لِفَضائِيَّةِ (الاشراق) عِبر خِدمة [سكَايب]؛ أَلشَّارِعُ كَأَدَاةِ ضَغْطٍ!
    

      نـــــــــــــزار حيدر

   أَلِف؛ يتساءل كثيرونَ عمّا إِذا كان من حقِّ أَحدٍ توظيف الشّارع للضّغطِ على أَحزابِ السُّلطةِ مثلاً؟! خاصَّةً اذا كان هذا الواحدُ هو جزءٌ من السُّلطة؟! كما هو الحال مع التّيار الصّدري الذي يوظِّف الشّارع بين الحينِ والآخر للضّغطِ على شركائهِ ليفرضَ إِرادتهِ ورؤيتهِ السّياسيَّة الخاصَّة؟!.

   الجواب؛ نعم يحقُّ ذلك لأَيٍّ كان بغضِّ النَّظر عن الدّوافع والتَّفاصيل والنّتائج! فلقد رأَينا كيف تمَّ توظيف الشّارع هنا في الولايات المتَّحدة لاسقاطِ أَحد أَخطر القرارات الرِّئاسيَّة التنفيذيّة التي كان قد وقَّع عليها الرَّئيس ترامب في الأسبوع الأَوّل من تولّيه مهامِّهِ الدُّستوريّة في البيت الأَبيض، وهو القرار المتعلِّق بالهجرة.

   ففي كلّ النُّظُم الدّيمقراطية يُعتبر الشّارع أَحد أَهم أدوات التّغيير، أَمّا في النُّظُم الاستبداديّة والديكتاتوريّة فانّ أَخوفَ ما يخافُ مِنْهُ الحاكم هو الشّارع! ولذلك يستخدم كلَّ أَدوات القمع ضدّهُ! كما كان يفعل نِظامُ الطّاغية الذّليل صدّام حسين مثلاً!.

   صحيح أَنَّ لكلِّ فئةٍ حرَّضت هنا على التّظاهُرات وتحريك الشّارع، أَجنداتها الخاصَّة وهي تختلف من جماعةٍ لأُخرى إِلّا أَنّ القاسم المشترك في الدَّوافع هو تضرُّرهم جميعاً من القرار! وهو الأَمرُ الذي اجتمعَ عليهِ حتّى المتناقضونَ في الأَهدافِ والأَدواتِ وقبل ذلك في المنطلقاتِ!.

   وهذا ما يحصل اليوم في ساحة التّحرير، فالقاسمُ المشترك الذي وحَّد كلَّ مَن يُشارك في التّظاهرات أَو يؤيّدها ويدعمها ويحرِّض عليها ولو بمقالٍ أَو خطابٍ أَو تغريدةٍ على وسائل التّواصل الاجتماعي، هو شعورهُم بحجمِ الضّرر الذي سيلحق بالعراقِ حسب قراءتهِم، اذا ما بقيَ قانون الانتخابات والمفوضيَّة المستقلَّة العُليا للانتخابات على حالهِما، فهم يشعرونَ بأَنَّ البقاء على الحال وعلى ما هو عليه القانون والمفوضيَّة سيُنتج نَفْسِ الوجوه الكالِحة التي لم تجلِب الخيرَ للعراقِ وأَنّ صُندوق الاقتراع سيستنسخها في كلِّ مرّةٍ تجري فيها الانتخابات!.

   هذا أَمرٌ يعتبرهُ كثيرون تكرار التّجرِبة مع المُجرَّب! وبالتّالي سيكونون مصداق الحائِط الذي أَشار اليهِ الخِطابِ المرجعي والذي سببهُ عدم الاستفادة من التَّجربة وعدم تعلُّم الدّرس!.

   واذا كان البعض مستعدٌ ليكونَ مصداق الآية المُباركة {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} فليسَ كلّ العراقييّن مستعدّون لأَن يكونوا كذلك!.

   خاصَّةً في ظلِّ التّسويف الذي تمارسهُ [العصابة الحاكمة] لتضييع الوقت ومحاصرة العراقييّن بضيق الوقت!.  

   ٢/ يُجادلُ بعضٌ آخر بالقول؛ أَوليس التّيار الصّدري هوَ جزءٌ لا يتجزَّء من المنظومةِ الفاسدةِ والفاشِلة الحاكِمة؟! فما معنى التّظاهُرات التي يدعو لها زعيم التّيّار بين الفينَةِ والأُخرى؟!.

   ١/ التّظاهرات ليست مُلكاً لأَحدٍ أَبداً، فمِن حقِّ أَيٍّ كان أَن يدعو لها ويشترك فيها اذا كان يعتقد أَنّها تنسجم مع الهدف المتوخّى منها!.

   ٢/ ماذا نفعل اذا كانت في العاصمة بغداد ساحةُ تحريرٍ واحدةٍ فقط؟! هل نبني واحدةً أُخرى في مكانٍ آخر من العاصمةِ مثلاً ليُميِّز المتظاهرون أَنفسهم عن التّيّار مثلاً؟!.

   ٣/ أَجزم لو أَنّ أَيّة جماعة سياسيَّةٍ أُخرى تمتلك من الشّارع ما يمتلكهُ الصَّدريّون لما تردَّدت في توظيف الشّارع لفرضِ أجنداتها على شركائِها في العمليَّة السّياسية! أَم نسينا تظاهرات [السُّليمانيّة] التي سَقَطَ فيها العشرات من الشُّهداء والجرحى بعيداً عن أَعينِ واهتمامِ الاعلامِ المُسيَّس؟!.  

   ولقد رأَينا كيف أَنّ زعيم (دولة القانون) حاول جاهداً وبذلَ الأَموال الطّائلة لتحريك الشّارع من أَجْلِ ضمان حلمَهُ المريض في (الثّالثة) إِلّا أَنّهُ فَشَلَ فشلاً ذريعاً في تحقيق حلمهِ ذاك! فماذا كانَ سيقولُ خصومهُ إِذا كان قد نجحَ نجاحاً باهراً (لا سمح الله)؟!.

   أَكثر من هذا! أَلم يُهدِّد وقتَها قائلاً بأَنَّ أَبوابِ جهنَّم ستُفتح في بغداد إِذا ما فكَّر أَحدٌ في إزاحتهِ عن الثّالثة؟! بل أَنّهُ حرَّك قطعات الجيش ونشرها في العاصمةِ! لتنفيذ تهديدهُ لولا لطف الله تعالى وحكمةِ المرجعيّة الدّينية وتحديداً المرجع الأَعلى!.

   ٤/ لم يبق أَمامنا كثيرُ وقتٍ لتغيير قانون الانتخابات، خاصَّةً في ظلِّ التَّسويف الواضح من قِبل جلِّ الكُتَل السّياسيَّة تقريباً، ولذلك فالحريصونَ على مستقبلِ العمليَّة السّياسيَّة أَمامهم خيارَين، فامّا أَن ينزِلوا للشّارع بغضِّ النَّظر عمَّن يدعو للتَّظاهر، أَو أَن ينتظر لحين إِنسحاب الآخرين لينزلَ هوَ الى الشّارع! وعندها أَخشى أَن يشدَّ رحالهُ الى الحجِّ عندما يقفل الحجّاج راجعونَ من بيتِ الله الحرامِ!.

   الذين يستشكلونَ على المتظاهرينَ بأَيِّ شكلٍ من الأشكالِ عليهم أَن يقدِّموا الحلَّ، فلا يكفي النَّقد، فلينزلوا الى الشّارع مثلاً لينزل معهُم الآخرون! أَمّا أَن ينتقِدوا المتظاهرين من دونِ حلٍّ أَو بديلٍ فأَفضل لهم أَن يبلعوا أَلسنتهُم!.

   ٤/ مَن يتصوَّر أَنَّ الكُتل السّياسية ستُبادر من عندِ نفسِها وتِلقائيّاً لتُغيِّر قانون الانتخابات والمفوّضيّة وبالطَّريقة الصّحيحة بعيداً عن المُحاصصة! فمثلهُ {كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا}.

   وأَنا هنا أُسجِّلُ رأيي للتّاريخ وأَقول؛

   ستضيعُ أربعُ سنواتٍ أُخرى من عُمرِ العراقييّن اذا لم يتغيَّر قانون الانتخابات تحديداً، اذ سنكونُ وجهاً لوجهٍ مع نَفْسِ الوجوه الكالِحة التي لم تجلِب الخيرَ للعراق!.

   وسيتحمَّلُ مسؤوليّة ذلك كلُّ مَن لم يُحرّك ساكناً فيقف على التلِّ مُتفرِّجاً أَو مُكتفياً بالنّقد والتّشهير! و...الابتسامةِ الصَّفراء!. 

   طبعاً، إذا بقيَ هذا الْعِراق!.

   أُكرِّر؛ إذا بقيَ هذا الْعِراق!.   

محرر الموقع : 2017 - 02 - 17