عبدُالرَّحمن مُنيف ابن سَعودي أبدَعَ خارج شِبه الجَّزيرة
    

أمين ظافر الغريب 

 

 

عبدُالرَّحمن مُنيف ابن سَعودي أبدَعَ خارج شِبه الجَّزيرة، في بغداد، أُمُّهُ عِراقيَّة، ومِثله الجَّزيري «محمد حسن علوان» أبدع في كندا حيث يُقيم، وُلِدَ في الرِّياض عام 1979م، صدرت له روايات «سقف الكفاية» 2002، «صوفيا» 2004، «طوق الطهارة» 2007، «القندس» 2011، رشحت ضمن القائمة القصيرة في البوكر العربية بين 133 رواية مُشاركة على مُستوى الوطن العربي. عام 2015، فازت النسخة الفرنسيَّة مِنَ (القندس) بجائزة معهد العالم العربي في باريس كأفضل رواية عربية مترجمة للفرنسية في العام 2015. وكتاب «الرحيل نظرياته والعوامل المؤثرة فيه) 2014م.

 

روايتُهُ رائِعَتُهُ «موتُ صَغير» 2016م، حازَت جائزة البوكر العالمية للرِّواية بنسختها العربيَّة لهذا العام، الرِّواية التي قال عنها رئيس مجلس أمناء الجائزة ياسرسليمان، إنها تسحرك بانسيابيتها وانتظام سردها وهدوء حركتها الداخلية؛ فتجعلك تغوص في عوالم بطلها، ابن عربي، في حِلِّهِ وترحاله وكأنك هو في أزمان مضطربة تصارع مآسيها بصبر يتردد. تتدفق الرُّواية بين يديك، وتجري ورائها بشغفٍ أخّاذ وإيقاعٍ مُتوازن يشهد لكاتبها محمد حسن علوان بقدرة رائعة على حياكة السَّرد دون تزويق أو بهرجة. أشار الرُّوائي المُهاجر إلى أن الدافع من وراء كتابتها لم يكن الفكر الصُّوفيّ نفسه، بل شخصيَّة محيي الدين بن عربي النزّاعة للرَّحيل بنوعيه: المَعنوي والجُّغرافي. لقد رحل ابن عربي رحيلاً روحياً ليعيش حياة مُختلفة عمّا كان يُراد لهُ وهو حَريٌّ بها. وكذلك رحل رحيلاً جغرافياً واسع المَدى رُغم عدم اضطراره لذلك مدفوعاً بقلقٍ وجوديّ عاصف. هذا الجّانب مِنْ شخصيَّتِهِ أغراهُ بالكتابة عنه أكثر مِنْ تصوِّفِه نفسه. والتَّصَوُّفُ أصلُ أهل شِبه الجَّزيرة العربيَّة قبل بـِدعَةِ الوَهابيَّة المُضِلَّة. والرَّحيل في الرِّواية برأيهِ ليس مُجرد حدث، بل جزء من البنية الرَّئيسة للرِّواية. كلّ شيء يحدث في الرِّواية له ارتباط بهذه البنية بشكل أو بآخر. يُوكِّد: هذه نيَّتي الفنيَّة ككاتب وأنا أكتب. وهي نيَّة تبلورت من استلهامي لشخصيَّة ابن عربي وظروف حياته. فلننظر إليه وهو يقرّ بأنَّ الوجود هو السَّفر والسُّكون عدم. ابن عربي كان يتماهى مع الوجود كما يتخيَّله. وأنا تماهيت معه كما تخيَّلته وقد قامت الرُّواية- بحسب النّاقد إبراهيم عادل- على مُستوييّن سردييّن؛ الأوَّل يحكي تاريخ انتقال (أوراق/ مخطوطة) تحكي سيرة ابن عربي منذ عام 610هـ/ 1212م  وحتى وصولها بين أيدينا عام 1433هـ/ 2012م والتي تمرّ بأيّام عصيبة في التاريخ الإسلامي، وتشهد ويشهد حاملوها الكثير من الحروب والصِّراعات والابتلاءات عبر ذلك التّاريخ المُمتد. أما المُستوى الآخر فتأتي فيه سيرة ابن عربي مُنذ ميلاده وحتى وفاته وما مرّ به هو شخصيًا من صعاب وابتلاءات وصنوف المِحَن والسّجن ورحلته الطَّويلة مِنْ غرب البلاد (في الأندلس حيث ولادته وشبابه) إلى شرقها (دِمَشق) مرورًا بالقاهرة وبغداد ومكة وغيرها من حواضر العالم الإسلامي للبحث عن «أوتادِه» الأربعة، حتى وافته المَنِـيَّة.

 

 

محرر الموقع : 2017 - 04 - 25