سَقَطِ المَتاعِ
    

حق وباطل ,نور وظلام, طهارة ونجاسة, هذه هي الدنيا , إذهب الى النور تجد الحب والود ,الورود والنسيم العليل, الوجوه الباسمة, المياه العذبة, النفوس الطيبة ، إذهب الى الجهة المقابلة ,تجد الحقد والكره, الغدر والغرور ,الدم والموت ، هذه هي الدنيا أمران لا ثالث لهما , ولو دققنا في الوضع لوجدنا أن أحدهما ثابت والأخر متغير , أحدهما باقي والأخر زائل .

الحق ثابت وباقي والباطل منتهي , فالباطل جولة والحق دولة ولعمري ان الدولة أبقى من الجولة , النور باقي والظلام زائل, فالشمس كل يوم تزيل الظلام ,وشمعة العلم تزيل ظلام الجهل ,وضوء الحقيقة يحطم معاقل الشك والريبة, قوة الإرادة تدكدك قلاع الجبن والانتهازية , وهكذا الحال بين المتضادات في كل احوالها .

الانسان اين يجد نفسه وسط كل هذه الامور , وهو الذي هُديٌ السبيل فأما شاكرا وأما كفورا , هل يضرب الارض بفأسه ليصلحها نهارا ويصف رجليه في محرابه ليلا ، أم يبيع نفسه للشيطان يوجهه كيفما يشاء مقابل لذة آنية وشهوة منتهية , هل ينضح عرقه لبناء وطنه , وينزف دمه دفاعا عنه , حتى اذا جن الليل هملت دموعه مخافة واشتياقا لله جل وعلا , أم يستعد لقتل الفضيلة من اجل الرذيله , ويزهق الارواح من اجل حفنة من الدراهم .

الانسان الفاضل , خليفة الله على الارض وسيدها, الذي يرتفع عظمة ليباهي الله به ملائكته , المتمسك بحبل الله والمعتصم به , الذي ضرب جذوره في اعماق الوطن وسمت روحه الى اعالي السماء تطوف مع الملائكة بأجنحة الشهادة ,ذلك هو المعول عليه في بناء الوطن , اما من طغى وبغى , فما هو وإن تفرعن وتجبر الا نطفة نتنة اخرها جيفة , شاء أم أبى ماهو الا نكرة تافهة , لو جمع خيله ورجاله لايتعدى ان يكون زوبعة في فنجان , وخير وصف له ماقاله الشاعر :

               وَما لِلمَرءِ خَيرٌ في حَياةٍ                إِذا ما عُدَّ مِن سَقَطِ المَتاعِ

وسام أبو كلل

محرر الموقع : 2017 - 01 - 13