الروح تشرف الشهادة
    

وضِعَت على كف الشهادة، فأستأنستْ بها عمرا، وتمنتها حقيقة، كانت منتظرة ليوم العناق معها، حتى جاء زمان اللقاء ومكانه،  يوم مقدس، ومقام اكثر قدسية، فكانت نهاية المطاف، الروح تشرف الشهادة.

في الاستعراض الالهي لكراديس الارواح يوم القيامة, ينتظر الجميع مرادهم, وما سيؤولون اليه, الا انت ومن هم على شاكلتك, فأنكم ستقفون قادة لتلك الكراديس, لانكم ضحيتم بأنفسكم من اجل ان يحيا غيركم, فشهادتكم في الدنيا سلمتكم زمام القيادة في الاخرة.

عرفت الابادة انها القتل الجماعي لمجموعة كبيرة من الافراد, ولكنني هنا اقول عندما تختزل افكار شعب, ومفاهيم امة, في شخصية واحدة, يكون افولها ابادة بالمعنى المعنوي لتلك الامة, فتُشَل بمقتله عقول محبيه, وينهار مستقبل بلده الذي افنى حياته من اجل بناءه, ويتعرض مريدوه لصعقة القتل الجماعي او "الابادة".

خص الله الشهيد بالكثير من الكرامات في اخرته ودنياه, لكن هناك من الشهداء من اكتسب فوق تلك الكرامات بما زرعت يداه من جهاد وفضيلة, لتكون نهجا يسير عليه اصحاب العقيدة والايمان الكامل بالمشروع الذي ضحى من اجله الشهيد, خصوصا اصحاب الثورات الدينية, وشهداء الوطن, الذين ركبوا حد السيف وبسرعة البرق, عندما ناداهم الضمير للدفاع عن مقدساتهم وصونها من دنس اعداء الانسانية.

نعم هو ذلك الشخص الذي اقسم بدمه على ان يقدم اغلى مايملك من اجل ارادة الضمير الحي وبقائها, بوقوفه بوجه من اراد خنقها وقتلها, نعم هي ارادة الشعوب بوجه الطغاة.

سوح المعارك هي العنوان الابرز للشهداء, فاذا كان الشهيد يتمتع بشهادة تلك الساحات التي اعترفت بصولاته وجولاته دفاعا عن الحق,  فقد استحق الشهادة ومايترتب عليها, فكيف اذا كان اضافة الى ذلك يتمتع باعتراف ساحاته المفضلة و الملاصقة له, سوح العبادة التي اتخذها الشهيد ميدانا لا يفارقه في افضل حالات الانتصار, كما هو في كل اوقات احتياجه للدعاء.

الكلام اعلاه هو لنموذج يحتذى به في مجال الجهاد والكفاح المسلح, نال الشهادة الحقة وبامتياز, نالها بصدق العمل وبارادة تحدت المستحيل, انه الرجل الذي عاد الى بلده بعد سنوات الغربة والجهاد, ليبني بلدا موحدا يؤطره حب البلد وديمومة حياة السلام فيه وضرورة اعتماد الحوار والمنطق السليم في معاملة الاحتلال في بدايته, كما اكد ذلك في لقاء مع احدى الصحف انذاك حيث قال "منهج القوة لا يعتمد إلا بعد استنفاد كافة الأساليب السلمية, والكلمة الطيبة والحوار والمنطق, وهو ما لم يستنفد بعد, وعلينا بذل الجهود المشروعة ذات الطابع السلمي لإنهاء الاحتلال".وماكان كلامه اعلاه الا لشعوره بالمأساة التي يمر بها البلد وابناْءه, وضرورة ابعادهم عن الحروب والقتل والتشريد.

نعم انه الشهيد السعيد السيد محمد باقر الحكيم(قد), الذي بقي رمزا للشهادة في العراق الى جنب العلماء والمضحين الذين وقعوا على اديم ارضه المعطاء.

رحم الله شهيد المحراب, ورحم الله كل شهداء العراق الذين يقعون يوميا دفاعا عن الارض والعرض, متصدين برباطة جأش امام اعداء الدين من الدواعش, نصر الله العراق واهله, ورحم الشهداء برحمته الواسعة.

 الكاتب/ احمد عبد اليمه الناصري

محرر الموقع : 2017 - 03 - 25