الطغاة وقتل الأحرار
    

هذه المعادلة انطلقت مع انطلاقة الخلق عندما قتل قابيل أخاه هابيل لمجرد أن الله سبحانه وتعالى تقبل قربان هابيل الذي قدمه بنية خالصة له فأشتعل حسد وبغض وأنانية قابيل فقام بقتل أخيه ، ولكن بقى هابيل يمثل الخير وتخلده جميع البشرية وتترحم عليه وبالمقابل أصبح قابيل يمثل الشر والظلم والطغيان الذي تلعنه جميع البشرية أيضاً فالجميع يلعن الظلمة والمستكبرين بضمنهم الظلّام والمستكبرين أنفسهم حيث يقولون ألا لعنة الله على الظالمين ، وأصبح هذا الصراع المحور الذي تدور حوله رحى الحياة والقطب الذي يتسابق إليه الجميع والغاية التي يريد تحقيقها بني آدم ، فصراع الحق والباطل أو الخير والشر ملح الحياة وزينتها وجمالها الذي لا ينطفئ أبدأ مادامت هذه الحياة قائمة ونتائج هذا الصراع تكون النواة التي تعتمد عليها الحياة بعد الموت أو الآخرة ، فمسألة قتل الطواغيت للأحرار أو طالبي الحق أو المدافعين عن الخير وأهله يعتبر صيرورة الحياة والحقيقة التي تلازم هذا الوجود لأنه العلة التي من أجلها خلق الله سبحانه وتعالى الخلق ، لأن الحق يلازم طريق الهدى الذي رسمه الله سبحانه وتعالى للخلق لكي يسلكوه والباطل طريق الشيطان الذي حفره إبليس بخططه الشيطانية وجعله ملتوي بشكل يصعب الخروج منه من أجل ضياع المخلوق وإبعاده عن الصراط المستقيم الذي لا اعوجاج ف!
 يه ، فمهما قتل الطواغيت وأستبدوا في طغيانهم وجبروتهم وظلمهم فأن النتيجة لا تكون معهم لأن الوعد الالهي جاري إذ يقول الله سبحانه وتعالى (وما النصر إلا من عند الله) وقال سبحانه وتعالى (والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار) وقال سبحانه وتعالى ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين) ، وما نتيجة جريمة القتل هذه إلا الخسران والتعاسة والفشل في الدنيا والآخرة لكل من طغى وأستكبر وأجرم وقتل والفوز والنصر والسعادة في الدارين لكل من ضحى بحياته من أجل إسعاد الآخرين ، فقتل الأحرار هي في حقيقتها قتل الحياة بما تحتوي من خير وصلاح وسعادة وهذا طريق الحق الذي أراد الله سبحانه وتعالى أن يسلكوه وإحياء الشر والفساد والتعاسة وهذا طريق الباطل الذي أراده الشيطان للخلق أن يَحيّوه ، لهذا اصبح الأحرار جنود الله سبحانه وتعالى في الأرض والطغاة أيدي الشيطان في هذه الحياة ، ولكن في كلا الدارين خطف الأحرار النصر من الشيطان وجنوده الطغاة ففي الدنيا اصبحوا مثل الإنسانية الأجمل الخالد وفي الآخرة المنازل العليا من الجنان .
خضير العواد

محرر الموقع : 2017 - 01 - 21