العراق ومصر... أرث الماضي وحاجة الحاضر
    
 تمتد العلاقة العراقية المصرية الى عمق تاريخي، يجعل التقارب فيها أكثر من التباعد، ومداليلها أن للطرفين عدو واحد لا يمكن القضاء عليه إلا بتفهم أحدهما للأخر، ومن ولاية الإمام علي عليه السلام بالكوفة، ورسالته المشهورة الى والي مصر مالك الأشتر، التي أُعتبرت قواعد ودستور الدولة المدنية، الى الإعتقاد المصري بوجود رأس الإمام الحسين عليه السلام وقبر اخته العقلية في مصر وجسده في العراق، ومن ثم الدولة الفاطمية والأزهر الشريف على أسم فاطمة الزهراء عليها السلام، وصولاً الى مهاجمة الإرهاب للدولتين ومحاولة إسقاط نظاميهما السياسيين الديموقراطيين.
 أرث كبير كبير يربط العراق بمصر، يدل على إرتباط الشيعة بالسنة وأن الإرهاب يسعى لشق الفرقة بين الطوائف المسلمة، ويقلتهما مع الأديان الموجودة في بلديهما.
 تتميز مصر بقرارها المستقل وعملها للمسلمين والعرب، وأمامها تجربة العراق بمخوفها وهواجسها العربية، ودعوى العراق كم مرة للعرب لسماع تجربة ومساعدة مظلوميته وهمه بإيجاد قرار مستقل متفهم للخروج برؤية تخدم العرب والمسلمين، وحاجته لمحيطه المشارك والمتعشق المصالح، وحاجته للعرب بأن يدخلوا ليروا بأم أعينهم طبيعة التعايش العراقي، وأن يقبلوا زيارة العراقيين لكي يتعرفوا على شعبه، ولمصر كغيرها من الدول لم تعط للعراقيين الحصة الكافية بسبب التأثيرات الدولية والإشاعات الإعلامية، وكان يمكن لها الإستفادة من العراقيين سياحة وإقتصاد وتصدير وبناء علاقات إجتماعية.
 بعد جدية التحولات الإقليمية، والصورة التي ما تزال غير واضحة لدى كثير من العرب، والوقائع المشوشة والمشهوهة عن النظام العراقي الجديد، والإتهامات الطائفية التي رعها الإعلام المعادي للشعوب المسلمة؛ زار وفد من التحالف الوطني العراقي جمهورية مصر العربية، برئاسة السيد عمار الحكيم على إعتبارين أنه رئيس للتحالف الوطني ككتلة برلمانية أكبر وأخ كبير بين العملية السياسية؛ لنقل واقع العراق وحمل مشروع إستراتيجي، والإعتبار الثاني أنه رجل دين يشرح وجهات النظر الى الأزهر الشريف بوجه نظر النجف الأشرف وتمثيل أغلبية الشعب العراقي السياسية والدينية.
 إن ذهاب وفد التحالف الوطني لمصر، خير دليل على أن العراق مفتوح الباب أمام العرب والعالم ، وأخذ على عاتقه نيابة الحرب ومواجهة الإرهاب لتنعم الشعوب بالإستقرار، ومصر لديها نفس المعاناة وأن كانت بشكل أقل، والطبيعة المصرية وتأثيرها على العرب، يعطيها قوة تعود بالإيجاب على الشعبين، في مكافحة الإرهاب والتأثير على الرأي العربي تجاه العراق، ومن ثم وجود الأزهر والجامعة العربية فيها، سيجعل من التقارب العربي العراقي أكثر سلاسة، بإعتبار الأزهر الشريف أعلى سلطة دينية موازية للحوزة العلمية في النجف الأشرف، والجامعة العربية للقرار المصري قوة في إتخاذه أن كانت متحدة مع العراق.
 يريد التحالف الوطني تغيير النظرة العربية والنهوض بالواقع العراقي، ومصر أوسع مدخل لتمتين العلاقات العربية، وغير متوجسة من طبيعة التنوع العراقي.
 يمكن للبلدين إستثمار الإرث التاريخي والإنساني، والواقعية بإستهداف الإرهاب لهما، ومن هذه الزيارة ستفتح أفاق تصب بمصلحة البلدين والمنظومة العربية والإسلامية؛ في الأولى تبادل تجاري وفوائد إقتصادية متبادلة، وفتح سبل سياحة وضخ النفط العراقي لمصر وجلب البضاعة المصرية للعراق، وهناك مشاهد يروم زيارتها العراقيون والمصريون؛ بدءً من أقدم حضارتين الى قبور أهل البيت والصحابة في البلدين، وفي الجانب الديني زيارات متبادلة بين النجف والأزهر وتقريب وجهات النظر الإسلامية، التي في منظار مرجعية الأزهر والنجف أن أختلفا لا يقتتلان، وكل هذه التقاربات والفوائد على الطرفين؛ لا تأتي إلا بسياسة ناضجة بعقول كبار؛ تُدرك أن الخطر الأكبر على الدول الشقيقة؛ من خلال إيجاد فرقة، يحاول التحالف الوطني توضيح كل توجساتها.
 
 
واثق الجابري
محرر الموقع : 2017 - 04 - 25