رسالة عاجلة الى معالي وزير الخارجية الدكتور إبراهيم الجعفري المحترم
    

السلام عليكم

علمنا في أروقة الوزارة التي تتسرب فيها حتى المعلومات السرية للأسف، ان وزارة الخارجية قد اتخذت او بصدد اتخاذ قرار لغلق عدد من البعثات الدبلوماسية العراقية في الخارج بسبب الوضع المالي للعراق وإجراءات التقشف التي تطال جميع مؤسسات الدولة العراقية التي اتخذتها الحكومة العراقية مؤخرا ولو انها ارتجالية وبدون دراسة معمقة رغم اننا نؤيدها وبكل قوة لكن ليست بهذه الطريقة الإعلامية...

ابتداءً نوضح لمعالي وزير الخارجية ان وزارة الخارجية وفي جميع دول العالم هي وزارة استهلاكية خدمية (تخدم مصالح البلد ومصالح الجاليات في الخارج) وهي ليست إنتاجية بالمعنى المادي المنظور VISIBLE (إيرادات ومصروفات) يعني انها ليست سوبر ماركت او مول او دكاكين لبيع البضائع في الجملة او المفرق، فعندما يكون الايراد اقل من المصروف يغلق هذه المحل او ذلك السوبر ماركت، بل عمل وزارة الخارجية INVISIBLE.

معالي الوزير ... تحتاج السياسة الخارجية لكل بلد الى أموال ومصروفات لغرض إيصال صوت او رأي البلد الى البلدان الأخرى في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها من المجالات التي توثق العلاقات الثنائية بين دول العالم وشعوبها، كما ان غلق البعثات السياسية العراقية في تلك الدول له نتائج غير حميدة على الوزارة والعراق، لأن افتتاح بعثة سياسية يحتاج الى جهود واموال طائلة، والغلق معناه خسارة لهذه الجهود والأموال... ان غلق البعثات العراقية يعني رمي جميع الأثاث الذي تم شراؤه بمئات الالاف من الدولارات في القمامة، ناهيك عن الأجهزة الفنية الأخرى والسيارات والبنايات التي هي ملك للعراق على الوزارة ادامة صيانتها حتى وهي مغلقة، وكما هو معروف ان العقار غير المسكون يكلف أموالا للصيانة اكثر من المسكون، فضلاً عن ضياع جهود الوفود التي سافرت خارج العراق لهذا الغرض وتم صرف الاف الدولارات من اجل افتتاح بعثة سياسية واحدة، كما ان غلق البعثات سيؤدي الى اتخاذ تلك الدول المضيفة مواقف سلبية من العراق، ولا تنسوا  معاليكم ان العراق يمر في محنة كبيرة يحتاج الى دعم اصغر الدول وأقلها أهمية في المجتمع الدولي مع احترامنا لها، حتى لو بالتصويت في الأمم المتحدة، لأن صوتها يعادل صوت الولايات المتحدة الامريكية، هكذا هو النظام الاممي في التصويت.

ارجو ان تعلموا معالي الوزير ان هناك زمرة من الموظفين في الخارجية تحاول بكل قوة اسقاطك سياسياً لأنكم فتحتم ملفات الفساد في الوزارة وتلتزمون مبدأ الحق والعدالة وليست المجاملات وهذا لا يناسب هؤلاء الفاسدين، وبدل ان يقال لكم نعم سنقوم بدراسة الموضوع من اجل تخفيض النفقات يقولون لكم نعم معالي الوزير أفضل شيء نغلق عدد من البعثات لتقليل النفقات، صدقني هؤلاء منافقون لا يريدون مصلحة العراق.

ان على الوزارة ومن اجل تقليل النفقات بشكل كبير، اتخاذ الإجراءات التالية، حسب رأيي المتواضع من خلال عملي في الوزارة، من اجل مصلحة العراق الوطن وليست من اجل مصلحة حفنة من الموظفين الفاسدين في وزارة الخارجية والذين سيستفيدون من غلق البعثات وعلى رأسهم بعض موظفي الدائرة المالية والدائرة الهندسية المعروفين بفساد ذممهم للأسف الشديد بدل غلق العديد من البعثات:

  1. تقليص الكادر الدبلوماسي والإداري وحتى المحلي للبعثات المقترح اغلاقها الى النصف على الأقل، كأن يكون هناك رئيس بعثة وموظف دبلوماسي واحد وموظف اداري واحد (يجمع بين الإدارة والحسابات) ونقل الاخرين الى بعثات أخرى تحتاج لخدماتهم او اعادتهم لمركز الوزارة، إذا اقتضى الامر، فضلاً عن الاستخدام الأمثل للكادر المحلي، مثلا الإبقاء على سائق واحد فقط لكل بعثة وهذا يكفي.
  2. مشكلة النفقات العالية في السفارات العراقية هي السفراء، بكل صراحة، (طبعاً ليس جميعهم بل أغلبهم)، ومحاسبيهم الفاسدين الذين يساعدون هؤلاء السفراء على إيجاد طرق ملتوية للالتفاف على نظام الصرف المحدد من الوزارة بالاتفاق مع بعض المدققين في المركز، طبعا بعد دفع (المقسوم) الى هؤلاء المدققين (من خلال ظروف تصل إليهم فيها مئات الدولارات مع الموظفين المجازين الى العراق) وهذا السلوك معروف في الوزارة. اذكر لكم مثلا واحداً: كنت اعمل في بعثة ما قبل عدة سنوات، وكنت جالساً في مكتب المحاسب، وجاءه السفير وطلب منه تسليمه مخصصات الضيافة البالغة (6) الاف دولار فوراً، قام المحاسب بتسليمها له نقدا وعدا، وانا جالس وامام انظاري، وقال للمحاسب بالحرف الواحد (أبو فلان انت دبّر الوصولات) ولم يوقع السفير على أية ورقة بالاستلام.
  3. حجب او الغاء الــ (500) دولار شهريا المخصصة للسفراء، ولكل البعثات وبدون استثناء، لغرض المكالمات الهاتفية، وهذا مبلغ كبير في ظل وجود الهواتف الذكية (الفايبر والواتس آب وغيرها)، فالسفير لا يحتاج الى هذا المبلغ اطلاقاً.
  4. إيقاف تجهيز السفراء بأجهزة هواتف الــــ IPHONE    والحاسوب المحمول (اللابتوب) فوراً التي تدفع الوزارة تكاليفها من ميزانيتها، وهذه بدعة لم نجدها في وزارات خارجية الدول الأخرى ماعدا العراق.
  5. تخفيض مخصصات الضيافة الى النصف ان لم تكن اقل من النصف، لأنها بصراحة لا تصرف في محلها، فقط دعوات خاصة لعائلة السفير واصدقائهم، وهذه المخصصات وجدت لدعوة السياسيين والبرلمانيين والإعلاميين وموظفي خارجية البلد المضيف، ومعاليكم تعرفون ان اغلب السفراء ليس لديهم علاقات متينة مع فعاليات البلد المضيف، وإذا كانت لديهم فهي ليست مع أصحاب اتخاذ القرار، وللأسف عدد من سفرائنا هم ليسوا مع العراق الوطن بل يعملون ضده.
  6. نود أن نتساءل لماذا وافق معالي الوزير على تمديد فترة خدمة عدد من السفراء ممن احيلوا على التقاعد خلال العام الحالي والذين أكملوا سن (68) سنة باعتبارهم مفصولين سياسيين، وهذا مخالف للقانون تماماً، لأنه لا يجوز تمديدهم حتى ولو يوم واحد باعتبارهم تمتعوا بـــ (5) سنوات أضيفت لخدمتهم بعد سن الــ 63 سنة (سن التقاعد في القانون العراقي).
  7. هناك عرف دبلوماسي في مرافقة السفراء فقط لرؤساء الدول والحكومات المضيفة، لكن للأسف نشاهد في خارجيتنا ان هذا العرف غير ملزم لها، اذ ان سفرائنا يرافقون أي مسؤول حكومي من البلد المضيف عند زيارته للعراق، وهذا طبعا يكلف العراق مبالغ كبيرة من سفر بالطائرة على الدرجة الأولى ومخصصات سفر وفنادق، إذ من الضروري جدا التقيد بالعرف الدبلوماسي العالمي وعدم تجاوزه كي نعطي هيبة لدبلوماسيتنا العريقة.
  8. نرجو من معالي الوزير عند سفره للخارج بمهمات رسمية تخفيض عدد الوفد الى اقل ما يمكن، كأن يكون حماية 1 ـــ 2 لأن الدول المستقبلة مسؤولة عن حمايته وهو وزير خارجية، وكذلك بقية أعضاء الوفد، من اجل ضغط النفقات الى اقصى ما يمكن.
  9. دراسة استقطاع 10% من مخصصات الخدمة الخارجية لجميع الموظفين والسفراء العاملين في الخارج على أساس الادخار الاجباري وتسليمها لهم بالدينار العراقي لدى عودتهم للعراق بعد انتهاء مهامهم.
  10. اتخاذ قرار بإخراج جميع الموظفين المزورين من الوزارة واجبارهم على دفع جميع ما تسلموه من أموال لقاء الشهادات المزورة خلال عملهم في الخارجية وبالقانون حتى لو تطلب الامر تقسيطها عليهم.
  11. فتح جميع ملفات الفساد المالي والإداري التي تم حفظها، وعن طريق مكتب المفتش العام وإعادة المبالغ التي تمت سرقتها الى خزينة الدولة.
  12. تطبيق سياسية (من أين لك هذا؟) فوراً على الموظفين وخاصة المحاسبين، لأن اغلبهم لديهم 3 ــــ 4 عقارات ملك صرف ومسجلة بأسماء زوجاتهم واولادهم منذ عام 2003، اذ ليس من المعقول موظف حسابي كان يسكن في بيت صغير يملكه او ايجار وفجأة خلال اقل من 10 سنوات يملك تلك العقارات، وبصراحة لو دققت الوزارة بهذا الموضوع ستجد هناك مفاجآت غير سارة للمحاسبين وخاصة القدماء منهم.
  13. على الوزارة ان تعيد النظر في مسألة غلق البعثات المقترح غلقها لأنه ليس من مصلحة العراق والوزارة ومعالي الوزير شخصياً، وحتى لا يقال ان الدكتور الجعفري يسعى لتخفيض التمثيل الدبلوماسي في الخارج بينما كان الأستاذ هوشيار زيباري يسعى لزيادة التمثيل الدبلوماسي العراقي، وهذه ستسجل سلبية ضد معالي الوزير الدكتور الجعفري في تاريخ الوزارة والى الابد.

نرجو ان تنال هذا الملاحظات اهتمام معاليكم والمسؤولين في الوزارة من اجل مصلحة العراق الوطن والشعب وليس لمصلحة حزب او فئة، واستمرار خدمة مصالح العراق في كل مكان من هذا العالم.

ولكم ألف شكر وتقدير،،،

 

غسان فارس آل مهرة

موظف في وزارة الخارجية/ بغداد

محرر الموقع : 2015 - 08 - 28