العلاقات الأسرية في خطاب المرجعية
    

 تطرقت المرجعية في خطبتها, ليوم الجمعة 20/1/2017, الى آفة خطيرة ضربت الأسرة العراقية, وصارت تهدد المجتمع وبناء أجياله, وهي التفكك الأسري, الذي استشرى بين العوائل العراقية, وبينت الأسباب وأوصت ببعض والحلول .

    فقد تغيرت بنية الأسرة العراقية, بعد عام 2003, من أسر ريفية وشعبية, تحتفظ بعادتها وتقاليدها الاجتماعية التي توارثتها, وأصبحت كل عائلة تمتاز بها, وتورثها الى أجيالها اللاحقة, الى عوائل غلب عليها طابع المدنية والحداثة, يشغلها التفكير الاقتصادي والمعاشي, وتعاني قلة التواصل والارتباط, في ما بينها .

    وانعكس هذا السلوك, ليدخل كل البيوتات, فأصبحت العائلة الواحدة تعاني التفكك, بسبب تفكير رب الأسرة, في جمع الأموال وتوفير أسباب المعيشة, فأصبح يخرج صباحا ولا يعود إلا ليلا, أو يغيب لأيام دون أن يجلس مع أفراد أسرته, يراقب أخلاقهم وتصرفاتهم, ويشعرهم بقربه منهم, يثني على تصرفاتهم الجيدة, ويصحح الخاطئة منها, بل وصل الأمر, الى إن بعضهم لا يدري بأولاده, في أي صف دراسي هم .

    أما العمود الثاني في هذه الأسرة, فهي الأم التي يقع عليها ربما العبء الأكبر, في ربط وشائج الأسرة وزيادة لحمتها, فقد جرفتها المدنية ومغريات الحداثة, للتصرف بعيدا عن أسرتها في عالم أخر, فقد أصبحت لا تكترث لدورها, وتفكر بفضول المعيشة وتبحث عن ملهيات خارج بيتها, دون أن تكون صديقة لأولادها, تشعرهم بقربها منهم, تعرف طباعهم وتراقب تصرفاتهم, وتعلم ما في داخلهم, قبل أن يتكلم احدهم .

     ومما زاد هذا في هذه التداعيات الخطيرة, وهدم البناء الأسري للعائلة العراقية, هو دخول وسائل الاتصال الحديثة, وسهولة استخدامها من قبل الجميع, وخاصة الأولاد في العائلة,  فأصبح الأولاد يبحثون عن صداقات وهمية في وسائل الاتصال هذه, ويتفاعلون مع إعلام اغلبه مزيف, انعكس على أخلاقهم وتصرفاتهم, وجعلهم يتصرفون بوحشية مع مجتمعهم, مع غياب النصيحة من الوالدين, الذين انضما أيضا لوسائل الاتصال هذه, فأصبح الجميع وكأنه يعيش في فندق, لإغراض المبيت والأكل فقط .

    وعلى العكس من ذلك, فان هناك عوائل متماسكة في ما بينها, كان لها مشروع مع أبنائها, ربتهم التربية الحسنة, وأورثتهم العادات والأخلاق الطيبة, فأصبحوا أدوات فاعلة ومؤثرة في مجتمعهم, فتخرج من هذه العوائل, رجال حفظوا العراق ودافعوا عنه, وقدموا الغالي والنفيس من اجله, ولم يكن ليتم هذا الأمر, لو لم تكن هناك أسر كريمة, وواعية ومربية.

     إن الذي دعا المرجعية العليا, للتحدث في هذا الأمر, بسبب أن التفكك الأسري أصبح مدعاة للقلق, ويمثل صدعا في جدار المجتمع العراقي, صاحب العادات والقيم الأصيلة, لذلك يتحمل الجميع المسؤولية, في محاربة هذه الآفة, سواء كانت مسؤولية اجتماعية, أو عرفية أو دينية .  

محرر الموقع : 2017 - 01 - 21