إشكالات حول التّرجمات الفرنسيّة لمعاني القرآن
    

لم تكن الترجمات الأجنبيّة لمعاني القرآن ـ ولن تكون ـ موفَّقة تماماً في نقل المعنى الدقيق للوحي وصوره المختلفة وتأويلاته المتنوّعة التي لا تلبيها الترجمات. واليوم، يتلو مسلمو فرنسا من غير الناطقين بالعربيّة، الآيات كما هي مترجمة بالحرف اللاتيني، بطريقة "الفونيتيك"، أي برسم الكلمات العربية صوتيّاً برموزٍ فرنسيّة.

كما تشيع ترجماتٌ جديدة للقرآن بلغة موليير، تتسم عموماً بصرامة أقلّ من تلك التي ميّزت ترجمات أنجزها المستشرقون الفرنسيون في القرن الماضي، مثل ألبير كازيمرسكي (1808-1887)، وريجيس بلاشير (1922-1978)، وبعدهما جاك بارك (1910-1995).

وهناك إضافة إلى ذلك، محاولات بعض المستشرقين الذين ينطلقون من خلفية سياسية رافضة للإسلام، ومن خلفية استعمارية لا تكون أمينة في نقلها للمعاني القرآنية.

ما يبرّر التساؤل، ليس فقط انتشار هذه الترجمات وكثرتها واستخدامها في حالٍ من فوضى الترجمات، وإنما وقوف مؤسّسات نشر وجمعيات، وحتى دول لها علاقات بعضها مشبوهة، وراء بعض التّرجمات للقرآن.

وقد لفت متابعون للقضيّة، ممن أعدوا تقريراً حولها، أنه يكفي أن نعالج كلمة "الحمد"، وهي مفردة وردت في القرآن، حسب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، لفؤاد عبد الباقي، ثمانيةً وثلاثين مرةً، وكلها ترجمت، بشكلٍ يكاد يكون آليّاً وواحداً، في الفرنسية بـ Louange وفي الإنكليزية بـ Praise، وكلاهما لا يأتي على ما أشار إليه المعجميون العرب والمفسّرون من قيمٍ متّصلة بمَعْنَى "الحمد"، نقيض الذّمّ، ولا على ذلك الفصل اللّطيف الذي خَصَّصه لهذه المفردة، فخرُ الدين الرازي، في "مفاتيح الغيب"، مُبيّناً الفرق بينها وبين المَدح والشّكر والثناء والإشادة.

وهكذا، يظلُّ الطريق إلى نقل معاني القرآن وترجمتها غير آمن، وتحوطه المخاطر، وهذا ما يستدعي وقفة مسؤولة من قبل المثقّفين المسلمين والباحثين الواعين القادرين على مواجهة الموقف، والتصدّي لهذه الترجمات بالموضوعيّة والتوضيح، لأن ذلك أمانة لا ينبغي التغاضي عنها، وخصوصاً ونحن في ظروف يتعرّض فيها الإسلام للتّشويه والإساءة.

محرر الموقع : 2017 - 06 - 14