإيغال أكثر في اضطهاد المسلمين وسلبهم حقوقهم والتضييق عليهم ما استطاعوا الى ذلك سبيلاً، وما القرار الأوروبي الأخير سوى جزء من خطّة متواصلة لشلّ نصف المجتمعات الإسلامية المتواجدة هناك من "حقّ العمل" والمتمثلة بالنساء المسلمات، بغية جعلها عاجزة عن مجاراة المتطلبات الاقتصادية، وإظهارها انها مجتمعات عاجزة عن إعالة أفرادها؛ وانها تشكّل عبئاً على اقتصادات الدول الأوروبية التي تقيم فيها، وانها تدمن تدبير اقتصادها الفردي من الإعانات الاجتماعية الشحيحة، لتبقى تعيش في دورة الفقر والتخلف!

وهذا الصمت هو الذي يجعل دكتاتوراً مثل أردوغان يقْدم على استغلال عنصرية القرار الأوروبي الأخير من أجل كسب الشارع التركي تمهيداً لكسب الاستفتاء المقبل على تعزيز سلطاته كرئيس، حين رفع من عقيرته ضد الاتحاد الأوروبي وقراره المتعسف، وسوّق نفسه على أنه "حامي حمى المسلمين" الأوحد الذي يقف بوجه من يستهدفون المسلمين في أوروبا والغرب!

من العار أيضاً على "منظمة التعاون الإسلامي" أن تلوذ بالصمت بينما ترفع رئيسة وزراء بريطانيا صوتها بالاعتراض على القرار المشؤوم الآنف ذكره، وتقول بصوت عالٍ في انتقادها اللاذع: "لا يحق للحكومة أن تحدد للنساء ما يلبسنه"!

لا مجال هنا لاستعراض مجمل الأداء المتخاذل والمشين لـ"منظمة التعاون الإسلامي" إزاء الكثير من القضايا المصيرية والكوارث التي تلّم بالمسلمين والعالم الإسلامي، ولكن العدوان الأوروبي الجديد ضد المسلمات والذي عقبه الصمت المطبق للمنظمة المذكورة يجعلنا نتساءل: هل نحن إزاء ميت مسجّى يدعى "منظمة التعاون الإسلامي" يستحق الدفن قبل أن تفوح رائحة تفسخه؟!

حاتم حسن

محرر الموقع : 2017 - 03 - 18