حرمة تكفير المسلمين والإساءة لمقدسات الأمة الإسلامية بفتاوى مراجع الدين الشيعة
    

هنالك الكثير من الالتباسات والتصورات المغلوطة ترسخت في الأذهان وشكلت صورةً نمطيةً من الآخر المذهبيّ عند الكثير من المسلمين ، مما يحتم علينا جميعاً واجب التعارف العقائدي وهو عملية ثنائية معرفية تجعلنا نعبر الكثير من الاتهامات والأكاذيب لنصل إلى الواقع الذي يعتقد به أتباع المذاهب الإسلامية ، فالتعارف إضافةً إلى أنه واجبٌ قرآنيّ ومطلب حضاري إنساني فهو من ضروريات حياة الإنسان المعاصر إذ يعيش في دوامةٍ من الحروب السياسية قوامها الفتن الطائفية ولذلك ارتأينا إعادة نشر كتاب ( حرمة تكفير المسلمين والإساءة إلى مقدسات الأمة الإسلامية في فتاوى وآراء مراجع الدين والعلماء المسلمين الشيعة ) ، وهو عبارة عن فتاوى أكثر من عشرين فقيهاً ومرجعاً دينياً في هذا المجال، ويعتبر هذا الكتاب من أهم الوثائق الدينية التي تصحح التصور السائد لدى كثيرٍ من الناس في اتهام أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بالإساءة إلى الصحابة وأمهات المؤمنين مما يروج بضاعة التكفير ويعرض دماء وأعراض وأموال المسلمين إلى الخطر الشديد ، علماً بأن الميزان في معرفة المتبنيات العقائدية والفقهية للمذاهب الإسلامية هي مواقف مراجعها وليست تصرفات بعض الجهلاء ممن ينسب نفسه للمذهب ويسيء إليه غباوةً أو متعمداً لمآرب أخرى.

فكما وعدت في رسالتي  المفتوحة إلى سماحة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب والتي بعنوان ( العتب الجميل على شيخ الأزهر الجليل ) سأهدي هذا الكتاب لشيخ الأزهر لا سيما هو كرر في أكثر من مناسبة مطالبة علماء مدرسة أهل البيت بإصادر فتاوى صريحة في تحريم الإساءة إلى مقدسات المسلمين ، علماً بأن هذا الكتاب تم نشره قبل سنتين والظاهر أن سماحة الشيخ لم يطلع عليه خلال هذه المدة ، ونشكر معهد دراسات الحج والزيارة – التابع لممثلية الإمام الخامنئي في منظمة الحج والزيارة – لقيامه بجمع وتبويب هذه الفتاوى الوحدوية في هذا الكتاب .

المرجع الديني آية الله العظمي السيد علي السيستاني

تمرّ الأمة الاسلامية بظروف عصيبة، وتواجه أزمات كبرى و تحدّيات هائلة تمسّ حاضرها و تهدّد مستقبلها، و يدرك الجميع ـ و الحال هذه ـ مدى الحاجة إلى رصّ الصفوف، و نبذ الفرقة، و الابتعاد عن النعرات الطائفية، و التجنّب عن إثارة الخلافات المذهبية، تلك الخلافات التي مضى عليها قرون متطاولة، و لا يبدو سبيل إلى حلّها بما يكون مرضيّاً و مقبولاً لدى الجميع، فلا ينبغي إذاً إثارة الجدل حولها خارج إطار البحث العلمي الرصين، و لاسيما أنها لا تمسّ أصول الدين و أركان العقيدة، فإن الجميع يؤمنون بالله الواحد الأحد، و برسالة النبي المصطفى صلى الله عليه و آله، وبالمعاد، و بكون القرآن الكريم ـ الذي صانه الله تعالى من التحريف ـ مع السنة النبوية الشريفة مصدراً للأحكام الشرعية، و بمودة أهل البيت عليهم السلام، و نحو ذلك مما يشترك فيه المسلمون عامة، و منها دعائم الاسلام: الصلاة و الصيام و الحج و غيرها .

فهذه المشتركات هي الأساس القويم للوحدة الإسلامية، فلا بدّ من التركيز عليها لتوثيق أواصر المحبة و المودة بين أبناء هذه الأمة، و لا أقل من العمل على التعايش السلمي بينهم مبنياً على الاحترام المتبادل، و بعيداً عن المشاحنات و المهاترات المذهبية و الطائفية أيّاً كانت عناوينها.

فينبغي لكل حريص على رفعة الإسلام و رقيّ المسلمين أن يبذل ما في وسعه في سبيل التقريب بينهم، و التقليل من حجم التوترات الناجمة عن بعض التجاذبات السياسية لئلا تؤدي إلى مزيد من التفرق و التبعثر، و تفسح المجال لتحقيق مآرب الأعداء الطامعين في الهيمنة على البلاد الإسلامية و الاستيلاء على ثرواتها .

و لكن الملاحظ ـ و للأسف ـ أن بعض الاشخاص و الجهات يعملون على العكس من ذلك تماماً، و يسعون لتكريس الفرقة و الانقسام، و تعميق هوة الخلافات الطائفية بين المسلمين، و قد زادوا من جهودهم في الآونة الأخيرة بعد تصاعد الصـراعات السياسية في المنطقة و اشتداد النزاع على السلطة و النفوذ فيها، فقد جدّوا في محاولاتهم لإظهار الفروقات المذهبية و نشـرها، بل و الإضافة عليها من عند أنفسهم مستخدمين أساليب الدسّ و البهتان لتحقيق ما يصبون إليه من الإساءة إلى مذهـب معين، و التـنقيص من حقوق أتباعه، و تخويف الآخرين منهم .

و في إطار هذا المخطط تنشر بعض وسائل الإعلام ـ من الفضائيات و مواقع الانترنيت و المجلات و غيرها ـ بين الحين و الآخر فتاوى غريبة تسيء إلى بعض الفرق و المذاهب الإسلامية، و تنسبها إلى سماحة السيد- دام ظله – في محاولة واضحة للإساءة إلى موقع المرجعية الدينية و بغرض زيادة الاحتقان الطائفي وصولاً الى أهداف معينة.

إن فتاوى سماحة السيد – دام ظله- إنما تؤخذ من مصادرها الموثوقة ـ ككتبه الفتوائية المعروفة الموثّقة بتوقيعه و ختمه ـ و ليس فيها ما يسـيء إلى المسلمين من سائر الفرق و المذاهب أبداً، و يعلم من له أدنى إلمام بها كذب ما يقال و ينشر خلاف ذلك .

و يضاف إلى هذا أن مواقف سماحته، و البيانات الصادرة عنه خلال السنوات الماضية بشأن المحنة التي يعيشها العراق الجريح، و ما أوصى به أتباعه و مقلّديه في التعامل مع إخوانهم من أهل السنة من المحبة و الاحترام، و ما أكّد عليه مراراً من حرمة دم كل مسلم سنياً كان أو شيعياً، و حرمة عرضه و ماله، و التبرؤ من كل من يسفك دماً حراماً أيّاً كان صاحبه … كل هذا يفصح بوضوح عن منهج المرجعية الدينية في التعاطي مع أتباع سائر المذاهب و نظرتها إليهم، و لو جرى الجميع وفق هذا المنهج مع من يخالفونهم في المذهب لما آلت الأمور إلى ما نشهده اليوم من عنف أعمى يضـرب كل مكان، و قتل فظيع لا يستثني حتى الطفل الصغير و الشيخ الكبير و المرأة الحامل، و إلى الله المشتكى .

نسأل الله تبارك و تعالى أن يأخذ بأيدي الجميع إلى ما فيه خير هذه الأمة و صلاحها، إنه على كل شيء قدير .

وفي الإجابة على سؤال حول مقطع فيديو يظهر فيه مجموعة أشخاص في منطقة الأعظمية ببغداد يهتفون بسب عمر وعائشة وغيرهما من الرموز الدينية لإخواننا أهل السنة أصدر مكتب سماحته مايلي:

هذا التصرف مدان ومستنكر جداً وعلى خلاف ما أمر به أئمة أهل البيت: شيعتهم، والله الهادي.

المرجع الديني آية الله الشيخ حسين وحيد الخراساني

كلّ من يشهد بوحدانية الله تعالى، وبرسالة خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله فهو مسلمٌ، لذا فإنّ حياته محترمة، وعرضه محترم، وماله محترم كحياة وعرض ومال من يعتنق المذهب الجعفري، وواجبكم الشرعي أن تُحسنوا معاشرة الذين ينطقون الشهادتين وإن اعتقدوا بكفركم، وإذا تعاملوا معكم بغير حقٍّ فيجب عليكم أن لا تنحرفوا عن صراط الحقّ والعدل المستقيم، فلو تمرّض أحدهم اذهبوا لعيادته، ولو مات شيّعوا جنازته، ولو احتاج إليكم فاقضوا حاجته، وسلّموا لقول الله عزّ وجلّ: (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) واعملوا بأمره تعالى شأنه: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِناً).

المرجع الديني آية الله الشيخ عبد الله الجوادي الآملي

… بما أنّ كلّ أمّةٍ لها مقدّساتها الخاصّة بها والتي تحظى باحترامٍ لديها، وهذه المقدّسات لا تختصّ بالموحّد أو الملحد، لذا يجب اجتناب سبّها وهتك حرماتها؛ لأنّ هذا الأمر فضلاً عن كونه ظلماً نفسياً، فهو يجعل المجتمع يواجه مصاعب من الناحية القانونية أيضاً، ومن هذا المنطلق نهى القرآن الكريم عن ذلك حيث قال تعالى: (وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).[1]

إنّ عملية محاربة ما هو قبيح، والنهي عن المنكر يجب أن تكون وفق منهجٍ حسنٍ وطريقٍ واضحٍ، وإذا كان النهي عن المنكر يتمّ وفق منهجٍ منكرٍ، فيجب النهي عن هذا النهي، والتخلّي عنه، كما يتمّ التخلّي عن سائر المنكرات؛ كما يجب أن تكون الدعوة إلى الحقّ والصدق والخير والحسن وفق منهج منسجمٍ مع الهدف لأنّ الغاية لا تبرّر الوسيلة، لذا فإنّ الأمر بالمعروف الذي يتمّ وفق منهجٍ منكرٍ يجب أن يُنهى عنه، إذ هناك علاقة واقعية بين الطريق والمقصد حيث إنّ الطريق المستقيم لا يمكن أن ينتهي إلى مقصدٍ باطلٍ، وكذلك فإنّ الطريق المنحرف لا يمكن أن ينتهي إلى مقصدٍ حقٍّ. «من حاول أمراً بمعصية الله كان أفوت لما يرجو وأسرع لمجيء ما يحذر».[2]إنّ سبّ مقدّسات أيّ قومٍ وإن كانت باطلة، هو منهجٌ منكرٌ نهى عنه الله جلّ وعلا.

وخلاصة القول:

  1. الدين العالمي يتضمّن برنامجاً شاملاً.
  2. أهمّ واجبٍ دينيٍّ شاملٍ هو مراعاة القانون والأدب الدولي.
  3. الحفاظ على كرامة الإنسان واجتناب إهانة مقدّسات أتباع الأديان الأخرى يعدّان من أفضل الآداب العامّة والشعبية.
  4. يحرم سبّ الصحابة، وإهانة مقدّسات الشيعة أو السنّة وتحقير معتقداتهما، ويجب على الجميع ولا سيّما الحجّاج الكرام والمعتمرين الأعزاء الابتعاد عن تأجيج الخلافات، وإشعال نار التفرقة، وتحطيم وهدم أساس وحدة الأمّة الإسلامية لأنّ ذلك يعتبر من كبائر الذنوب.
  5. يجب أن تكون نتيجة سفركم الملكوتي هي الوعي بضرورة الوحدة، وحرمة الخلافات التي تخلق الفتنة والفساد، وكذلك اجتناب إهانة مقدّسات كلّ أمّةٍ وديانةٍ، حتّى لا نشاهد ولا نستشمّ في رحاب العالم الإسلامي سوى نسيم الوحدة وعبق الاتّحاد … .

آية الله السيد علي خامنئي

الفرق الإسلامية بأسرها تعتبر جزءً من الأمة الإسلامية، وتتمتع بالامتيازات الإسلامية. وإيجاد الفرقة بين الطوائف الإسلامية يُعدّ خلافاً لتعاليم القرآن الکريم وسنة النبي الأکرم صلى الله عليه و آله، کما ويؤدي إلى إضعاف المسلمين وإعطاء الذريعة بأيدي أعداء الإسلام، ولذلك لا يجوز هذا الأمر أبداً.

وحول الإساءة لمقدسات المسلمين وزوجات النبي أفتى سماحته:

يحرم النيل من رموز إخواننا السنة فضلاً عن اتهام زوجة النبي صلى الله عليه و آله بما يخل بشرفها، بل هذا الأمر ممتنع علي نساء الأنبياء، و لا سيَما سيدهم الرسول الأعظم.

کما جاء في ندائه لحجاج بيت الله الحرام:

وإنني أعلن مرة أخرى كالكثير من علماء المسلمين الذين يحملون هموم الأمة المسلمة أن كل قول أو فعل يؤدي إلى إثارة نار الاختلاف بين المسلمين، وكل إساءة لمقدسات أي من الفصائل الإسلامية أو تكفير أحد المذاهب الإسلامية هو خدمة لمعسكر الكفر والشـرك، وخيانة للإسلام، وحرام شرعاً.

لا يحقّ لأحدٍ تصوّر أنّ أهل بيت النبيّ صلى الله عليه و آله مختصّون بالشيعة ومتعلّقون بهم؛ فهم لكلّ العالم الإسلامي. فمن ذا الذي لا يرضى بفاطمة الزهراءسلام الله عليها؟ ومن ذا الذي لا يرضى بأنّ الحسنين عليهما السلام هما سيّدا شباب أهل الجنّة؟ ومن ذا الذي لا يرضى بأئمّة الشيعة الكرام؟ فالبعض يرى أنّ طاعتهم واجبةٌ ومفروضةٌ، والآخر لا يرى ذلك؛ لكنّ الإثنين يرضيان بهم. هذه حقائق يجب إدراكها وترسيخها، إلا أنّ البعض لا يدركون هذا الأمر فيتصرّفون وفق مراد العدوّ ويتصوّرون بأنّهم يفعلون صواباً. قال تعالى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَـرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً). فهم يظنّون أنّهم يفعلون حسناً غافلين عن أنّهم يعملون لصالح العدوّ. هذه هي ميزة عصرنا.

آية الله السيّد محمّد الحسيني الشاهرودي

كلّ من يشهد بأن لا إله إلا الله وأنّ محمّداًصلى الله عليه و آله رسول الله فهو مسلمٌ، وحياته محفوظة، وماله مصون، ولا يجوز قتله ولا التعدّي على أمواله، كما لا تجوز مقاتلة المسلمين وتكفيرهم وزرع التفرقة والفتنة بينهم، وكذلك فإنّه من اللازم الحفاظ على مقدّسات الإسلام، ويجب اجتناب التعدّي عليها، ولا يجوز هتك حرمة أعراض المؤمنين ولا إهانتها.

المرجع الديني آية الله السيد محمد سعيد الحکيم

ليس من رأي الشيعة تکفير الصحابة، بل و لا عامة المسلمين، على اختلاف طوائفهم، وذلك يبتني على حقيقة الإسلام وتحديد أرکانه عندهم. ويعرف ذلك من أحاديثهم عن أئمتهم، ومن فتاوى علمائهم وتصريحاتهم.

وفي الإجابة على سؤالين آخرين حول من ينطبق عليه عنوان الإسلام، و ما هي حدود التكفير:

الأول: يکفي في انطباق عنوان الإسلام على الإنسان الإقرار بالشهادتين والفرائض الضـرورية في الدين کالصلاة وغيرها، وبذلك تترتب عليه أحکام الإسلام من حرمة المال والدم وغيرها.

الثاني: يتّضح الجواب (حول التكفير) ممّا سبق.

المرجع الديني آية الله الشيخ جعفر السبحاني

إنّ الله سبحانه يأمر المسلمين أن يعتصموا بحبل الله، ولعلّ اختصاص الحبل بالذکر دون غيره هو للإشارة إلى أنّ مَثَل الأُمّة المتفکّکة المتفرّقة کالمتردّي في البئر، لا تکتب له النجاة منه إلاّ بالاعتصام بالحبل الذي يُلقى إليه.

ويکفي في أهمية ذلك أن الوحي الإلهي کلّما مرّ على توحيد الکلمة ورصّ الصف يمدحه ويأمر به، وکلّما مرّ على التفرقة يذمّها، حتّى أنّه عدّ التفرّق في عداد البلايا السماوية، حيث قال: {قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}.

فعلى المسلمين جميعاً أن يقتدوا بکتاب الله، ويوحدوا الصفوف، ويجتنبوا عن کلّ ما يفرّقهم ويشتّتهم، وخاصّة في هذه الأيام التي اتفقت فيها قوى الکفر والاستکبار على تفتيتهم و تفريقهم وإراقة دماء بعضهم بيد بعض، بغية تحقيق مآ ربهم الشيطانية في الهيمنة على البلدان الإسلامية، ونهب خيراتها، وتوفير الأمن للکيان الصهيوني الجاثم على صدر فلسطين الحبيبة والقدس الشريف.

إن ظاهرة التکفير ظاهرة سيئة، فالمسلمون کلهم يعبدون الله وحده، و يعتقدون برسالة الرسول الخاتم ويوم القيامة، وکفى ذلك في دخولهم في حضيرة الإسلام حسب ما رواه البخاري في صحيحه في غزوة خيبر، على أن ذلك ممّا لا يوافق مذهب إمام من أئمة المسلمين. وها هو الإمام الإشعري حينما حضره الموت جمع تلاميذه و قال: إشهدوا على أنني لا أُکفِّر أحداً من أهل القبلة بذنب، لأنّي رأيتهم کلّهم يشيرون إلى معبود واحد والإسلام يشملهم ويعمّهم.[3]

وکلّ ذلك يلزمنا أن نحترم مشاعر الآخرين واعتقاداتهم، ولا نقابلهم بشـيء ممّا يسبّب التفرّق و يورث العداوة والبغضاء، وعلى ذلك کانت سيرة السلف الصالح الذين عاشوا متآلفين ومتحابين.

إن تهمة سبّ الصحابة التي أُلصقت بالشيعة إنّما هي تهمة باطلة، وهم بُراء منها، وهم يقتدون في نظرتهم إلى الصحابة وفي موقفهم منهم بالإمام الطاهر علي بن الحسين عليه السلام الذي کان يدعو الله سبحانه بقوله: «اللّهمّ و أتباع الرسل، ومصدقوهم … فاذكرهم منك بمغفرة ورضوان، وأصحاب محمّد خاصّةً، الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصـره، وکانفوه، وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته».[4]

المرجع الديني آية الله السيّد موسى الشبيري الزنجاني

كلّ من ينطق بالشهادتين فهو مسلمٌ ـ ما عدا النواصب والخوارج ـ وتجري عليه أحكام الإسلام، كجواز تزويجه، واستحقاقه الإرث، واحترام حياته وماله، وغير ذلك من أحكامٍ.

أمّا الذين يزرعون التفرقة في صفوف المسلمين ويُكفّرون الفِرق الإسلامية، فإنّهم ليسوا بمسلمين. هؤلاء إن لم يكونوا عملاء للاستعمار بشكلٍ مباشرٍ، فلا شكّ في أنّهم يتحرّكون في مسير تحقيق أهداف المستعمرين الدنيئة لتدمير أساس الإسلام، والقضاء على دين رسول الله صلى الله عليه و آله ومحو اسمه المبارك صلى الله عليه و آله. والعمليات الانتحارية لهذه الشرذمة تثلج صدور الكفّار وأعداء الإسلام الّلدودين. قال الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَـرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا).

نسأل الله تعالى أن يتمكن جميع المسلمين من الصمود أمام مكائد الأعداء من خلال وعيهم بها، وأن يبذلوا قصارى جهودهم لعزّة دين خاتم الأنبياءصلى الله عليه و آله.

 المرجع الديني آية الله الشيخ لطف الله الصافي الكلبايكاني

كلُّ من يشهد بوحدانية الله تعالى وبرسالة خاتم الأنبياء سيّدنا محمّد بن عبدالله صلى الله عليه و آله فهو مسلم، وحياته محترمة، وعرضه محترم، وماله محترم، ولا يحقّ لأحدٍ أن يهين المقدّسات الدينية. والأعمال الانتحارية وإراقة دماء المسلمين هي من كبائر الذنوب.

واجب المسلم أن يعكس الوجه الحقيقي للإسلام في العالم، فالدين الإسلامي هو دين الرحمة والمحبّة والرأفة، ويجب على الجميع أن يعملوا في صفٍّ واحدٍ لرقيّ الإسلام العزيز وهداية الناس في جميع أصقاع العالم، وعليهم إفشال مؤامرات أعداء القرآن وإحباط مخطّطاتهم عن طريق الوحدة، ولا بدّ لهم من العمل بواجباتهم الإسلامية.

المرجع الديني آية الله السيّد محمّد علي العلوي الجرجاني

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).

إنّ رسالة الإسلام قد ارتكزت على المنطق والحوار، وتؤكّد على ترك أيّ تجاسرٍ واتّهامٍ في جميع العصور، فالبارئ تعالى قال في كتابه الكريم: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن)، وقال أيضاً: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ).

وفي الظروف الراهنة نلاحظ أنّ مخطّطات الأعداء تستهدف أصل الإسلام وكلمة الله لمحو جميع رسائل السماء، وإقرار حكومة الشيطان في الأرض، ولا ينبغي لنا السير في طريقٍ تنصبّ فيه المصلحة للاستكبار العالمي والصهيونية العالمية من خلال الإصرار على الخلافات وخلق أجواء يسودها العَداء.

ويجب على جميع الطوائف الإسلامية اليوم أن تتعايش بسلام،ٍ وأن تقف جميعها متحّدةً بوجه العدوّ الواحد كما كان حالها في الماضي، إذ كانت مختلف الطوائف الإسلامية تتعايش مع بعضها البعض باحترامٍ وسلامٍ رغم اعتقاد كلٍّ منها بمعتقداتٍ خاصّةٍ، حيث كانت المناظرات تقام بشكلٍ منطقيٍّ، وفي مجالس البحث والحوار. ولكن ما تقوم به المجاميع التكفيرية التي تتشبّث بذرائع مختلفة، وتعادي سائر الطوائف الإسلامية سيّما الشيعة في شتّى أنحاء العالم، كباكستان وأفغانستان والعراق وسوريا وأندونيسيا، وترتكب مجازر واغتيالات بحقّ المسلمين في بلدان أخرى؛ فهو مرفوض، وهم بأعمالهم هذه يسعدون الاستكبار العالمي فقط، وهم في الحقيقة يدورون في المتاهة التي رسمها لهم الاستكبار، ويعارضون صريح القرآن الكريم الذي يقول: (لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء)، فهم يعتبرون الصهاينة أصدقاء لهم، ويعملون ضدّ الشيعة بالتنسيق معهم.

نسأل الله تعالى أن يحفظ المجتمع الإسلامي من التفرقة والعداء.

المرجع الديني آية الله الشيخ محمد الفاضل اللنکراني

هذه الفرق تعتبر إسلامية إلا إذا کانت تنکر إحدى الضـروريات للدين الحنيف، أو لا سمح الله تهين أو تسـيء إلى الأئمة الأطهار:.

المرجع الديني المرحوم آية الله السيّد يوسف المدني التبريزي

الإسلام لا يُجيز إهانة معتقدات أيّ دينٍ كان، ولا سيّما المذاهب الإسلامية، وكل ّعملٍ يؤدّي إلى خلق خلافاتٍ بين الأمّة الإسلامية، ويتسبّب في حدوث أضرارٍ بأموال المسلمين وأنفسهم فهو حرامٌ ومخالفٌ للشرع.

العمليات الانتحارية التي تُرتكب ضدّ المسلمين وقتلهم في مختلف بلدان العالم، تؤلم قلب صاحب الشـريعة وقلب كلّ إنسانٍ حرٍّ، وهي لا تنسجم مع حقيقة الدين الإسلامي الذي هو دين الرأفة والرحمة، وتؤدّي إلى تشويه سمعته الإسلام في العالم.

آية الله الشيخ حسين المظاهري

إنّ ما دوّنتموه في سؤالكم حقيقةٌ مرّةٌ يجب على جميع المسلمين في العالم الالتفات إليها ووضع حلولٍ من أجل معالجتها، لا سيّما علماء المذاهب الإسلامية وقادة البلدان المسلمة. واليوم فإنّ الاستكبار العالمي وأعداء الإسلام يوسّعون من نطاق سلطتهم الثقيلة يوماً بعد يومٍ، ويرسّخونها أكثر فأكثر، وذلك عن طريق تأجيج خلافاتٍ في صفوف المسلمين، ولا سيّما الخلافات المذهبية والعقائدية.

القرآن الكريم يؤكّد أنّ هذه الخلافات كالنار والعذاب اللّذَينِ يسيطران على المجتمع الإسلامي كما جاء في قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ)، ويؤكّد أنّ الاستكبار وأعداء الإنسانية والمعنوية لو تمكّنوا من السيطرة على البشر، فسبب ذلك يعود إلى تأجيج هذه الخلافات كما جاء في قوله تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا). وعلاج هذا المرض الأليم، ورفع هذا البلاء العظيم لا يكون ممكناً إلا عبر العمل بأوامر القرآن الكريم: (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُم).

بناءً على هذا، وكما تمّ تأكيده مراراً، لا يجوز عقلاً ولا شرعاً إثارة الخلافات من قبل أيّ شخصٍ أو فئةٍ، كما لا تجوز إثارة المشاعر المذهبية، ولا سيّما إهانة مقدّسات المسلمين ومعتقداتهم، ولا يجوز إيجاد تفرقةٍ في صفوف أتباع النبيّ العظيمصلى الله عليه و آله.

أمّا الأعمال التخريبية والانتحارية التي تقوم بها الزُّمر التكفيرية والمتحجّرة، والتي تؤدّي إلى مقتل المسلمين الأبرياء، فهي أعمال قبيحةٌ لاإنسانيةٍ تؤلم قلب كلّ إنسانٍ حرٍّ، وإنها بالتأكيد مراد أعداء الإسلام والمسلمين، فالاستكبار العالمي يسعى لإرغام المسلمين على اتّباعه عن طريق تأجيج هذه الخلافات والأعمال التي تزرع بذور التفرقة، ومن البديهي أنّ اتّباع الأعداء والاستكبار العالمي من كبائر الذنوب.

نسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين من شرّ الخلافات والتفرقة، وأن يوفّق كلّ من يعمل على توثيق وحدة المسلمين.

المرجع الديني آية الله الشيخ ناصر مکارم الشيرازي

لقد أكّدنا مراراً أنّ الوحدة بين المسلمين والتقريب بين المذاهب الإسلامية هما من أهمّ الأمور في كلّ زمان، ولا سيّما في الظروف الراهنة؛ لذا فإنّ أيّة إهانةٍ لمقدّسات الآخرين لا تجوز شرعاً، ويجب على المسلمين شيعةً وسنّةً الحذر من الوقوع في فخّ أعداء الإسلام، وعدم تأجيج أيّة فتنةٍ طائفيةٍ. أمّا العمليّات الانتحارية وإراقة دماء الأبرياء فهي من أكبر الكبائر، وهي مصداقٌ واضحٌ للفساد في الأرض، وتوجب الخلود في نار جهنّم، وتعكس صورةً فظّةً وغير مقبولةٍ للإسلام الذي هو دين الرحمة والرأفة.

المرجع الديني آية الله السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي

 (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) الأنبياء، 92

إنّ الوحدة والأُخوّة هما من أثمن النِّعم الإلهية التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، حيث قال: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) آل عمران، 103

كيف يمكن لأحدٍ أن يدّعي أنّه من أتباع نبيّ الرحمةصلى الله عليه و آله، ويُسمّي نفسه مسلماً دون أن يحترم حياة الآخرين وأعراضهم وأموالهم؟!

الذين يعتقدون بأنّهم يدافعون عن الإسلام من خلال العنف وإراقة الدماء، هم مخدوعون، وقد أصبحوا وسيلةً لتحقيق أطماع أعداء الأمّة الإسلامية. وفي عالمنا اليوم فإنّ التفرقة بين المسلمين سوف لا تسلبهم شوكتهم وعظمتهم وطمأنينتهم فحسب، بل إنّها سوف تكون سبباً لإهانة الإسلام في أنظار العالم، ويجب على أتباع أهل البيت: تحمّل هذه المسؤولية قبل سائر إخوانهم المسلمين.

نحن نفتخر بأنّنا من أتباع الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وحقيقة التشيّع هي السير في طريقٍ سلكه إمام أهل الإيمان، وهذا الإمام لم يكن يسمح بسبّ الآخرين أو إهانتهم، حيث كان ينهى عن السيّئ من القول. فهذا الرجل الفذّ قد مضى قُدماً نحو العمل على تحقيق مصالح الإسلام والمسلمين، ودعا إلى الإصلاح بين المسلمين وتآخيهم ووحدتهم، و إلى فضّ النزاعات التي كانت موجودةً بينهم، ولم تأخذه في الله لومة لائمٍ.

نرجو من المسلمين كافّةً، ولا سيّما أتباع مدرسة أهل البيت:، مراعاة مصالح الأمّة وترجيحها على النزاعات الطائفية في عصرنا الذي يعجّ بالفوضى، ونأمل منهم أن يجعلوا تعاليم الوحي ونصائح رسول الله صلى الله عليه و آله على رأس أعمالهم.

المرجع الديني آية الله الشيخ بشير النجفي

الأول: کلّ من يقرّ بالتوحيد، ويعتقد بنبوة محمد بن عبدالله صلى الله عليه و آله وأن رسالته خاتمة النبوات والرسالات الإلهية وبالمعاد، ولا يرفض شيئاً مما علم وثبت أنه من الإسلام فهو مسلم تشمله الأحکام الإسلامية، وهو محقون الدم والعرض والمال، ويجب على المسلمين جميعاً الدفاع عنه وعن ماله وعن عرضه والله العالم.

الثاني: من يقر بالشهادتين: الشهادة بالتوحيد والشهادة بنبوة محمد بن عبدالله صلى الله عليه و آله وبالقيامة ولا يرفض ما ثبت أنه من الدين الإسلامي لا يجوز تکفيره، بل روي عن النبي صلى الله عليه و آله منع ذلك منعاً باتاً، ومن يشيع الفتن الطائفية أو يکفر أية طائفة تؤمن وتقر بما ذکرناه فهو إما جاهل أو متجاهل أو معاند للإسلام اندس بين المسلمين لخدمة المستکبر الکافر بغية تشتيت المسلمين لتفريقهم وجعلهم طرائق قدداً والله العالم.

المرجع الديني الشيخ حسين نوري الهمداني

كلّ من ينطق بالشهادتين ‌ـ باستثناء النواصب والخوارج ـ فهو مسلمٌ وتجري عليه أحكام الإسلام كالإرث وحفظ حياته وماله وما إلى ذلك من أحكام، والذين يروّجون للتفرقة في صفوف الأمّة الإسلامية ويكفّرون المسلمين فإنّهم خارجون من حقيقة الدين، وهؤلاء إن لم يكونوا عملاء للاستعمار بشكلٍ مباشرٍ فإنّهم بكلّ تأكيدٍ يعملون على تحقيق أهدافه الضالّة والتي ترمي إلى القضاء على الإسلام والإطاحة بدين النبي الأكرم محمّد صلى الله عليه و آله ومحو اسمه.

قال تعالى في كتابه الكريم: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) الكهف، 103 و 104

إن شاء الله تعالى تبقى أقدام جميع المسلمين ثابتةً أكثر ممّا مضى لرفع اسم إسلامنا الحنيف والحفاظ على عزّته عبر إدراكهم للمكائد التي يحوكها أعدائه، لذا عليهم أن يبذلوا جهودهم في هذا الطريق وأن يتورّعوا عن إهانة مقدّسات المسلمين لأنّها تسفر عن بثّ التفرقة والنفاق بين أبناء الأمّة الإسلامية وهذه التفرقة بالطبع تنصبّ في خدمة مصالح الأعداء.

وكلّ عملٍ من شأنه إراقة دماء المسلمين والأبرياء فهو حرامٌ.

آية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي

  1. من يشهد الشهادتين، ويقرّ بحدود الله تعالى و أحكامه الضرورية في الإسلام المتفق عليها بين المسلمين فهو مسلم، يَحْرُمُ دمه وماله. وقد صح عن رسول‌الله صلى الله عليه و آله: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم و أموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله».[5]
  2. وقد وصف رسول الله صلى الله عليه و آله الذين يقتلون المسلمين من غير حدٍّ شرعي بيّن في الكتاب والسنة بالكفر في حديث متفق عليه. قال صلى الله عليه و آله في حجة الوداع بمسجد الخيف من منى : «إنّ أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، …». ثم قال صلى الله عليه و آله : «لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض».[6]
  3. ولاتجوز إثارة الفتنة الطائفية والشحناء والبغضاء والتفريق بين المسلمين، ولايجوز العمل على تشتيت الصف الإسلامي الواحد، وإثارة الخلافات والتقاطعات والتنابذ فيما بين المسلمين، يقول تعالى: {وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا}. ولاشكَّ أن توجيه الإساءة إلى العناوين والرموز المقدسة لطوائف المسلمين من أكبر عوامل التفريق الذي نهانا الله تعالى عنه.
  4. وقد أمرنا بالاحسان، وحسن المعاشرة، والتعاون، والتضامن، والتزاور، والتحابب مع سائر المسلمين بكل طوائفهم ومذاهبهم، عدى النواصب، والروايات في ذلك كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه و آله. وقد صحّ الكثير منها، كما ورد عن طريق أهل البيت: روايات كثيرة بأسانيد معتبرة في هذا المعنى ذكرناها وصححناها في كتابنا: «الفتنة الطائفية».
  5. ولايعني ذلك المنع من الحوار الفقهي والعقائدي فيما بين علماء المسلمين من المذاهب المختلفة، بلغة علمية، وفي جوٍّ من الحوار العلمي الموضوعي. فإنّ هذا الحوار يؤدي بالتأكيد إلى التكامل والتراشد والتوافد الثقافي الفقهي العقائدي فيما بين المسلمين، وهو مما يحثّ عليه الإسلام.

نسأل الله تعالى أن يوحّد صف المسلمين، وكلمتهم، ومواقفهم، ويؤيّد الدعاة إلى التقريب و التوحيد بين المسلمين.

آية الله الشيخ محمّد هاشم صالحي مدرّس

لقد أكّد الإسلام على موضوع الوحدة بين المسلمين تأكيداً كبيراً لدرجة أنّنا لا نجد موضوعاً تمّ التأكيد عليه إلى هذا الحدّ بعد نفي الشـرك بالله تعالى، حتّى قيل إنّ الإسلام بُني على دعامتين: كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة. وعلى هذا الأساس فإنّ التعدّي على أرواح المسلمين وأموالهم وأعراضهم يعدّ من كبائر الذنوب والمحرّمات في ديننا الإسلامي، كما لا يُجيز الإسلام إهانة معتقدات أيّ دينٍ أو مذهب من مختلف المذاهب الإسلامية.

أمّا العمليات الانتحارية التي ترتكب ضدّ المسلمين، وتؤدّي إلى إزهاق أرواحهم في مختلف بلدان العالم، فهي من المحرّمات في الدين ومصداقٌ للفساد في الأرض، ومن الذنوب التي لا تُغفر، وكلّ من يرتكبها فهو مخلّدٌ في نار جهنّم. ويجب على المسلمين شيعةً وسنّةً أن يحذروا من مؤامرات أعداء الإسلام والذين يزرعون التفرقة والزُّمَر التكفيرية.

إنّ واجب جميع المسلمين أن يعكسوا لشعوب العالم الوجه الحقيقيّ للدين الإسلامي الحنيف، وهو دين الرحمة والمحبّة والرأفة، والقائم على أساس مبدأ «جادلهم بالتي هي أحسن». كما يجب عليهم التعاون لحفظ الأُخوّة لترويج الإسلام.

آية الله الشيخ آصف محسني

أوّلاً: إنّ كلّ من يوحّد الله تعالى، ويؤمن برسالة سيّدنا محمّد المصطفى صلى الله عليه و آله وبأنّه خاتم الأنبياء والمرسلين، ويؤمن بيوم القيامة، فهو مسلمٌ.

ثانياً: التعدّي على أرواح جميع المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرامٌ مؤكّدٌ.

ثالثاً: المسلم هو أخ المسلم، ويجب على كلّ مسلمٍ العمل على حفظ الأُخوّة لترويج الإسلام والتسامح في المسائل الخلافية.

رابعاً: زرع الخلافات بين أتباع مختلف المذاهب الإسلامية يعدّ خيانةً للدين الإسلامي.

آية الله الشيخ محمد رضا مهدوي کني

كل من يقر بالشهادتين (الشهادة بتوحيد اللهِ تعالى وبنبوّة خاتمِ الأنبياء صلى الله عليه و آله) هو مسلم، إلا الذين يكنون العداء لأهلِ بيت النبي: ويظهِرونه.

شيعة أهلِ البيت: مكلّفون بالتعاملِ مع جميعِ المسلمين بأخوّة ومحبة، والاقتداء بهم في صلاة الجماعة، وتشييعِ جنائزهم، وعيادة مرضاهم، ومصادقتهِم ومساعدتهِم، ويجب عليهم اجتناب التفرقة والعداوة مع سائرِ المسلمين لأن هذا الأمر هو مراد أعداء الإسلام. وكذلك فهم مكلفون باحترامِ مقدسات جميعِ المذاهب، وعليهم معرفة الفتنِ التي يخلقها أعداء الإسلامِ الذين ينتابهم القلق من الصحوة الإسلامية. قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً). اللّهم انصـرِ الإسلام وأهله، واخذل الكفر وأهله.

إن تكفير المسلمين و قتلهم من أية فرقة كانوا، والغارة على أموالهم حرام، وهذه الأعمال تعد من كبائرِ الذنوب. قال الله عز وجل: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا).

آية الله الشيخ محمد اليزدي

قالَ اللهُ تعالى: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ). الأنعام، 108

إن القرآن الكريم ينهى بِصـراحة عن سب الذين ينحرفون عن طريق الصوابِ ولعنهِم، لأن ذلك يجعلهم يتفوهون بكلامٍ غير لائق عن اللهِ تبارك وتعالى. لو تأملنا في هذه الآية المباركة للاحظنا أنها قد عيّنت ملاكا كليا، وهو النهي عن العملِ الذي يثير عداء الآخرين ويجعلهم يرتكبون فعلاً قبيحاً؛ لذا فإن القيام بلعنِ الذين يحظون باحترامِ فئة من الناسِ وسَبِّهِم، ولا سيما الذين يجسدون رمزا دينيا، هو فعل خاطئ وإذا ما تسبب في مقتلِ بعضِ الناس، أو إتلاف أموالهم، أو التعدّي على أعراضهِم فهو بكلِ تأكيد حرام ومخالف للشريعة البينة، ومن يفعل ذلك فهو مسؤول في الدنيا والآخرة. ولا فرق بين كون هذا العمل من لعنٍ وسبٍ على شكلِ خطابٍ أو شعر أو أنشودة، أو حتى عزاء وتأبين، أو مسـرحية أو مشهد سينمائيٍ، ولا فرق بين القيام به في الأجواء الحقيقية أو الافتراضية. فلا فرق في طبيعة هذا العمل لأنه يتسبب في مقتلِ الناس، وهتك حرماتهم، وإتلاف أموالهم، وإباحة أعراضهم.

وحسب هذه المقدمة العامة التي ذكرناها، ففي هذا العالم الذي لا يبقى فيه شيء خفي بسببِ الأقمار الاصطناعية التي تغطي الأجواء والأجهزة الاستخباراتية والجاسوسية التي تنتشـر في الأصقاعِ، ونظرا لوجود وسائلِ الاتصال الجماعية الحديثة التي تنقل الأحداث بسـرعة عبر الإنترنيت والراديو والتلفزيون والهاتف النقال وسائرِ وسائلِ التقارير الخبرية؛ فإن القيام بلعنِ وسب أربابِ المذاهبِ الدينية، ولا سيما الأنبياء الكرام والخلفاء ومن ينوب عنهم وخصوصا الشخصيات الإسلامية البارزة، وأخص بالذکر خلفاء صدر الإسلامِ وأبناء النبي صلى الله عليه و آله وزوجاته هو عمل غير جائز؛ لأنه منشأ لنزاعات عديدة في مختلف البلدان الإسلامية، وهو حرام بالتأكيد، والسنة العملية لأئمة الهدى: وأفعالهم، ولا سيّما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، دليل على ذلك.

وبشكلٍ عام، فإن اللعن والسب في جميعِ الأحيان ليس لهما أي دور أو تأثير لبيان الحق مطلقاً. كما يجب الالتفات إلى أن البحث العلمي لإثبات حقيقة ما بِواسطة العلماء والمفكرين والنخبِ بِشكلٍ فردي أو جماعي، في أجواء علمية وتعليمية وبحثية، وفي نطاق الحوزات العلمية والجامعات، قد تم ويتم بعيدا عن الميول السياسية والتحزبِ والتعصب، والكثير من التطورات العلمية في جميعِ فروعِ العلوم الإنسانية والمسائل الدينية والعقائدية أو في سائرِ الفروعِ العلمية هي في الحقيقة رهينة لهذه الأجواء التي كانت ولا زالت بعيدة عن مشاعر المحبة والعداوة.

نأمل من جميعِ فئات الأمة الإسلامية الاهتمام أكثر بهذه المسائل عبر معرفة واقعِ الزمان وظروف العالم المعاصرِ، وعلينا التصـرف بشكلٍ موضوعي ومعقول ومنطقي أكثر لكي يحفظنا الله عز وجل، إن شاء الله تعالى.

محرر الموقع : 2017 - 03 - 29