زورتان وثلاث ولايات للرَّئيس بوتين
    

أمين ظافر الغريب

 

زورتان وثلاث ولايات للرَّئيس بوتين

-----------------------------------

 

عاصِمَةُ أوَّل أقطار الاتحاد الاُوربي شَرقاً فنلندا Helsinki؛ اتفاق L'accord de Helsinki وثيقةٌ صَدَرَت عن مُؤتمر Helsinki المُنعقد عام 1975م نظَّمَت أُسُسَاً جديدة للأمن والتعاون بين الأقطار الأُوربيَّة. مُذ نحو مُنتصف القَرن الماضي تبلوَرَت فكرة عقد مُؤتمر عام للأمن والتعاون في القارة الأُوربيَّة العجوز لإيجاد حلول للمُشكلات القائمة بين المُعسكرين الشَّرقي والغربي، وتطويق الأزمات، وترسيخ الأمن والاستقرار، وتغيير نوع العلاقات الدُّولية القائمة. وقد اشتركت مجموعة مِن العوامل المُختلفة داخل القارة الأوربيَّة وخارجها في تطوير هذه الفكرة ونقلها من الإطار النَّظري إلى الواقع العمَلي، كاتساع العلاقات السّياسيَّة الاقتصاديَّة بين الكُتلَتين الشَّرقية والغربية، والتوصّل إلى حلول لبعض القضايا الهامَّة اللّامَة للقارة الأُوربيَّة. وتحقيق توازن التسليح السّتراتيجي يضمن عدم قدرة أي طرف على تحقيق انتصار في أيّ حرب مُحتَمَلَة، والخسائر الكبيرة التي تحدثها هذه الأسلحة، وبروز فكرة إمكان التَّعايش السّلمي بين الأنظمة السّياسيَّة الاجتماعيَّة الاقتصاديَّة المُختلفة، ودور الأُمم المُتحدة وحركة عدم الانحياز في العمل على ترسيخ مظاهر الأمن والاستقرار في العالم، وتعاظم دور الرَّأي العام العالَمي المُناهض للحرب. كان للعوامل السابقة أثر كبير في دفع دول الكتلتين الشَّرقيَّة والغربيَّة إلى البحث عن سُبُل وصيَغ عملِيَّة لعقد مؤتمر عام للأمن والتّعاون الأُوربيّين. أخذت فكرة عقد مِثل هذا المُؤتمر تتطور وتتخذ صيغاً وأشكالاً مُختلفة مِن المُقترحات اُحادية الجّانب التي أُعلنت مِن قِبَل الفسطاطين شرق وغرب، مِثل خطة وزير الخارجية السُّوفييتي ڤياچسلاڤ مولوتوڤ عام 1954م، وخطة أنطوني إيدن وزير الخارجية البريطاني في العام ذاته، ومشروع بولغانين رئيس وزراء الاتحاد السُّوفييتي عام 1955م، ومشروع رابانسكي وزير الخارجية البولوني عام 1957م، ومشروع كرستيان هرتر الأميركي عام 1959م. ثمّ انتقلت الفكرة إلى الأُمم المُتحدة في ستينات القَرن الفارط بمُقترحات رابانسكي وزير الخارجية البولوني، وأقرت الجَّمعيَّة العامة في دورتها 20 ضرورة بذل الجُّهود لتقوية السَّلام والأمن في القارة الأُوربيَّة عن طريق اتفاقات جماعية. وبعد ذلك انتقلت الفكرة لتدرس في الهيئات الرَّسميَّة المُختصة لحلف وارسو وحلف الأطلسي (NATO). عُصبة Helsinki موسكو مُنظمة غير حكومية ذات نفوذ لمُراقبة حقوق الإنسان، تأسّست في العصر السوڤيتي وما زال نشاطها مُستمرًا في الاتحاد الرُّوسي. رئيس الاتحاد الرُّوسي المُؤمِن المُتَدَيِّن فلاديمير بوتين لثلاث دورات رئاسيَّة حتى الآن؛ بفضل مسلَكيَّتِهِ خلفيَّتِهِ المُخابراتيَّة حِيال نشاط عُصبة Helsinki. زار بوتين زورَتين، الاُولى إلى النّاشطة الحقوقية «لودميلا أليكسيفا»؛ لتهنئتها بعيد ميلادها الـ90 وهي أكثر المُعارضين الذين تحدوا النّظام الشُّيوعي السُّوفيتي والسُّلطات المُلحِدَة المُبادَة آنَ كانَ طُغيانها على أشُده مُنتَصَف القَرن الماضي، مِن أجل الدَّعوة إلى الدّيمقراطية والمُطالبة بالعدالة للسُّجناء السّياسيين، وتعد المُناضِلَة أليكسيفا؛ أيقونة المُعارضة الوَطنيَّة الرُّوسيَّة التي حاربت عار العَصَبيَّة اليسارويَّة على مدى عُقود. ومازالت الأكثر انتقاداً؛ إلى حَدّ أن أنصار بوتين؛ يعتبرونها عميلة أجنبيَّة ترغب في تقويض مصالح الدَّولة العُليا القائِمَة بفضل نضال الأحرار ضدّ إقطاعيَّة القطيع. أليكسيفا؛ مِن مُؤسسي عُصبة Helsinki موسكو، أقدم منظمات حقوق الإنسان في روسيا؛ أسَّستها عام 1976م، كما أنها من أشد المعارضين للقوانين التي تسستهدف المُنظمات غير الحكوميَّة التي تتلقى تمويلات من الخارج.

 

 

محرر الموقع : 2017 - 07 - 22