فِقْهُ الْلُّغَةِ ولُغَة الفِقْه
    

أمين ظافر الغريب 

 

  • أَبُ الفَتح «عُثمَان بِن جِنِّي المُوصِلي»، يُنسَب إلى قبيلة الأزد في الموصل، ولم يكن عربي النسب، فأبيه جنِّي، بكسر الجيم وتشديد النون وكسرها، مملوك رومي يوناني لسليمان بن فهد بن أحمد الأزدي، من أعيان الموصل، ونُشِرَ اسمه على هذه الصورة في الطبعة اللاتينية من ترجمة المستشرق هوبرغ في ليبزيج سنة 1885، وذكر كمال مصطفى أيضاً اسمه بالصورة الخاطئة في مقدمِّته لتحقيق كتاب "الحور العين" ، ووالدته مجهولة الاسم، ولا نعلم إن كان له إخوة أم أنَّه الابن الوحيد. كان أبيه «شتيم الوجه وحشي الصورة لا عِلم عنده ولا فهم»، ويُقال أنَّه كان جُندِياً في جيش سيف الدولة الحمداني. ويذكر ابن جنِّي في أحد أبيات الشعر المنسوبة إليه أنَّه يؤول إلى سلالة القياصرة، ويعني بذلك أنَّه ينتمي إلى الروم عامَّة وليس قياصرة الروم. ويجمع المؤرخون أنَّ اسم «جِنِّي» تعريبٌ لاسم علم رومي، بالرومية «كني»، يقترح محمد النَّجار أنَّ اسم أبيه الأصل «جينايوس» Gennaius، باليونانية: Γενναιος، الأصل الإيتمولوجي للإنجليزية الحديثة «genius»، بمعنى كريم أو فاضل، ويستند في ذلك إلى ما رواه ابن ماكولا في كتابه "المؤتلف والمختلف" عن اسماعيل بن المؤمَّل قوله أنَّ: «أبا الفتح كان يذكر أنَّ أباه كان فاضلاً بالرومية». وينقل محمد أسعد طلس عن المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون قوله أنَّ «جِنِّي» تعريب «جانواريوس Januarius»، الشهر الأوَّل من التقويم اليولياني ويقابل يناير من التقويم الغريغوري. ويقترح أحمد أمين أن «جِنِّي» تعريب لاسم «جونا» (باللاتينية Jonah). ويُخطِئ الكثير في قراءة اسمه بالياء المُشدَّدة، أنَّها ياء النسب، وهذا خطأ شائع. وابن خلكان زعم أنَّ ابن جني التقى أبا علي الفارسي صاحب كتاب (دلائل الإعجاز) في بغداد قبل مجيئه إلى الموصل، وتدعم خديجة الحديثي هذا القول بنصوص من مؤلفات ابن جني يذكر فيها تلاميذ المبرد وثعلب في بغداد والمُدَّة الزمنية الطويلة التي قضاها ابن جني في صحبة الفارسي، تُقَدَّر بنحو 40 عاماً منذ لقائه سنة 337 حتى وفاة الفارسي سنة 377. ويُرجِّح مهدي المخزومي أنَّ ابن جني لم يصحب بعد لقائه بالفارسي أيَّ أستاذٍ آخر. وفي هذه الأربعين عاماً لم يفارقه إلا قليلاً، يلازمه في جميع أسفاره، غادر معه إلى الشام ودخل حلب في صحبته سنة 346، وصاحبه إلى بغداد واستقرَّ معه في البيت البويهي. قرأ عليه الفارسي كتاب "التصريف" للمازني، و"كتاب سيبويه"، وكتاب "الهمز" و"النوادر" لأبي زيد، و"القَلب والإبدال" ليعقوب، وكتاب "التصريف" للأخفش، وأخذ عنه القراءات القرآنية. وقام ابن جني بتأليف جميع مصنفاته في صحبة الفارسي، وفي المرات القليلة التي لا يرافقه فيها كان يكاتبه حول المسائل اللغوية والنحوية المستعصية، ومع هذه الألفة والصحبة والتقدير الذي يكنّه ابن جني لأستاذه فهو لا يتوانى عن تخطئته متى ما رآه مُجانِباً للصواب، أو يكتفي بتبنِّي آراء مخالفةً لأستاذه. وأكثرَ ابن جني من نقل آراء أستاذه الفارسي، ولم ينقل آراءه فحسب، الفارسي صاحبه في بغداد قبل مجيئه إلى الموصل، وتدعم خديجة الحديثي هذا القول بنصوص من مؤلفات ابن جني يذكر فيها تلاميذ المبرد وثعلب في بغداد. كتاب «الخصائص» أشهر كتب فقه اللغة، لابن جني، يبدأ بباب إلهام اللغة واصطلاحها، وأصول اللغة: القياس، الاستحسان، العلل، الحقيقة والمجاز، التقديم والتأخير، الأصول والفروع، واختتم بحديث عن أغلاط العرب، وسقطات العلماء. عدم الترادف على نظريتي "دلائل الأعجاز" لمدرسة أبي علي الفارسي اللغوية، ونظرية ابن جني في "الخصائص". أهدي الكتاب للسلطان بهاء الدولة البويهي. عام 1913م طبع لأول مرة في مصر ولم ينشر كاملاً. عام 1955م طبعه كاملاً محققاً محمد علي النجار. بيد أن منبر الدكتور المهندس السوري المتنور بهذا التراث (محمد شحرور) رابط الأصالة بالمعاصرة (هام):

  • http://www.shahrour.org/

  •  

 

محرر الموقع : 2017 - 01 - 21