الحشد الشعبي ومخاطر الانسحاب
    

كادت أن تنتهي معركة صفين, بانتصار جيش الإمام علي عليه السلام, على منافقي الأمة, فلم تبق إلا ساعة ويتم النصر, كما صرح لحظتها القائد العسكري مالك الاشتر, وهو يطلب عدم وقف المعركة, واخذ الإذن بالاستمرار, لكن الاختلاف حصل في معسكر أهل العراق, وتمرد بعض القادة, ورفضوا الاستمرار بالقتال, مما جعل النصر يتبخر, عاشت بعدها الأمة أزمات فضيعة, وبقيت تأثيرات موقف هؤلاء القادة لليوم, والسبب غياب الرؤية البعيدة, لحظة اتخاذ المواقف.

التاريخ يعطينا دروس وعبر, ويساعدنا على فهم الحاضر, لحصول وقائع تشابه حاضرنا, فنأخذ منه خريطة للخروج من المأزق الآنية.

الحشد الشعبي ولد بفتوى المرجعية الصالحة, لإنقاذ البلد من أن تبتلعها عصابات داعش, بعد وصول المخطط السري, لتفتيت البلد لمراحل متقدمة, كان على بعد خطوة ويتم الأمر, فتسارعت الإحداث وتساقطت المدن بيد التنظيم الإرهابي, لكن تلك الفتوى المباركة, أوقفت خطط الشيطان, مما ولد انتكاسة غربية, لتعطل إستراتيجية التقسيم الجديد, وهو يعني تحد كبير للغرب, اغتنام الفرص طريق الغرب, لإحداث انقسامات داخل الحشد الشعبي.

الحشد الشعبي يمثل اكبر خطر على المشروع الغربي, لان نجاحه في العراق, يعني استنساخ الفكرة في أكثر من مكان, لكنه ألان إمام خطر غياب الثقة.

المخاوف ولدها, إعلان بعض الفصائل الانسحاب, على خلفية  طلب الحكومة من التحالف الدولي, المشاركة بضربات جوية, للحاجة لضربات نوعية, فالاختلاف كان عن جدوى مشاركة التحالف الدولي, مع انه لم يبق من تكريت, إلا مربع صغير غير محرر, وستعمل أمريكا على استغلال الحدث إعلاميا, لمصادرة النصر لها وحدها, بالإضافة للريبة من الدور الأمريكي, إن الاختلاف برؤية, لا يمكن تقديمه على تحقيق الانتصار, فالهزيمة (وهذا محال) ستصيبنا جميعا.

عملية الانسحابات الغير منسقة, من قبل بعض الفصائل, يربك جبهات القتال, ويضعف عزيمة الحشد, فقرارات التجميد والانسحاب من بعض الفصائل, وبتوقيت غريب, قبل الشروع بعمليات تحرير تكريت, أو ألان مع قرب الانتهاء من المعركة, من دون أي تنسيق مسبق, يسبب إرباك عسكري مخيف, فتصور لو إن احد الفصائل يمسك الأرض, وتقرر قيادته الانسحاب, من دون تنسيق مسبق, عندها تحصل  ثغرة مخيفة, تعطي فسحة أمل للدواعش للتنفس والعودة.

فور الإعلان عن الانسحاب, سارع أهالي المناطق المحررة, للطلب من الحشد الشعبي للبقاء, خوفا من عودة الدواعش, بسبب إدراك العشائر السنية, لأهمية دور الحشد الشعبي في تحقيق الأمن, لما يمتلكه من قوة وقدرة, بالإضافة لعقيدة كبيرة تدفعه للتحقيق النصر, والتي تغيب اغلب مفرداتها عن القوات الحكومية, فدفع مخاوف الناس ضرورة, يحققها التنسيق المسبق, مع العشائر وقيادات الجيش والداخلية, بالإضافة للفصائل الأخرى, مع أهمية فهم الموقف الشرعي, قبل الشروع بالانسحاب, لان الجهاد بني على موقف شرعي, كذلك الانسحاب يحتاج لأذن شرعي.

المعارك العسكرية لا تحتمل خطوات غير مدروسة, وتحتاج لتنسيق المواقف, وبشكل مستمر, بعيد عن التفرد بالقرار, لان الحشد يمثل مجموع الكل, مع أهمية إيجاد الثقة بين المشاركين في قتال العدو.

اسعد عبد الله عبد علي

محرر الموقع : 2015 - 03 - 28