لمحات من كتاب:: مع الإمام علي (ع) في عهده لمالك الاشتر لمؤلفه آية الله الشيخ الناصري
    

مركز التضامن للإعلام

إن العهد الذي كتبه الإمام عليّ عليه السلام لمالك الأشتر لمّا ولاّه مصر، يعتبر من أهمّ المصادر التي تُستسقى منها مبادئ تُنير طريق الولاة في إدارة ما تولوه، في كلِ زمان، وفي كل مكان.


ومن هذه المبادئ والقيم التي ذكرت في هذا العهد قول أمير المؤمنين (ع):  »وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق ، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه«


وهنا يعلق آية الله الشيخ محمد باقر الناصري، في كتابه "مع الإمام علي في عهده لمالك الاشتر"على هذه الوصية قائلا:

يشير -عليه السلام- إلى محامد صفات الولاة ومنها أن يشعر الوالي قلبه بوجوب الرحمة والعطف والمحبة واللطف بالرعية، وبذلك يسود الوئام ويعم الاستقرار وتخلص الرعية للوالي.

والحديث يقول: الرحماء يرحمهم الله، وفي حديث آخر: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

وابرز صفات الله تعالى الرحمن الرحيم، والرحمة صفة تميز الإنسان عن الحيوان، بل إن الإسلام ذهب في تأكيده على الرحمة إلى درجة انه قرر وأوجب الرفق والرحمة حتى بالحيوان، وافرد له فصولا فقهيه.

 

كما إذا كان عند شخص ماء يحتاجه لوضوء صلاة وهناك حيوان محترم تتوقف حياته على هذا الماء فأن الشارع الزم المكلف بالعدول للتيمم، وتوفير الماء لحفظ حياة الحيوان العاطش.

ثم يندد أمير المؤمنين بمساوئ صفات الولاة.. والحكام، ومنها الجشع واغتنام أموال الناس بالباطل، والفتك بهم كفتك الوحوش الضارية.. متضرعين لأنواع ظلمهم بحجج واهية.

ويحث (ع) على مراعاة الولاة للرعية والمساواة بينهم بالحقوق والواجبات، وان يكون ميزان الحق حاكما في الأمور كلها.
فالناس أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق والإنسانية، ولكل منهما حق عليك.

ويحذر (ع) الناس عامة والولاة خاصة بان لا يغتروا بما عندهم من المال والأعوان، فيفتكوا بالناس دون رحمة أو شفقة فان الناس يفرط منهم الزلل – أي يسبق منهم الزلل والجهل – وبذلك يكون الوالي ملزما بترجيح جانب العفو على جانب القصاص كلما وجد لذلك سبيلا وفي النص الفقهي ( تدرأ الحدود بالشبهات ) أي ترفع الحدود ولا تقام مادام هناك مجال وشبهة تفسر لصالح الجاني وانك أيها الحاكم أو القوي كما تطمع في عفو من فوقك فهم يطمعون في عفوك وصفحك.

محرر الموقع : 2017 - 03 - 21