لإذَاعَةِ [طَهْرَان] بِالُّلغَةِ الْعَرَبِيَّةِ؛ رِسَالَتُنَا فِي زَمَنِ الْعَوْلَمَةِ
    

  نـــــــــزار حيدر

   أَوَّلاً؛ إِنَّ الاسلام كدينٍ سماويٍّ، وهو خاتمُها، إِعتمد البُعد العالمي منذُ اليوم الأَوَّل، فرسالتهُ وقيَمهُ ونظمَهُ وشرائعهُ وقوانينهُ عالميَّة تصلح لكلِّ زمانٍ ومكانٍ بغضِّ النَّظر عن الجُغرافيا والإثنيّة واللّون والجنس وغير ذاك.

   ولهذا السَّبب فلا نجدَ أَيَّ تناقضٍ بين الاسلامِ والعَولمةِ.

   ففي قولِ الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} وقولهُ عزّ مَن قائل {هَٰذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ} دليلٌ واضحٌ على عولمة الاسلام وعالميَّتهُ كما أَنّ الواقع يُثبت هذه الحقيقة بِلا جدالٍ، ولعلَّهُ في حقيقة كَون الاسلام ثاني أَكبر الأَديان السّماويّة في سرعةِ الانتشار هنا في الولايات المتَّحدة تحديداً وفِي العالم بشَكلٍ عام دليلٌ واضحٌ ودامِغٌ على ذلك.

   ثانِياً؛ لقد وضعت التّكنلوجيا الحديثة العالم على أَكُفِّنا، فلم تعُد للمسافاتِ قيمةٌ عند التّواصل بين بني البشر، وهذا ما يُساعدُ على نشرِ قيَم الاسلام الحقيقيَّة بشَكلٍ أَفضل وأَسهل وأَسرع!.

   وبرأيي فانّ مسؤوليَّتنا اليوم تتضاعف في تبليغِ الرِّسالة، فعندما تختطِف جماعات العُنف والارهاب والعقليَّة المتحجِّرة والمتزمِّتة الاسلام لتُقدِّمهُ للآخر بصورةٍ مشوَّهةٍ وغير صحيحةٍ، فانّ مسؤوليَّتنا يَكُونُ لها بُعدَين؛

   ١/ أَصل الاسلام كقِيمٍ ومنافبيّات وأَخلاقيّات وسِيَر صالحة.

   ٢/ ردُّ الشُّبهات التي لحِقت بهِ جرّاء المُمارسات والسُّلوكيّات القبيحة التي أَلصقها به الارهابيّون والمتزمّتون والمتخلّفون الذين همَّهُم الإثارة وديدنهُم تشويه الحقيقة والصّورة الناصّعة للإسلام.

   ثالثاً؛ من جانبٍ آخر فانّ العَولمة سببٌ لتطوُّر التّحدّيات إِن صحَّ التّعبير وعلى مُختلفِ الأَصعِدةِ وخاصّةً على الصّعيد العَقَدي والفكري والتّاريخي السُّلوكي! سواءً بالنِّسبةِ الى شعوبِنا أَو الى الآخر، فلقد أَثارت العَولمة تحدّيات لم تكن ظاهرةً للعيانِ فيما سبقَ، كما أَنّها جعلت من مصادرِ الدّين والتّاريخ والشَّريعة في متناولِ اليدِ ما باتَ يُثيرُ أَسئلةً وشبهات لم تكُن موجودةً فيما سبق لعدم إِطّلاع الرّأي العام على هذه المصادر مثلاً أَو السِّيَر التّاريخيّة، والتي كانت الى الأَمس القريب محصورةً في المراكز التّعليميَّة الدّينيَّة يتناولها المختصّون والمهتمّون فقط، أَمّا اليوم فقد أَصبحت مُشاعة لا يُمكن لأَحدٍ أَن يمنعها عن أَحدٍ أَو يمنع من تناولِها!.

   كما أَنّ الكثير من هذه التّحدّيات كانت محرّمة لا يجوزُ الخوضُ فيها! امّا اليوم فقد أَباحتها العَولمة رغماً عنّا!. 

   رابعاً؛ أَنا أَعتقدُ أَنّ الفُرصةَ الآن مُؤاتيةٌ وهي ذهبيّةٌ جدّاً لتبليغِ الاسلامِ المحمّدي العلوي الأَصيل، من دونِ خوفٍ أَو تردُّدٍ ووجل عندما يتَّهمنا البعض بإثارةِ الطّائفية مثلاً فهؤلاء يريدونَ احتكار التّبليغ لمدرستهِم فقط [مدرسة الخُلفاء] ولا يريدونَ ولا يرغبونَ أَو يتمنَّون أَبداً ان يطَّلع الرّأي العام العالمي على مدرسةِ أَهْلِ البيتِ عليهمُ السّلام وذلك لسَببَين؛

   الأَوّل؛ إِنّها تفضح المنهجيّة الخطأ التي يتبنَّونَها والتي أَنتجت الفكر الوهابي التّكفيري الارهابي!.

   ثانِياً؛ إِنّها تفضح تحديداً الارهاب ومنابعهُ ومصادرهُ ومدرستهُ العقديّة التي تعود في جذورِها الى [مدرسةِ الخُلفاء].

   إِنّها فرصة هيأتها العَولمة ليُميّز العالم ويُفرِّق بين مدرستَين في الاسلامِ، مدرسةُ [أَهل البيت] ومدرسة [الخُلفاء]. 

   لماذا يحقُّ لمَن هبَّ ودبّ أَن يبلّغ للمدرسة الفكريّة التي ينتمي اليها، ولا يحقُّ لي أَن أُبلّغ لمدرستي؟! مدرسةُ [أَهل البيت] (ع)؟!.

   خامساً؛ ينبغي تحدّي كلُّ مَن يُحاول التّصدّي لما يُسمّونهُ بالتَّبشير الشّيعي لإرعابِ مجتمعاتِنا على وجهِ الخُصوص!.

   ينبغي فضحهُم وتعريتهُم لاسقاط كلّ محاولاتهم الرّامية الى الحيلولة دونَ تبليغِ مدرسة أَهل البيت عليهم السلام.

   كيف يحقُّ لأَحدٍ منع التّبليغ وهو يدخل في مبدأ حريَّة التّعبير وحرّيّة الفِكر وحرِّيّة العقيدة؟! كيف يُجيز هؤلاء لأَنفسهِم ان يفسحوا المجال لكلِّ فكرٍ ولكلِّ عقيدةٍ مهما كان نوعها ومهما شكَّلت من خطرٍ على شعوبِنا! ولكنَّهم يمنعونَ الفكر الشّيعي بحججٍ وأَعذارٍ واهيةٍ وسخيفةٍ كما تفعل بعض القنوات المتخلِّفة في بعض الدُّول العربيَّة أَو كما تفعل بعض معارض الكتاب في هذه العاصمةِ العربيَّة أَو تلك؟! حتّى وصلت الوقاحة ووصل السَّفَه ببعضِ مشايخ الارهاب الفكري الى منع [نهجِ البلاغةِ] من دخولِ مِصر مثلاً؟!.

   إِنّهُ الارهاب الفكري في أَشدّ أَشكالهِ! ولابدَّ من التّصدّي لَهُ وعدم الاستسلام والخضوع لَهُ! فهؤلاء يُحاربونَ الاسلام بمثلِ هذه العقليَّة الارهابيَّة أُسوةً بجرائمِ القتلِ والذَّبح وإِغتصابِ النِّساء وتدميرِ الحَضارةِ والتُّراث والمدنيَّة والتّاريخ التي يرتكبها الارهابيّون في كلِّ مدينةٍ يُسيطرونَ عليها!.

   سادساً؛ ينبغي أَن تتسلّح مؤسساتنا الفكريّة والثّقافيّة التي تتصدّى لمسؤوليّة التّبليغ على وجهِ التّحديد بعقليّةٍ جديدةٍ وبمنطقٍ جديدٍ وبأَدواتٍ جديدةٍ لتواكبَ تحدِّيات العَولمة وتكونَ بمستواها! لتنجحَ في أداءِ واجباتِها الرّساليّة التّاريخيّة!.

محرر الموقع : 2017 - 02 - 17