لم أخرج أشراً.. الإصلاح الحسيني أنموذج
    

عمار العامري

   طيلة الفترات الماضية، كان للنهضة الحسينية صدىً واسعاً، وتأثيراً كبيراً في المجتمعات الإسلامية وغيرها، وعلى كل الانتفاضات والحركات في العالم، لما لأهدافها من واقعية في التطبيق، سعى الإمام الحسين "عليهم السلام" من خلالها مواجهة الواقع السائد آنذاك، بكل ما فيه من تحديات سياسية، وإمراض اجتماعية، ومواجهات تصل للقتل، والحجز الإجباري.

   لا يخفى على احد؛ إن إبرام الإمام الحسن "عليه السلام" اتفاقاً مع معاوية، لم يأتي من فراغ أو تنصل عن الحق، إنما أجبرت الإمام "ع" الظروف الحاكمة على طرح ما يراه مناسباً؛ لحفظ جوهر الإسلام، وحماية المؤمنين من التنكيل، والمضي بصيانة الإمامة، حتى تتغير الظروف السائدة، كالعزلة التي عاش فيها، وخيانة المقربين منه، والحملة الظالمة التي شنها عليه المناوئين له.

   لم تتغير الظروف كثيراً إبان استلام الإمام الحسين مقاليد الإمامة الشرعية، فقلت الناصر، والتضييق عليه من قبل إتباع السلطة الأموية، وانحدار المستوى الفكري والعقائدي في المجتمع، وتدني القيم والأخلاق بسبب تأثير المال والإعلام، وأساليب التهديد والتخويف التي مورست ضد المؤمنين، جعلته يفكراً ملياً في مستقبل الدين المحمدي، الذي بات على شفى هاوية الضياع، فأصبح الأمر بين خيارين لا ثالث لهم.

   أما زلزال سياسي واجتماعي يوقظ المجتمع من حالة الغفلة التي يعيشها، نتيجة الأساليب الإعلامية والاقتصادية والأمنية، أو الركون للواقع وترك الأمور كما هي، وبذلك تنحدر الرسالة، وتمضى كما مضت عليه الأديان السابقة، لذلك ستند "عليه السلام" إلى رأي الحكمة والتعقل، وبعد التوكل على الله تعالى، أقدم على النهوض والقيام بأعباء المسؤولية، التي تفرض عليه إنقاذ الأمة من التدهور والانحطاط والانحدار.

   لذلك نجد الذين ينهضون من اجل إحياء المجتمعات، وتقديم مصالح العليا على المصالح الفئوية والشخصية يواجهون الظروف نفسها، قبل القيام وبعده، إلى أن تستتب الأمور، وتصحوا الأمة من قيود الظروف، بنفس تلك الهموم واجهة السيد عمار الحكيم، العراق ما بعد داعش، والرهان بين المضي نحو ما يخطط له في مطابخ السياسة الدولية، وبين رفض ذلك، والخروج لإصلاح الأمور برؤية عراقية.

   عمار الحكيم؛ واجهة الكثير من الاتهامات بعد تخليه عن الإرث السياسي، الذي عمل فيه عضواً وقيادياً ورئيساً لأكثر من ثلاثة عقود ونصف، اخذ يبرهن للقريب والبعيد صحة خروجه، وتبنيه لعنوان سياسي جديد، بعيداً عن الضغوطات التي مورست ضده، لقناعته إن البقاء تحت الأوضاع السابقة سيجر الوطن إلى مالا تحمد عقباه، وسيبقى المواطن يتحمل أخطاء الطبقة السياسية الحاكمة منذ عام 2003.

  الحكيم؛ لم يخرج طالباً لمنصب أو باحثاً عن الجاه، لكن خروجه جاء من اجل تحقيق أهداف الإصلاح السياسي والاجتماعي، ومعالجة الأخطاء السائدة، وتجاوز مرحلة الاصطفاف الطائفي والمذهبي الحاكم، متبنياً مبدأ المواطنة الصالحة، واستنهاض الحس الوطني، وطرح رؤية وطنية، تكون عابرة لكل الإيديولوجيات، وتتخذ من الوطن مساحة أوسع للعمل السياسي والاجتماعي.

محرر الموقع : 2017 - 09 - 18