بعد دراسة حديثة على 670 ألف شخص.. ما هي أفضل مرحلة عمرية لتعلم لغة جديدة؟
    

ما هي أفضل مرحلة عمرية لتعلم لغة جديدة؟ هذا سؤال كان محل دراسة واسعة ضمّت مئات الآلاف من المبحوثين، وخرج بنتيجة أن المرحلة العمرية الحرجة لتعلم لُغة جديدة تصل إلى 18 سنة، إذن أنت محظوظ إذا ما كنت أقل من 18؛ لأن لديك فرصة لتعلم اللغة بكفاءة أكبر في هذه المرحلة العمرية عن المراحل التالية.

 

«-18» السن المثالية لتعلم اللغة

في مطلع مايو (أيار) 2018 الجاري، أجرى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الأمريكي، دراسة موسعة كشفت أن الفترة الحرجة لتعلم لغة جديدة أطول بكثير مما ظن العلماء من قبل، فقد كان الجدل قائمًا حول إذا ما كانت القدرة على تعلم لغة جديدة تتراجع تدريجيًّا بمرور الوقت منذ الولادة، أم تبدأ بالتراجع في عمر خمس سنوات، أم تبدأ بالانخفاض بداية من سن البلوغ.

 

كان ذلك قبل أن تحسم تلك الدراسة الجدل إلى حد كبير، وتكشف أن القدرة الماهرة على تعلم لغة جديدة تستمر حتى 17 أو 18 سنة، ثم تبدأ بالتراجع، وهي نتيجة كانت مفاجئة للقائمين على الدراسة؛ إذ يقول جوشوا هارتشورن، أحد الباحثين في الدراسة، إن الأطفال يظلون «ماهرين جدًا» في تعلم قواعد لغة جديدة، حتى سن 17 أو 18 سنة «لقد كان الأمر مفاجئًا لنا».

 

وبعد هذه السن تبدأ في التقلص مهارة الفرد في تعلم لغة جديدة، وتحمل تلك النتائج بُشرى سارة للمراهقين دون سن 18 عامًا بمهاراتهم في تعلم لغة جديدة، ولكن تظل المرحلة العمرية الذهبية في القدرة على تعلم اللغة تعود إلى الأعمار الأصغر؛ إذ أفادت الدراسة أيضًا أنه من المستحيل تقريبًا أن يصل الأشخاص إلى كفاءة المتحدثين المحليين، إذا لم يبدأ تعلم اللغة في عمر 10 سنوات، فتعلم اللغات عند هذا العمر يُساعد بحسب الدراسة في الوصول إلى كفاءة المتحدثين المحليين الأصليين للغة.

 

«لم نجد فارقًا كبيرًا بين الأشخاص الذين بدؤوا تعلم اللغة منذ ولادتهم، وبين الذين بدؤوا في سن 10 سنوات، ولكننا شهدنا انخفاضًا (في القدرة على التعلم اللغة بعد ذلك)» بحسب هارتشورن، ونخرج من هذه النتائج بأن تعلم اللغة كلما كان مبكرًا وفي سن صغيرة؛ كان أسهل وأكثر كفاء من تعلمها في مراحل لاحقة، سواء بعد سن 10 سنوات أو 18 سنة.

 

 

670 ألف مبحوث شاركوا في الدراسة

وتأتي قوة الدراسة ليس فقط في نتائجها، وإنما لموثوقية هذه النتائج، مع اتساع العينة الخاضعة للبحث والدراسة؛ إذ اعتمدت الدراسة على اختبار في قواعد اللغة صممه علماء ومتخصصون وباحثون، واستجابت له أعداد كبيرة وضخمة بلغت نحو 670 ألف مبحوث.

 

واعتمدت الدراسة على اختبار يحمل اسم «?Which English»، يقيس مدى قدرة المشاركين على تحديد الأخطاء النحوية، بالإضافة إلى عدد من الأسئلة ذات الصلة، عن العمر، ومنذ متى كانوا يتعلمون اللغة الإنجليزية، وخلفياتهم المعلوماتية عن الإنجليزية، وما هي لغتهم الأصلية، وهو اختبار مفتوح تستطيع أنت أيضًا المشاركة فيه من هنا.

 

ومع انتهاء الفترة الحرجة الأنسب في تعلم اللغة مع بلوغ سن 18 عامًا، لم يتمكن الباحثون من الوصول إلى سبب محدد، وراء انتهاء الفترة الحرجة لتعلم اللغة عند هذه السن، ولكنهم توقعوا أن ذلك قد يحدث، نتيجة عوامل ثقافية، أو تغيرات بيولوجية تتعلق بتغير مرونة الدماغ في هذا العمر.

 

ويقول جوش تنينبوم، أحد المشاركين في الدراسة: «من الممكن أن يكون ذلك التغير بيولوجيًّا، ومن الممكن أن يكون له علاقة بشيء اجتماعي أو ثقافي»، موضحًا: «هناك فترة عمرية تكون فيها صغيرًا تنتهي مع 17 أو 18 عامًا، وبعد ذلك، أنت تترك المنزل، وربما تعمل بدوام كامل، أو تكون طالبًا متخصصًا في الجامعة، وقد تؤثر كل هذه العوامل في مستوى تعليمك لأي لغة جديدة».

 

 

فرصة تطوير اللغة لا تزال سانحة

نخرج من هذه الدراسة بدرس مستفاد رئيسي، يتمثل في ضرورة تعلم اللغة مبكرًا قدر الإمكان؛ فكلما كان مبكرًا وفي سن صغيرة؛ كان أسهل وأكثر كفاءة من تعلمها في مراحل لاحقة، سواء بعد سن 10 سنوات أو 18 سنة، فهناك ميزة تنافسية كبيرة يجب أن يستغلها من دون سن 18 سنة، تتمثل في زيادة القدرة على تعلم اللغة، وهي ميزة ستتقلص بمرور الوقت وتعدي عتبة 18 عامًا.

 

ولكن إن كنت تعديت هذا العمر، فتستطيع أن تركز على تعليم أولادك اللغة في سن مبكرة، كذلك فإن تعلم اللغة وإن كانت أفضل في سن مبكرة، فهذا لا يعني أنه لا يمكن تطويرها بعد سن 18 عامًا، فهناك العديد من الطرق المثبتة علميًّا، والمدعومة بالدراسات البحثية أيضًا، التي تُسهل عليك تعلم لغة جديدة بغض النظر عن عنصر السن.

 

وتتضمن تلك الطرق وسائل لتعليم مهارات اللغة المختلفة من قراءة وكتابة واستماع ونطق، كذلك تشير إلى أهمية استمرارية التعلم على المدى الطويل حتى ولو كان لمدد قصيرة، وتلفت أيضًا إلى طرق فعالة للتعلم، وأوقات مهمة قبل النوم وأثنائه! وقد أفردنا تقريرًا خاصًا لأبرز تلك الطرق المثبتة علميًّا لتعلم لغة جديدة، من بين جملة تقارير متنوعة أفردها الموقع بشأن اللغات وطرق تعلمها.

أحمد عمارة

 
محرر الموقع : 2018 - 05 - 14