امرأة مسلمة في "مهمة سياسية" في كتالونيا
    

 قالت نجاة دريوتش، التي من المرجح أن تصبح أول نائبة مسلمة في إقليم كتالونيا: “من المحزن أن تشاهد التلفزيون ولا تري أي شخص صاحب بشرة سوداء أو شخصية عربية”.

 

وأشارت إلى أنها اعتادت دائما أن تكون رائدة، إذ أنها كانت أول فتاة من مجتمعها تفوز بجائزة أدبية وتذهب إلى الجامعة.

 

وأضافت: “لا أريد أن يعاني أولادي نصف ما عاناه أجدادهم، أو ربع ما عانيت أنا. أريدهم أن يجدوا مجتمعا شاملا وعادلا ويعترف بالتنوع”.

 

وصلت دريوتش إلى كتالونيا من المغرب مع والديها وهي في التاسعة من عمرها ، في عام 1990. وعملت كأخصائية اجتماعية لمدة 17 عاما في المجلس المحلي لبلدة ماسنو، التي تقع خارج مدينة برشلونة.

 

وتعمل دريوتش في خضم أزمة سياسية أثارها إعلان الحكومة الكتالونية السابقة استقلالها بشكل غير قانوني. وتجرى الانتخابات الإقليمية الجديدة التى دعت إليها الحكومة الإسبانية يوم الخميس.

 

وقالت دريوتش لبي بي سي: “ليس هدفي أن أكون أول امرأة مسلمة في البرلمان، بل أن أكون الأولى للكثيرات.”

 

 

ورغم أنها ليست عضوة في أي حزب سياسي، فقد وافقت دريوتش على الانضمام إلى القائمة الانتخابية لحزب يسار كتالونيا الجمهوري، من أجل أن تنقل معركتها ضد التحيز إلى مستويات أعلى.

 

ويأمل حزب يسار كتالونيا الجمهوري أن يحصل على أغلبية مع أطراف أخرى مؤيدة للاستقلال من أجل “تعزيز مؤسسات كتالونيا” ومواصلة حملة الانفصال عن إسبانيا.

 

وقالت دريوتش: “إنني أتخذ هذه الخطوة في مثل هذا التوقيت المعقد بالنسبة لكتالونيا لأنني أعتقد أنه من الضروري العمل على تحضر جزء من المجتمع – تلك الأقلية التي تعتقد أن أقلية أخرى من الدرجة الثانية”.

 

مكافحة التمييز

ويعيش في إقليم كتالونيا 515 ألف مسلم، أي 6.8 في المئة من إجمالي عدد السكان.

 

وتقف دريوتش ضد ما تصفه بالعنصرية التي أثارها بعض السياسيين في كتالونيا.

 

وواجه مرشح الحزب الشعبى الذي يتزعمه رئيس الوزراء ماريانو راخوي، خافيير غارسيا ألبيول، انتقادات من المناهضين للعنصرية بسبب تبنيه شعار “تنظيف بادالونا”. وقد استخدم ألبيول هذا الشعار كعمدة لبلدة بادالونا، التي اجتذبت عددا كبيرا من المهاجرين.

 

وتقول دريوتش إنه أثناء عملها المجتمعي واجهت “مرارا وتكرارا” حالات تمييز، مثل الممرضات اللاتي لا يُوافق على عملهن في المستشفيات بسبب ارتدائهن للحجاب، والخريجين الذين يتم تجاهل سيرهم الذاتية بسبب أسمائهم الإسلامية.

 

وتضيف: “عندما تكون صغيرا في السن وتتحدث اللغة الكتالونية والإسبانية بشكل جيد، يقول الناس: إنه شيء رائع. ثم عندما تكبر، تبدأ في التحدث ومناقشة الأمور، وهذا لا يروق للبعض لأنك أصبحت منافسا الآن.”

 

وقالت دريوتش: “فماذا الذي نريده الآن؟ هل نريد أن نكون مثل الجيل الأول، الذي جاء إلى هنا للعمل في مجال النظافة فقط، أو أولئك الذين يتنافسون على نفس المناصب؟”

 

وأضافت: “قالوا لنا إنه لكي نكون مواطنين عاديين يتعين علينا أن ندرس، وقد درسنا، وأنه يتعين علينا أن نشارك في المجتمع، ونحن نفعل ذلك، فأين هي المشكلة؟”

 

خطر التطرف

وفي دراسة استقصائية عن الجيل الثاني من المهاجرين في إسبانيا، أجرتها جامعات برينستون وكليمسون وميامي، قال 20 في المئة إنهم عانوا من التمييز في السنوات الثلاث الماضية.

 

ومن بين أطفال المهاجرين المسلمين، كان التركيز أكبر في أجزاء معينة من البلاد، بما في ذلك مدينة برشلونة التي تعد المركز الاقتصادي لإقليم كتالونيا، إذ تم الإبلاغ عن عدد من الشكاوى المتعلقة بمضايقات من قبل الشرطة.

 

وقال اليخاندرو بورتيس من جامعة برينستون: “في بعض الظروف، يمكن أن يكون لهذا تأثير كبير، إذ أن رؤية نفسك كمواطن من الدرجة الثانية، أو الشعور بالعزلة في مناطق بعينها يمكن أن يؤدي إلى العواقب التي نعلمها جميعا”.

 

وكان المتشددون الذين شنوا هجوما على برشلونة وكامبريلس في أغسطس/آب جميعا من أبناء المغاربة الذين انتقلوا إلى بلدة ريبول الكتالونية، حيث وقعوا تحت تأثير إمام متطرف.

 

ويقول محمد الغيدوني، زعيم اتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا، إن زيادة التعاون بين السلطات والمنظمات الإسلامية من شأنه أن يقلل من خطر التطرف.

 

وأضاف “نريد أن يكون التعليم الديني في المدارس وليس في أماكن غير خاضعة للسيطرة”.

 

واتهم الغيدوني السلطات الكتالونية بتجاهل اتفاق بين الدولة الإسبانية والمجتمع الإسلامي لتقديم دروس في الإسلام للأطفال الذين يرغب أهلهم في ذلك، وجعلهم على قدم المساواة مع الأسر المسيحية.

 

ووفقا لاتحاد الجمعيات الإسلامية في إسبانيا ، هناك 82 ألف طفل من الأسر المسلمة في التعليم الحكومي بإقليم كتالونيا، لكن لا يتاح لهم تعليم عن الدين الإسلامي.

 

وقال الغيدوني: “يجب أن يكون هناك تعاون مع الحكومة للسماح للمسلمين بأن تكون أماكن عبادتهم في مراكز المدن وليس على المشارف، والاعتراف ببعض الأعياد الدينية. ستؤدي مثل هذه الإجراءات إلى تطبيع وتثبيت الممارسات الدينية”.

 

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي وبعد الإعلان عن استقلال الإقليم، أعلن رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي تجريد الحكومة في إقليم كتالونيا من سلطاتها. وفرضت الحكومة المركزية في مدريد الحكم المباشر على إقليم كتالونيا، تحت صلاحيات دستورية طارئة.

 

ولا يزال زعيم حزب يسار كتالونيا الجمهوري، أوريول جونكويراس، وعضو آخر في الحكومة الكتالونية السابقة قيد الاحتجاز، ويجري التحقيق معهما بتهمة التمرد وغيرها من الجرائم المتعلقة بحملة الاستقلال.

 

وأفرج عن سبعة آخرين بكفالة، كما فر خمسة أشخاص- من بينهم رئيس الإقليم السابق كارليس بوجديمونت – إلى بلجيكا.

 

تقول دريوتش إنها ترى أنه “من حق الشعب أن يقرر” ما إذا كان ينبغي أن يكون إقليم كتالونيا جزءا من إسبانيا، لكنها رفضت الكشف عما إذا كانت مؤيدة للاستقلال أم لا.

محرر الموقع : 2017 - 12 - 20