هل وجدت حضارة صناعية قبل 417 مليون سنة؟‎
    

لنتخيل أن الديناصورات كانت تقود سيارات مثلنا نحن البشر؟ وأنها تعيش في عصر غاية في التقدم التقني؟! فنحن البشر في كل الأحوال نعتبر أنفسنا كما لو أننا الحضارة الوحيدة الممكنة في هذا الكون، والأقرب من ذلك في هذا الكوكب، الأرض، حيث نعتبر أنفسنا، الكائنات الوحيدة التي طوّرت أنفسها وخلقت تقدمًا على مدى حقب من الزمن.

في تاريخ كوكب الأرض، وبمنظور الكثير من العلماء فإن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي أوجد أدوات ساعدت في إنتاج التقدم، والاستقرار ووظف البيئة والطبيعة لصالحه.

ولكن ماذا لو سألنا أنفسنا، لو أن حضارة صناعية أخرى كانت موجودة هنا على الأرض قبل ملايين السنين؟

وهل يمكن أن نتمكن من العثور على آثار لها بالبحث في السجل الجيولوجي لهذا الكوكب؟

 

الأساطير والعلم

ما بين الأسطورة والعلم تتحرك الكثير من الأفكار البشرية، بحثًا عن تحقيق الإجابات الممكنة، فأساطير وربما حقائق مثل حضارة أتلانتيس لا تزال إلى اليوم تثير الأسئلة الكبيرة، حول ربما كان هناك تقدم كبير بالأرض في الماضي.

البعض يقول إن الأمر انتهى بحرب كونية مدمرة، وثمة من يرى أن كائنات قادمة من الفضاء "غزت" الأرض وأنهت كل شيء.

وفي الإطار الآخر فإن هناك من يرى أن حضارة كأتلانتيس التي كان أول من أشار لها أفلاطون، في محاوراته، كانت نتاج خبرات "غير أرضية" نتجت عن الاحتكاك بعوالم خارج الكوكب.

ورواية ثالثة تتحدث عن أن بقايا ما كسبه الفراعنة من علوم بعضها غامض إلى اليوم، قد يكون من أثر الحضارات البائدة كأتلانتيس.

 

أو أن بعض عبقريات القدماء هي نتاج التجربة المنفتحة على العالم خارج كوكبنا، وتمت بمساعدة فضائيين مثلًا!

واليوم فإن العلماء يتحركون بجدية باتجاه استكشاف التاريخ المنسي للكوكب، كما يذهبون في الوقت نفسه بعيدًا في استكشاف تاريخ الكواكب البعيدة والمجرات السحيقة.

فرضية السيلوريون

تعرف الفترة الزمنية الجيولوجية في تاريخ الأرض التي استمرت ما بين 443 إلى 417 مليون سنة تقريبًا، بالعصر السيلوري Silurian، وهو ثالث العصور الذي ينتمي إلى حقبة الحياة القديمة.

والآن يقوم باحثان بفرضية يطلقان عليها "فرضية السيلوريون"، تحاول الإجابة على السؤال عن حياة أو حضارة صناعية أو متطورة في سحيق ماضي الأرض وفي حدود تلك الحقبة القديمة.

ويحاول الباحثان من خلال دراسة تأثير الحضارة الصناعية البشرية على الأرض، من إمكانية الحصول على أدلة على وجود تطور سابق للحضارة الراهنة.

كما أن فرضيتهما تتعزز بمسار آخر، وهو أن البحث عن حياة خارج الأرض يمكن أن يستفيد تمامًا من البحث عن الحياة القديمة في كوكب الأرض، إذ إن إيجاد هذه الحضارة القديمة قد يساعد في تلمس آثار البحث عن العوالم في المجرات والكواكب البعيدة.

https://vid.alarabiya.net/images/2018/04/20/9391adb5-49d7-40a6-ae92-c5a40e870415/9391adb5-49d7-40a6-ae92-c5a40e870415.jpg

وقد ظهرت دراسة الباحثين حول هذا الموضوع، مؤخرًا على الإنترنت، بعنوان "فرضية السيلوريون: هل يمكن اكتشاف حضارة صناعية في السجل الجيولوجي؟".

أما الباحثان فهما، غافن إيه شميدت وآدم فرانك، الأول عالم في المناخ مع معهد غودارد للفضاء التابع لوكالة ناسا. والثاني فلكي من جامعة روشستر.

ويؤكدان في دراستهما، بأن البحث عن الحياة على كواكب أخرى غالبًا ما ينطوي على النظر إلى تجربة الأرض، لمعرفة الظروف التي يمكن أن تصنع الحياة في مكان آخر.

معادلة دريك

ويستعين الباحثان في بحثهما بما يعرف بمعادلة دريك Drake Equation التي طوّرها عالم الرياضيات الأميركي فرانك دريك، وتستخدم من أجل تقدير احتمال وجود حياة خارج كوكب الأرض، وقد وضع دريك هذه المعادلة في عام 1961م.

وإذا كانت المعادلة عمل معقد يصعب فهمه لغير المختصين، فإضافة الباحثين الجديدة تقوم على إضافة فرضية السيلوريون إلى هذه المعادلة ليكون متاحًا توليد احتمالات جديدة حول استطلاع الحياة خارج المجموعة الشمسية، انطلاقًا من بينة النظام الجيولوجي للأرض.

ويخلص الاحتمال من خلال تطبيق ذلك، إلى النتيجة التي تقول بأنه "إذا كان يمكن أن تنشأ حضارة صناعية على كوكب معين على مدار وجوده عبر الزمن، فإن هذا الاحتمال يمكن أن يتكرر".
أي أن قيمة (fc) في معادلة دريك يمكن أن يكون أكثر من واحد، و"أف سي" هو متغير يشير لإمكانية حصول ذلك.

مستقبل الأبحاث

في ظل تطور علوم الفضاء ونشوء ما يعرف بعلم الأحياء الفضائي، وغيرها من الأجهزة المعقدة، ومحاولة ربط علوم الأرض بالفضاء، فإن الكثير من النتائج المستقبلية قد تكون مبهرة تمامًا في استكشاف تاريخ جديد لكوكبنا.

ويرى الباحثان أنه إذا كانت معظم النجوم تؤوي عائلات من الكواكب، فإن العديد من هذه الكواكب سيكون في المناطق الصالحة للسكن.

https://vid.alarabiya.net/images/2018/04/20/44bbeef9-bc69-42a2-963b-5b3787f86427/44bbeef9-bc69-42a2-963b-5b3787f86427.jpghttps://vid.alarabiya.net/images/2018/04/20/fd710cd0-82a3-4ee8-b595-72b1bb9f05f1/fd710cd0-82a3-4ee8-b595-72b1bb9f05f1.jpg

النتيجة المذهلة هنا، أن الاستطلاعات الحديثة للكواكب وتقديرات الفلكيين تشير إلى أن مجرتنا وحدها، يمكن أن تحتوي على ما يصل إلى 100 مليار كوكب قابل للحياة.

ووسط هذا العدد المهول؟ هل من الممكن أن نكون وحدنا؟

وهل من الممكن أن تكون الحضارة في الأرض قد حدثت مرة واحدة؟

أسئلة لا يزال الباحثان وغيرهما يحاولون الإجابة عليها.

محرر الموقع : 2018 - 04 - 20