الاعوجاجات الخمسة في العملية السياسية العراقية
    

 

جواد كاظم الخالصي

 

خمس علامات فارقة للاعوجاج تكتنف العملية السياسية في العراق كانت سبيلا ولا زالت الى ان تكون نوعا من الكوابح التي تصد اي تقدم في الحال العراقي وما زلنا الى يومنا هذا غير قادرين على تخطيها او تجاوزها وهذا له اسبابه وتداعياته تتمثل بما هو عامل داخلي وما هو عامل خارجي واصبحت تؤرّق الفرد العراقي فأمسى في حيرة من أمره متسائلا هل ينتفض على النظام السياسي برمته ام يقلب بعض الموازين في نطاق العملية السياسية ليعتمد مخرجات جديدة قد تنفع لبناء الوطن وعندها يكون كل مواطن له الحق أن يعيش احلامه الوردية في وطن يمتلك كل المقدرات والثروات التي تؤهله لذلك وتعطيه المساحة الكافية لتحقيق أمنياته ومن ثم يكبر أطفال هذا البلد ليجدوا بين ايديهم وطنا وارضا تحتضن ابناءها وترسم لهم حياة حرة كريمة مثلها مثل باقي دول العالم التي برزت على مسطحات الجغرافيا كدول حديثة المنشأ والتكوين.

العوامل الداخلية ربما تكون هي الاقوى في صناعة هذه الاعوجاجات التي شلّت حركة العملية السياسية تتنقل من الفساد الى العجز الاداري في قدرة بعض الكفاءات المفروضة ربما على مؤسسات الدولة لتصل الى ما هو أخطر من مفاصل عوامل الداخل وهي الخيانة للبلد بالتآمر والتخابر والاتفاق مع جهات خارجية وتنسيق عالي المستوى مع مخابرات دول اخرى ليسمح من خلالها التدخل في الشأن العراقي وقد رأينا تدخلات دول الجوار ومحاولات فرض ملفات واجندات خبيثة منها ملف التقسيم ومحاولة اعادة صناعة وجوه البعث من جديد على أكتاف بعض الفاعلين في العملية السياسية وهذا ما يرفضه الشعب العراقي بشكل قاطع يصل حد احتضان السلاح للوقوف بوجه هكذا مخططات .

والعامل الخارجي بالتأكيد له دور كبير في ابقاء العملية السياسية عرجاء لا تحقق تقدما وهي ارادات من ذات الدولة المحتلة للعراق الولايات المتحدة الامريكية منذ العام 2003 الى أن اخرجتها الارادة العراقية لتقضي على احلامهم بجعل العراق بؤرة نارية لن تنطفيء ومع ذلك صنعت لنا مخططات مثل هذا التنظيم الارهابي داعش ليكمل المسيرة وتبقى الاعوجاجات الخمسة قائمة لأن القائمين على تصحيحها في البرلمان غير قادرين على علاجها إما لغاية في نفوسهم او أنهم غير قادرين على تعديلها ونحملهم اكثر من طاقتهم.

ما هي تلك الاعوجاجات الخمسة التي ذكرها عميد العلوم السياسية الدكتور عامر الفياض عبر برنامج مجلس عراقي في قناة آفاق الفضائية العراقية،، مع تعليقاتي على كل واحدة منها.   

1-العوز التشريعي في التشريعات الاساسية لبناء الدولة:: ففي كثير من الاحيان نجد ان جميع القرارات المهمة التي يحتاجها البلد وتدخل في صميم حاجة المواطن لا يمكن تمشيتها الا بصحبة قوانين اخرى تريدها جهات ثانية في العملية السياسية فلا يصح ان نلح على تمشية القوانين بالتصويت وفق الجعبة الواحدة كقانون العفو العام الذي يسير بموازات النظام التقاعدي فهذا يشمل كل الطبقات العراقية وفيه حالة انسانية للشعب اما الاول فهو محل شبهات ربما بعض من يُراد الافراج عنه او هم خارج العراق من البعثيين يمتلك سجلا اجراميا ومشاكل عديدة لها التأثير الكبير على المجتمع وخرابة لو عاث فيه المجرمون مرة اخرى ولكن للاسف بعض الكتل  السياسية اتخذت من ذلك ذريعة  لمزاوجة قوانين مع قوانين اخرى فيها مضرة للمجتمع العراقي .

2-عوق مؤسساتي:: الذي يعطينا وضوحا كاملا على ان المؤسسات العراقية غير فاعلة تجاه جعل العراق دولة مؤسسات وهذا ما لا يريده الفاسدون في الداخل والناقمون من الخارج والكارهون للعراق من دول المنطقة كون دولة المؤسسات تمنح النجاح للعراق.  

3-عجز خدمي:: لأن المقاولات تنتقل من كرش مملوء بالحرام الى كرش آخر مملوء بحرام اكثر من سابقه .

4-عقم انتاجي يقابلها خصوبة استهلاكية:: لكوننا تخلينا عن مصانعنا الانتاجية وما كانت تدره على ابناء الشعب العراقي فأصبحنا أوعية استهلاك كبرى تتقبل كل ما هو مصنوع في بلدان العالم وان كانت متردية ورديئة بل وغير صالحة للاستخدام البشري حتى وصلنا الى درجة ان الفاكهة والخضراوات متعة استيرادنا لها ونسيان ما تنتجه الارض العراقية من طيبات.  

5-عبث في المال العام وهو الفساد وعبث في الامن وهو الارهاب:: وهاتين المقاربتين يبدوان بشكل واضح مرتبطتين تماما ببعضهما البعض الاخر فالمال الحرام يدعم الارهاب ، والارهاب وسطوته تصنع فاسدين لا يتوانون عن تمويل الارهاب لديمومة عملهم وبقائهم في مناصبهم ويلهو الشعب العراقي بحيرته التخلص من الارهاب والموت المجاني بالمفخخات الارهابية كما حصل يوم أمس في البياع بغداد.

إن مواصفات رجل الدولة  كثيرة ولكن اثنين منها يمكن اعتمادها مما ذكره كل من  افلاطون وارسطو  الذين عددوا عشرات من المواصفات.

أ - ان يكون تفاعلي وليس انفعالي . معظم رجالاتنا انفعاليين وليس تفاعليين فيما بينهم.

ب- يجب ان يفهم بالأولويات يعني يقدم الاكثر اهمية على ما دون ذلك.

لذلك نقول اذا توفر لدينا رجال دولة بهاتين الصفتين وليس أكثر فيمكن ان نتحدث عن عملية الاصلاح ، والاصلاحات تحتاج الى قوانين لترسيخها....

يقول افلاطون " لا يمكن أن نصنع رجالاً ذهباً من مواهبَ نحاسية ::::

لكن هذا لا يعني ان العملية السياسية في العراق فاشلة تماما وليس لها انجازات على الارض بالتأكيد هناك بعض المؤسسات لديها من النجاح الكثير ، كما ان الكثير من المؤامرات الخارجية لم تستطع النيل من وحدة العراقيين وتلاحمهم فحققوا نصرا على الارهاب العالمي لم ولن تستطيع كبريات دول العالم تحقيقه وباعترافهم هم فلا زالت النخوة العراقية والشيمة والبطولة من العلامات البارزة في شخصية ابن الرافدين مهما قصّر سياسي هنا أو هناك ومهما استطاع البعض أن يتآمر على أهله وناسه وكانوا مطايا للارهاب ومموليه من دول المنطقة.  

محرر الموقع : 2017 - 02 - 18