(وما ربك بظلام للعبيد ... ولكن أنفسهم يظلمون)...!
    

جبارة آل نصر الله
 كم سيختصر علينا هذا النص القرأني، الحديث عما نريد إثباته، على الساحة الجماهيرية في العراق، وأبدأ من حيث إنتهت به جماهير ساحة التحرير عشية ليلة الجمعة، وهم يتصارخون ويبكون أمام زعيمهم "الصدر"، وهو ينعى نفسه..! فأقول: لطالما كانت هتافات عاشقيه تأخذ منحى العاطفة والهوى المفرط بين مسامعه، فينعتهم بالجهلة والسذج، فلماذا اليوم البكاء الناتج عن نفس السبب مسموح بحضرته..؟ وماذا كان القصد في استجداء دموع أشخاص..؟ لطالما نعتهم بأبشع وأحقر الكنى والألفاظ..!

1- إذا ما أراد الصدر أن يتقمص دور الإمام "علي"، وهو ينعى نفسه أمام عائلته ليلة التاسع عشر من رمضان، فهل سيوصيهم بالتعامل مع قاتليه بمثلما أوصى "علي" بقاتله، (ضربة بضربة، وأطعموه مما تأكلون، ويُحمل له لبن فاض عن حاجته )..! أم ستكون هنالك بحوراً من الدم، طلبا للثأر والانتقام..؟

2- هل الصدر أدرك سذاجة مريديه وأنصاره..؟ وتعطشهم للموت بعشقه، وإفراطهم في إطاعته، فوجدها فرصة مناسبة للرد على تهديد وصله، او إحساس وشعور إنتابه بأن حياته بخطر، فكانت رسالته بأن الدموع التي سقطت في ساحة التحرير، ستفور نارا تحرق الأخضر واليابس..! عندما تفكرون بقتلي أو التعرض لي بشيء من هذا القبيل.

3- هل الصدر وجد نفسه في عزلة تامة عن المشهد السياسي من جهة..؟ وعن قواعده خلال هذه الفترة من جهة أُخرى، وأراد أن يستنهض جماهيريه، فيرى وجوده بينهم، خصوصا وإن الإنتخابات على الأبواب.

4- هل إن إستجداء دمعة البسطاء من جماهيريه، كانت حركة بهلوانية لترويض قلوبهم، واستخدامهم كطعم في فتح مسامات خلاياهم البهيمية، لكي يتم إستدراجهم، بالقناعة لما سيطرحه عليهم دون التفكير به مع أنفسهم..! وهي قضية " المطالبة بحل الحشد الشعبي" مستقبلاً..! وبذلك حصد غلت عنب من أمامهم لم يفكر بها هولاء البسطاء، أولها إنه بعث رسالة إطمئنان للدول الخليجية، بأنه عازم معهم في أمرهم، والأخرى أخبرهم بأنه يحمل اكبر قاعدة شعبية، يضحكها ويبكيها ويوبخها كيف ما أراد ومتى ما يشاء...!

5- أو لربما إن الصدر أوقع في الفخ، كطعم من قبل مقربيه ممن له اليد الطولى بالتعامل، مع جهات خارجية تعمل على خلق زوبعة من الفتن والاقتتال في المناطق الجنوبية خاصة والعراق بصورة عامة، وذلك من خلال استغلال "الصدر" وإقناعه بأن ينعى نفسه، في وقتت تتحضر به تلك الجهات المدعومة لإغتياله واتهام جهات أُخرى، مثل إيران وغيرها، من أجل إشعال فتيل الحرب الطائفي، وهذا غاية المراد عند الدول المستفيدة من ذلك، مثل ( السعودية وقطر وتركيا وأمريكا نفسها).

على فرض جميع ما تم طرحه هنا، من أسباب ومسببات قادت الى إفتعال "الصدر" تلك القضية، أعتقد أصبحت لك سيدي القارئ قناعة تامة بإحدى الأسباب أعلاه، إذا ما كانت لك قناعة بجميعها، وعلى هذا القدر سأطوي ملف البحث في تلك الأسباب، لأتحول الى القضية الأكبر و الأهم، لتناقشها مع الصدر عن قرب فنقول:

لم تجف دموع أباء وأيتام من جندتهم تحت مسميات "جيش المهدي"، الخارجة عن إطر الحكومة والقانون بعد، ولم تخلع إمهاتهم وزوجاتهم ثياب الحداد لغاية ألان، حتى تطالب أنت بحل "الحشد الشعبي" الذي لا ناقة لك فيه ولا جمل، وكلنا يعلم بأن الحشد شُكل على أثر فتوى الامام "السيستاني" ولا يتدخل شخص في أمره إلا هو، فلا داعي لتلك الرسائل التي تبعث بها، من حناجر ودموع انصارك السذج البسطاء، الى الرياض والدوحة وأنقرة.

كلنا يتذكر مساومة الصدر قبل أعوام على دماء أنصاره و جيشه، عندما فُرض عليه حل "جيش المهدي" فأرشده من حوله بمكرهم ودهائهم، بأن يقحم الأمر بين يدي مرجعية النجف العليا، فكان الرد صاعقاً عليهم بقول المرجع " ومتى شكلت أنا "جيش المهدي" الخارج عن القانون حتى أُباشر بحله، ولو فعلت ذلك، أعطيته شرعية بكل ما إقترفه من مجازر، بحق الشرطة والجيش والعراقيين بتهمة "أذناب المحتل".

على هذا القدر من الحديث، نستطيع ان نقول بأن "الصدر" نجح في إستمالة قلوب مريده وإستأصال دموعهم، ونيل مراده في إعطاء رسائله منقولة عبر أثير قنوات (العربية والحدث والجزيرة) الى من يحب، لكن الشيء الذي غفل عنه، هو إنه لم يدرك بأن لعبته تلك باتت مكشوفة الى العيان من خارج محيطه، ولم يعد هنالك جدوى من تلك الأمور التي لا يصدق بها إلا الجهلة من حوله على حد وصفه وقوله فيهم..

ونوجه رسالة أخيرة هنا الى البسطاء من هولاء الباكين، فنقول الذي صنع صنم بني "العباس" هو سذاجة أجدادكم عندما وجدوه يبكي على الحسين ويقتل شيعته..! والذي صنع صنم "البعث" هم ابائكم ممكن يبكون عليه وشعبهم مغيب في السجون و المقابر الجماعية، وها انتم اليوم تصنعون صنم "الصدر" لأنفسكم تبكون عليه، ويداه ملطخة بدماء ابناءكم وفساد بلدكم وسرقة أموالكم، ولكن الله لم يترككم سدى، فقال قوله فيكم وعز من قال (وما ربك بظلام للعبيد .. ولكن أنفسهم يظلمون)...!

محرر الموقع : 2017 - 03 - 28