أغلبية سياسية ام أغلبية مسيسة؟
    

رسل جمال

كثيرآ ما يتردد على مسامعنا في نشرات الاخبار مصطلح "الاغلبية السياسية"، الاغلبية السياسية قررت، الاغلبية السياسية عارضت، الاغلبية السياسية مزاجها اليوم متعكر! 

ترى من هم الاغلبية السياسية؟، وهل هم فعلا اغلبية في عراقٍ متنوع بأطيافه؟، مع لحاظ اختلاف التوجهات وتعدد الاحزاب، فهل هناك فعلاً اغلبية سياسية تحكم الجميع؟!

ان اي متتبع لخط سير العملية السياسية في العراق، وعلى مر الثلاث عشرة عام المنصرمة، يجد ان  مصطلح "الاغلبية السياسية" ماهي الا رداء تلبسه اغلب الاحزاب السياسية حين تجتمع مصالحها، في نفس الزمان والمكان، فيتوحد القرار فجأة، وتتناقل وسائل الاعلام مقررات "الاغلبية السياسية" هذه الحقيقة!

لكن هل رأي "الاغلبية السياسية" هو تعبير عن نبض الشارع العراقي، ويلبي طموحه، وخصوصا اذا علمنا إن هناك شريحة واسعة من المواطنين، ليس لهم دور بمجريات العملية السياسية، ولم يشاركوا بأي عملية انتخابية، حسب الاحصاءات التي تؤكد ان 30 بالمائة فقط، من الشعب العراقي هم من شاركوا بعملية التصويت للانتخابات الماضية.

اي ان هناك اغلبية صامتة، وقد تكون رافضة للعملية السياسية برمتها، ولكن اختارت  السكوت، ولو خرجت تلك الاغلبية الصامته من صمتها، وشاركت لحصلت الخارطة السياسية على وجوه جديدة وواعدة، افضل من التمسك بوجوه، اهترئت وسئمها المواطن العراقي!

لكن هل يجب معاقبة تلك الاغلبية الصامتة، بتجاهل حقوقها بحجة عدم المشاركة بالعملية السياسية؟ وهل يمكن ان تقرر "الاغلبية السياسية" نيابة عن "الاغلبية الصامتة" تلك الاغلبية التي تضم، بين خريج منذ اكثر من عشرِ سنوات، ولم يحظى بفرصة عمل لائقة، لانه مستقل وبين موظف بسيط بصيغة عقد، ولم يثبت على الملاك الدائم،  لانه مستقل رغم توفر درجات الوظيفية، واستيفائه مدة العقد، وغيرها الكثير من الامثلة المؤلمة التي تحيط بنا.

الحقيقة وبتصوري البسيط، لاتوجد هناك "اغلبية سياسية" بل هي توافقات كتل سياسية، تتكتل احيانا وتنقسم احيانا اخرى كالبكتريا، حسب المصالح والمكاسب، وهذا ما شهدناه في الفترات السابقة، من تجدد الفعاليات الكرنفالية مع اقتراب موسم "الانتخابات".

اذ تتسابق الكتل والاحزاب، بجذب المواطن البسيط، اما بحملات توزيع البطانيات ذات النوعية الرديئة، او توزيع المدافئ التي تسبب اختناق عند استعمالها، او تصعيد العرض الى اعلى مستوياته، من خلال تحشيد الناس بمظاهرات، غير مدروسة من حيث التوقيت، والوضع العام الذي يمر به البلد، من حرب مفتوحة مع الارهاب، وجعلها فرصة ذهبية للمندسين والمخربين ليشعلوا فتيل الازمة، وما شهدته ساحة التحرير من سقوط ضحايا، من المتظاهرين والقوات الامنية  خير دليل!

نحن بحاجه لرص الصفوف اكثر من حاجتنا الى هتافات لا طائل من ورائها، وخصوصا وان هناك عدو، متربص بنا ويتحين مثل تلك الفرص، ليكشر عن انيابه، ولكن مازال هناك اغلبية عظمى ساكتة وصامتة رغم هذا الضجيج، تراقب بهدوء تلك السيناريوهات المتكررة، مع اقتراب الانتخابات، وتشكو تدهور الاحوال!

"ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم" حتى لا تتكرر المآسي والمجازر، يجب ان تخرج تلك الاغلبية الصامتة، من صمتها وتعبر عن رأيها، ولكن بصوت المنطق والعقل، واﻷستفادة من اخطاء الماضي، بعدم انتخاب تلك الوجوه نفس الوجوه الكالحة، والبحث وبشكل جدي، عن من يحمل العراق بقلبه، صدقاً وفعلاً ومنطقاً.

ان العراق مازال ينبض بالوجوه المعطاءة، التي من الممكن التعويل عليها بقيادة العملية السياسية القادمة، لكي نخرج من تلك المسميات اﻷغلبية واﻷقلية والكتلة والحزب، التي سئمنا فشلها، لنخرج بصيغة عمل جديدة،  تحت خيمة العراق الواحد، يتساوى بها الجميع بالحقوق والواجبات، فلا توجد اغلبية ولا اقلية.

محرر الموقع : 2017 - 02 - 23