ملتقى لايدن بهولندا يستضيف البروفيسور تيسير الآلوسي في ندوته بعنوان: "آفاق العملية الانتخابية بين إرادة التغيير والمعوقات"
    

انعقدت في مدينة لايدن الهولندية مساء السبت الأول من آذار مارس 2014 فعاليات (ملتقى لايدن) التي تضمنت الآتي:
1. ندوة بعنوان:"الناخب العراقي بين العقبات والقيود المكبلة لصوته من جهة وإرادة التغيير وإمكانات الانطلاق من جهة أخرى". وقد تم استضافة البروفيسور الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي رئيس جامعة ابن رشد في هولندا ورئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر. 
2. نشاطا فنيا غناسيقيا للفنان المبدع ستار الساعدي وشاركته العزف الفنانة الأمريكية المقيمة بهولندا والمتتلمذة على الموسيقا الشرقية.. وقدما برنامجا من التراث الغناسيقي العراقي الملتزم بالهوية الوطنية وبغناه الإنساني..
3. كما تمّت احتفالية تكريم المبدعات والمبدعين وداعمي جمعية الخضر العراقية بهولندا..

وحالما شُرِع بالندوة الفكرية الثقافية بدأ الدكتور ذياب الطائي الذي أدار الندوة بمقدمة موجزة عن منظمات المجتمع المدني العراقية تاريخا ومنجزا. مستعرضا فيها الآتي:"أولا مفهوم ومصطلح المجتمع المدني ومنظمات المجتمع المدني منذ سقراط مرورا بروسو ومونتيسكيو وهيغل وماركس وأخيرا غرامشي وأشار بايجاز الى المفهوم لديهم، ثم تحدث عن هذا المفهوم في الفلسفات المعاصرة وبين الاختلافات الجوهرية بين من يضيِّق من مساحة التعريف وبين من يتوسع فيها.. كما هو الحال في ألمانيا والنمسا حيث تعتبر الشركات المساهمة في عداد منظمات المجتمع المدني.. بعدها انتقل الدكتور الطائي بعد ذلك الى ما سماه المنظمات المدنية في العراق منذ انتشار فروع جمعية الاتحاد والترقي عام 1908 وجمعية العهد في عام 1913 وجمعية الاصلاح في البصرة بقيادة السيد طالب النقيب عام 1913 والنادي العلمي في الموصل عام 1918 وجمعية النهضة الاسلامية في النجف عام 1918 وجمعية حرس الاستقلال عام 1918 ايضا ومن ثم انتقل الى الجمعيات التي انشئت في العهد الملكي كنادي النهضة عام 1924 وفصَّل في جمعية أصحاب الصنائع ودور القائد النقابي محمد صالح القزاز عام 1928 وأشار الى الجمعيات الدينية العديدة التي انتشرت في بغداد والبصرة والموصل وأخيرا الجمعية النسوية ضد الفاشية التي انتهت الى رابطة المرأة العراقية؛ ثم أشار الى أنه وردت أول إشارة رسمية لمنظمات المجتمع المدني في الدستور العراقي لعام 1925 حيث نصت المادة 12 منه ( للعراقيين الحق في تاليف الجمعيات والانضمام لها). وفيما يتعلق بمنظمات المجتمع المدني بعد سقوط النظام السابق أشار الى أن هذه الجمعيات تخضع لقانون المنظمات غير الحكومية، والمسجل منها اليوم في العراق عدا الاقليم 1873 منظمة في حين أن المعتقد انها أكثر من 7000 منظمة وأشار بعد ذلك الى الدوافع والاسباب وراء تضخم العدد .. منتقلا إلى تقديم البروفيسور الآلوسي ونقل الكلمة إليه". 

وبتقديمه لبروفيسور الآلوسي ومنجزه الفكري الثقافي والأكاديمي ودوره في إشاعة قيم التسامح والسلام بين أبناء الجالية وفي مجتمعاتنا المحلية بأطيافها ومكوناتها نقل الكلمة إلى المحاضِر. وهنا وعلى مدى ساعة من الزمن عالج بروفيسور الآلوسي موضوعه بأبعاد ثقافية سياسية تنويرية، مؤكِّداً أنه جاء هنا لا ليقدم عملا دعائيا لهذا الطرف أو ذاك انتخابيا بل ليوضح أسس العملية الانتخابية بصورتها السليمة الأنضج. وعرج على الانتخابات البلدية الهولندية التي ستشارك بها الجالية العراقية مؤكدا السمات المستقرة لآليات الانتخاب ولدور الجالية في الاختيار الأنسب لمجتمع التعددية وتنوع الهويات وللاستجابة لمطالب الجاليات وأبنائها وبناتها على وفق البرامج المعروضة محليا بكل بلدية ومن كل حركة وحزب. وأشار إلى أن استمرار المشاركة في هذه الانتخابات تمنح العراقيات والعراقييين تجاريب غنية ينبغي نقلها وممارستها حيويا في الانتخابات العراقية.
ونضع هنا جانبا مما قدمه بمحاضرته التي غطتها قنوات فضائية وإذاعية وصحف عديدة كما احتشد لها جمهور من بنات الجالية وأبنائها مع تميز للحضور النسوي فضلا عن التمثيل للمجموعات القومية والدينية بوسط الجالية:
" الصديقات العزيزات، الأصدقاء الأعزاء 
تحية طيبة وأمسية منورة بوجودكم في هذا الملتقى الديموقراطي التعددي الغني بتنوع هذا الحضور الإنساني البهي وبتنوعات معالجاته وموضوعاته. 
اليوم نجتمع في (ملتقى لايدن) لكي نتفاعل معاً وسوياً، فنكتب رسالة المحبة والتسامح ومحاولة المساهمة في السير باتجاه أنسنة وجودنا، واختيار دروب السلام والتقدم وأفضليات التغيير والتحديث والتنمية. 
وطبعا يجري هذا، وأنتم أدرى بقرب انتخابات المجالس البلدية الهولندية، من جهة ومن الجهة الأخرى، تلك التي تخص مدّ جسور الارتباط بين جاليتنا بمهجرها الهولندي والتضامن مع تطلعات الوطن الأم في خيارات إيجابية مؤملة.
إنّ التجاريب الإنسانية تظل مشاعة كيما تستفيد منها الشعوب، وتضخ في مسيرتها ما يغذي الوعي العام بالمعارف وبقيم الثقافة التنويرية التي تساعدنا على التعرف إلى وسائل البناء.
ومن هنا، وفي ضوء ذلك، نلتقي اليوم لاستنطاق تلك التجاريب والبحث في معانيها الحقيقية، وما يمكنها أن تمنحنا إياه. كما نؤكد بقيم اللقاء المجتمعي هذا على أهمية الالتزام الجمعي بمقابل أمراض الفردنة والعزلة أو ما نجم وينجم عنها من اعتزال المؤسسة المجتمعية العامة حيث الانفصال عن المؤسسة الحكومية؛ وما يمتلئ سجله من خطاب العدائية وممارسة الفرهود للثأر من الحكومة من دون التمييز بين واجبات الحرص على الممتلكات العامة وبين تخريبها ونهبها، على طريقة كل يهدم بالسفينة من زاويته حتى تغرق بالجميع في المنتهى! وهنا أذكّر بتاريخ العلاقة بين المواطن ومؤسسات الدولة منذ العهد العثماني فالاحتلال البريطاني فالحكومة الملكية وما أعقب جمهورية 14 تموز من انقلابات وحكومات مستبدة حتى وصلنا حكومة المحاصصة والسياسة الطائفية.. الأمر الذي خلق تأسيسا لتلك العدائية والانفصام بين المواطن والمؤسسة العامة، وهو ما ينبغي معالجته اليوم موضوعيا.. " وبعد أن مرّ على هذه الإشكالية انتقل المحاضر إلى قوله:
"اليوم سنركز على العقبات التي تعترض التحالفات الوطنية العابرة للطائفية، بوصف المنهج الأخير منهجا مرفوضا من الأغلبية. سواء بجدية ووعي بالقضية أم بممارسة التظاهر للتغطية على حقيقة مرضية ما.. وطبعا نحن بهذا لا ندخل بأي شكل في موضوع الاختيار الانتخابي بأسس دعائية حزبية ضيقة كما أشرنا، ولكننا نتحدث عن الوعي وتشكيله وتوجهاته من جهة التحديث والتطور أو التقدم المعرفي..."
ثم قال: "وتوطئة لحوارنا و\أو موضوعنا نقول: إنه بجميع الظروف يوجد لأي حراك مجتمعي دوافع وقوى تفعّل الجهد وبالمقابل توجد عقبات تعترض الحراك والتغيير وتعرقل احتمالات التنمية والتطور؛ ومثل هذا ممكن المعالجة والبحث في سبل تناوله وإيجاد الحلول بأفضل الأجواء وأكثرها سلامة على الرغم من لولبية الطابع بكل منعرجاته وتعقيداته. أما محليا، عراقيا، فقد جابه مجتمعنا وقواه التحررية العقبات بالتواءاتها مخصوصة كأداء تضخمت كثيرا بوجه قيم التحديث وتصاعدت بالضد من محاولات الانتقال النوعي من الأحادية الإلغائية القمعية إلى التعددية واحترام الآخر وتبادل العلاقات البنائية.. وبالنتيجة فإنّ أغلب الدراسات بهذا الاتجاه باتت تحرث في أرض وعرة ملأى بالألغام وبات عليها أيضا، تجنب تعقيدات المواقف المسبقة التي تقوم على الشك وحتى انعدام الثقة وما يُختلق من اصطراعات في خضم أجواء تكتنفها الفوضى والتخندقات الطائفية المصطنعة بقصدية بعينها... في هذه الأجواء علينا أن نعالج محاولة جديدة أخرى للحراك المجتمعي الوطني العراقي في ضوء الانتخابات التي يمكن أن تجري في الثلاثين من نيسان أبريل 2014؛مع التوكيد مرة أخرى على أننا هنا لا نتحدث هنا باسم طرف حركي أو حزبي بعينه ولا نمارس بخطابنا أية أنشطة دعائية؛ فمهمتنا هي إنتاج رسالة وطنية بديلة جوهرها أنسنة وجودنا والتوجه نحو دولة مدنية نعتقد أنها يمكنها أن تسجل الحل الموضوعي الأنسب والأنجع وهو ما تقره بل تؤكده التجاريب الإنسانية، كما أنه الحل البديل الذي لا يختلف فيه أغلب العراقيين.." 
وقال:
"إن الوجود المجتمعي في عصرنا لا يمكنه أن يكون مستقرا؛ ويُستجاب لمطالبه إلا في إطار بنية دولة مدنية وآليات عمل معاصرة. بينما سيقع هذا الوجود في آثار كارثية للتناقض بين العصر وأية قيم تحكَّمت به بطريقة ماضوية سلبية. ونحن نشير هنا إلى جملة ما أحاط ويحيط بالوضع العراقي بعد العام 2003. ففي تلك اللحظة التاريخية الحرجة جرى إسقاط هرم سلطة قمعية دموية، ولكن إزالة فلسفتها وآليات عملها لم تكن بخط مستقيم لأسباب شتى؛ ومن ثم فقد شهدنا تمزقات وتشظيات وأشكال اصطراع ربما لم تكن محسوبة في بعض مساراتها.
من هنا يمكننا ولوج مجريات الوضع، ليس من مدخل الاتكاء على ماض سواء بأمجاد تجربته النضالية أم بفلسفة تبرير المجريات الراهنة التي تقف عند حدود إلقاء التبعات على النظام القديم! ولكننا نلج بقراءتنا هذه، الواقعَ في ضوء طابعه المخصوص وما يكتنفه من قوى مصطرعة؛ وتحديدا هنا نركز على العقبات الفعلية التي تقف بوجه عراق السلام والتنمية والتقدم وبوجه قوى البرنامج الوطني العابر للطائفية..."
وقال:"إن المجتمع العراقي مثل كل المجتمعات الإنسانية، مجتمع يتطلع للاستقرار والسير بدروب عصرنا واستثمار آلياته الأحدث لخدمة وجوده وتلبية مطالبه وحاجاته. وهو مجتمع تعددي التركيب مذ أول ولادته في العراق القديم الذي بنى حضارة سومر في وادي الرافدين من منابعهما حتى مصبهما جغرافيا، وسجل أروع العلامات الحضارية تاريخيا ليكتب وثائق أول مدنية متحضرة في دولة المدينة الأولى. ومن هنا فقد مضى هذا المجتمع على رسم خصائص هويته التي اغتنت بالتنوع ومضت بتعميد فلسفة التعايش والإخاء واحترام الآخر.. إلا أنّ هذا المجتمع وبناه الإنسانية لم يعدم وجود مراحل طعنت في وجوده فولدت جراحات فاغرة مؤلمة، وفي الغالب كانت انكساراته عسكرية بسلطة العنف بينما بقيت ثقافته المدنية بجوهرها الإنساني تنبعث من جديد لتعيد الأمور إلى مساراتها الأنضج والأنجع والأكثر سلامة وصوابا!
ونحن هنا نؤكد على قراءة الوضع وتفاصيل منعرجاته، مع هذا الاضطرار لأكثر من مقدمة، حيث كل مقدمة منها تمهّد لمحور من محاور مادتنا في محاولة لتجنب ما أسميناه المواقف المسبقة التي تفصل بين المعالجة وجمهورها المؤمن بالروح الوطني الديموقراطي وببناء الدولة المدنية وكذلك بينها وبين المتلقى (الآخر) الذي يراد فتح الحوار معه موضوعيا لاستعادته لميدان مصالحه الحقيقة التي تلتحم ومصالح الاستقرار ولسلم الأهلي والتعايش بمبدأ المساواة والإخاء والتآلف. إذ القصدية في المعالجة لا تكمن في مهاجمة الماضي برمته سواء المبكر منه أم المتأخر ولا التعرض لمكون أو آخر في مجتمع اليوم ممن تمّ وضعهم في حال من التعارض المتوهم بوساطة فلسفة الطائفية وآلياتها! مهمتنا تقف عند حدود أن نشير إلى ما يعترضنا والقوى الوطنية في الطريق نحو استعادة قويم التركيب والممارسة المجتمعية."
ثم انتقل لتسجيل الدوافع والعقبات حيث تحدث قائلا:
"ولعلنا نلخص ما نريد الإشارة إليه في نقاط مجملة مختزلة بين الذاتي والموضوعي:
فذاتيا تتحكم بالمجتمع اليوم قوى لا نريد وصفها إلا في ضوء انعكاسات برامجها مجتمعيا وطابع ممارستها فعليا. فالانعكاسات يعيشها المجتمع بانكسارات وأمراض وأوجاع بلا مَن يعالجها أو يمسح دمعة من يَتَّمَتْهُ الجريمة أو نهبت من فمه كسرة الخبز أو سرقت الغفوة من عينه و\أو غرست في قلبه القلق والهلع وكل ذلك بقصد تعطيل العقل بأغشية التعتيم والتضليل وتلكم هي بعض الأفاعيل وبعض إفرازات برامج القوى التي أشرنا إليها. وهذه القوى تبقى نافذة لأنها تعتاش على اختلاق اصطراعات مجتمعية تحتمي خلف متاريسها مقدِّمةً الضحايا ممن تجنده بآلياتها من شراء واستعباد وبلطجة.
إذن العقبة الأولى التي تعترض التغيير النوعي يكمن في قوة ظاهرة للطائفية السياسية عبر تكريسها وجود جناحيها تنظيميا في وسط الأغلبية المجتمعية بوساطة تقسيم ماضوي الأسس يقوم على افتعال الاصطراع والتناحر بين مكونين أو أكثر.. وما يهمنا هنا هو التركيز على توصيف العقبة بنيويا تنظيميا حيث يأسر جناحا الطائفية السياسية جمهورا كبيرا مغيب الوعي تتفشى فيه أمراض الأمية، الجهل والتخلف وإلا فإنّ السير خلف عناصر تضخ برامج التخلف وتتسبب في كل هذه التداعيات المرضية لا يمكن أن يوجد عند شخصية تمتلك المعرفة والثقافة ومن ثم إدراك الحقيقة.
إن الطائفية السياسية تستغل الدين والأعراف والتقاليد لاحتجاز جمهورها مغيب الوعي، ممحي العمق المعرفي.. ومن هنا فإن بعض الرد يكمن في فضح الطابع السياسي لقادة الطائفية بدليل ما يجري للمواطن المغلوب على أمره وفي كشف حقيقة أنَّ الدين ليس طقسيات مرضية بل الدين بجوهر آخر غير الجوهر الداعي إلى التناحر والاقتتال والكراهية والحقد والانتقام والثأر، إنّه وصايا بالخير والتآخي والتحابب وإعمار البلاد وتحرير العباد. ومن ثم فإن فك عقدة تمثيل الله على الأرض وتجسيد الديني وقيمه والفصل بين ساسة الفساد والدين هو أول الطريق لتحرير الجمهور من أن يكون وقودا لحروب الطائفية السياسية ولاستعادة حقه في تنظيمات تعبر عن مطالبه وتقوده إلى مسيرة العمل، البناء، صنع التقدم فعليا واقعيا. وطبعا هذا لا يأتي إلا بقوة البديل فكريا تنظيميا برامجيا.. وهذه القوة تريد ارتقاء بمتانة التنظيم الوطني وسلاة أسس وجوده بنيويا...".
وفي الجانب الموضوعي من العقبات قال البروفيسور الآلوسي:
"وموضوعيا سنجد أن تعطيل الصناعة وتخريب الزراعة ووقف الدورة الاقتصادية وإشاعة البطالة والفقر والإغراق في انتشار الظلام حيث الأمية والجهل بمعنى تخريب التعليم وإهمال الصحة العامة وتلويث البيئة واستغلال خطاب ثقافي مرضي وسطوة شبه مطلقة على الإعلام وأدواته، سنجد كل ذلك علامات خطيرة للعقبات الموضوعية.. ولكن، إذا كان هذا هو بعض العقبات الموضوعية في بعديها الاقتصادي الاجتماعي فإن اختلاق سلسلة من المعارك في حلقات متعاقبة متوالدة هي اللعبة ببعدها الموضوعي (السياسي) لمشاغلة الأطراف وإدامة السطو على خياراتها عبر إدامة اختلاق بعبع التهديد الأمر الذي يساعدها على التظاهر بكونها الحامي الحارس والضامن للأمن والأمان على الأقل في المرحلة التي تتضبب فيها الصورة ويعلو فيها غبار المعارك المفتعلة. وهذه، إذن، هي بمجملها العقبات الكأداء التي تفصل بين المواطن والتنظيمات المعبرة عن آماله سواء كان الأمر بصورة مباشرة أو غير مباشرة."...
أما عن البديل الذي ينبغي للمواطن اختياره من أجل التغيير والتوجه نحو ما يلبي مصالحه فتحدث الدكتور الآلوسي قائلا:
"ومن أجل ذلك فإنّ البديل الوطني العابر للطوائف، يبقى عليه أن يعالج ذاتيا أوضاعه بالارتقاء بوعي تنظيماته والتحول بها من الانجذاب الأولي العاطفي إلى قدرات التحصين الفكري السياسي الذي يعي الوضع وتفاصيله. ولربما لاحظنا هنا على سبيل المثال أن عناصر وطنية عديدة [قد] لا تدرك خطر استخدام المصطلحات السياسية من دون وضوح ودقة ومن دون احتراس من مطبات التشويه والتهجمات التضليلية وربما أوقعتها حال [عدم الالتفات لمحاولات التضبيب ومصيدة عدم الدقة] بمطبات معقدة وبحال خلط الأوراق التي تشكل آلية لصالح قوى الطائفية ضد القوى الوطنية. وهكذا فالتحالفات الوطنية الديموقراطية بحاجة (بنيويا ذاتيا) باستمرار إلى تكثيف الجهد والمشاركة في مناظرات معرفية في الخطاب السياسي ولاستشارة المتخصصين والاستناد إليهم في صياغة مفردات البرامج وضبط المصطلح وتجاوز العقبات. ومن الضروري هنا أن يتابع المتخصصون من العقل العلمي الوطني ما يظهر من عناصر خطاب البديل الوطني كي يجري التقويم والتعديل بالسرعة المناسبة قبيل الوقوع في فخاخ الأزمات."...
واسترسل قائلا:
"إن حال وجود الخطأ والصواب والأغلاط موضوعيا هو حال طبيعي في الحراك الإنساني لا يثير الرهاب فهو في وقت يشكل فرصا ربما تنتهزها القوى المعادية للنيل من هذا البديل النوعي الإيجابي البنَّاء فإنه في الوقت ذاته فرصة إيجابية لتوكيد الممارسة بنهج ديموقراطي وبروح علمي موضوعي في معالجة الثغرات والنواقص من طرف هذا البديل.. وعلى الجهات المعنية توظيف الأمر لتقوية تنظيم البديل الوطني الديموقراطي بدل تركه أية نافذة للاختراق والتهجم والتشويه من قبل الآخر السلبي بالاستناد إلى دراسة هذه النقاط كلا بمحورها وبما ينبغي من تفاعل ومعالجة فضلا عن موضوع صياغة البرامج ومراجعة تفاصيلها بتلك الدقة العلمية المنتظرة."...
وخلص في استنتاجاته بالقول:
"إنّ هذه الإشارات الموجزة لإشكالات الذاتي والموضوعي من العقبات تظل بحاجة للمعالجة والقراءة العلمية من جميع الأطراف المعنية. وهنا سيكون لزاما تجنب حصر الخطاب بآلية إلقاء التبعة على الماضي من جهة وعلى جريمة الآخر من جهة أخرى.. وينبغي الاتجاه نحو إبراز قيم البديل وجوهره وأهدافه وآلياته تعريفا وتوضيحا وتدريبا لقواه وجمهوره على الانتقال من حال الاستسلام والسلبية إلى حال التصدي والإيجابية والعمل وبدل التركيز على إطلاق صيحات (لا للآخر السلبي ولا تنتخب من أوقعك بالأزمة)، ليكن الخيار والتركيز فيه على تدريب المواطن المقصود بالتغيير، تدريبه على الفعل والعمل وأعمال بناء بيته وطنه جنة له ولأخيه...
هنا فقط ستكمن قوة الجذب وتأثير البديل وصواب الأداء في طريق التغيير.. بقيت إشارة لابد منها، تتمثل في أن البديل الوطني الديموقراطي يمكنه استثمار أولويات تحالفات قد تتضمن ما لايمتلك الصفاء الذي يحمله لكن للضرورة أحكام ولابد من التعامل مع الواقع بطريقة أنضج وأكثر حكمة بدل الادعاءات والروح الراديكالي الذي سيعقد بل يزيد ويضيف عقبات أخرى.. وبانتظار تفاعلاتكم تبقى هذه المعالجة المتواضعة مقترحا يتطلع للاستكمال والإنضاج"...

وبانتهاء محاضرة البروفيسور الآلوسي نقل مدير الجلسة الكلمة إلى السيد صالح الربيعي الذي تحدث في دقائق ثمينة عن واحدة من تجاريبه في أثناء زيارته الوطن قائلا: "الأخ العزيزالبروفيسور تيسير الآلوسي المؤقر
اساتذتي الكرام طابت ليلتكم ، أتحدث هنا بإيجاز وعلى وفق برنامج العمل المتاح مقدِّما تحياتي وتقديري،
قبل أن ابتدأ كلمتي المتواضعة هذه؛ أرفع قبعتي احتراماً وإجلالاً لكل الذين يسخرون أقلامهم للدعوة للمحبة ونشر القيم السامية بين كل شرائح المجتمعات التي يعيشون فيها، وصولا الى خطاب عالمي يكرس نفسه لقيم الخير والمحبة والسلام والرقي. لست في وارد استعراض تعاريف المثقف، و لكني أتمنى أن يضطلع المثقف العراقي بدوره الذي أصبح لزاماً عليه القيام به في هذه المحن الكبيرة التي تعصف ببلدنا الحبيب. وهو بصفته المتنور والاكثر تعلماً واطلاعاً، يجب أن يكون غارس الثقافة المنفتحة المتنورة، التي تشن حرباً بلا هوادة على الجهل، وأن يكون هو لاغيره، قائد مشروع التغيير نحو عالم اكثر جمالا، وأقل قبحاً ويكون المدافع بشراسة عن حقوق شعبه ضد الدكتاتورية بكل أشكالها وألوانها، وأن يكون جديراً بالريادة التي لايقوم بها غيره. هناك جهات تريد ان تحجم دور المثقف ولا تتورع حتى عن قتله، لانها لا تريد لهذا الشعب أن يخرج من العنف الدموي والارهاب والتسلط ، وتسعى لأعاقة أي مشروع يفضي الى شاطئ الامان ومساحات الفكر الحر، وهي لاتسعى وللأسف إلا لتكريس نفس الدور الذي اعتادت السلطات الدكتاتورية ان تقوم به، في تصفية المثقف ودوره في مشروع التغيير، وإلصاق صفة المعارضة غير الوطنية به. الحديث عن المثقف و دوره طويل و لكن ما احب ان اؤكد عليه هو ان مجتمعنا العراقي الآن في ازمة حقيقية ستحدد مصيره، لذا يجب السعي بجدية وحزم على تغيير أليات فكره وتعاطيه مع مشاكله، وإلا فأننا نتجه الى الهاوية ما لم يحدث تغير جذري في كل النظم والرؤى التي أستبدت بنا خلال العقد الاخير. و حتى لا ينهار عراقنا يستوجب اليوم على المثقفين العراقيين ان يعلنوا جهادهم، لا في الصحف والجرائد وصفحات الفيس بوك وحدها بل في المقاهي و مساطر العمال و الشارع و الحي والتجمعات، لعدم تكريس نفس المعادلات السياسية الطائفية التي اوردتنا المهالك ، والدعوة الى كسر حاجز احتكار السلطة التي لعب عليها الساسة من الطائفتين بأن (( انتخب قادة طائفتك حتى لا تحكمك الطائفة الثانية))، وأنا هنا أتحدث عن واقع حاولت قراءة بعض ملامحه، ودراسة واقعه عيانياً خلال ما يقارب الاربعة اشهر عشتها في العراق. يخطيء من يظن ان شعبنا غير قابل للتغير، وكل رؤية تدعو لتكريس مثل هذه الفكرة هي رؤية تبالغ في رؤية الأسوأ. ومايكرس مثل هذه الافكار السوداء عن بلد بكامله ليست سوى عدة فوهات تنفث الدخان الاسود، و ترمي بظلامها هنا و هناك حتى يتوهم المشاهد ان هذه الصورة السوداوية هي العراق كله، وأن هذا الشعب، شعب العراق بلافكر مستقل ، ومنزوع الأرادة، ولكن لي أن أصرخ هنا ( لا و الف لا)، فليست هذه صورة وحقيقة كل شعبنا العراقي ، فهو مازال واعدا بالأمل ، وله من ثقافاته المتنوعة و طيبة و كرم أهله و شهامتهم المشهودة ما يجعلني مفعما بالأمل ، أذا مارسنا جميعاً مايفترض علينا القيام به ، وأولنا كتيبة المثقفين ورواد الفكر والرأي".

وبانتهاء الندوة الثقافية أعقبها النشاط الغناسيقي المميز، الذي حمل أنسام هوية تغفو برومانسية حالمة في تلك الأنفس التي حضرت الملتقى لتمد جسورها إلى حيث الوطن ودفء أنغامه.. وقد تضمن الفقرة الغناسيقية الآتي:
"الفنان ستار الساعدي على الة الناي والرق ورافقته الفنانة الأمريكية سارة الجبلاوي على الة الجلو... وقد كانت فقرات البرنامج:
1. قطعة جلم من بغداد تالبف الفنان ستار الساعدي...
2. اغنية تعال ياحبيبي للفنانة امل خضيرو كلمات محمد جبار حسن والحان علي سرحان
3. اغنية تراثية جي مالي والي
4. فوك النخل اغنية تراثية للفنان ناظم الغزالي
5. موسيقا سعادة :- تاليف الفنان ستار الساعدي".

ليتم لاحقا بعد استراحة قصيرة فتح المجال للتداخلات والأسئلة. وقد ابتدأ الأستاذ عبدالرزاق الحكيم وتحدث قائلا: "السيدات والسادة الأعزاء ... الحضور الكريم طاب مساؤكم
مع شكري وتقديري لمنظمي الندوة؛ وللسيد صالح الربيعي مرشح التحالف المدني الديمقراطي في محافظة ذي قار متمنيا له الموفقية و الفوز في الانتخابات البرلمانية القادمة، شاكرا هنا تكريمي من قبل جمعية العراق الأخضر ... وشكري موصول لكل من ساهم في انجاح هذه الفعالية المهمة لتوضيح مفاهيم عديدة منها:(منظمات المجتمع المدني ودورها في توعية الناس والناخب من أجل التغيير) وما تحدث به الدكتور ذياب الطائي بشأن تاريخ ونشوء منظمات المجتمع في العالم؛ معرجا على تأسيسها في العراق... وكذلك مداخلة الأستاذ الدكتور تيسير الآلوسي التي تضمنت وبشكل واضح ومبسط الوضع السياسي ما بعد التغيير في نيسان 2003 ولحد الساعة.. موضحا السلبيات التي رافقت الإنتخابات الأسبق والسابقة والتي افرزت حكومات طائفية على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية المقيته التي كتبت الدستور العراقي ومارافقته من سلبيات ومثالب عديدة ومارست الإقصاء وانحسار للحريات العامة والخاصة واسست جيشا طائفيا ملغوما بازلآم النظام المقبور وخيانات داخلها مما وفر للإرهاب ارضية صالحة لتنفيذ اعمالهم الاجرامية بحق الإبرياء والممتلكات والبنى التحتية وغيرها ... وانعدام تام للخدمات ... وأزمات مدمرة ومتنوعة وهي تعتاش عليها. فهي تخرج من أزمة وتدخل في أخرى , وبدون أدنى حل ..! ... صارت الأجواء تعاني من فساد مالي واداري مستشري في كل مفاصل الدولة وإرهاب شمل كل محافظات العراق وبدون استثناء ... مليشيات تستخدم أدوات السلطة ووسائلها العامة، أعلآم منحاز وقضاء غير عادل يسلب حرية هذا وذاك ويطال أي شخص ينتقد الحكومة وبتوقيت حرج ومقصود ... تخلف وفقر وجهل وتراجع الى الخلف على الرغم من ميزانيات هائلة تصرف هباءً منثورا من دون اي ملموسيات . ولكل ما تقدم مع الأسف لم يطرح البديل المناسب لهذا الوضع المزري في العراق ... نحن جئنا لكي نساهم بتوضيح البديل وضرورة التغيير ومساهمة كل مواطن عراقي شريف يريد العيش بسلام وكرامة ورخاء وتقدم ... والعمل يبدأ بالأسرة والبيت والعائلة والأهل والأقارب والجيران ثم الحي ودائرة العمل ومنظمة المجتمع المدني ... من أجل اتغيير المنشود .
إن أنتخاب أصحاب الأيادي النظيفة واجب وطني أكدت عليه المرجعية الدينية والقوى الوطنية وأصحاب البرنامج الوطني الذي يجسد مطاليب أوسع الجماهير الشعبية العراقية ويعيد الثقة بها بعد الإحباط وفقدان الثقة بهذه الحكومة التي لم تنفع سوى نفسها ومريدها , ويعيد بناء الا نسان والوطن ... بناء اقتصاده المتعثر بناء صناعته وزراعته المشهود بها تاريخيا , والعمل على رخاء شعبه , واستغلآل موارد البلآد من اجل عموم الشعب , لا حفنة من المرتزقة , الذين ركبوا الدين والطائفة والعرق , وابتعدوا عن الهوية الوطنية العراقية ... جئنا لنقول أنتخبوا الدولة المدنية , انتخبوا القوى الديمقراطية , انتخبوا القائمة التي تحقق أهداف أوسع الجماهير .
عبد الرزاق الحكيم \ رئيس جمعية البيت العراقي /لآهاي/هولندا\\ 1/آذار/2014".
وأعقبه الدكتور عباس الدليمي متسائلا: "عن افتقاد المحضارة للإشارة إلى العامل الخارجي وتأثيره وعن دور القضاء وأهميته".
أما الأستاذ كاوة حداد فقد تساءل عن: "تأثير التبعية الحزبية لمنظمات المجتمع المدني".
وقد تفاعل بإيجاز الدكتور الآلوسي مشيرا إلى أن المحاضرة تركزت في معالجتها على محور موضوعها الرئيس وإلا فإن العامل الخارجي ودوره أو تأثيره في الميدان العراقي بارز وواضح بدءا من التغيير في العام 2003 ومرورا بالسنوات العشر العجاف التي صادفت تدخلات وما زالت بطريقة فجة تتعارض بأغلبها ومصالح العراق الوطنية.. سواء من هذه التدخلات قطعان الإرهاب أم التدخلات المخابراتية الدولية والإقليمية باشكالها ومنها سطوة ميليشيات مجهزة للتخريب وللبلطجة والابتزاز... أما بشأن القضاء فإنه مؤسسة يبقى عراقيا ولكنه مثل غيره من بنى الدولة مخترق ومسيس بطريقة تخدم ثلاثي الطائفية الفساد الإرهاب وجرائمهم.. ولهذه القضية المهمة لابد من وقفة مستقلة تعالج دوره ووسائل تنقيته وتطهيره أو معالجة الخروقات المرضية التي أصابته...
أما بشأن استقلالية منظمات المجتمع المدني من تبعينها وتحزبها فأشار الدكتور الآلوسي إلى أنها ظاهرة عالمثالثية مرضية لكنها ليست مطلقة وقد أكد الدكتور ذياب الطائي بالأسماء والنماذج منظمات مستقلة محيلا إلى قراءته التي قدمها توطئة للمحاضرة التي قدمها بروفيسور الآلوسي.
فيما أكد الدكتور الآلوسي بتفاعله مع كلمة الأستاذ الحكيم أن المحاضرة وملتقى لايدن لم يأت لتقديم عمل دعائي محدد لأية جهة ومن هنا عالج موضوعا بطريقة تنويرية عامة تخدم التهيئة للانتخابات لكل المواطنين وليس جمهور قوة سياسية بعينها ولأن المحاضرة أشارت إلى الوضع وتوصيف مشكلاته فإنها بصيغة ضمنية تخدم وعي المواطن بمشكلاته ومن يقف وراءها وتساعده على امتلاك أدوات التعرف إلى البديل الذي سيختاره على وفق وعيه وخياره المخصوص.. 
ثم بدأت احتفالية التكريم حيث افتُتِحت بتقديم شهادة تكريم للكاتب العراقي الأستاذ جاسم المطير سلمه إياها البروفيسور تيسير الآلوسي قائلا إن تكريم الأستاذ المطير متعدد النواحي غني التنوع بغنى مساهماته الأدبية والسياسية والمدنية الثقافية، وبدوره رد الأستاذ المطير شاكرا الجهة التي منحته شهادة التكريم والبروفيسور الآلوسي وكلمته. ثم توالت هادات التكريم حيث مُنِح السيد صالح الربيعي شهادة شكر وتقدير من البرلمان الثقافي العراقي في المهجر.. وقبيل مغادرته تم تقديم باقة ورد باسم اللجنة المنظمة لملتقى لايدن وباسم جمهور الندوة الذي صفق مرات عديدة للبروفيسور الدكتور تيسير الآلوسي وبدوره ألقى كلمة توديعية شاكرا الحضور مذكرا بأن هذا الملتقى يبقى منطلقا خطًَّ رسالته ليبعثها إلى أهلنا في الوطن استعدادا للانتخابات وكيما تجري على وفق شروط الشعب العراقي ومكوناته وأطيافه وليس على وفق ما تحاول رسمه بعض الجهات لمآرب مرضية مفضوحة. وتمنى الآلوسي للملتقى الموفقية والنجاح بمسسيرة منجزاته وأنشطته...
يُذكر أنه في ثنايا مفردات البرنامج التقى الدكتور الآلوسي عددا من الحضور بخاصة من ممثلي اتحاد اللاجئين العراقيين بهولندا وناقش معهم القضايا الحقوقية وآليات العمل لدعمهم بشكل مباشر كما أجرت بعض الجهات الإعلامية والصحافية لقاءات موجزة على هامش الملتقى.. سنلحقها هنا هي واللقاءات التي تمت مع الدكتور ذياب الطائي مدير الندوة وعدد من الناشطات والناشطين الذين ساهموا في إدارة حوار وتقديم أسئلة مخصوصة في إطار الندوة.

محرر الموقع : 2014 - 03 - 05