عراق يشتعل
    

هادي جلو مرعي

    تجتمع المصائب، ولاتأتي فرادي في الغالب، وهذا ديدن العراقيين الذين عانوا كثيرا من سلطة القانون التعسفي خلال قرون مضت، وتحت نير سلطان جائر لم يبق ولم يذر، وحول الناس الى هياكل متنقلة غير قادرة على التأثير والفعل، وبقيت المجموعات البشرية المتعاقبة تنتظر الفرصة التاريخية التي كان ينتظر أن تستثمر في البناء لكن ماحصل انها أستثمرت في صناعة الفوضى حتى صارت الطبقة السياسية والمعارضة ومعهما الشعب وكل مايتصل بحراك شعبي أو رسمي جزءا من كيان الفوضى العارمة والمتصاعدة والتي تأخذ معها العراق الى حريق يصعب إطفاؤه.

    هل تستطيع النخبة الحاكمة في العراق على مستوى البرلمان والحكومة أن تأتي بالجديد، وأن تستجيب لمطالب يبدو في الظاهر أنها شعبية لكنها أيضا متصلة بجهات قرار فاعلة، فالشارع لايتحرك لوحده في بلد مثل العراق تحكمه الآيدولوجية الدينية والقومية والسياسية، وتسير الأمور فيه الى مايشبه النهايات المأساوية في تراجيديا السينما والمسرح والرواية، وأشكال من فنون الآداب التي عشناها مشاهدة وقراءة وإستماع؟

   يخرج العراقيون في تظاهرات عديدة من حين لآخر ومن أسبوع لمثيله ومن جمعة الى جمعة مماثلة، ولكن شيئا على الأرض لم يتغير، فالخراب هو هو، والفساد في تصاعد، والإرهاب يضرب أين شاء ومتى ماشاء بينما تنغمس المؤسسة السياسية والحزبية والمشتغلين في مختلف دوائر الدولة في الفساد، ويتصارع الكبار على المغانم، ويمارسون سياسة تسقيط لامثيل لها في التاريخ السياسي للعراق، ولذلك فمن الصعب التكهن فيما سيكون عليه حال هذا البلد في القريب العاجل خاصة وإن الإرهاب مايزال يقاوم، ويحظى بالدعم من الخارج والداخل، وهناك نخب سياسية إنتهازية وعدائية وأخرى تبحث عن المكاسب الرخيصة متجاهلة معاناة الشعب ومايواجهه من تحديات أمنية وإقتصادية مريرة.

    تتحمل القوى المشاركة في العملية السياسية مسؤولية كاملة عن تطورات الأوضاع نحو الأسوأ، ومايمكن أن تشهده بغداد وبقية المدن حيث تساهلت مع حالات الفساد، وتغاضت عنها، وربما كانت جزءا من الفوضى والفساد، والمنتظر منها أن تعي الدرس قبل فوات الأوان، فالولايات المتحدة غير راضية عن المشهد السياسي برمته، وهي تحضر لشيء ما في القريب، والشعب لم يعد يحتمل المزيد من المتاعب، وهناك حرب متصاعدة مع الإرهاب، بينما قوى دولية وإقليمية وعربية تتصارع على الأرض العراقية ولايهمها كثيرا مايواجهه العراقيون من عذابات، فهل أنتم منتهون؟

 

محرر الموقع : 2017 - 02 - 20