" أَفَضُلَّ مَكَانُ لِمَعْرِفَةِ أَسرَارِ الْحَضَاَرةِ الْمُصِرِّيَّةِ".. مُعَرَّضٌ برِيطانِيٌّ يَعُدَّ مُرْتادِيُّهُ بِإِطْلَاعِهِمْ عَلَى خَبَايَا التحنيط.. وَيَتَفَاخَرُ بأختام رَمْسِيس الْمُزَيَّفَةِ
    

"أسرار التحنيط"، سيُصبِح في مقدرة المواطنين البريطانيين العاديين التعرف عليها، هذا ما يقوله منظمو المعرض المصري الذي ينظمه المتحف الوطني لمدينة ليفربول الإنكليزية الذي سيفتتح في 28 أبريل/نيسان20177.

وستعرض مجموعةٌ من التمائم المصرية القديمة التي كانت فلورنس نايتينغيل، (وهي ممرضة بريطانية خلال حرب القرم 1853-1856، وعُرفت برائدة التمريض الحديث، وكان يُطلق عليها اسم سيدة المصباح)، قد حصلت عليها في شتاء عام 1849 حين ذهبت لقضاء عطلة مليئة بالمغامرات في مصر لأول مرة.

ويبدو أن أمين المتحف العالمي التابع للمتحف العالمي في ليفربول متأثرٌ بهذه التمائم أكثر مما كانت سيدة المصباح نفسها، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.

1

وقبل خمسة أعوامٍ من ذهاب فلورنس بحراً إلى بلدة سكوتاري (أوسكدار حالياً) في مدينة إسطنبول التركية أثناء حرب القرم، كانت قد سافرت إلى مصر حين كانت معدلات السياحة الكبيرة لا تزال في بداية نموها. وأرسلت فلورنس آنذاك خطاباتٍ إلى شقيقتها الكبرى، بارثينوب، في بريطانيا، والتي نشرت هذه الخطابات فيما بعد، ولكن فلورنس وصفت تمائمها الصغيرة في الخطابات بأنَّها "زهيدة القيمة".

وستُعرض هذه التمائم لأول مرةٍ حين يفتح المعرض المصري المُذهل الذي أُنشئ حديثاً، والذي يُعد الأكبر في المملكة المتحدة بعد المتحف البريطاني حسب وصف الغارديان، أبوابه أمام الجماهير يوم 28 أبريل/نيسان 2017.

ويقول مسؤول المعرض الذي يقام في مدينة ليفربول الإنكليزية إن لديه مجموعة من الآثار المصرية تعد من الأكبر في المملكة المتحدة، معتبراً أنه ليس هناك مكان أفضل منه لمعرفة المزيد عن مصر القديمة.

كما سيتيح المعرض الفرصة لمرتاديه للتعرف على علاقة ليفربول بالحفريات في مصر والسودان، وكيف انتهى مصير الآلاف من القطع الأثرية إلى المتحف العالمي التابع لمتحف ليفربول الوطني.

ويمكن لمرتادي المعرض رؤية الأشياء التي تضررت عندما قصفت ليفربول، حيث ستعرض هذه الأشياء لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، حسب موقع المعرض.

ويضيف الموقع في إعلانه الترويجي تعال واستكشف غرفة المومياء لدينا لمعرفة كيف حقق الناس الحياة الأبدية، واقرأ أجزاء من كتاب الموتى وشم المكونات المستخدمة في التحنيط، بل يمكن أن تتخذ لنفسك اسماً مصرياً قديماً.

وأعرب آشلي كوك، وهو كبير أمناء التُحف في المتحف العالمي، عن سعادته بعرض تمائم فلورنس في متحفه أخيراً. وتشمل المجموعة أربع تمائم خاصة بالإلهة تاورت، التي كان يُعتقد قديماً أنها تعتني بالنساء أثناء الولادة، وفقاً لتقرير الغارديان .

 

خيبة أمل

 

وقال كوك: "إننا منبهرون بما أحضرته فلورنس معها، ولكنَّني أعتقد أنَّها كانت تتوقَّع الحصول على تُحفٍ قيِّمة، وأنَّها مُنيت بخيبة أملٍ لأنَّها لم تحصل إلا على هذه التمائم. ومن المفارقات العجيبة أننَّا سنعرض هذه التمائم التي كانت فلورنس قد قيَّمتها بالفعل وكانت سعيدة بالحصول عليها، غير أنَّه اتَّضح، وللأسف، أنَّها تحفٌ مزيفة".

وكتبت فلورنس في أحد الخطابات التي أرسلتها إلى شقيقتها: "وبالنسبة للتحف المصرية زهيدة القيمة، يمكنك فعل ما تشائين بها، سواءً الاحتفاظ بها أو إهدائها إلى أحدهم. وليس ثمة شيء يُذكِّرني بما رأيتُ، ولا بزيارتي إلى معبد الكرنك، سوى الكلب البرونزي، والأختام الحجرية التي خُتمت بها المقابر في مدينة طيبة، والأختام الأربعة في الصندوق الخفيف، وليس بإمكانك تصوُّر مدى صعوبة الحصول على أي شيءٍ في القاهرة، لأنَّني أعلم أنَّك ستعتقدين، وهذا صحيحٌ بالمناسبة، أنَّ الأشياء التي أرسلتها إليكِ رديئة جداً".

وفي خطابٍ آخر أرسلته فلورنس بعد ذلك، تحدَّثت مرةً أخرى عن أثمن ختمٍ في مجموعة الأختام قائلةً: "حصلتُ على تحفةٍ لها عندي مكانة خاصة، وهي ختمٌ رسمي، يعود إلى حقبة رمسيس الثاني، بطلي المُفضَّل، وفوقه خرطوشة (وكانت الخرطوشة تُطلق على مربعٍ يُكتب فيه اسم الملك). وهذه حقيقةٌ لا يخالطها شك. فمن ذا الذي سيجرؤ على فتح خطاباتٍ مختومةٍ بالختم الشخصي لرمسيس الأكبر؟".

وقال كوك بنبرةٍ لطيفة: "لسوء الحظ، اكتشفنا أنَّ الأختام الأربعة كلها مُزيَّفة، ولكن يكفي أنَّها أسعدت فلورنس، وهي مجرد أشياء بسيطة جداً".

وتبرَّع أحد أقارب فلورنس بالتمائم للمتحف، وستُعرض في أول عملية إعادة عرضٍ رئيسية منذ دمَّر قصفٌ ألماني المعرض الأصلي ومجموعة كبيرة من التحف خلال الحرب العالمية الثانية.

 

النيران التهمتها

 

ويُوقِّر كوك إحدى جداته التي كانت أمينةً للمتحف، وكانت تُدعى إلين تانكارد، والتي فُجعت من هول الصدمة حين علمت أنَّ النيران التي شاهدتها آنذاك عبر شبه جزيرة ويرال، الواقعة شمال غربي إنكلترا، كانت صادِرة من المتحف. وبعد انقضاء الحرب، عزمت إلين على إعادة تكوين مجموعة التحف، التي دُمِّر منها أكثر من 3000 قطعة، وحين تقاعدت عن العمل، كانت قد أضافت 10 آلاف قطعة أخرى إلى المجموعة.

وطافت إلين أرجاء البلاد سعياً وراء تجميع قطعٍ أثرية من عدّة متاحف إقليمية والتي كانت في طور إعادة تنظيم معروضاتها. وتساءل كوك عمَّا إذا كان بعض أمناء المتاحف قد شعروا بشيء من الخطر حين زارتهم إلين. 
وكانت إلين قد زارت متحف نورويتش، وبعد يومٍ من زيارتها، أرسلت خطاباً إلى مسؤولي متحف ليفربول تقول فيه أنَّها ستمكث هناك مزيداً من الوقت لأن المتحف يحتوي على العديد من التحف الرائعة التي كانت تعتقد أنَّه يمكنها الحصول عليها من المتحف، وتضمَّنت الغنائم التي عادت بها من المتحف خواتم مصرية قديمة مصنوعة من الذهب كان يملكها الروائي هنري رايدر هاغارد.

وسيُعاد عرض هذه الخواتم في المعرض الجديد، ومن بينها خاتمٌ اعتقد كوك أنَّه قطعة أثرية معطوبة، حتى قرأ في مذكرات هاغارد أنَّ الخاتم تعرَّض للضرر حين كان يرتديه في إحدى سيارات الأجرة بمدينة لندن.

 

المومياوات

 

وستضم غرفة المومياوات الجديدة في المعرض، التي تُعد دوماً أكثر العروض شعبيةً في المعرض كله، أربع مومياوات لم تُعرض منذ عام 1941. وتشمل المجموعة مومياواتٍ لأربع سيدات، وأحد عازفي المعابد، وسيدة نوبية مدفونة مُغطَّاة بملاءات السرير، إضافةً إلى مومياء لأحد حُرَّاس المعابد، وأخرى لطفلٍ في الخامسة من عمره.

ومن المقرر افتتاح معرض مصر القديمة بالمتحف العالمي في ليفربول، والذي يحمل شعار رحلة عبر التاريخ، في 28 أبريل/نيسان الجاري.

محرر الموقع : 2017 - 04 - 24