"وإن أوهن البيوت..."
    

علي علي

 

   يروي لنا المتخصصون بعالم الحيوان، أن الذئب حين ينام يغمض عينا ويبقي الأخرى مفتوحة، ومن المؤكد أن هذه خاصية خصه خالقه بها، كوسيلة دفاعية تحميه من أعدائه، إذ يستشعر وجودهم حتى عندما ينام. ويقولون أيضا ان حيوان الحبار له من فنون المراوغة والدفاع عن النفس طريقة يتميز بها عن سائر المخلوقات، إذ بمجرد شعوره بالخطر ينفث من فتحة في جسمه صبغة سوداء اللون، ليموّه به عدوه، فيما يهرب هو الى مكان دون أن يراه عدوه. أما العناكب فتنسج بيتها وهو "أوهن البيوت" فيما تتخذ مكانا في زاوية من زواياه، تتربص فريسة تقع في كمينها، فتكون وليمة لها.

   ما ذكرني بما سمعت من الأساليب التي تتمتع بها بعض الكائنات الحية، هو اسلوب اتبعه -ومازال يتبعه- رجل من رجال السياسة العراقيين، يتمتع بنسب وطني يذكره العراقيون الذين عاشوا حقبة الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، فوالده كان من أشد معارضي دكتاتورية الرئيس الأسبق صدام حسين، وتشهد له بهذا جبال إقليم كردستان العراق ووديانها ومغاراتها. كما أنه -الإبن- يرأس اليوم قيادة هذا الإقليم، ويتزعم أحد الحزبين الرئيسين فيه، وله اليد الطولى في كل كبيرة وصغيرة فيه، ذاك هو الشخصية العراقية الكردية (مسعود بارزاني).

   أما (رباط السالفة) بين ماذكرت من أساليب بعض المخلوقات في المراوغة وبين بارزاني، فهو التحركات الأخيرة التي قام بها هذا الرجل في محافظتنا العراقية كركوك، والتي تنم عما كان مبطنا في تصريحات سابقة واجتماعات ومؤتمرات كانت تقام تحت سقوف عديدة، داخل الإقليم وفي بغداد، وكذلك خارج العراق سواء أكانت في دول الجوار -لاسيما الحبيبة تركيا- أم في دول الغرب!. إذ جلنا يذكر شد رحاله الدائم الى بلدان عديدة، بغية التحريض على وطنه الأم العراق، وغايته في هذا إثارة غبار كذاك الذي يثيره الحبار، فيتخفى بعدها ليطلع لنا بفكرة الانفصال تحت ذرائع تمكن من غزل خيوطها أمام الرأي العام.

   ولعل الجدير بالذكر هنا، أن هناك حقيقة ساطعة ظهرت على السطح، بعد ان كانت (جوه إبط مسعود) لسنين مضت، إذ كشفت حقائق أن هذا الرجل له علاقة مباشرة ومؤثرة، وله اليد الطولى في التداعيات الأمنية التي جرت في محافظات؛ الموصل وكركوك وصلاح الدين، فبالوثائق والشهود التي ظهرت في الساحة العراقية، تبين أن له صلة وثيقة بما حصل من عدوان داعشي- تركي- سعودي- قطري- صدامي- دوري- نجيفي- رغدوي- اسرائيلي.. وكل سبابات الاتهام تشير الى علاقته الوطيدة بهم، وأنه كان طيلة السنوات الماضية كصاحبنا الذئب، اوالحبار، اوالعنكبوت، بمراوغاتهم ومكرهم وحيلهم، ولم يعلم أن إقليم كردستان العراق بمحافظاته الثلاث هو الجنين العزيز على قلوب العراقيين جميعا، ومشيمته مازالت وستبقى متأصلة برحم العراق.

   أما ظنه الذي يذهب به الى نجاح مشروع انفصال الإقليم عن العراق الموحد، فهو ظن سيخيب حتما، ولن يوصله الى تحقيق هذا، وذلك لاسباب عديدة أثبتها بنفسه، من خلال إدارته محافظاتنا الشمالية الثلاث، والشاهد على هذا يتحدث عنه المواطن الكردي والشارع الكردي والواقع الكردي المعاش، إذ أن البيت الكردي اليوم بوجود ربه كاكه مسعود ضعيف ركيك آيل للسقوط، فاقتصاده لايكاد يسد رمق موظفي الإقليم، وهذا ماتؤكده تظاهراتهم التي تملأ شوارع هه ولير والسليمانية ودهوك رأس كل شهر، مطالبين بسداد رواتبهم، مع أن الإقليم مرتبط فيدراليا بحكومة العراق المركزية، فكيف يكون حال البيت إذا انفصل عن المركز؟ فهل علم كاكه مسعود أن بيته -إن انفصل- سيكون "أوهن البيوت"؟.

محرر الموقع : 2017 - 09 - 21