التحالفات الجديدة ولاء الطاعة للمخابرات الدولية
    

تحالف انقرة الجديد، لا يعد إلا تحديا للمكونات المشاركة في القضاء على الارهاب و في الحرب على داعش في الوقت الحالي وتعتمد على  استراتيجيات مخطط لها. من اهمها هي اذابت الضعفاء واصحاب المصالح وشيوخ المال من هؤلاء في نفس الخط ،ومن هناك كانت هناك تصريحات لبعض المشاركين في حوار انقرة تقول بأن السنة \" لا يضعون شروطا تعجيزية من أجل تحقيق مكاسب في الحوارات المتعلقة بمشاريع التسوية والمصالحة الوطنية المطروحة حاليا على الساحة العراقية. ومن المفترض أن يحرصوا على الاتفاق فيما بينهم على شكل تسوية ومصالحة وطنية عادلة بعيدا عن أي تدخل خارجي . هذه الشعارات جديدة في محتواها أطلقتها الاطماع الدولية  الاوروبية والاقليمية وتصب في مصلحة الأنظمة العربية الرجعية لادارة الصراعات وخلق الازمات  من اجل جمع الساسة السنة تحت سقف خيمة واحدة مع شركائهم في العراق ولكن وفق سياسة جديدة تستطيع اختراق الرفض الذي تواجهه من قبل التيارات التي ساهمت في عملية تحرير المدن بالتعاون مع الدولة والتي ترفض السماح لهم  ولاتعترف بهم كجزء من سياسيهم على المدى القريب  .
ان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحاول تشكيل تحالف سني بالعراق بمساعدة خمس دول اخرى ، ستكون مهمتها مهادنة للمشاركين الرئيسيين في العملية السياسية

والذين قدموا اعز ما يمكن  للانتصار على تنظيم داعش والدفاع عن اخوانهم وبالمال والانفس .
على ما يبدو انها من الاساليب الحديثة المتطورة في الابقاء على ما يجري في العراق والاستتفادة من  هذه الزمرفي المرحلة المقبلة .
لكن الغريب والمثير للجدل في اعطاء المجال للمطرودين والهاربين وشخصيات سياسية واجتماعية ودينية  ينسبون انفسهم الى الاخوة العرب من سنة العراق المشاركة في  اجتماع تركيا  رغم المواقف السلبية والتخلي في الدفاع عن مواطنيهم  وجعلوهم فريسة سهلة بيد العصابات المسلحة بعد تهجير العوائل  وسلب الاموال وهتك الاعراض وتخريب المدن ،
المؤتمر الذي تم الإعلان عن نتائجه وابرزها رفض تقسيم العراق واظن انها لعبة جديدة بالتوافق مع الولايات المتحدة الامريكية والغرض منه عودة هذه المجموعات الى العملية السياسية التي بداء الشارع من الاخوان السنة يرفضون هؤلاء المتاجرين بقضيتهم و لهؤلاء المشاركين في مؤتمر انقرة الدور الاساسي في وصول الارهاب لها  بعد ان وفرو لهم الملاذات الامنة وخيم الاعتصام كقواعد تدريب وانطلاق وحمايتهم لانهم هم من ادعى العمل من اجل تقسيم البلد الى اقاليم مذهبية وقومية ، والعمل على المشاركة في إعادة تأهيل المناطق المحررة من قبضة تنظيم داعش. وذلك في تقسيم حصصهم من المساعدات التي سوف تصل من المنظمات العالمية والدول الداعمة  للعراق لاعادة بناء ما خربه الارهاب في تلك المدن المنكوبة.
في الواقع ادارة ترمب تحاول تشكيل تحالفا سنيا جديدا بمساعدة حلفائها السنة في تركيا والسعودية التي لازالت تسعى مرغمة لعودة سفيرها ليكون لها الدور الريادي في ادارة الازمات الاحقة والمنظورة بالتعاون مع واشنطن ومبادرة الزيارة الغير متوقعة الاخيرة لولي العهد السعودي للبيت الابيض ولقائه الرئيس الامريكي هي من الخطوات المهمة في هذا الوقت لتعزيز مهمة الرياض في اتمام والمساهمة في الصفقة وتكون سفارتها مركز التنفيذ وبمباركة الاردن والأمارات وقطر، وليس بديلا عن الوجوه التي أنشأتها ظروف المرحلة السياسية الحالية ، واشنطن التي مثلت السبب الرئيسي في انحدار العراق امنيا واقتصاديا وسياسا عادت للعراق نهاية عام ٢٠١٤ لقتال داعش اداتها وصنيعتها حسب الاتفاق الاستراتيجي المنعقد معها ،.
مع العلم ان التحركات السياسية السنية التي رصدها الإعلام في جلسات حوارية ونقاشية بعضها في اسطنبول وعمان واخرى في الرياض والدوحة وجنيف وانقرة، لا تقتصر على الموالاة للعملية السياسية وحسب بل تشمل المعارضة السنية بشقيها السياسي والمسلح .
هذه الجلسات النقاشية برعاية استخباراتية لبعض دول الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة والصهيونية وبريطانية وفرنسا هذه الدول اكثرها احتضنت مؤتمرات وموائد نقاشية لهذه المفردات الفاشلة  ومن خلال دول الجوار الحاضنة ، لم تقلق حكومة الدكتور العبادي، وقد جاءت بظروف حتى لا تقلق طهران المقصودة في هذا التقارب وركض وراء السراب ومن هول واقع سقوط الارهاب  وهي تدرك أنها سوف لن تخسر طهران نفوذها في سورية ولبنان واليمن والعراق بعد ان دعمت هذه الدول في حربهم ضد الارهاب ولولها لغزة هذه الجراثيم العالم اليوم  .
لم يبق لامريكا من أوراق للتفاوض عدا بعض حلفائها الموالين في العراق ، ولعلها تسارع لشن هجمات إعلامية استباقية لأفشال بعض تلك المساعي، الا اذا كانت لصالحها، ويصعب جدا على إدارة دونالد ترمب التي تتحفظ كثيرا من ايران ان تسلك سبل متسرعة لانها تعرف هذه الدولة العظيمة وتماسك شعبها الذي يعتز بحضارته وتاريخة وثورته التي ضحى من اجلها وقدم الكثير ويلتف حول قيادته .
لسنا هنا لنفهم لماذا تم أختيار نفس الوجوه السنيّة التي هي جزء وشريك في مشكلة انحدار العراق ووصوله لهذه الكوارث وايقاف عجلة تقدمه  .
 ما نفهمه أن إدارة ترمب تدعو إلى سرعة تشكيل تحالف سني سياسي لاستعادة زمام الأمور من تأثير إيران كما تثيره وتتحدث عنه في هذه الاوساط ومنهم الى الجهال من الطائفة الكريمة ، حتى لا تضعف الزعامة السياسية السنية التي خسرت الشارع السني ويرفض تمثيلها سياسياً أكثر فأكثر وحتى تعود الى العملية وبالتالي تبدأ حرب الهوية التي صنعت لداعش واخواتها حواضن تهدد العالم كله بها.
هذا التحالف لا يعني شيئ بالنسبة لمن يهتم بمكافحة الإرهاب في العراق وسورية والشرق الاوسط ، وهو ممارسة سياسة قد يعتقد البعض خطأً انها ضاغطة على إيران بطرق أخرى، فالمسألة الحالية هي جلسات نقاشية برعاية دوليّة وفرض تنازلات على الجميع كأمر واقع، و جزء من ورقة أمام التحالفات التي قد تظهر لاحقا مع قرب الانتخابات .
علينا الإقرار بأن مثل هذا التحالف قد لا يقدر على تحمل أعبائه كثير من القادة السنة وخاصة الذين جربوا وفشلوا من قبل، لكن تبقى هذه الفرصة فيها شيء من الأمل للذين يحلمون بالقيادة المستقبلية لطائفتهم  والتي احترقت اوراقهم بسبب الممارسات الهوجاء في المرحلة السابقة في اللعب بهذه الورقة من اجل مصالحهم الخاصة مثل نواة جبهة التوافق ⁩ سابقاً والاحباط السياسي للسنة فيه ، ثم تفرقت وحل محلها تحالف سني؛ ديني وعروبي وبعثي وليبرالي المسمى ( اتحاد القوى )، ثم تفرقوا الى سنة موالين لمحور الدول الاقليمية السنية، واصلاحيين مستقلين في مجلس النواب ، هذه التجمعات  الجديدة تحاول أن توحد الموالين لمحور الدول السنية ضمن مؤتمرات شكلية وسيناريوات اعلامية ليس إلا وتستقطب أكبر عدد ممكن من محور الموالين للدول الاقليمية والمخابرات العالمية الداعمة الاولى لمثل هذه التجمعات وولاء الطاعة لهذه المنظمات .
 ان السكوت على مثل هذه المؤتمرات والبقاء على هذا الواقع المرير الذي يعيشه العراق وشعبه  بهذه الدوامة السياسية البشعة المشوشة، لا يخدم سوى المتربصين بنا من الاعداء والطامعين بخيراتنا وأرضنا وعراقنا الحبيب. ان من يقدمون انفسهم كزعماء في مثل هذه المؤتمرات هم تحديدا من يرفض بناء الدولة لأنهم سيفقدون اي سلطة ما داموا لا يحملون صفات رسمية ومواقع شرعية تسمح لهم دستوريا بتحديد مصائر المواطنين والوطن.
عبد الخالق الفلاح – محلل سياسي واعلامي

محرر الموقع : 2017 - 03 - 18