هل تُخلّص الصين أسواق النفط من سيطرة الدولار الأميركي؟
    

تستعد الصين لإطلاق عقود آجلة للنفط مقومة بالعملة المحلية "اليوان"، وقابلة للتحويل إلى الذهب، وذلك في مسعى للحد من سيطرة الدولار الأميركي على تسعير النفط الخام.

وقد جاءت هذه الخطوة مفاجئة بسبب الهيمنة الكاملة للدولار على تسعير النفط، سواء خام برنت أو خام غرب تكساس.

وتقوم فكرة إطلاق عقود آجلة للنفط مقومة باليوان على أنه يمكن للمستثمرين الأجانب شراء عقود نفطية آجلة باليوان الصيني بدلاً من الدولار، وعند انتهاء مدة العقد يمكن للمستثمر أن يُحَصّل القيمة إما يوانا صينيا أو ذهبا.


ويهيمن الدولار الأميركي على تجارة النفط العالمية، حيث يسعر خام "غرب تكساس"، سعر الأساس في أميركا الشمالية بالدولار، كما هو الحال بالنسبة لسعر خام القياس "برنت" في أوروبا.

وتعتبر الصين أكبر مستورد للنفط في العالم بعد تجاوزها الولايات المتحدة الأميركية، فقد أظهرت بيانات الجمارك الصينية أنها استوردت 36.11 مليون طن من النفط الخام بما يعادل 8.79 مليون برميل يومياً في يونيو، ما يجعلها مجدداً أكبر مشترٍ عالمي في ذلك الشهر.

وتتوقع صحيفة "نيكاي آسين ريفيو"، أن تدخل العقود الجديدة للنفط حيز التنفيذ الفعلي بنهاية العام الحالي، بعد أشهر من التأجيل.

وتقول الصين إن العقود المستقبلية للنفط ستكون أول عقود للسلع في الصين مفتوحة لصناديق الاستثمار ومؤسسات النفط الأجنبية، كما تخطط لجعلها قابلة بشكل كامل للتحويل إلى الذهب في بورصتي شنغهاي وهونغ كونغ.

ويرى الخبير النفطي الدكتور أنس بن فيصل الحجي، أن هذه الخطوة لن تكون مؤثرة على تسعير النفط لعدد من الأسباب. فمن المنطقي جداً أن يتم إنشاء سعر قياس للنفط في آسيا، وفي الصين بالذات، لأن المناطق الأخرى في العالم لها نفوطها القياسية. الأمر الإضافي الذي قامت به الصين هو أن هذا السعر مقيم باليوان الصيني بدلاً من الدولار، كما أنه يمكن لتجار النفط الحصول على الذهب بدلاً من اليوان عند انتهاء مدة العقود.

وأوضح الحجي أن أثر ما ستقوم به الصين في أسواق النفط العالمية محدود جداً، وسيبقى النفط مُسعراً بالدولار، وسيكون سعر النفط في الصين هو نفس السعر بالدولار مقيماً باليوان، وفي حالة وجود أي فروق سعرية سواء في العملات أو أسعار النفط فإن التجار سيستفيدون منها لتحقيق أرباح إضافية حتى تختفي هذه الفروق، الأمر الذي يؤكد على أن هذه السوق لن تكون سوقاً مستقلة عن الدولار وأسعار النفط المقيمة بالدولار.

أما بالنسبة للقول بأن عدم استخدام الدولار لتسعير النفط في هذه السوق هو محاولة للالتفاف على العقوبات الاقتصادية، التي تفرضها الولايات المتحدة على الدول المختلفة، خاصة روسيا وإيران، فإنه كلام مردود عليه لأن العقوبات مفروضة على البنوك وخدماتها وليس على الدولار، وأيضاً على الشركات التي لها فروع في الولايات المتحدة أو يتم تداول أسهمها في الولايات المتحدة. ويؤكد هذا فشل هذا النوع من الأسواق في إيران وروسيا، وهما أولى في درء العقوبات عنهما من قيام الصين بحماية هاتين الدولتين.

ولفت الحجي إلى أنه وبالرغم من أن هذه السوق المستقبلية للنفط ستعود بالفائدة على الاقتصاد الصيني، لأنها ستعزز من قوته وقوة عملته، إلا أن هذه الخطوة ليست خالية من المخاطر، خاصة بعد فشل أسواق مماثلة في روسيا وإيران. ومن أهم المخاطر التضخم، الذي قد يؤدي إلى انخفاض الصادرات الصينية، وبالتالي انخفاض معدلات النمو الاقتصادي.

وفيما يتعلق بموضوع الذهب، يرى الحجي أنه ليس من الواضح الآن كيف ستتعامل الحكومة الصينية مع تسعير الذهب، وما إذا كان التعويض سيتم حسب سعر الذهب في يوم انتهاء العقود. لكن أي تصرف منطقي يعني أن وجود الذهب من عدمه لا قيمة له في هذا الموضوع، سوى إظهار أن الحكومة الصينية مصممة على إنجاح هذه السوق.

 

محرر الموقع : 2017 - 09 - 07