"روزنامة وقمر".. هكذا أنقذ كريستوفر كولومبوس فريقه‎
    

خلال رحلته الرابعة نحو القارة الأميركية ما بين سنتي 1502 و1504 مرّ المستكشف والرحالة الإيطالي الأصل كريستوفر كولومبوس ( من مواليد منطقة جنوة الإيطالية سنة 1451 ) بالعديد من المصاعب فعلى إثر مغادرة جزر كايمان تعرضت سفن كريستوفر كولومبوس إلى عاصفة قبالة سواحل كوبا ليجبر الأخير عقب ذلك على التوجه نحو خليج سانت آن بجزيرة جامايكا عقب هلاك العديد من أفراد طاقمه وخراب سفنه.

يوم الخامس والعشرين من شهر يونيو/حزيران سنة 1503 بلغ ما تبقى من طاقم كريستوفر كولومبوس خليج سانت آن بصعوبة وهنالك حظي المغامرون الأوروبيون باستقبال طيب من قبل الأراواك (قبائل السكان الأصليين للمنطقة) الذين لم يترددوا في تقديم الغذاء والمأوى لرجال كولومبوس.

قتل واغتصاب وسرقة

خلال تلك الفترة أجبر طاقم كريستوفر_كولومبوس على المكوث أشهراً عديدة في جزيرة جامايكا في انتظار قدوم المساعدة من إسبانيا، في أثناء ذلك ومع مرور الوقت توترت العلاقات بشكل واضح بين الأوروبيين والسكان الأصليين حيث عمد رجال كولومبوس مرات عديدة إلى سرقة ممتلكات السكان الأصليين واغتصاب نسائهم وقتلهم، وأمام هذه التصرفات السيئة لم تتردد قبائل الأراواك في قطع إمدادات الغذاء عن الضيوف الأوروبيين.

تزامنا مع قطع الإمدادات عنهم، واجه رجال كولومبوس خطر المجاعة، فضلاً عن ذلك تخوف الأوروبيون من سيناريو ثان يقدم خلاله السكان الأصليون على مهاجمتهم والفتك بهم مستغلين النقص الحاد في الغذاء الذي يعانون منه.

أمام هذا الوضع السيء اتجه المستكشف والرحالة الإيطالي الأصل كريستوفر كولومبوس نحو اعتماد حيلة ذكية سعى من خلالها إلى خداع السكان الأصليين بهدف الحصول على الإمدادات الغذائية.

روزنامة وظاهرة فلكية

 خلال تلك الفترة امتلك كريستوفر كولومبوس ضمن وثائقه الخاصة روزنامة فلكية أعدها سابقا الفلكي الإسباني اليهودي أبراهام زاكوتو، وقد تحدثت تلك الروزنامة عن عدد من الظواهر الفلكية ما بين سنتي 1475 و1506.

فعند دراسته لهذه الروزنامة الفلكية، تفطن كولومبوس إلى وجود خسوف كلي للقمر خلال الليلة الفاصلة بين يومي التاسع والعشرين من شهر فبراير/شباط  والأول من شهر آذار/مارس سنة 1504، فما كان منه إلا أن قرر استغلال تلك الظاهرة الطبيعية وتخلف قبائل الأراواك بجامايكا في مجال علوم الفلك من أجل إنقاذ طاقمه من خطر الموت جوعا.

ومع اقتراب موعد الخسوف الكلي للقمر، التقى كريستوفر كولومبوس بزعيم قبائل السكان الأصليين للمنطقة ليخبره أن إله المسيحية غاضب من تصرفاتهم تجاه الأوروبيين وأنه قرر معاقبتهم على فعلتهم عن طريق حجب القمر عنهم وتركهم في الظلام، تزامنا مع ذلك ضحك جميع الحاضرين من كلام كولومبوس مما أجبر الأخير على مغادرة المكان.

خلال الليلة الفاصلة بين يومي التاسع والعشرين من شهر فبراير/شباط والأول من شهر آذار/مارس سنة 1504 صعقت قبائل السكان الأصليين للمنطقة على وقع بداية اختفاء القمر، فما كان منهم إلا أن توجهوا مذعورين نحو كريستوفر كولومبوس طالبين الصفح منه .


وساطة لإعادة القمر

 تزامنا مع تقديمهم لوعود بمواصلة تزويد الأوروبيين العالقين على جزيرتهم بالغذاء ،طلب السكان الأصليون من كريستوفر التحدث مع إله المسيحية من أجل إعادة القمر وعلى إثر ذلك توجه المستكشف الإيطالي الأصل نحو غرفته لينعزل داخلها فترة من الزمن . خلال فترة تواجده داخل غرفته استعان كريستوفر كولومبوس بساعته الرملية من أجل حساب توقيت بداية زوال الخسوف وعودة القمر وعلى إثر ذلك عاود الأخير الظهور ليعلن لقبائل السكان الأصليين قبول إله المسيحية لاعتذارهم وموافقته على إعادة القمر . 

هكذا إذاً، وبفضل هذه الحيلة الذكية تمكن كريستوفر كولومبوس من الحصول على الغذاء وإنقاذ طاقمه من خطر المجاعة، في أثناء ذلك لم تتأخر المساعدة الإسبانية في القدوم ومع حلول منتصف شهر أيلول/سبتمبر سنة 1504 غادر كولومبوس ورجاله جزيرة جامايكا ليتمكنوا من بلوغ الأراضي الإسبانية يوم السابع من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من نفس السنة .

محرر الموقع : 2018 - 04 - 25